عبد المحمود نور الدائم الكرنكي تشهد هذه الايام حلقات جديدة من التآمر الامريكي ضد الديمقراطية في الشرق الاوسط . فقد جاء انتصار ثورات الربيع العربي في تونس ومصر وليبيبا مفاجئاً للدول الغربية . كما جاء انتصار ثورات الربيع العربي وصعود التيار الاسلامي الديمقراطي برهاناً ساطعاً على الفشل الاستخباري للدول الغربية . فقد تغير المشهد السياسي في الشرق الاوسط ، دون أن يتوقعه أو أن يتنبأ به مركز دراسات غربي واحد أو حطومة غربية واحدة ، أو جهاز استخبارات غربي واحد . لم يكن من خيار امام الدول الغربية التي فاجأتها ثورات الربيع العربي والصعود الاسلامي الديمقراطي الكاسح غير أن تطوي جناحها في اتجاه الريح ، وأن تركب الموجة التي أطاحت بأنظمتها الحليفة في الشرق الاوسط ، وأن تهرع في عجل لمراجعة اوراقها وسياساتها وحلفائها في المنطقة . كان المنطق يفترض ان الدول الغربية مثلما تقبلت (الشيوعية الاوربية) الديمقراطية كان عليها ان تتقبل (الاسلام الديمقراطي ) في الشرق الاوسط . لأن اي محاولة للتحايل الغربي على الديمقراطية في الشرق الاوسط كما يحدث في مصر ، كما يحدث في مصر ، تعني مشهداً خطيراً قادماً من الحروب الاهلية والانظمة المتفلتة والتنظيمات الراديكالية . أي تحايل غربي على الديمقراطية في الشرق الاوسط يعني ازدهار التطرف على نطاق واسع في اخطر مناطق العالم . ليس في مصلحة الشرق الاوسط أو الدول الغربية ان تتحول خريطة الشرق الاوسط الى بركان مسلح مشتعل . ذلك الوضع اذا ما اصبح واقعاً يهدد بسقوط ماتبقى من الانظمة الحليفة للغرب في الشرق الاوسط وذلك في مشهد لا يقل سرعة وإثارة عن مشهد رياح التغيير التي هبت عند نهاية الحرب الباردة واسقطت الانظمة الشيوعية في شرق اوربا في مطلع التسعينات . امريكا والدول الغربية تعلم قبل غيرها أن ثورات الربيع العربي لم تكمل بعد دورتها كاملة في الشرق الاوسط إذ أن هناك عديد من دول المنطقة مرشحة لفصل جديد من ثورات الربيع العربي . التحايل الغربي علة الديمقراطيات الجديدة في الشرق الاوسط يهدد بتحويل المنطقة الى ساحة واسعة للعداء ضد امريكا والغرب . تماماً مثلما حدث في امريكا الجنوبية إذ أن كل دول امريكا اللاتينية اليوم بإستثناء دولتين معادية لامريكا عداءاً حاداً مثل فنزويلا أو معتدلاً مثل البرازيل . أذ تآمرت أمريكا على الديمقراطية في الشرق الاوسط ، ستعيد في الشرق الاوسط انتاج تجربتها في امريكا اللاتينية (الجنوبية) . هل تريد امريكا تحويل كل دول الشرق الاوسط الى دول معادية لها ؟ .كانت امريكا وراء أول انقلاب عسكري في الشرق الاوسط . ذلك انقلاب حسني الزعيم في سوريا ، وقد حدث يوم الاربعاء 30 مارس 1949 في تمام الساعة الثانية والنصف فجراً . اعتقل حسني الزعيم رئيس الجمهورية شكري القوتلي ورئيس الوزراء خالد العظم وحل البرلمان وقبض على زمام الدولة وقام بإعتقالات واسعة للشيوعيين وتعذيبهم في السجون واعتقل زعيم حزب البعث ميشيل عفلق وأصدر قرار بحل حزب البعث ودعا الى انتخابه رئيساً للجمهورية فإنتخبه الناس خوفاً منه في 26 يونيو 1949 . افتتح انقلاب حسني الزعيم حقبة الانقلابات العسكرية في الدول العربية . مثلما كانت امريكا وراء اول انقلاب عسكري في الشرق الاوسط فكذلك تتواتر الشواهد بأنها وراء آخر انقلاب عسكري في الشرق الاوسط . ذلك انقلاب عبد الفتاح السيسي في مصر ، حيث قام عبد الفتاح السيسي في 3 يوليو 2013 بانقلاب عسكري وعزل الرئيس المنتخب محمد مرسي وأودعه السجن وسجن رئيس الوزراء هشام قنديل وحل البرلمان وقبض على زمام الدولة وعطل العمل بالدستور وقام باعتقالات واسعة للاسلاميين وتعذيبهم في السجون وأصدر قرار باعتبار الاخوان المسلمين جماعة ارهابية ، وفي مشاهد متلفزة أمام العالم أباد المعتصمين السلميين في ميدان رابعة العدوية حيث قتل الالاف بالرصاص والحرق و(خم) جثثهم بالجرافات وبدأ الدعوة لانتخابه رئيساً للجمهورية . متى سينتخبه الناس خوفاً منه ؟ نواصل