الرغبة الشعبية هي التي تحرس السلام وتحميه أكثر من نصوص القانون الاتفاقية وثيقة قانونية وجدية الطرفين أكبر ضمانة لتنفيذها لا استبعد أن يتعرض الاتفاق لبعض عمليات التفلت ولكن...؟! قوات حفظ السلام جاءت بارادة الطرفين وهذه هي مهمتها؟! وجود قوات أجنبية بالبلاد ليس ضرورة ولكنه لطمأنة الطرف الثاني التفاوض أخذ وعطاء وليس فيه مهزوم أو منتصر المهمومون بالشأن العام سيحملون الحكومة والحركة على الالتزام بنصوص الاتفاقية مع وصول وفد الحركة الشعبية للخرطوم برئاسة جيمس وأنى الأمين العام للحركة تكون اتفاقية السلام الموقعة في التاسع من يناير الماضى قد دخلت حيز التنفيذ من الناحية النظرية حيث ستعمل اللجان المشتركة بين الحكومة والحركة على مناقشة بعض القضايا مثل الدستور والجوانب التنفيذية في تشكيل الحكومة الانتقالية. (smc) وضمن اهتمامها بالاتفاقية وتنفيذها على أرض الواقع خاصة في ظل الشوائب التي علقت بها في الفترة الماضية وما اثارته الحركة من منح حق التنقيب على البترول لشركات أجنبية وفتح المجال للاستثمار في الجنوب مما اثار حفيظة الحكومة ... ولكن يظل الفيصل في كل تلك القضايا تنفيذ الاتفاق على أرض الواقع ... في ظل ذلك التقينا د.عبدالرحمن ابراهيم الخليفة عضو الوفد المفاوض وناقشنا معه بعض الجوانب وخاصة فيما يتعلق بالجوانب القانونية والضمانة لتنفيذ الاتفاق بالقدر الذي يحقق طموحات وتطلعات المواطنين وكانت هذه الحصيلة:- د.الخليفة: بصفتكم ناشط في الجانب القانوني لاتفاقية السلام ، كيف يكون شكل النظام القانوني المنوط به حماية الاتفاقية ولفظها حتى تأتى أكلها في كل النواحي؟! الاتفاقية حقيقة أكبر من أن يحرسها القانون فقط.. الاتفاقية تحرسها غيرة الجماهير ورغبتهم العارمة في السلام والحاجة الملحة بالنسبة لكل الشعب السوداني بما يشكل الحكومة والحركة الشعبية ولذلك فإن هذه الرغبة وهذه الحاجة الملحة هي التي ستحرس هذا السلام أكثر مما تحرسه وتحميه نصوص القانون في الاتفاقية كلها قائمة على القانون وهي كلها وثيقة قانونية فليس فيها جزئية تحتاج إلى القانون وجزئية أخرى لا تحتاج إليه . فلذلك الجدية من الطرفين هي أكبر ضمانة لإنفاذ اتفاقية السلام. فالصدق في التعامل مع النصوص وفي التعامل مع واقع السودان من الضمانات الكبرى اضافة إلى الوعي الجماهيري وتمليك الجماهير الحق في حراسة هذه الاتفاقية وقيام الجهاز التشريعي بجهازية المجلس النيابي ومجالس الولايات كلها ضمانات كبيرة جداً لمصالح الولايات ويضيف قائلاً إن هذه الاتفاقية حققت لولايات السودان مكاسب كبرى . فأهل هذه الولايات على الأقل من قبيل باب حماية مصالحهم الخاصة ومصالح الوطن وينبغي أن يعضوا عليها بالنواجز وبعد ذلك يبقى أن الاتفاقية منظمة بكل بنودها كيف تنفذ الجداول المرفقة بالاتفاق والمواد منظمة بالحق الذي يسهل .. كيف تنفذ ؟ ومتى تنفذ ؟ ومن ينفذها ؟ وكم تكلفة ذلك التنفيذ؟ وهناك برنامج صارم منظم وأنا لا أخشى على الاتفاقية وإن كنت لا أستبعد مطلقاً أنها قد تتعرض في تأويلها وتفسيرها لإجتهادات مثلها مثل أية تجربة بشرية وقد تتعرض لمحاولة تفلت من بعض الأطراف معيداً إلى الأذهان ما حدث من محاولة الحركة بحديثها عن أحقيتها بالتعاقد مع شركات النفط الأجنبية لكنه يستدرك قائلاً كل هذه مسائل متوقعة لكن في النهاية الاتفاقية بها نصوص وضمانات كافية تجيب على كل ذلك. التعويل على حماية الاتفاقية برغبة الجماهير مع القانون هل ترون أن كل الجماهير تتعامل مع الاتفاقيات بفهم واحد؟! طبعاً القول أن الجماهير تحمل فهمناً واحداً وفكراً واحداً قول يجافي الواقع فأنا أتحدث عن الجمهور والسودان الأعظم . فالتيار العريض في المجتمع هو عادة تخرج منه حركة التغيير لأن في أي مكان بالعالم يكون هناك مجموعات أرادت لنفسها الوقوف على الرصيف متفرجة . هناك مجموعات مهمومة بقضاياها الخاصة ومستغرقة . وهناك مجموعات تتحدث عن الشأن العام بتوازن وتحمل هم ونبض الشارع كله ، وهي الجماعة التي تأتي بالتغيير وهي التي تقوم عليها حركة المجتمع كله. فأنا أعني هذا القطاع العريض المهموم بمسألة السلام في السودان والذي قدم أبناءه شهداء كمهر لهذا السلام . فالسلام لم يأت من الفراغ . فهذه الأسر قدمت أبناءها في سخاء . فقدمت زوجها وقدمت إبنها وقدمت أخوها . أرتال من الشهداء . أنا أعني هذا القطاع من النساء . والذين يسهروا على السلام بهذه الصورة وقدموا له المهر الغالي أكيد أنهم حريصون أيضاً بذات المستوى. إذن ترى ضمان حماية السلام في الغالبية التي تحترم هذه الاتفاقيات بنحو يجني به ثمار الاتفاقية كتوفير الاستقرار وإستبباب الأمن وكذا؟! هذه المجموعات من الناس ستحمل الأطراف حملاً على الالتزام بنصوصها وعلى عدم التفلت ومن ثم يأتي بعد ذلك دور القانون ودور نصوص الاتفاق نفسه والأدوار الموزعة والتفاصيل الدقيقة الموجودة وهذه كلها يمكن أن تكون ضمانات إلاّ إذا أريد التعامل مع هذه الاتفاقية بسوء نية وبغرض. تزامن تطبيق اتفاقية السلام مع تواجد قوات أجنبية بالبلاد هذه القوات أعلن انها من أجل حفظ السلام . فبدون هذه القوات ألا تأنس الدولة ممثلة في الحكومة والحركة الشعبية كجسم رسمي واحد ألا تأنس في نفسها الكفاءة لحفظ السلام؟! هي واحدة من المفارقات إنه عند إبرام هذا الاتفاق لم تكن الدولة جسماً واحداً يضم الحركة ومن الحكومة . الحكومة كانت المؤتمر الوطني والأحزاب الوطنية المشاركة في البرنامج الوطني والحركة تعتبر نفسها أنها كانت حركة مسلحة. لذلك الحركة حتى ذلك الوقت لم تكن لديها ثقة في الحكومة . فرأت أن واحدة من ضماناتها أن تكون هناك قوات يستعان بها لمراقبة وقف إطلاق النار. ولو أنك تتحدث عن الآن بعد أن تم الاتفاق وتشكلت مثلاً حكومة بها البشير وقرنق سيكون الوقت متغيراً وسيتغير الظرف . وأنا أتصور أن التطبيق سيزيل الكثير من الأوهام ووجود الحركة في موقع صنع القرار سيغير في الكثير جداً من أفكارها والتشويش الهائل عليها وعلى تصوراتها. لكن عموماً إن هذه القوات قد جاءت بإرادة الطرفين وبرغبة الطرفين ودون رضا الطرفين لايمكن أن تأتي هذه القوات مشيراً إلى أن مهمة هذه القوات دعم السلام وليس قوات حفظ السلام بمعني أنها ستتولي حفظ السلام شارع فشارع . هي قوات مراقبة لدعم السلام موضحاً أن السلام في جنوب السودان ستدعمه الشرطة وأن هناك قوات مشتركة بين الطرفين لديها قيادة مشتركة من الجيش السوداني ومن الحركة الشعبية وقوامها 24 ألف شخص ستكون في جنوب السودان وأستشهد الخليفة بالتجربة في جبال النوبة إذ كانت قوات حفظ للسلام والمراقبة فقط وأدت مهمة معقولة جداً ، وإن كان شأنها شأن أي تجربة ولم تخلُو من أخطاء ولكن في النهاية التجربة كلها كللت بالنجاح. أنت في بداية الحوار قد أكدت بأن السلام