الخرطوم (smc) طالب هيلاري كلنتون بالابتعاد عن قرار المحكمة قال السياسي الأمريكي ليندون لاروش ما يلي اليوم: "إن أمام وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلنتون عقبة مهمة عليها تخطيها أثناء جولتها الدبلوماسية التي بدأتها من مصر، وذلك في ما يخص الإجراءات المتوقع أن تتخذها المكمة الاجرامية الدولية ضد الرئيس السوداني عمر البشير. إذا سمحت الولاياتالمتحدة بتمرير واستمرار هذه العملية من قبل المحكمة ضد السودان، فإن كل امكانيات الولاياتالمتحدة للتأثير في السياسات الدولية ستنهار عالميا." وقد أعلنت المحكمة عن نيتها إصدار قرار بهذا الخصوص يوم 4 مارس، وقد يحتوي على قرار بإلقاء القبض (أي إدانة) الرئيس البشير بتهمة الإبادة الجماعية أو جرائم أخرى. وكان لاروش قد طالب من قبل بإلغاء هذه المحكمة التي يقول أنها تم تصميمها وتمويلها من قبل المروج للمخدرات عالميا والمتدرب على يد النازيين جورج سوروس وشريكه وراسم خططه في وزارة الخارجية البريطانية اللورد مارك مالوك براون، وذلك باعتبار وجود هذه المحكمة بحد ذاته هو خرقا لحقوق الانسان لأنها معادية لمبدأ السيادة الوطنية. وصرح لاروش اليوم: "الحقيقة هي أنه لو تم جلب الرئيس البشير لهذه المحكمة، فستنهار كل السياسة العالمية برمتها. لذلك لا يمكن لهيلاري كلنتون أن تقبل تحت أي ظرف كان وبأي ثمن كان بأي شيء يمكن أن يفسر كقبول أو تأييد لهذه المحكمة أو ما يصدر منها. هذه قضية حياة أو موت للحضارة الانسانية ككل. إن ما يجب أن تنتهي هي علاقة بريطانيا بهذه القضية. " وأضاف لاروش: "هذه هي أيضا قضية تخص أيضا زيارة رئيس الوزراء البريطاني جوردون براون إلى واشنطن هذا الأسبوع." وكان براون الذي سيلتقي بالرئيس الأمريكي باراك اوباما يوم 3 مارس، قد استبق زيارته بكتابته مقالة يمدح فيها برياء شديد الرئيس الأمريكي الراحل فرانكلن روزفيلت "والعلاقة الخاصة" بين بريطانيا والولاياتالمتحدة، لعلمه بأن أوباما من أشد المعجبين بروزفيلت الذي حل الأزمة الاقتصادية في الثلاثينات وساهم في إنقاذ أوربا والعالم من براثن النازية. ولكن روزفيلت الذي كان مضطرا للتحالف مع رئيس الوزراء ونستون تشرتشل أثنار الحرب العالمية الثانية كان من ألد أعداء تشرتشل والامبراطورية البريطانية واستعبادها لأفريقيا والهند. وكان روزفيلت، كما تثبت ذلك السيرة الذاتية التي كتبها إبنه اليوت روزفيلت، يذكر تشرتشل في كل مقابلة بينهما بأن الولاياتالمتحدة لن تسمح ببقاء الامبراطورية البريطانية وغيرها من القوى الاستعمارية الاوربية في أفريقيا وآسيا بعد الحرب وأن شعوب أفريقيا ستحصل على استقلالها وستساعدها الولاياتالمتحدة على التنمية الحقيقية. لكن وفاة روزفلت المبكرة وعودة اليمين الامريكي المتحالف مع البريطانيين حال دون تحقيق حلم روزفيلت. هذا الحلم يعتبره الرئيس أوباما جزءا من الواجب الذي عليه أداؤه. وقد أمر الرئيس اوباما حال وصوله إلى البيت الأبيض بإخراج تمثال تشرتشل من المكتب البيضاوي وإعادة تمثال الرئيس أبراهام لنكلن بدلا منه. ويذكر الرئيس اوباما في مذكراته كيف أن البريطانيين عذبوا جده وعذبوا وقتلوا آلاف الكينيين لقمع الثورة التي قام بها الكينيون ضد الاستعمار البريطاني في الخمسينات من القرن الماضي. كما أن تشرتشل معروف بفخره في