عبد الرحمن الخليفة : تشاد مسخرة لخدمة أهداف ومآرب لا تصب في مصلحة بلادها د. العباس: العلاقات السودانية التشادية لن تتطور ما دامت قضية دارفور موجودة الناطق باسم الإرادة الحرة: أجندة دولية لرسم خارطة عسكرية لتحسين وضع العدل والمساواة في المفاوضات . خدمة : (smc) تعتبر العلاقات السودانية التشادية من أكثر العلاقات اهتزازاً بين الدول في المحيط الإقليمي، ودائماً ما يسيطر علي هذه العلاقة التوتر الذي لم يتوقف يوماً، وإن كانت القطيعة الأخيرة بين بلادنا والجانب التشادي الذي لم يقف عند موقف بعينه منذ فترة طويلة هي أكبر ردة فعل تحدث بين الجانبين. ولعل الجميع يذكر أحداث أم درمان الأخيرة، وتحرك القوات المهاجمة لها من منطقة أم جرس التشادية مما أدي بحكومة الوحدة الوطنية لقطع علاقاتها بالجارة اللدود تشاد، وقد أستبشر الناس خيراً بعودة البعثات الدبلوماسية للبلدين موخراً، لكن الجانب التشادي يصر دوماً علي جعل دوام العلاقة من باب المستحيل. ولعل تقاطع مصالح الدول الغربية في دارفور كما يقول بذلك عدد من الباحثين والمحللين هو ما يجعل تشاد ذات الارتباط القوي بالغرب وخصوصاً فرنسا تقوم بما تقوم به من دعم واضح لحركات التمرد في دارفور، حتى إن رئيس حركة العدل والمساواة يقيم تحت ضيافة الرئيس التشادي إدريس دبي، وكما هو معروف فهو يرتبط معه برباط دم وصلة قرابة.لكن الذي يجعل المراقبين في حيرة من أمرهم هو من أين تستمد تشاد هذه الجرأة وتجاهر بدعم كامل لحركات التمرد في دارفور خصوصاً حركة العدل والمساواة؟ فكثير من المراقبين يعزون الأمر إلي دعم تتلقاه تشاد من فرنسا المعروفة بموقفها المتشدد تجاه السودان، وليس أخرها الموقف من قضية المحكمة الجنائية ومذكرة توقيف الرئيس البشير. المركز السوداني للخدمات الصحفية أستطلع عدد من المحللين السياسيين وقادة التنظيمات السياسية حول حاضر ومستقبل العلاقات السودانية التشادية فجاءت إفادتهم متفاوتة وإن اتفقت في الأغلب علي دعم دولي تتلقاه تشاد لزعزعة الاستقرار بالسودان. غياب السيادة علي القرار القيادي بالمؤتمر الوطني والقانوني عبد الرحمن إبراهيم الخليفة أبتدر حديثه للمركز قائلاً: من الواضح إن هناك جهات ما تدفع تشاد نحو ما تقوم به تجاه بلادنا ويمكن تقسيم هذه الجهات إلي نوعين أولها اتجاه يتبناه البعض داخل النظام التشادي نفسه، وأيضا هناك جهات إقليمية وعالمية لديها مصلحة في اضطراب العلاقة بين السودان وتشاد لكي تقوم بتمرير أجندتها، ولذلك هي حريصة علي بقاء الأزمة حية والصراع مشتعل بين البلدين. وتشاد حسب الخليفة لا توجد لديها أرادة وطنية وسيادة علي قراراتها. وهي في مجملها مرتهنة إلي دول أوربية لها قواعد عسكرية بالمنطقة، وواضح إن تشاد مسخرة لخدمة أهداف ومآرب لا تصب في مصلحة تشاد بل تخدم مصالح دول أخرى، وعن وضع العلاقات السودانية التشادية في ظل هذه الأوضاع والتنصل التشادي من كل الاتفاقيات المبرمة بين الجانبين قال الخليفة: إن هذه المسألة مرتبطة بالوضع السياسي في تشاد ولا يستطيع أحداً أن يحدد كيف ستكون العلاقة بين الجانبين، لكن إن يتغير ما حدث بين الجانبين، فلابد أن تتغير العلاقة تبعاً للتغير الحاصل، لكن هذا الأمر تحديداً يرتبط بتشاد ارتباط وثيق لأنها هي التي تبادر للقطيعة مع السودان كلما ازدادت المعارضة الداخلية لنظام الرئيس إدريس دبي. تغيير استراتيجيات القيادي الجنوبي الدكتور بول دينق شول قال إن إستراتيجية تشاد بدأت ترتفع وتيرتها في مواجهة البلاد بعد ان اخذت