سيكون محروساً بعاملين هما الرغبة الجماهيرية والآلية القانونية . ألا ترى بعد ذلك أنه لا ضرورة لتواجد هذه القوات إذا إنسحبت من هناك هل ستعترض على إنسحابها؟! وقف إطلاق النار الشامل . ولكن الاتفاقية فيها أجزاء كبيرة جداً ، فيها قسمة السلطة وتوزيع الثروة . هذه القوات لا صلة لها بهذا الجانب . فيها مسائل تخص الولايات وما منح إليها وهيكل الدولة . فقط هي تشكل بروتوكول واحد من مجموع ستة برتوكولات تشكل جميعها اتفاق السلام الشامل المبرم في 9 يناير 2005م. بهذا ترى أن وجودها ضروري؟! أنا لا أقول أنه ضروري ولكنه يبعث على الإطمئنان للطرف الثاني... إذن ترى أن قبول وجودها هو الضروري ؟! قبول وجودها لا ضرر منه .. لا أقول ضروري ولكن أقول لا ضرر منه . ولأن الطرف الآخر كانت هذه هي رغبته ونحن بالنسبة لنا ما كان هناك مانع من ذلك. كيف تكون هي رغبة الحركة الشعبية وهي التي بادرت بحمل السلام ومعلوم أن الحكومة كانت تسعي لوضع تلك الحركة المسلحة لسلاحها . فكيف تكون هي رغبة الحركة الشعبية ومن باب أولي أن تكون هي رغبة الحكومة إذا كان الأمر مراقبة وقف اطلاق النار؟! شوف يا أخي هي الآن رغبة الطرفين ... دعني أكون أكثر دقة ! هي الآن رغبة الطرفين لكن أي شئ يأتي مقترحاً من هذا الطرف أو ذاك هذا ما أشرت إليه أنها في الأول كانت رغبة الحركة الشعبية . لكن طالما أن الحكومة وافقت على ذلك هي تصبح رغبة الحكومة . وأنا لا أقول أن هناك ضرورة لوجود القوات لكن لا أرى ضيراً من وجودها. كأنك تحسبها ضمن التنازلات التي قدمتها الحكومة من اجل إحلال السلام؟! أعتقد أن هذا يدخل في إطار المرونة التي إتسمت بها الحكومة وهي تفاوض. إذن تريد أن تقول أن الحكومة تتعامل مع تواجد هذه القوات بنهج مروني لحماية ما أنجزته خلال سنتين؟! قاطعنا قائلا يا أخي أنت لديك شخص تفاوضه وتريد أن تطمئنه وضرب مثلاً بصلح الحديبية حينما قدم سهيل بن عمرو إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد أن يفاوض ، وبدأت المفاوضات وبدأت صياغة الاتفاقية بينهم فبينما على بن أبي طالب أمسك بالقلم ليكتب نص الاتفاقية وبدأ بسم الله الرحمن الرحيم ، قام سهيل بن عمر و إحتج عليها وقال إن العرب لا تعرف بسم الله الرحمن الرحيم ولكن قل (بسمك اللهم) . فأمر الرسول صلى الله عليه وسلم علياً أن يكتب (بسمك اللهم) . وهذا ليس معناه أن الأخيرة في الطرف الآخر ، وقيل عن هذه الاتفاقية أنها كانت هي فتح مكة الحقيقي . وذكر ذلك في القرآن ، ففتح الله بها له فتحاً مبيناً . الثاني : قال (من محمد رسول الله إلى ........) قال له (إن كنا نعلم أنك رسول الله لآمنا بك) والرسول صلى الله عليه وسلم أمر علياً أن يمحوها وشق على علي ذلك . فالرسول صلى الله عليه وسلم قال له أرني إياها ، وكان أمياً ، فأراه علي إياها فمسحها بأصبعه الكريم . وكل هذا كان مرونة. وقد أحدثت الاتفاقية ضجة كبيرة وعمر بن الخطاب رضى الله عنه صار يسير وسط المسلمين ويقول كيف نرضى لديننا بالدونية . والرسول صلى الله عليه وسلم حين أمر المسلمين أن يحلقوا رؤسهم لم يستجب أحد ، حتى شاور سلمي وهي في حالة حزن فقالت له أخرج عليهم فأحلق أنت فحلق ، فتدافع الناس حتى أوشكوا أن يهلكوا أنفسهم. ونحن كما قال واحد من أخواننا هناك أناس حتى الآن هم رافضون ان يحلقوا!!. فالتفاوض هو أخذ وعطاء وليس فيه مهزوم ومنتصر.