الشرق القطرية .. صالح: تنسيق قطري مصري في قضايا دارفور والعراق وفلسطين .. اتفاق ثنائي على دعم التواجد العربي في العراق والحفاظ على وحدته .. نأمل أن تسفر المبادرة القطرية عن حل سلمي لأزمة دارفور .. تقسيم العراق يفتح الباب أمام عدم الاستقرار في كل الدول المجاورة .. قرار مصري بإعادة البعثة الدبلوماسية بمجرد تأمين الحماية اللازمة لها أكد سعادة السفير عبد الرحمن صالح مساعد وزير الخارجية المصري للشؤون العربية على متانة العلاقات بين بلاده وبين دولة قطر وقال في حوار خص به الشرق على هامش زيارة قصيرة للبلاد التقى خلالها نظيره القطري إن مصر حريصة على التشاور الدائم مع القيادة القطرية في كل ما من شأنه دفع العلاقات الثنائية والعربية في كافة المجال، متمنيا أن تسفر المبادرة القطرية في دارفور عن نتائج مثمرة بالتعاون مع كافة الأطراف المعنية. وتأتي زيارة صالح ضمن جولة بالمنطقة تشمل الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان والجمهورية اليمنية بمناسبة توليه منصبه الجديد كمساعد لوزير الخارجية للشؤون العربية، حيث كان يشغل سعادته منصب القنصل العام بالساحل الغربي للولايات المتحدة ومقره سان فرانسيسكو والذي يغطي 11 ولاية أمريكية لمدة أربع سنوات وقبلها شغل منصب نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون أمريكا الشمالية للإشراف على العلاقات المصرية الأمريكية الثنائية ودعم عملية السلام بالإضافة إلى شغله لمنصب نائب السفير المصري في واشنطن ومدير شؤون الأممالمتحدة ومستشار الوفد المصري لدى الأممالمتحدة في نيويورك، كما شغل سعادته منصب المشرف على شؤون الكونجرس في سفارة مصر في واشنطن. هذا وقد تطرق الحوار مع المسؤول المصري الرفيع إلى العلاقات المشتركة بين البلدين – قطر ومصر – وسبل التنسيق في القضايا الشائكة على الساحتين العربية والإقليمية وكذلك الجهود المشتركة لاحتواء الأزمة المالية تحت مظلة الجامعة العربية والمستجدات على الساحة العراقية والفلسطينية والسودانية والتي كشف خلالها العديد من المفاجآت التي قد تشهدها الفترة المقبلة في ضوء جهود الوساطة المصرية في جمع الشمل الفلسطيني بالقاهرة والتنسيق مع الأطراف العربية واللجنة الرباعية، وكذلك تطورات أزمة دارفور وأصداء المبادرة القطرية إقليميا وعربيا ودوليا.. وفيما يلي التفاصيل.. * هذه أول زيارة لكم إلى قطر منذ تسلمكم مهام منصبكم كمساعد لوزير الخارجية للشؤون العربية فكيف تقيمون العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل التنسيق المشترك في مواجهة القضايا العربية ؟ - بالفعل هذه أول زيارة لي لدولة قطر الشقيقة وهي إحدى المحطات المهمة ضمن جولتي للمنطقة والتي تشمل أيضا اليمن والإمارات وعمان. وقد التقيت خلال الزيارة بسعادة السفير سيف مقدم البوعينين مساعد وزير الخارجية القطري، وقد شملت مباحثاتنا أولا العلاقات الثنائية بين البلدين، وهي علاقات تمتد لتغطي ليس فقط مجالات التشاور السياسي، ولكن أيضا الجانب التجاري وعلاقات الاستثمار في الاتجاهين، وبحثنا أيضا سبل تفعيل اللجنة الثنائية بين البلدين برئاسة وزيري الخارجية الوزير أحمد أبو الغيط ورئيس الوزراء وزير الخارجية الشيخ حمد بن جاسم. كما نظرنا في تطوير العلاقات القنصلية بين البلدين لأن هناك جالية مصرية مشرفة في قطر ويتجاوز عددها 120 ألفا، والحقيقة أنها من الجاليات التي تحظى بمكانة في المجتمع القطري، كما أنها الجالية العربية الأولى من حيث الحجم، وأيضا هي مصدر دخل مهم للاقتصاد المصري، فتحويلاتها