أمام جلسة مجلس الأمن حول السودان الخميس 31- مارس -2005م بسم الله الرحمن الرحيم مرة أخرى سيدى الرئيس يتمادى مجلسكم الموقر في اتخاذ المزيد من القرارات غير الحكيمة في حق بلادي والتي تكافئها على وضعها حدا لأطول نزاعات أفريقيا بالمزيد من العقوبات والإجراءات التي تزيد الوضع تعقيداً على الأرض. السيد الرئيس: إن العالم بأسره يدرك جيداً ان الخلافات التي استمرت زهاء الشهرين داخل المجلس حول موضوع المحاسبات لا علاقة لها أبداً بتحقيق الاستقرار في دارفور فالخلاف حول المحكمة الجنائية الدولية قديم ومعروف وهناك قرارات ظلت مجمدة في هذا المجلس ولسنين حول مسألة دارفور ولعل من مفارقات القدر أن تكون اللغة التي تمت المساومة بها اليوم هي نفس اللغة التي عصفت بالمجلس من قبل في قضية افريقية أخرى والجميع يعلم ذلك تماماً ليتم توظيفها لإقرار المبدأ المختلف عليه منذ سنين فالعدالة هنا كلمة حق أريد بها باطل كما أن القرار الذي تم اعتماده الآن قد جاء حافلاً بالاستثناءات باعتبار ان الدولة المعينة بتلك الاستثناءات ليس عضواً في المحكمة الجنائية الدولية وبنفس المنطق نذكر المجلس بأن السودان ايضاً ليس عضواً في المحكمة الجنائية الدولية الأمر الذي يجعل تنفيذ قرار بهذه الكيفية محفوف بجملة من العقبات الإجرائية والتحفظات المشروعة طالما إن مجلسكم يؤمن بأن ميزان العدل والقانون يقوم على الاستثناءات واستغلال أزمات الدول النامية وابتلاءاتها من نزاعات وحروب أهلية في معالادت تسوية المواقف السياسية بين الدول الكبرى وتبقى المسألة الأساسية التي أقرها مجلسكم في إقليم دارفور لكن لتبيان الحقيقة بأن هذه المحكمة الجنائية مخصصة اصلاً للدول النامية والضعيفة وهي غداة لممارسة ثقافة الاستعلاء وفرض الاستعلاء الثقافي وهي أداة لمن يعتقدون أنهم يحتكرون الفضائل في هذا العالم الملئ بالظلم والطغيان. إن مجلسكم الموقر وباعتماده لهذا القرار يكون قد ضرب بالموقف الأفريقي عرض الحائط مرة اخرى فالمبادرة التي تقدمت بها نيجريا من موقعها كرئيس للاتحاد الافريقي لم تحظى بمجرد النظر إليها ناهيك عن منحها الاهتمام وعقد مشاورات ولو قصيرة لتقييمها في الوقت الذي يوجد فيه الاتحاد الإفريقي على الأرض في دارفور ويؤدي دوراً أكد على فعاليته وجدواه مبعوث هذه المنظمة في كل تقاريره كما ان اعتماد قراركم هذا قد تم في وقت قطعت فيه المحاكمات شوطاً بعيداً من قبل القضاء السوداني وهو قادر ومؤهل ومصمم على إكمال المحاسبات وإنفاذ الأحكام دون استثناء ولكن البعض هنا أراد تفعيل المحكمة الجنائية الدولية واستغلال موضوع دارفور مجرد ذريعة رغم عملهم بأن مثل هذا الاستغلال لقضايا الشعوب والمتاجرة بالأزمات والنزاعات لمجرد الكسب السياسي هو فعل ابعد ما يكون عن العدالة والإنسانية ناهيك عن صوت الشرعية الدولية والأمن والسلم الدوليين إلى غير ذلك من الشعارات والمسميات. تعلمون جميعاً أن موضوع المحاسبات مضمار طويل ومعقد لا يكتمل بين ليلة وضحاها وفي الوقت الذي يلهث فيه مجلسكم لمحاسبة بلادي وحثها على إنفاذ المحاكمات وتحقيق الأمن والاستقرار بين ليلة وضحاها في إقليم تقارب مساحته مساحة العراق نجد نفس هذا المجلس يستمر في ممارسة سياسة المعايير المزدوجة.. بل ويتمادى مجلسكم هذا في أن يؤكد بأن الاستثناءات هي للدول الكبرى وإن هذه المحكمة هي فقط عصا مخصصة للدول الضعيفة وهي أيضاً امتداد لمجلسكم هذا الذي ظل دوماً يستصدر القرارات والعقوبات ضد الدول الضعيفة في الوقت الذي تضرب فيه الودل الكبرى او تلك التي تتمتع بحمايتها عرض الحائط بقرارات هذا المجلس وتستخف بها وتعتبرها حبراً على ورق إننا نسمع كثيراً تعبيرات (مصداقية المجلس ) و(الثقة في المجلس) من الأعضاء في هذه القاعة فهل بقيت هناك ثقة ومصداقية وأقول للذين يتحدثون عن أن هذا القرار يرسل رسالة للجميع بأنه لن يفلت شخص من العقبات أي يضيفوا إليها ( إلا إذا كان من فئة معينة من الدول) حتى تخلو هذه المقولة من النفاق. إن التاريخ حافل بالإمبراطوريات السابقة والتي مارست الهيمنة والاستعمار ولقد كانت ولادة هذه المنظمة على أنقاض إمبراطورية الرايخ الثالث ... ولعنا سيدي الرئيس نشهد عصراً جديداً من الهيمنة في ثوب جديد ربما ينقلب فها التاريخ ليفرز منظمة دولية جديدة على أنقاض. السيد الرئيس: ختاماً... لعلى وكما أشرت في بياني السابق أجدد التأكيد بأن مثل هذه القرارات غير الحكيمة تحمل بين جوانبها كل الحيثيات التي تصعب من تنفيذها كما من شأنها إضعاف فرص التسوية وتعقيد الأمور المعقدة أصلاً. وشكراً السيد الرئيس