وكالات: المنافسة على حق استضافة الدورة الأولمبية الصيفية السنة 2012 هي الأشرس في التاريخ الحديث لهذه الألعاب التي أعاد البارون الفرنسي بيار دو كوبرتان احياءها اواخر القرن التاسع عشر، واستضافت أثينا دورتها الاولى العام 1896. وبعدما كان التنافس الجدي ينحصر بين مدينتين كحد أقصى، وأحياناً يمنح بالتزكية الى واحدة قدمت «التسهيلات المناسبة»، بات في العقدين الأخيرين شغلاً شاغلاً، للوسط الرياضي العالمي والرؤساء والحكام وأركان السوق الاقتصادية. في تموز (يوليو) 2001، عاش العالم على ايقاع الدورة ال116 لاجتماعات اللجنة الأولمبية الدولية التي عقدت في موسكو، وانتخبت الطبيب البلجيكي «الهادئ جداً» جاك روغ رئيساً جديداً لها. وفازت بكين بتصويت «الغالبية» لتنظيم ألعاب السنة 2008... وغداً يشهد «رافلز بلازا كونفنتشن سنتر» في سنغافورة «قمة أولمبية» جديدة مدعومة بحضور بعض زعماء العالم لاختيار المدينة المضيفة لألعاب السنة 2012 من خمس مرشحة هي: باريس ولندنونيويوركومدريدوموسكو. وتعتبر باريس التي لم تنظم الالعاب منذ 1924 المرشحة الاولى في رأي غالبية الخبراء، وتليها لندن مباشرة، وان كان روغ أكد ان لدى كل مدينة متنافسة «فرصة جيدة للغاية». وحتى الساعة لا يزال هناك بين 20 و30 صوتاً من اصل اصوات اعضاء الجمعية العمومية ال116، لم يحسم بعد في شأن المدينة التي ستحصل على حق الاستضافة. وبدءاً من نحو الاولى فجراً بتوقيت غرينتش سيتوالى عرض الملفات افتتاحاً بباريس، ويمنح كل وفد مدة ساعة للعرض واقناع الحضور بحججه ونصف ساعة لمؤتمر صحافي، على ان يعلن روغ النتيجة عند الثانية عشرة والنصف ظهراً، عقب الاقتراع السري الكترونياً. وبمجرد ان يبدأ التصويت سيجرى اسقاط مدينة في كل جولة من جولات الاقتراع الى ان تحصل مدينة على غالبية مطلقة من الاصوات. واتخذت السلطات في سنغافورة، التي تنتظر مداخيل من المناسبة تفوق 2.24 مليون دولار، احتياطات أمنية غير مسبوقة استعداداً لاستضافة نحو 5 آلاف زائر من العائلة الاولمبية والوفود الفضفاضة للمدن المرشحة والزعماء الداعمين، وفي مقدمهم الرئيس الفرنسي جاك شيراك ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير وزوجته شيري ورئيس الوزراء الاسباني خوسيه لويس ثاباتيرو، ورئيس الوزراء الروسي ميخائيل فرادكوف وهيلاري عقيلة الرئيس الاميركي السابق بيل كلينتون فضلاً عن الملكة صوفيا والاميرة آن ابنة الملكة اليزابيث وأمير موناكو، ونجوم من النخبة الرياضية والفنية أمثال المخرجان ستيفن سبيلبرغ ولوك بيسون ولاعب كرة القدم ديفيد بيكهام واسطورة الملاكمة محمد علي وقيصر السباحة الكسندر بوبوف و»منجم الذهب» في الجمباز لاريسا لاتينينا، علماً ان حملة الدعم لكل مدينة لا تقتصر على ابطالها من المواطنين فقط بل تتعداهم الى «سفراء» من دول أخرى. واستخدمت كل وسائل الدعاية والترويج لجذب الانتباه وحشد الاستقطاب ولا سيما من الفرنسيين والانكليز. والجميع يشحذ اسلحته للموقعة الاخيرة غداً، علماً ان النيويوركيين يؤكدون ان نضالهم مستمر حتى النهاية وان كان عدد من الخبراء يلفتون الى ان حظوظهم ستكون افضل السنة 2016. وتخشى مدريد التي لم يسبق ان استضافت الاولمبياد وتحظى بأفضل دعم شعبي تعدت نسبته 90 في المئة، ان تؤثر الحملات الدعائية وتصرف الانتباه عن التصويت «لافضل مشروع متماسك واقعي يلبي كل الشروط في شكل ملموس». وتعوّل موسكو على تحقيق المفاجأة ولا تزال تؤكد، رغم ضعف نقاطها في تقرير لجنة التقويم، انها متساوية مع باريس ولندن، وتفخر بانها وضعت أقل موازنة للالعاب اذ لا تتعدى 1.84 بليون دولار، مشيرة الى ان مواقع الالعاب والقرية الاولمبية حددت على مجرى نهر العاصمة وداخل حدود المدينة وهي ورقة رابحة من دون شك. ويعتقد رئيس الملف فاليري شانتسيف نائب رئيس بلدية موسكو ان العاصمة الروسية تحتاج الى الالعاب أكثر من المدن الاربع الاخرى. وتحمل باريس 2012 شعار «حب الالعاب»، وتتحفز لندن خلف حملة «ادعموا الترشح»، وتؤكد مدريد «استعدادها منذ الآن»، وتطرح نيويورك رهانها كمعقل ل «الرياضة والحياة»، وتريد ان تكون الالعاب شكراً من العالم على نهوضها من كبوة اعتداءات 11 ايلول (سبتمبر). اما موسكو فتنادي ب»تصور الالعاب الآن في ربوعنا». لكن الاهداف والتطلعات تتعدى الرياضة من دون شك الى التنمية والتطوير على الصعد كافة.