تصل إلى المرتبة الرابعة بين الدول العربية. ودائما مباحثاتنا مع الجانب القطري تركز على اهتمامنا أولا بزيادة عدد هذه الجالية وزيادة عدد التأشيرات الممنوحة لها وأيضا أي مشاكل يتعرضون لها. وقمت أيضا بتسليم رسالة من معالي وزير الخارجية المصري إلى معالي رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري تسلمها نيابة عنه السيد وزير الدولة للتعاون الدولي تدور أساسا حول التشاور بين البلدين في القضايا ذات الاهتمام المشترك والتي نعمل معا من أجل إحراز تقدم سياسي نحوها، أولا القضية الفلسطينية وثانيا دعم جهود الاستقرار في العراق وتحقيق أكبر قدر من التوافق السياسي بين مختلف الأطياف العراقية، والتأكد من دعمهم للعملية السياسية في المرحلة المقبلة ودعم التواجد العربي في العراق، ثالثا الجهود المصرية لحل مشكلة دارفور وتجنب وقوع مواجهة دولية بين السودان والمجتمع الدولي. كما استمعت إلى شرح من الجانب القطري لمبادرتهم في هذا الشأن واتفقنا على تنسيق الجهود. * بداية ماذا عن التنسيق القطري المصري فيما يتعلق بأزمة دارفور في ضوء المبادرة القطرية المطروحة الآن والجهود الإقليمية الرامية إلى عدم تصعيدها دوليا؟ - طبعا هناك اتفاق على أن معالجة موضوع السودان يجب أن يتوخى أولا وحدة الأراضي السودانية والحفاظ على وحدة السودان كدولة واحدة، والتأكد من عدم تأثر السودان وشعبه سلبا من عدم استقرار الوضع في دارفور، المبدأ الثاني هو أن جامعة الدول العربية والاتحاد الإفريقي لابد أن يلعبوا دورا في إيجاد حل لمشكلة دارفور، ومن هنا تأتي أهمية تجنب إدخال المحكمة الجنائية الدولية كطرف في هذه المشكلة، ومحاولة فرض جزاءات على السودان أو على أحد مسؤوليه، وتأتي المبادرة القطرية التي تمت في إطار جامعة الدول العربية ونرجو أنه في المستقبل أن يكون هناك تنسيق متصل ونحن في هذا الشأن وفي هذا الإطار مصر تسعى إلى إيجاد حل سلمي ودعم دور الحكومة السودانية في تنفيذ مبادرة أهل السودان، وفي تحقيق نوع من التكامل بين أقاليم السودان المختلفة بما فيها دارفور، وفي هذا الشأن طبعا مصر ترحب بأي مبادرة بما في ذلك نحرص على ذلك. * ولكن هناك مساعي جنوبية نحو الانفصال تحظى بتشجيع خارجي. كيف تواجهون ذلك في ضوء تعنت عدد كبير من أقطاب المعارضة السودانية؟ - ليس هناك أحرص على وحدة السودان منا باعتبار السودان ليس فقط الجار الأول لمصر ولكن الشريان الحيوي والامتداد الجغرافي والتاريخي لمصر، حين تدعو إلى الحفاظ على وحدة السودان ووحدة بقية أراضي الدول العربية في المنطقة تؤكد مبدأ قائماً منذ إنشاء منظمة الوحدة الإفريقية وهو احترام الحدود القائمة لكل الدول، لأن فتح باب الانقسام والطائفية وفتح باب الإقليمية يهدد استقرار ليس فقط السودان ولكن الدول المجاورة لها من الشرق ومن الجنوب وكلها دول تعج بانقسامات طائفية وإقليمية، ومن هنا المبدأ الذي تدافع عنه مصر بالحفاظ على وحدة أراضي كل الدول المجاورة، ولا ينطبق ذلك على السودان وحده بل ينطبق على العراق أيضا، وفي هذا نتفق نحن وإخواننا القطريون وبقية الدول العربية في هذا المضمار على أن الهدف الأول من الدعم العربي للعراق في الوقت الحاضر هو الحفاظ على وحدة العراق ضد التقسيم، لأن هذا التقسيم يفتح الباب أمام عدم الاستقرار في كل الدول المجاورة، ويفتح الباب أيضا أمام النفوذ الأجنبي وتغلغله داخل العراق وداخل الدول الأخرى المجاورة للعراق، ومن هنا كان هناك اتفاق بيننا وبين الجانب القطري على أهمية وحدة العراق ودعمه. وقد أحطنا