أقرع: مزايدات و"مطاعنات" ذكورية من نساء    بالصور.. اجتماع الفريق أول ياسر العطا مساعد القائد العام للقوات المسلحة و عضو مجلس السيادة بقيادات القوة المشتركة    وزير خارجية السودان الأسبق: علي ماذا يتفاوض الجيش والدعم السريع    محلية حلفا توكد على زيادة الايرادات لتقديم خدمات جيدة    شاهد بالفيديو.. خلال حفل حاشد بجوبا.. الفنانة عشة الجبل تغني لقادة الجيش (البرهان والعطا وكباشي) وتحذر الجمهور الكبير الحاضر: (مافي زول يقول لي أرفعي بلاغ دعم سريع)    شاهد بالفيديو.. سودانيون في فرنسا يحاصرون مريم الصادق المهدي ويهتفون في وجهها بعد خروجها من مؤتمر باريس والقيادية بحزب الأمة ترد عليهم: (والله ما بعتكم)    شاهد بالفيديو.. لاعبون سودانيون بقطر يغنون للفنانة هدى عربي داخل الملعب ونجم نجوم بحري يستعرض مهاراته الكروية على أنغام أغنيتها الشهيرة (الحب هدأ)    محمد وداعة يكتب: مصر .. لم تحتجز سفينة الاسلحة    غوتيريش: الشرق الأوسط على شفير الانزلاق إلى نزاع إقليمي شامل    الدردري: السودان بلدٌ مهمٌ جداً في المنطقة العربية وجزءٌ أساسيٌّ من الأمن الغذائي وسنبقى إلى جانبه    أنشيلوتي: ريال مدريد لا يموت أبدا.. وهذا ما قاله لي جوارديولا    سوداني أضرم النار بمسلمين في بريطانيا يحتجز لأجل غير مسمى بمستشفى    محاصرة مليوني هاتف في السوق السوداء وخلق 5 آلاف منصب عمل    غوارديولا يعلّق بعد الإقصاء أمام ريال مدريد    امين حكومة غرب كردفان يتفقد سير العمل بديوان الزكاة    مدير المستشفيات بسنار يقف على ترتيبات فتح مركز غسيل الكلى بالدندر    نوير يبصم على إنجاز أوروبي غير مسبوق    تسلا تطالب المساهمين بالموافقة على صرف 56 مليار دولار لرئيسها التنفيذي    مناوي ووالي البحر الأحمر .. تقديم الخدمات لأهل دارفور الموجودين بالولاية    محافظ بنك إنجلترا : المملكة المتحدة تواجه خطر تضخم أقل من الولايات المتحدة    منتخبنا يواصل تدريباته بنجاح..أسامة والشاعر الى الإمارات ..الأولمبي يبدأ تحضيراته بقوة..باشري يتجاوز الأحزان ويعود للتدريبات    بايرن ميونخ يطيح بآرسنال من الأبطال    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    العين يهزم الهلال في قمة ركلات الجزاء بدوري أبطال آسيا    مباحث المستهلك تضبط 110 الف كرتونة شاي مخالفة للمواصفات    قرار عاجل من النيابة بشأن حريق مول تجاري بأسوان    العليقي وماادراك ماالعليقي!!؟؟    الرئيس الإيراني: القوات المسلحة جاهزة ومستعدة لأي خطوة للدفاع عن حماية أمن البلاد    بعد سحق برشلونة..مبابي يغرق في السعادة    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    خلال ساعات.. الشرطة المغربية توقع بسارقي مجوهرات    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    وزير الخارجية السعودي: المنطقة لا تحتمل مزيداً من الصراعات    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    تنسيقية كيانات شرق السودان تضع طلبا في بريد الحكومة    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تقرير: روسيا بدأت تصدير وقود الديزل للسودان    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإسراء والمعراج.. عبر وعظات