كتابه "أيام شبابي الأولى" بمشاركته في قتل الآلاف من السودانيين في معركة أم درمان التي كانت مجزرة قصف فيها البريطانيون المدينة وخربوا ضريح الإمام المهدي بعد استيلائهم عليها. إن هذا الميراث الأمريكي المناهض للاستعمار هو الذي ينادي به لاروش اليوم. "إن جوردون براون وحكومته، الحكومة البريطانية يهددان بتفجير العالم، والولاياتالمتحدة لا تتفق مع هذه الأمر، لأنه ليس هناك اتفاق طبيعي أو "علاقة خاصة" بين الولاياتالمتحدة والحكومة البريطانية، ويدخل ضمن ذلك التساهل مع سياسة براون وسوروس بخصوص محكمة الجرائم الدولية." ومن الجدير بالذكر أن حكومة الولاياتالمتحدة امتنعت عن الموافقة على إعلان تأسيس المحكمة عام 2002، ولاتزال ليست عضوا فيها وترفض المصادقة على ميثاق روما الذي تم تأسيس المحكمة عليه. ولذلك يصدق قول الرئيس البشير يوم أمس بأن "أن ازمة دارفور هي من صنع الاوروبيين، حيث حولوها من قضية تقليدية الى قضية عالمية بعد ان تأكد لهم ان الحرب في الجنوب قد انتهت"، وأن هدف هذه المحكمة هو "إعادة استعمار أفريقيا ونهب ثرواتها ووقف التنمية الاقتصادية فيها". ومما يجب الانتباه له هو أن قرار المحكمة سيصدر بعد يوم من إفتتاح مشروع "سد مروي" الذي يعتبر من أكبر مشاريع المياه والطاقة في أفريقيا في عقود ومن شأنه أن يخلق ثورة زراعية وصناعية في بلد قد يصبح نموذجا يحتذى به في أفريقيا كلها. كما أن هذا القرار يأتي بعد أسبوع تقريبا من انتهاء اولى جولات محادثات السلام بين الحكومة السودانية والمتمردين في دارفور تحت رعاية دولة قطر، وهي المحادثات التي تم استقبالها بتفاؤل كبير . واختتم لاروش تصريحه بالقول المهم التالي: "هذه الظروف هي الظروف التي يجب أن نذهب فيها إلى الحرب، وهناك معركة واحدة عليك أن تخوضها وتنتصر فيها. كل المعارك الأخرى تصبح ثانوية في أهميتها. لأنه إذا تم أخذ البشير إلى المحكمة لمحاكمته، فلن تكون لديك سياسة أمريكية للبقاء، لأن العواقب التي ستلي ذلك واضحة لكل ذي بنان. في بعض الأحيان تكون معركة واحدة بعينها، في ظرف معين بذاته هي التي تحسم الحرب كلها. وهذه هي واحدة من تلك المعارك. هذه هي ليست المرة الأخيرة التي سيظهر فيها أمر كهذا، لكنها هي المعركة الموجودة على الطاولة الآن". وكان تصريح سابق صدر من لجنة لاروش للعمل السياسي في الولاياتالمتحدة يوم 27 فبراير الماضي حول قضية المحكمة والرئيس البشير قد حصلت على تغطية واهتماما كبيرين على الانترنيت. وقد أشار آخرون إلى المخاطر التي تشكلها هذه القضية. فعلى سبيل المثال، أعرب أندرو ناتسيوس الخبير بشؤون السودان والمبعوث السابق للإدارة الامريكية إلى السودان، عن معارضته الشديدة لاستراتيجية محكمة الجرائم الدولية، حيث صرح لصحيفة لوس أنجليس تايمز: "قد نحصل في آخر المطاف على رواندا جديدة أو صوماليا أو كونجو جديدة، حيث سيقتل مئات الآلاف من البشر. قد ينتهي الأمر بشيء أبشع من ذلك." تعكف حركة لاروش على إنتاج تقارير وأفلام وثائقية غرضها توعية الشعب الأمريكي والقادة السياسيين في الولاياتالمتحدة إلى حقيقة الوضع في السودان وضرورة اتباع سياسة جديدة تتمسك بافكار الآباء المؤسسين للجمهورية الامريكية المناوءة للاستعمار ومتمسكة برؤى الرئيس الراحل فرانكلن روزفيلت بخصوص التحرر والتنمية في أفريقيا.