تقرير : (smc) جاءت تصريحات السفير الأمريكي لدى الأممالمتحدة حول توقعاته بأن تصدر المحكمة الجنائية قرارها بشأن السيد رئيس الجمهورية في الشهر المقبل واستبعاده لإمكانية تبرئة السيد رئيس الجمهورية من التهم الموجهة إليه ، جاءت هذه التصريحات داعمة وفاضحة للدور الأمريكي وتأثيره تجاه المحكمة الجنائية مما حدا بالحكومة أن تنبه الإدارة الأمريكية بأن تصريحاتها خطوات استباقية تعمل على تهيئة الرأي العام الأمريكي والدولي بهدف مساندة قرارات المدعى العام للمحكمة الجنائية عبر المؤسسات الدولية في حق رمز السيادة الوطنية. وذهب كمال عبيد وزير الدولة بوزارة الإعلام أن ما نقلته وسائل الإعلام منسوباً للسفير الأمريكي بالأممالمتحدة يعد عمل استباقي تمت دراسته بعناية في إطار المغذي لاستهداف السودان عبر بوابات ما تسمى بالعدالة الدولية ، مبيناً أن حديث السفير الأمريكي يوضح التورط الأمريكي وراء قرارات أوكامبو. وأكد كمال عبيد إلى أن التوقيت الذي خرجت فيه تصريحات المبعوث الأمريكي يفضح شبهة التنسيق الأمريكي مع المحكمة الجنائية عندما أستبق ناطق الخارجية الأمريكية من قبل قرارات إدعاء أوكامبو قبل أكثر من (24) ساعة من صدورها. ويرى بروفسور محمد الأمين البشير أمين دائرة الأمريكتين والمنظمات الدولية بمجلس الصداقة الشعبية العالمية أن الدور الأمريكي تجاه المحكمة الجنائية لا تخطئه عين, متساءلاً عن من أعطي السفير الأمريكي تلك المعلومات والتي أدلى بها للإعلام أن لم يكن له دور تجاه تلك المحكمة. وأضاف إن إدارة بوش تعيش في مأزق مع قرب موعد الانتخابات الأمريكية وأنها تريد أن تستغل هذا المناخ لممارسة المزيد من الضغط على الحكومة السودانية واللعب بورقة المساومة بتسليم هارون وكوشيب بدلاً عن الرئيس مما يعني الاعتراف الضمني للحكومة بالمحكمة الجنائية. وأكد محمد الأمين البشير أن الإدارة الأمريكية تقف في موقف حساس للغاية ما بين عدم اعترافها بالمحكمة ومحاولة تأثيرها على قرارات المحكمة. في خضم هذه الإشارات كشفت صحيفة الأوبزيرفر اللندنية ان بريطانيا سوف تلعب دوراً رئيسياً في الجهود الرامية لسد الطريق أمام اتهام الرئيس البشير من قبل المحكمة الجنائية الدولية .وكشفت الصحيفة أيضاً عن زيارة غير معلنة لمارك براون مسؤول إفريقيا بالخارجية البريطانية ونظيره الفرنسي برونو جوبرن إلى الخرطوم ليقترحا صفقة حول تجاوز أزمة الجنائية الدولية مع الالتزام بالعملية السلمية في دارفور والسماح بنشر كامل لقوات اليوناميد ولكن السفير على الصادق الناطق الرسمي باسم الخارجية نفى علمه بوجود مسؤولين بريطانيين وفرنسيين في الخرطوم. هذا الموقف المتعاطف من بريطانيا يقابله موقف متعاطف ايضاً من فرنسا والتي قررت مساندة الجهود الرامية لتأجيل قرار المحكمة الجنائية وذكرت صحيفة الغارديان أن مسؤولين كبار في الحكومة الفرنسية والبريطانية أبلغوا منظمات حقوق الإنسان أن الخطوة تجئ لحماية عملية السلام الجارية . وقال نشطاء في منظمات حقوق الإنسان أن لندن وباريس ستنضمان إلى جهود الجامعة العربية والإتحاد الإفريقي والصين وروسيا لمساندة قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة يطالب بتأجيل قرار توقيف البشير. وهكذا يصبح موقف الولاياتالمتحدة الداعم للمحكمة الدولية وحيداً يغرد خارج السرب بعد ان فقدت حتى أصدقائها بريطانيا وفرنسا في مشوارها نحو المحكمة الدولية واستغلال تلك الظروف للممارسة مزيد من الضغط على الحكومة. ويبقى حديث صحيفة لوس أنجلوس حول إخطار واشنطن للخرطوم بأنها لن تقف في طريق أي قرار في مجلس الأمن يدعو إلى تأجيل توقيف البشير مقابل الإسراع في حل مشكلة دارفور ونشر قوات حفظ السلام هو حديث للخروج من نفق المواقف المضطربة. والسؤال المطروح هو هل تبدل الولاياتالمتحدة موقفها بعد دخولها المباشر في خط احتواء اتهامات مدعى المحكمة الجنائية في ظل معطيات تبدو في غير صالحها خاصة بعد قرار فرنسا وبريطانيا بمساندة الجهود الرامية لتأجيل قرار توقيف الرئيس البشير؟!