بقلم: وليد شلبي* إن تذكرنا لمواقف ومناسبات من سيرة المصطفى- صلى الله عليه وسلم-، إنما يكون للعبرة والعظة والتأسي، لذلك ينبغي علينا أن نحاول جاهدين أن ننزل سيرته صلى الله عليه وسلم المنزلة المستحقة والواجبة؛ ولنستدعي أحداثها دائمًا أو كلما دعت الضرورة أو حلت مناسبة- على أقل تقدير- لنقف على أفعاله- صلى الله عليه وسلم- وتصرفاته لتكون لنا نبراسًا يضيء الطريق ويهدي الضال ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾ (الأحزاب). فمن المعلوم أن من المعجزات التي أعطاها الله تعالى لنبيه محمد- صلى الله عليه وسلم- الإسراء وهو انتقاله من مكة المكرمة إلى بيت المقدس ثم المعراج وهو عروجه إلى الملأ الأعلى ووصوله إلى الجنة، والمقصود من هذه الرحلة المعجزة تكريم النبي وإطلاعه على عجائب خلقه. فحادثة الإسراء والمعراج من أهم الأحداث التي مرت بالإسلام منذ نشأته، وذلك لكونه حادثًا فريدًا يصعب على العقل البشري المجرد تصديقه.. وإذا لم يكتنف هذا العقل إيمان عميق لصعب عليه استيعاب هذا الحدث؛ لذا نجد أن من الصحابة من فتنوا في هذا الحادث، وفي المقابل نجد أن من تشبع بالايمان وعاشه وعايشه قد تقبل الأمر ببساطة كبيرة كما فعل سيدنا- الصديق- أبو بكر. وسنحاول هنا أن نتناول بعض العبر والعظات والتأملات لهذا الحادث الفريد للذكرى عسى الله أن ينفعنا بها وأن نقتدي بالمصطفى- صلى الله عليه وسلم- وصحابته ولنأخذ من هذا الحادث الدروس التي تعيننا على طريق الدعوة الطويل الشاق. 1) مكانة المصطفى- صلى الله عليه وسلم-: فهذا الحادث قد أوضح وبصورة واضحة جلية مكانة النبي- صلى الله عليه وسلم- ورقيه لمكانة لم يرقَ لها أحد بهذه المعجزة العالية، ورقى مرقى لم ترقَ إليه الرسل والأنبياء جميعًا، ونال منزلةً لن يحظى بمثلها أحد من أهل السموات والأرض. فهو خاتم وسيد الأنبياء صلى الله عليه وسلم. وكما قال سبحانه وتعالى تكريمًا لنبيه المصطفى: ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ فالعبودية لله هي أرقى درجات الكمال الإنساني، قال العلماء: لو كان النبي- صلى الله عليه وسلم- اسم أشرف منه لسماه تلك الحالة، وقال القشيري: لمَّا رفعه الله إلى حضرته السنية، وأرقاه فوق الكواكب العلوية، ألزمه اسم العبودية تواضعًا للأمة. كما أنَّ في إمامته- صلى الله عليه وسلم- للأنبياء أكبر دليلٍ على مكانته الرفيعة وعلى كونه خاتم الرسل والأنبياء وعلى دور الإسلام وأمته في الشهادة على الناس ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا﴾. وبنظرةٍ أخرى ودرس آخر في أثر هذه المكانة السامقة والمعجزة الفريدة عليه، هل تغيَّر من خُلقه شيء؟؟ من تواضعه.. من أدبه.. من حسن معاشرته للناس.. من تفانيه في الوفاء لرسالته.. من رضائه بحاله التي كان عليها قبل الإسراء الرائع والمعراج الفريد، هل تعالى على أحدٍ من المسلمين؟؟ هل اختصَّ نفسه بشيء لم يحط به أحدًا من المسلمين؟؟ هل خاشن مَن يدعوهم إلى الإسلام؟؟. هل ركن إلى هذه المنزلة العالية والمكانة الرفيعة السامقة ولم يبذل ويضحي من أجل رسالته ودعوته؟ أعتقد أن أجابة هذه الأسئلة وغيرها واضحة جلية لكل ذي لب، فقد كان المصطفى صلى الله عليه وسلم برغم هذه المنزلة وتلك المكانة في قمةِ التواضع واللين في أيدي الجميع والأخذ بالأسباب وأعطى من نفسه وأهله أروع الأمثلة في البذل والتضحية. 