بقلم : محمد عبدالقادر يبدو أن المعارضة استشعرت كالعادة دخولها في (ورطة جديدة)، تحديد سقف زمني لإسقاط النظام يضع الجهة المتعهدة بهذا الأمر في خطر بالغ إن لم تكن آلياتها قادرة على إنجاز الوعد في التوقيت المعلن. استاءت المعارضة كثيراً من دعوة (لحس الكوع) التي ظل يوجهها د. نافع علي نافع نائب رئيس المؤتمر الوطني للمعارضين حينما يهمون بإطلاق تصريحات لإسقاط النظام، الواضح الآن أن المعارضة باتت (تلحس كلامها) كل يوم. أزمة كبيرة تعانيها المعارضة في ضبط الأقوال وإطلاقها بمقياس الأفعال، لذا فإنها دائمة الاضطرار الى التوضيح والنفي وإزالة اللبس. بالأمس أعلن محمد ضياء الدين رئيس اللجنة العليا للخطة إنّ ثمة تحريفاً شاب خطة ال (100) يوم المعلنة، وإنها تستهدف إحياء العمل السياسي، وإعادة الاعتبار للعمل الجماهيري في مواجهة خيار العمل العسكري التي بدأت في التنامي، يا راااااجل. الواضح أنّ المعارضة تعاني ضعفاً في الخطاب الإعلامي يحيّجها إلى كثير من التوضيح حينما تستشعر أن (الكلام) لم يعد يكسب في مضمار التنافس السياسي وأن الفعل الحقيقي مطلوب لإقناع الجماهير العريضة التي ما باتت تحفل بالشعارات. لم تكن المعارضة أصلاً بحاجة الى تحديد (100) يوم لإسقاط الحكومة، لم يطالبها أحدٌ بهذا الأمر.. (تكنيك) العمل السياسي لا يحتمل مثل هذه الإعلانات الداوية، الراجح أنّ هنالك رسالة داخلية وخارجية أرادت المعارضة أن تقول بها نحن هنا بعد أن تضاءل عطاؤها كثيراً وبهت وجودها، ولم تعد قادرة على مخاطبة الشعب السوداني أو إقناع الدوائر الخارجية بقدرتها على التأثير. (لحست) المعارضة مواقفها وتصريحاتها وحتى توقيعاتها في ميثاق كمبالا حينما أحست بخطر الجرم الذي اقترفته أحزاب تدعو للتداول السلمي للسلطة وإرساء مبادئ الديمقراطية وإذكاء روح التنافس القائم على الحجة والإقناع بعيداً عن صناديق الذخيرة ورائحة البارود. لماذا ترتد كل إعلانات المعارضة وبالاً على تماسكها ومصداقيتها؟ من يفكر للمعارضين في السودان وأين المرجعية والبوصلة التي تدير نشاط التحالف بكل هذا التضارب والاضطراب..؟ محمد ضياء الدين اجتهد في محاولة إخراج المعارضة من الحرج الذي ينتظرها بعد (100) يوم حددتها بنفسها لإسقاط النظام حيث بدأ العد. الرجل قال إنّ ال (100) يوم مجرد حملة سياسية لاستنهاض العمل السياسي وتطويره.. ومن هنا يبدو جلياً أنّ المعارضة تراجعت عن خطتها لإسقاط النظام. المحامي كمال عمر مسؤول الإعلام أراد أن يدافع بطريقته عن خطة ال (100) يوم وعمد إلى توريط حزب الأمة بعد تبرؤ السيد الصادق المهدي من الخطة. عمر قال إنّ حزب الأمة القومي طرفٌ أصيلٌ ومشاركٌ في خطة ال (100) يوم، وإن دار حزب الأمة كانت مطبخ الخطة، القضية ليست في المطبخ الذي أعدت فيه (الحلة) أو الخطة.. الأزمة تكمن في وجود ضعف بائن تجاوز جسم المعارضة إلى طرائق التعبير عن أطروحاتها.. حديث كمال عمر ودفاع محمد ضياء الدين تراجعٌ واضحٌ عن خطة ال (100) يوم يضاف الى مواقف كثيرةً تم النكوص عنها لوجود خلل مركزي في قدرة المعارضة على إحداث مواءمة بين الأقوال والأفعال.