المسؤولين القطريين الذين اجتمعنا معهم بالسياسة المصرية في هذا الشأن التي تهدف إلى دعم التواجد العربي في العراق بعد التأكد من تأمين وحماية البعثات الدبلوماسية الموجودة في العراق وتأمين وحماية الشركات العاملة على أرض العراق، وهنا كان فيه قرار مصري بأن يتم إعادة فتح البعثة الدبلوماسية متى تم أولا تجهيز مثل هذه البعثة، وثانيا التأكد من حمايتها وتأمينها حينها سوف يتم اتخاذ قرار بإعادة إرسال سفير آخر، فكلنا نعلم وندرك أن مصر فقدت أحد سفرائها في العراق بسبب الوضع الأمني وعدم الاستقرار. أيضا الشركات المصرية سوف يعاد تواجدها في العراق بعد أن يتم التأكد من التأمين الكافي لها، وقد تقرر أن يتم إنشاء لجنة مشتركة برئاسة نائبي وزير الخارجية المصري والعراقي لبحث أوجه التعاون المحتملة بين البلدين وسوف تجتمع في النصف الثاني من الشهر الحالي وسوف أترأس فيها الجانب المصري وسوف يترأس الجانب العراقي نائب وزير الخارجية العراقي وسوف تجتمع في القاهرة. * نفهم من ذلك أن مصر سوف تعين سفيرا لها في العراق في غضون السنة المقبلة؟ - بمجرد أن يتم التأكد من أن مقر البعثة الدبلوماسية المصرية جاهز ومؤمن ومتوفر له الحماية الأمنية الكافية سوف يتم تسمية السفير المصري بالعراق. * في تحول تاريخي غير مسبوق تم انتخاب باراك أوباما رئيسا للولايات المتحدة ومن ضمن تعهداته كان سحب القوات الأمريكية من العراق خلال 18 شهرا هل تتوقعون أن تصدق هذه الوعود ؟ - بالمصادفة جاء هذا الحدث التاريخي أثناء زيارتي للدوحة وتولي أول رئيس أمريكي من أصل إفريقي، ولكنه يحمل معه أيضا فرصة كبيرة للشعوب العربية كلها أن تبدأ حوارا مع الإدارة الأمريكيةالجديدة التي نأمل جميعا أن تعتمد أكثر على الحلفاء والأصدقاء الإقليميين في كل منطقة، والولاياتالمتحدة في هذا المجال لها دور مهم على سبيل المثال في دفع مسيرة السلام والمفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة، ولها دور مهم في إيجاد الطريق والسبل التي تؤدي إلى ذلك. * ولكن سعادة السفير كان هناك تراجع كبير في هذا الدور في المرحلة السابقة وحتى في المرحلة الراهنة بسبب التركيز على الأوضاع في العراق والتعقيدات في غزة ؟ هل تتوقعون أن تتغير سياسة أمريكا نحو المنطقة في عهد أوباما؟ - في الحقيقة لمست محادثاتنا مع الإخوة القطريين أهمية أن تتوحد الرسالة العربية للإدارة الأمريكيةالجديدة حول أهمية إيلاء أولوية لمسألة تسوية المشكلة الفلسطينية وإيجاد حل سلمي لها وإقامة دولة فلسطينية لأن هذا هو العلاج ليس فقط لهذه المشكلة التي تمثل جوهر النزاع العربي الإسرائيلي، ولكنها أيضا وسيلة لمنع العديد من الأمور والمخاطر التي تهدد أمن الشرق الأوسط وتثير الإحباط والغضب لدى العرب والمسلمين في كل أنحاء العالم، وغياب مثل هذا الحل هو الذي يولد مناخاً يتيح للإرهاب أن ينمو وأن ينتشر وأن يجد مساندين له، والحقيقة أن الرد الأبلغ على كل هذا هو أن يتم تسوية مثل هذه المشكلة. هذا من ناحية، الناحية الثانية أن الولاياتالمتحدة وإدارتها الجديدة نأمل أن تعتمد أكثر على الإطراف الدولية الأخرى، وأن تتشاور معهم وأن تلجأ إلى المنظمات الدولية كالاتحاد الأوروبي والأممالمتحدة والأصدقاء والحلفاء الإقليميين، الولاياتالمتحدة لها العديد من الأصدقاء عندما يتعلق الأمر بإقرار السلام في المنطقة، وعندما يكون هناك حديث عن سلام مشروع ستجد العرب كلهم مستعدين للمساندة، والدليل على ذلك المبادرة العربية التي أعلنت بشكل قاطع استعداد كل العرب لإقامة علاقات