2) الصبر والثبات: فقد أعطى- صلى الله عليه وسلم- أروع الأمثلة في صبره وثباته على الإيذاء من كفار قريش وجهالتهم عليه وما تضجر، بل صبر واحتسب.. كما صبر على فراق الأحبة الداعمين له أبو طالب وخديجة. كما أن هذا الحادث الفريد كان اختبارًا لصبر وثبات وصدق المؤمنين، وتمحيصًا لصفِّهم وامتحانًا ليقينهم، ولثبوت العقيدة في وجدانهم، فالحدَث فوق مستوى العقول البشرية، يحتاج إلى مؤمن صادق الإيمان، لا يُزعزع من يقينه أشد الأحداث ولا أخطرها.. ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ﴾. 3) تنقية الصف: كما قلنا من قبل فإن الحدَث فوق مستوى العقول البشرية؛ لذلك نجد أن الإسراء والمعراج امتحانًا للمسلمين وتنقيةً للصف؛ استعدادًا لما هو آت.. فقد فُتِن بعض الذي أسلموا وارتدَّ مَن ارتد! يقول الإمام "ابن كثير" فيما رواه عن "قتادة": "انصرف رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إلى مكةَ فأصبح يخبر قريشًا بذلك، فذكر أنه كذبَه أكثرُ الناس، وارتدَّت طائفة بعد إسلامها، وبادر الصدِّيق إلى التصديق، وذكر أن الصدّيق سأله عن صفة بيت المقدس، وقال إنّي لأصدقه في خبر السماء بُكرةً وعشيًا، أفلا أصدقه في بيت المقدس، فيومئذٍ سُمي "أبو بكر الصديق". فنجد أن الإسراء والمعراج حدث قُبَيلَ الهجرة إلى المدينة، وترك الديار والأهل والوطن؛ وتكوين دولة الإسلام؛ ليكون اختبارًا للمؤمنين وتدريبًا لهم على حسن الاستجابة لله عز وجل، فهي مرحلة جديدة، كلها جهاد وكفاح في سبيل الله، فهي مرحلة تحتاج إيمان ثابت إيمان لا تعبث به الدنيا ولا تزلزله الجبال إيمان قد استقام على حقيقة منهج الله عز وجل. 4) معية الله: فالله عز وجل أوضح لنبيه- صلى الله عليه وسلم- أنه معه وناصره ومعينه في أحلك الظروف وأنه لن يخزيه أبدًا، ففي ذات الرحلة وكنهها عناية ربانية عظيمة.. ومثال آخر على معية الله لنبيه حين طلبت قريش من النبي عليه الصلاة والسلام أن يصف لها بيت المقدس مع ملاحظة أنَّ رسول الله عليه الصلاة والسلام قد جاءه ليلاً ولم يكن قد رآه من قبل يقول عليه الصلاة والسلام: "فأصابني كربٌ لم أصب بمثله قط"، أي أن الأمر سيفضح أي النبي عليه الصلاة والسلام سوف يتهم بالكذب ولكن حاشا لله أن يترك نبيه ومصطفاه؛ يقول عليه الصلاة والسلام: فجلَّى الله لي بيت المقدس فصرت أنظر إليه وأصفه لهم باباً بابًا وموضعًا موضعًا.. ﴿إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ﴾. 5) ثقة الجندي بقائده (موقف سيدنا أبوبكر): فقد كانت ثقة سيدنا أبو بكر في قائده ورسوله كبيرة وعظيمة بدرجةٍ لا تهزها أو تنال منها أي أحداث مهما عظمت، ففي هذا الموقف الذي ثبت فيه "أبوبكر" عندما كذَّب أهل مكة ما حدَّث به الرسول عن الإسراء لأعظم دليلٍ على هذه الثقة. فقد ذهبوا إلى أبي بكر وقالوا له: أرأيت ما يقول صاحبك إنه يقول: إنه أُسري به إلى المسجد الأقصى، ونحن لو أردنا أن نذهب هناك لقطعنا مسيرة كذا وكذا، فما رأيك؟ قال أهو قال ذلك؟ قالوا: قال. قال: "أشهد إن كان قال ذلك فأنا أصدقه، إنا نصدقه في أعظم من ذلك، نصدقه في خبر السماء يأتيه وهو جالس بين ظهرانينا". ولذلك كان هذا اللقب العظيم لقب الصديق على مَن يستحق، وأصبح في أرض الله لا يعرف بهذا اللقب بعد أنبياء الله إدريس ويوسف عليهما السلام إلا أبو بكر الصديق- رضي الله عنه. 6) الدعوة أولاً: فهنا درس لكل صاحبِ هَمٍّ لكل صاحب قلب مكلوم ألا يلتفت قلبه إلا إلى الله عز وجل، فقد كان رسول الله- عليه الصلاة والسلام- يحمل هم الدنيا كلها ويحمل أمانة تنوء بها الجبال، ماتت زوجه خديجة التي كان يأوي إليها عند تعبه، مات عمه أبو طالب الذي كان يحميه كان يبحث عن رجال صُدق يعينونه في تبليغ أمر دعوة الله عز وجل ذهب إلى ثقيف ولكنها ردته ردًّا سيئًا وأغرت به السفهاء فضربوه بالحجارة حتى أدمت قدميه الشريفتين لجأ النبي عليه الصلاة والسلام إلى حائط وأخذ يناجي رب العزة سبحانه: حتى إنه دعا بدعائه الشهير "اللهم إليك أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس.. إلهي أنت رب المستضعفين وأنت ربي، إلى مَن تكلني إلى بعيدٍ يتجهمني أم إلى عدو ملكته أمري أعوذ بنور وجهك الذي أضاءت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن ينزل عليَّ غضبك أو أن تحل بي عقوبتك، لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بالله". 7) الدعوة إلى الله في كل الظروف: وهذا هو نهج الرسل والأنبياء لانشغالهم بدعوتهم وأنها تعيش في وجدانهم، ففي أشد فترات الحزن والأسي التي تعرَّض لها النبي- صلى الله عليه وسلم- حين ذهب إلى الطائف ليعرض نفسه عليهم، نجده يدعو الغلام إلى الله ويعود بمكسب كبير أن هدى الله به واحدًا.. وهذا يذكرنا بموقف سيدنا يوسف داخل السجن، إنها نفس الروح والعزيمة والإرادة التي يبثها أنبياء الله في الأرض ليقتدي بها الناس جميعًا. إنها روح الإصرار على تبليغ الرسالة مهما كانت العقبات ومهما كان التسفيه والنيل من شخص ومكانة الداعية. وفي هذا درس للدعاة إلى الله عز وجل أن يبلغوا أمانة الله تعالى رضي الناس أم غضبوا، فرسول الله عليه الصلاة والسلام يقول: "ومن التمس رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس"، وإذا كان أنبياء الله عزَّ وجل يتهمون بالكذب والسحر والجنون فليس في ذلك غرابة بعد ذلك أن يتهم الدعاة إلى الله في واقعنا بالتطرف بالرجعية والتأخر. 8) وحدة رسالة الأنبياء: وأنهم جميعًا يدعون لدينٍ واحدٍ ورسالةٍ واحدةٍ وهي الإسلام، فالكل جاء بالتوحيد الخالص من عند الله عز وجل، الأنبياء إخوة ودينهم واحد: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾ [الأنبياء:25]. وكان أكبر رمز لذلك صلاته إمامًا بالأنبياء في المسجد الأقصى، ولها دلالة أخرى، أنَّ النبوة والرسالة قد انقطعت فلا نبوة بعد رسول الله عليه الصلاة والسلام ولا رسالة: ﴿مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ﴾ (الأحزاب: من الآية 40). 9) مكانة الأقصى ودورنا تجاهه: يجب أن يشغل بالنا اليوم أحوال المسجد الأقصى، وكيف نستعيده مرة أخرى، نستعيد ما ضاع منا من أرض فلسطين بمختلف الطرق والوسائل، هذا هو الأمر الحتم والهمُّ الكبير، فهذا هو بدء الطريق، وكل من سار على الدرب وصل، هذه ذكرى من الذكريات كريمة، وآية من آيات الله عظيمة ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ﴾ (ق: 37). فقضية فلسطين هي قضية المسلمين الأولى وجرحهم النازف من القلب ومنذ أكثر من نصف قرن من الزمان، والدليل القاطع على موقف العالم الغربي الظالم والمنحاز ضد قضايا المسلمين، والضارب عرض الحائط بكل المبادئ والقيم والشعارات التي يرفعها من حرية وحقوق الإنسان وحق الشعوب في تقرير مصيرها، وعدم جواز الاستيلاء على أرض الغير بالقوة، ورفض العنصرية، وحق الشعوب في الكفاح المسلح؛ من أجل إزالة الاحتلال عن أراضيها.. كل هذه المبادئ يتنكر لها الغرب، ويقف داعمًا الاحتلال الصهيوني الإرهابي، العنصري الاستيطاني الدموي لأرض فلسطين وبيت المقدس والمسجد الأقصى، واليوم يكشف الغرب مرةً أخرى عن حقيقة مشاعره نحو الإسلام والمسلمين ولعل ما يحدث في فلسطين ولبنان والعراق وافغانستان لخير دليل على ذلك. 10) دورنا تجاه المقدسات: لقد تأمل العلماء الربط في إسراء النبي- صلى الله عليه وسلم- من مكة البيت الحرام إلى بيت المقدس فذكروا أن المسجد الحرام بمكة المكرمة هو رمز للإسلام لدين الله عز وجل وبيت المقدس هو رمز لحال المسلمين. فما يجري في تلك الأرض هي علامة صحوة المسلمين أو غفلتهم فالأقصى وأهله في رباط إلى يوم الدين، وبمقدار تفاعلنا وانشغالنا به يكون مقدار تقربنا إلى الله عز وجل أو بعدنا عنه. فالمسجد الأقصى لن يتحرر إلا على أيد متوضئة طاهرة كريمة، أما الأيدي التي يحمل أصحابها أفكارًا منحرفةً وعقائد فاسدة مثل هذه الأيدي لا يُبارك الله فيها وحاشا لله أن يكتب لها النصر والتأييد مصداقًا لقول النبي- عليه الصلاة والسلام-: "لتقاتلن اليهود فيختبئ اليهودي وراء الحجر أو الشجر فيقول الحجر والشجر يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي ورائي تعال فاقتله". 11) الالتجاء إلى
الله وقت الشدة: فها هو المصطفى- صلى الله عليه وسلم- يبرأ من حوله وقوته إلى حول الله قوته، وهذا دأب الأنبياء والصالحين والدعاة إذا ادلهمت بهم الخطوب أن يلجأوا إلى الله دون سواه ويطلبوا العون والمدد منه دون غيره. ويأتي حادث الإسراء والمعراج إيناسًا للمصطفى عليه الصلاة والسلام وترسيخًا لهذا المعنى في النفوس ليلجأ الدعاة إلى ربهم وقت الشدة.. فإذا أخلصوا توجههم وأخذوا من الأسباب المعينة- ماديةً ومعنويةً- فسيروا من آيات الله ما تقر به أعينهم. 12) البعد عن المعاصي: خارقة الإسراء والمعراج تضمنت فيما تضمنت مشاهد لألوان من الناس سيعذبون يوم القيامة، بسبب معاصٍ خطيرةٍ عكفوا عليها في دنياهم: من ذلك الرِّبا، والفواحش، إلى آخر ما هنالك. وعاد المصطفى- صلَّى الله عليه وسلَّم- ينبئُ أصحابه والأمة كلها بهذا الذي رآه من صور مختلفة للعذاب الذي سيناله مقترفو هذه الآثام يوم القيامة، العاكفون على كثير من الموبقات التي حذَّر الله عزَّ وجلَّ منها، وفي هذا درس لنا للابتعاد عن هذه الموبقات. ووجب علينا أن نسأل أنفسنا في هذه المناسبة أين نحن من الوقوف في وجه الفواحش؟ أين نحن من الوقوف في وجه الطريق إلى هذه الفواحش؟ أين نحن من استثارة العوامل التي تدعو إلى هذه الفواحش؟ وما دورنا لمقاومة هذه الفواحش في نفوسنا ومن ثم في مجتمعاتنا. إن ذكرى الإسراء والمعراج لها دلالاتها الاعتقادية والسلوكية والأخلاقية، والاحتفال بهذه الذكرى إنما يعني الالتزام بهذه المعتقدات، ومن ثم الانضباط الصادق بالسلوكيات المنبثقة عنه، وهكذا يكون صدق الاحتفال والاحتفاء بذكرى الإسراء والمعراج. إننا لن نستطيع حصر الدروس المستفادة من الإسراء والمعراج في مقال أو عدة مقالات ولكنها إطلالة سريعة نُعذر بها إلى الله سبحانه وتعالى