إذا كانت قمة البشير سلفا كير التي التأمت مساء أمس في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، تعقد لمجرد أنها مطلوبة لذاتها، وتستبق القمة الإفريقية حتى يحصر الخلاف بين البلدين داخل البيت الإفريقي، فإنها ستحقق الغرض منها ولن تتجاوزه بشبر واحد ..!أما التعويل عليها في تجاوز النقاط الخلافية والحصول على مواقف وتعهدات جادة من دولة جنوب السودان حول فك الارتباط مع قطاع الشمال بالحركة الشعبية أو تطبيق كامل المصفوفة حول الترتيبات الأمنية وفق اتفاق التعاون المشترك المبرم في 27 سبتمبر من العام الماضي، فإن ذلك يبدو الآن ضرباً من المستحيل، وستقف القمة على مفترق طرق جديد .! لقد كثرت القمم الرئاسية حول قضايا الخلاف بين السودان ودولة جنوب السودان حتى ملّ الناس سماع أخبارها، وليس من المعتاد أن تعقد القمم الرئاسية وتتوالى وتتواتر وتتكرر بهذا الشكل في أي مكان في الدنيا إلا في حالة الضرورة القصوى والأهمية الكاملة ويجب في كل الأحوال أن تكون حاسمة ونهائية وما تقوله وتخرج به يصبح ملزماً وقائماً بلا نقض من أي جهة كانت. لكن القمم التي عقدت بين السودان وجنوب السودان، لم تكن الحاجة إليها مهمة لهذا الحد، لو كان التفاوض يتم بوضوح وبمحددات ومقيدات تلزم كل طرف وتحصر كل نقاط الخلاف في مسار واحد لا مجال فيه لتقديرات سياسية أو تحويل التسوية التي يراد تمريرها لقمة رئاسية.. لقضي الأمر على مستوى أقل من السقف الرئاسي، ولما احتاجت خلافاتنا مع دولة الجنوب لأشهر طوال للبحث عن حلول يقبل بها الخصماء في الخرطوم وجوبا. هذه القمة التي بدأت أمس، على طاولة بحثها قضية أبيي وقضايا فك الارتباط مع قطاع الشمال وما يمكن للرئيسين التوجيه به لتنفيذ الاتفاق الأمني، وسبق أن حسمت القمم السابقة التي عقدت في العام الماضي ومطلع هذا الشهر عديداً من نقاط الخلاف ووجهت بالبدء الفوري في إنزاله على أرض الواقع، لكن ذلك لم يحدث على الإطلاق، ولا تختتم القمة إلا ويتبدد ما خرج به الرئيسان في الهواء كخيوط من دخان .! يجب على القمة أن تبحث عن السبب وتعالجه، وليس فتح ملفات القضايا من جديد وتكرار ما يقال في كل مرة وكل قمة. من المؤسف أن رئيس دولة الجنوب غير قادر على إنفاذ قراراته والوفاء بالتزاماته، وكثيراً ما يصدر عنه قول وقرار حول الانسحاب من المناطق السودانية التي توجد فيها قواته ومن المناطق المتنازع عليها ومن المنطقة المنزوعة السلاح المتفق حولها، لكن تذهب قراراته وأقواله أدراج الرياح، فنسمع بمسؤول في الجيش الشعبي يعلِّق عليها ويدعي أنه لا يوجد قرار ولا تعليمات تأمر الجيش الشعبي بالانسحاب من الحدود. إذا كانت دولة الجنوب تستغل هذه القمم الرئاسية لتجميل وجهها وتوجيه رسالة للمجتمع الدولي وللبلدان الإفريقية بأنها حريصة على حل الخلافات معنا بالطرق السلمية والحوار، وتمارس على أرض الواقع أفعالاً مناقضة لمقتضيات القمم الرئاسية ونتاجها.. فعلينا أن لا نعطيها مثل هذه الفرص، إما أن تكون جادة في الحوار والسلام وإنهاء حالة اللا اتفاق ولا حرب أو تكون قمة أديس التي بدأت أمس آخر قمة عرجاء لا تفعل شيئاً.! وليس هناك من حرج عندما يظن الناس أن السبب الرئيس في تحويل ملفات التفاوض دون أن تحرز تقدُّماً ما إلى قمة تجمع الرئيس البشير وسلفا كير، هو عجز وفود التفاوض في الملفات المختلفة والمختلف حولها، في تجاوز العقبات وتوقف الذهن التفاوضي من اختراق حالات الجمود والأفق المسدود، فيتم إحالة كل الملفات والنقاط العالقة للرئيسين ليتم فتحها من جديد بفهم وتقدير مختلف وتدور الحلقة الدائرية التكرارية ثم لا شيء يتم... ألم يحن الوقت للبحث عن سبيل وطريق آخر لحل الخلاف مع دولة الجنوب وإعطاء كل الجوقة الإفريقية والدولية المستفيدة من الخلافات والمفاوضات خطاب إنهاء عمل وفسخ تعاقد؟؟