الامور طابع نوعي، بمعني أن حركة العدل والمساواة غيرت إستراتجيتها من الهجوم المباغت والفرار من أرض المعركة إلي وضيعة الاحتلال، وهذا الأمر يدلل علي أن قوات خليل كانت مدعومة بقوة كبيرة، مما يؤكد ضلوع تشاد في هذا وعدم احترامها للمواثيق التي بينها وبيننا. ويؤكد هذا كما يقول د. بول ان تشاد قبلت بالمواثيق بينها وبين السودان بصورة شكلية، لكنها واصلت ما تقوم به من دعم لحركة العدل والمساواة وظهر هذا الأمر في الهجوم الأخير علي مهاجرية وشعيرية، والملاحظة الجديرة بالتوقف حسب د. بول هي دخول عبد الواحد محمد نور في تفاهمات مع خليل إبراهيم برعاية الرئيس التشادي بفرنسا. ولا يستبعد الدكتور بول أن يكون دبي وعبد الواحد وخليل اتفقوا علي أجندة معينة تقوم بها الحركات في دارفور بدعم فرنسي عبر تشاد ودعم تشادي مباشر، وقال دكتور بول إن علاقة السودان بتشاد لن يكتب لها الاستمرار لأن تشاد لا تحترم عهودها ومواثيقها مع السودان وتتحرك كل يوم في اتجاه غير الذي كانت عليه بالأمس. بين يدي قوي دولية القيادي الدارفوري وعضو كتلة سلام دارفور الناطق باسم الإرادة الحرة محمد عبد الله ود ابوك قال إن الخيار في السابق كان هو الترحيب بأي تطور إيجابي بين السودان وتشاد، ولكن الآن أصبح واضحاً إن الاتفاقيات صارت مثل اللعبة في يدي التشاديين وصارت تشاد نفسها لعبة في أيدي قويٍ دولية فاعلة تحركها كيفما تشاء، وقال ودابوك إن تشاد إذا سيطرت علي حدودها، وكذلك فعل السودان فلن يكون هناك أي توتر لكن هناك بعض القوي الدولية النافذة تفهم الأوضاع في دارفور من خلال فهمها للأوضاع في تشاد. وعن التدخل الأخير في دارفور قال ود أبوك يمكن أن تكون هناك أجندة موجودة دولياً في تشاد لترسيم خارطة عسكرية جديدة في دارفور تسهم في تحسين وضع العدل والمساواة في مفاوضات الدوحة بقطر. وخلص ود أبوك إلي أن الأحداث الحالية يجب أن تدفع حركة مني لإعادة حساباتها في الأمر، وتتعامل معه بمرونة سياسية كبيرة، وعلي الحكومة ومني أن يقفوا صفاً واحداً ويتعاملوا بحكمة سياسية لمنع التوسع العسكري في دارفور. قبضة دبي مرتخية المحلل السياسي وأستاذ الدراسات الإستراتيجية الدكتور محمد العباس قال إن العلاقات السودانية التشادية لن تتقدم وتتطور ما دامت قضية دارفور موجودة، لذلك مهما تم من اتفاقيات بين البلدين، فإن مصيرها سيكون الفشل الذريع، لأن دارفور بها مشاكل عرقية تمتد إلي داخل الأراضي التشادية. كذلك فإن تشاد تتعرض لضغوط من بعض الجماعات المسلحة ومن دول خارجية لتقوم بالضغط علي السودان لتقديم بعض التنازلات، والسودان بدوره يري أنه قدم الكثير لتشاد رغم دعمها لحركات التمرد. وكلما حصل تقدم في العلاقات بين الجانبين يجد السودان بينات ثابتة لدعم تشاد لحركة العدل والمساواة. وعن مالأت الوضع بين البلدين يري العباس إن الوضع والصراع سيكون دائراً ما دامت قضية دارفور لم تحل وكذلك قضية المعارضة التشادية لأن تشاد تنظر إلي السودان بأنه العصا التي ضربت رأس الحية . ويري كثير من المراقبين إن الأوضاع في تشاد لا يتحكم فيها الرئيس إدريس دبي كثيراً لذلك تجدها تتغير تبعاً لمتغيرات السياسية الدولية، ويرون كذلك أن مفتاح حل قضية دارفور وإن تعلق كثيراً بالجانب التشادي، فإن حل القضية في إطارها الوطني من شأنه أن يبث الطمأنينة في الجانب التشادي ويجعل علاقته بالسودان جيدة أو يعري النظام التشادي تماماً من ورقة التوت التي تغطيه ويجعله يظهر للعيان نظاماً عميلاً للقوي الكبرى في المنطقة.