لنستفيد منها ونقدمها للأمة ودعاتها وشبابها ليقتدوا برسولهم- صلى الله عليه وسلم- في حياتهم العملية، ويتخذوا من الاحتفال ببعض المناسبات والإحداث الكبرى التي حدثت في سيرته نقطة انطلاق للتغير الإيجابي في حياتهم ولتذكر الأحداث واستخلاص العبر والدروس المستفادة منها لتضيء لنا الطريق. ونختم بعرض إجمالي لما رآه المصطفي صلى الله عليه وسلم في إسرائه ومعراجه لنتدارسها ونعيها ونتسخلص منها العبر والعظات. من عجائب ما رأى الرسول 1. الدنيا : رآها بصورة عجوز (وذلك علامة على أنها تفتن المتعلقين بها وهي ليست على شيء) 2. إبليس: رآه متنحيًا عن الطريق. 3. قبر ماشطة بنت فرعون وشمَّ منه رائحة طيبة. 4. المجاهدون في سبيل الله: رآهم بصورة قوم يزرعون ويحصدون في يومين. 5. خطباء الفتنة: رآهم بصورة أناس تُقْرَضُ ألسنتهم وشفاههم بمقاريض من نار. (وهم الذين يخطبون بين الناس بالفتنة والكذب والغش). 6. الذي يتكلم بالكلمة الفاسدة: رآه بصورة ثور يخرج من منفذٍ ضيقٍ ثم يريد أن يعود فلا يستطيع. 7. الذين لا يؤدّون الزكاة : رآهم بصورة أناس يَسْرَحون كالأنعام على عوراتهم رقاع. 8. تاركو الصلاة: رأى قوماً ترضخ رءوسهم ثم تعود كما كانت، فقال جبريل: هؤلاء الذين تثاقلت رءوسهم عن تأديةِ الصلاة. 9. الزناة: رآهم بصورة أناس يتنافسون على اللحم المنتن ويتركون الطيب. 10. شاربو الخمر: رآهم بصورة أناس يشربون من الصديد. 11. الذين يمشون بالغيبة: رآهم بصورة قوم يخمشون وجوههم وصدورهم بأظفار نحاسية. 12 - مالك خازن النار. 13 - البيت المعمور: وهو بيت مشرف في السماء السابعة وهو لأهل السماء كالكعبة لأهل الأرض، كل يوم يدخُلُهُ سبعون ألف ملكٍ يصلون فيه ثم يخرجون ولا يعودون أبدًا. 14- سدرة المنتهى: وهي شجرة عظيمة بها من الحسن ما لا يصفه أحد من خلق الله، يغشاها فَراشٌ من ذهب، وأصلها في السماء السادسة وتصل إلى السابعة، ورءاها رسول الله صلى اله عليه وسلم في السماء السابعة. 15- الجنة: وهي فوق السموات السبع فيها ما لا عينٌ رأت ولا أذنٌ سَمِعَتْ ولا خَطَرَ على قلب بشر مما أعدّه الله للمسلمين الأتقياء خاصة، ولغيرهم ممن يدخل الجنة نعيم يشتركون فيه معهم. 16-العرش: وهو أعظم المخلوقات، وحوله ملائكة لا يعلم عددهم إلا الله، وله قوائم كقوائم السرير يحمله أربعة من أعظم الملائكة، ويوم القيامة يكونون ثمانية، والعرش هو سقف الجنة وهو مكان مشرف عند الله قال الأمام علي كرم الله وجه: إن الله خلق العرش إظهار لقدرته ولم يتخذه مكان لذاته. 17- وصوله- صلى الله عليه وسلم- إلى مستوى يسمع فيه صرير الأقلام: انفرد رسول الله عن جبريل بعد سدرة المنتهى حتى وصل إلى مستوى يسمع فيه صرير الأقلام التي تنسخ بها الملائكة في صحفها من اللوح المحفوظ . 18- سماعه صلى الله عليه وسلم كلام الله تعالى الذاتي الأزلي الأبدي الذي لا يشبه كلام البشر. 19- رؤيته- صلى الله عليه وسلم- لله عزّ وجلّ بفؤاده لا بعينه: مما أكرم الله به نبيه في المعراج أن أزال عن قلبه الحجاب المعنوي،فرأى الله بفؤاده، أي جعل الله له قوة الرؤية في قلبه لا بعينه؛ لأن الله لا يُرى بالعين الفانية في الدنيا، فقد قال الرسول- صلى الله عليه وسلم-: "واعلموا أنكم لن تروا ربكم حتى تموتوا".

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.