طبيعية مع إسرائيل إذا ما قامت إسرائيل برد الأراضي التي احتلتها عام 1967 لأصحابها العرب وتم إنشاء دولة فلسطينية عاصمتها القدس، ومن هنا مصر سوف تستضيف إن شاء الله في التاسع من نوفمبر اجتماعاً للرباعية الدولية يسبق اجتماع المصالحة الوطنية الفلسطينية الذي سوف يجمع كل الفصائل الفلسطينية ليس فقط لعقد تصالح ما بينهم ورأب الصدع في الصف الفلسطيني، ولكن سوف يهدف إلى إيجاد صوت واحد يتحدث باسم الفلسطينيين. * اسمح لي سعادة السفير في هذه النقطة نلمس بعض التوتر في جهود جمع شمل الفلسطينيين وتعثراً في المفاوضات ربما لتحفظات من حماس أو تلكؤ من السلطة الوطنية. ما الذي يجري بالضبط وما أسباب التعثر في المفاوضات الفلسطينية؟ - مصر تسعى إلى لم الشمل الفلسطيني، وإلى تحقيق قدر أدنى من الاتفاق يؤهل الفلسطينيين للدخول في حوار من أجل تشكيل حكومة وطنية جديدة، وإعادة هيكلة وإعادة هيكلة وزيادة فعالية أجهزة الأمن الفلسطينية، وإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وإجراء حوار ما بين كل الفصائل يجعل الصوت الفلسطيني صوت واحد، وينفي الحجة الإسرائيلية أنه ليس هناك شريك فلسطيني في المفاوضات. طبعا الدور المهم هنا هو أن يحظى المفاوض الفلسطيني بالدعم العربي، ومن هنا كانت مشاوراتنا مع كل الأطراف العربية لكي تكون الرسالة العربية واحدة للإدارة الأمريكية وللأطراف الدولية الأخرى كالاتحاد الأوروبي والأممالمتحدة. وقد كان هناك تطور إيجابي جديد مع الاتحاد الأوروبي الاتحاد من أجل المتوسط، حينما أعلن لأول مرة عن أن إسرائيل توافق علنا على المبادرة العربية للسلام كأحد إطارات الإحالة للتسوية، وهذا يعتبر خطوة للأمام وإنجازاً. *البعض يتوقع تكرار سيناريو الصدام والعزلة إذا فازت حماس مجددا في الانتخابات ليس في غزة فقط بل في الضفة أيضا ؟ ما رأيكم في ذلك؟ - إذا ما نجحت جهود المصالحة الفلسطينية سوف يكون هناك صوت واحد فقط يتحدث باسم كل الفلسطينيين في مفاوضات السلام المقبلة أن شاء الله مع إسرائيل، وإذا ما نجحت جهود المصالحة وتم انتخاب حكومة إسرائيلية راغبة في السلام وقادرة على الدخول في مفاوضات جادة فإن المفاوض الفلسطيني والرئيس الفلسطيني سوف يكون مفوضا من قبل كافة فصائل الشعب الفلسطيني للتحدث باسم الشعب الفلسطيني. * ولكن ماذا لو فشلت جهود تشكيل الحكومة الإسرائيلية في ذلك وعاد نيتانياهو إلى رأس السلطة مجددا وهو المعروف بتعنته الشديد ؟ - المفاوضات سوف تقود إلى اتفاق أثق في أنه سوف يحظى بتأييد الشعب الفلسطيني كله سواء من خلال برلمانه أو من خلال التصويت عليه في استفتاء عام، ومن ثم إذا ما تم انتخاب حكومة إسرائيلية قادرة وراغبة السلام سيتم إحراز تقدم في المفاوضات. * وما رأيكم باقتراحات سمو أمير دولة قطر بشأن الدعوة لاجتماع عربي تحت مظلة الجامعة العربية لاحتواء نتائج الأزمة المالية العالمية ؟ - كما تعلمون كان وزير التجارة المصري في زيادة إلى قطر والتقى مع سمو الأمير وكان يحمل رسالة بهذا الشأن ونحن نجري تشاورات مع الجانب القطري في مسألة كيفية التعامل مع عواقب الأزمة المالية وتجنب الآثار السلبية على اقتصاديات البلدين والاقتصادات العربية داخل اجتماعات الجامعة العربية على مستوى المندوبين لبحث هذا الموضوع باستفاضة، وأعتقد أن هناك بعض الجهود التي تجرى في هذا الشأن ومن ثم هذا الموضوع سيكون على مستوى البحث والدراسة في الفترة القادمة بالفعل على المستوى الثنائي وعلى المستوى الإقليمي والعربي في إطار جامعة الدول العربية. حاوره: كوكب محسن