إنتهى اليوم ذلك العهد (الذهبي) الذي لعب فيه الجواسيس الغربيين دوراً خطيراً في سياسة الشرق الاوسط . حيث أصاب ذلك العهد تراجع ملحوظ وبدأ يدخل في عصر الاضمحلال . حيث في الفترة الأخيرة بدا ماثلاً للعيان العديد من الاخطاء الاستخبارية . وقد تناول منذ التسعينات عدد من الكتب ظاهرة الاخطاء الاستخبارية الغربية . وعند قصف مصنع الشفاء للأدوية في أغسطس 1998 كتبت صحيفة (واشنطن بوست) أن خطاء استخباري كان وراء القصف . وعند زيارة الرئيس كارتر الاسبوع الماضي الى الخرطوم كان مناسباً دعوته ليخرج من فندق (السلام روتانا) ليزور حطام مصنع الشفاء للأدوية . حيث لم تدفع امريكا للسودان قيمة خسائره الناجمة عن تدميرها منشأته الدوائية . كما لم تعتذر امريكا الى السودان الى اليوم عن تدمير المصنع . وقد أحال (18) صاروخ (توما هوك) مصنع الشفاء الى حطام . يشار الى أن (البنتاغون) طور صاروخ (توما هوك) خلال عهد الرئيس جيمي كارتر . الفشل الاستخباري الامريكي والغربي في التنبؤ بثورات الربيع العربي ، يذكر بفشلها الاستخباري في معرفة برنامج النووي الباكستاني ، حيث لم تعلم امريكا أو الدول الغربية بالقنبلة النووية الباكستانية إلا من قناة الCNN ، عندما تم التفجير . علمت امريكا والغرب بالقنبلة النووية الباكستانية كما علمها أي مواطن عادي على ظهر الارض . ومن قبل الفشل الاستخباري الامريكي والغربي في ثورات الربيع العربي كان هناك الفشل الاستخباري في سقوط الانظمة الشيوعية بصورة مفاجئة تباعاً ، في مطلع التسعينات . كذلك امريكا والدول الغربية فشلت استخبارياً في توقع ثورات الربيع العربي . لكن ذلك الفشل الاستخباري ودون تحايل أو تآمر ، يجب الا يمنع امريكا والدول الغربية من ان تعترف بثورات الربيع العربي الديمقراطية . وأن تعترف بالصعود الاسلامي الديمقراطي . ذلك مايحفظ مصلحة الشرق الاوسط ومصلحة الدول الغربية في أخطر مناطق العالم . فقد ظلت امريكا لما يزيد عن ستين عاماً منذ انقلاب حسني الزعيم في سوريا في مارس 1949 ، تذبح الديمقراطية في الشرق الاوسط من الوريد الى الوريد ، فقد ظلت سياساتها منهجياً تغتال الديمقراطية في الشرق الاوسط ، كلما نجم عن الديمقراطية الصعود الديمقراطي لتيارات الوطنيين أو القوميين أوالثوريين أو الاسلاميين ، حتى اصبح الشرق الاوسط من أكثر مناطق العالم تخلفاً سياسياً ، ومن أسواء مناطق العالم من حيث الفقر والاستبداد والقهر السياسي والفساد المؤسسي حيث صار الشرق الاوسط من أردأ مناطق العالم من حيث غياب الانظمة الديمقراطية وأنظمة الحكم الرشيد . لذلك فإن التحايل الغربي الماكر على الديمقراطية في الشرق الاوسط ، واجهاض ثورات الربيع العربي ورعاية أنظمة الفساد والاستبداد والفشل والتآمر على ثورة الجماهير ، سيحيل الشرق الاوسط بمجمله الى أكبر وطن ل(الارهاب) ، الى افغانستان ضخمة الى أكبر قاعدة جغرافية لتنظيم (القاعدة) وغير القاعدة ، اذ ماتم تحايل امريكي أو غربي على الديمقراطية في الشرق الاوسط في مصر أو غيرها ، سيتحول ملايين الديمقراطيين الى (ارهابيين) وقد يصبح مصير عملاء الغرب القتل ،كما حدث في حالة حسني الزعيم الذي قام بتخطيط امريكي بأول انقلاب عسكري في الشرق الاوسط ، ولكن بعد (3) أشهر فقط من انقلابه كان مصيره الاعدام على يد انقلاب العقيد سامي الحناوي . يجب الا تنسى واشنطن أبداً ان التحايل الامريكي الغربي على الديمقراطية في الشرق الاوسط سيجند ملايين الديمقراطيين ليصبحوا مقاتلين ملتزمين في صفوف تنظيم القاعدة وغيرها من التنظيمات التي تستهدف المصالح الامريكية والغربية