سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
أوباما أول رئيس أميركي يمنح شرف إلقاء خطاب في ويستمنستر هول.. يمطر البريطانيين بالمديح..إسرائيل لن تعود للمفاوضات ما لم تنبذ حماس العنف.. والصبر في ليبيا سيطيح بالقذافي
لم يعط شرف الحديث في ويستمنستر هول لأي رئيس أميركي من قبله. ويبدو أن الرئيس الأميركي باراك أوباما قدر هذا الجميل، ورده بما يساويه. فأمطر البريطانيين بوابل من المديح، والحديث عن العلاقات المميزة والخاصة بين البلدين التي تشغل بال البريطانيين.. إلى حد الهوس. وقف قبله في قاعة ويستمنستر هول، التي تعود إلى القرن الحادي عشر وهي أقدم قاعة في مبنى البرلمان البريطاني، أربع شخصيات فقط، خطبوا أمام المجلسين، اللوردات والعموم اللذين نادرا ما يجلسان معا في قاعة واحدة. كان أولهم ألبير لوبران آخر رئيس فرنسي في الجمهورية الثالثة في عام 1939، ومن بعده وقف الجنرال تشارلز ديغول في عام 1960، ثم الزعيم الجنوب أفريقي نيلسون مانديلا في عام 1996، ومؤخرا البابا بنديكتوس السادس عشر، في زيارته إلى بريطانيا العام الماضي. كانت رسالة البابا رسالة محبة وسلام بعد عداء طويل بين الكنيسة الكاثوليكية التي يرأسها والبروتستانتية التي انشقت عنها، وترأسها ملكة بريطانيا. أما مانديلا، فلم يتورع عن انتقاد سياسات الإمبراطورية البريطانية بشكل قاس، على الرغم من شرف السماح له بإدلاء خطاب من قاعة ويستمنستر. ولكن أوباما الذي وقف في القاعة يخطب لنصف ساعة، اختار محاكاة الماضي، بطريقة لطيفة تعكس عمق العلاقات بين الولاياتالمتحدة وبريطانيا، لكي ينتقل منها إلى أهمية علاقاتهما في الحاضر والمستقبل. اختار من الماضي ما يدل على التاريخ والثقافة المشتركة بين البلدين، من دون أن يأتي على ذكر الحقب السوداء التي شهدت توترا في العلاقات أيام نضال الأميركيين لاستقلالهم عن الإنجليز. تحدث كثيرا عن «العلاقة المميزة» بين الرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت ورئيس الوزراء البريطاني وينستون تشرشل. أسهب في الحديث عن ما يميز البلدين من تعدد وتنوع ثقافي فريد، على الرغم من أن حضوره لم يعكس التنوع الذي تحدث عنه في لندن، وكان في معظمه من البيض. وقال أن هذا التعدد «هو الذي يسمح لرئيس أسود والده من كينيا، بالوقوف أمامكم اليوم». ذكر جده الكيني الذي كان يعمل طاهيا لدى الجيش البريطاني، لكنه لم يذكر أنه اعتقل وتعرض للتعذيب بعد أن اتهمه البريطانيون بأنه من ال«ماو ماو» الذي قادوا انتفاضة ضد الاستعمار البريطاني. وانطلق من الحديث عن القيم المشتركة لدى البلدين، ليؤكد أن هذه القيم هي التي تقود السياسة الأميركية - البريطانية في العالم، وتدفعها إلى التدخل كما حصل في ليبيا. ولكنه أضاف أن واشنطنولندن كذلك لا يمكنها أن «توقف كل المظالم، ولا يمكننا أن نملي نتائج ما يحصل في الخارج، ولكن يمكننا، وعلينا، أن نقف إلى جانب أولئك الذين يناضلون». واعترف بأن السياسة الخارجية الأميركية تبدو مليئة ب«الخبث» للبعض في الشرق الأوسط، واعترف بأن لدى بلاده مصالح في المنطقة، ولكنه رفض الخيار بين «المصالح والديمقراطية». وقال إنه يتعين على الغرب «أن يتغلب على الشك وانعدام الثقة بين الكثيرين في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.. إنه غياب للثقة له جذور في الماضي الصعب». ونبه إلى أن عملية التغيير في المنطقة ستستغرق سنوات، وقال: «التاريخ يخبرنا أن الديمقراطية ليست سهلة. سيستغرق الأمر سنوات كي تصل هذه الثورات إلى نتيجتها، وستكون هناك صعوبات على الطريق. نادرا ما تتخلى السلطة دون قتال». أوباما: إسرائيل لن تعود للمفاوضات ما لم تنبذ حماس العنف.. والصبر في ليبيا سيطيح بالقذافي رمى الرئيس الأميركي باراك أوباما الطابة في ملعب الفلسطينيين أمس، في ما يتعلق بمفاوضات السلام، وقال إن إسرائيل «قلقة جدا» من الاتفاق بين فتح وحماس، مشيرا إلى أنه لا يتوقع من الإسرائيليين العودة لطاولة المفاوضات «ما لم تعلن حماس نبذ العنف وتعترف بحق إسرائيل في الوجود». وكرر موقفه من سعي الفلسطينيين للحصول على اعتراف بدولتهم في الأممالمتحدة في سبتمبر (أيلول) المقبل، بحدود 1967، ووصف الخطوة بأنها «خطأ». وقال أوباما في مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون في لندن أمس «لا أريد من الفلسطينيين أن ينسوا واجباتهم أيضا»، مشيرا إلى أن أمامهم مسائل عليهم حلها في الاتفاقية التي تم التوصل إليها بين فتح وحماس. ووصف أوباما قضية عودة اللاجئين الفلسطينيين التي قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمس إن حلها يكون «خارج حدود إسرائيل»، بأنها «قضية عاطفية». وأشار إلى أن حل هذه القضية يتم فقط بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وأنه لا طرف ثالثا يمكنه أن يفرض الحل عليهم في هذا الخصوص. وحاول الرئيس الأميركي إظهار بعض التفاؤل، فقال إنه واثق من أنه سيتم التوصل إلى اتفاق سلام في النهاية، لكنه أضاف أن «الأمر سيتطلب تنازلات مؤلمة من الجانبين». ورغم أن البريطانيين يقودون حملة للاعتراف بدولة فلسطينية في الأممالمتحدة في سبتمبر (أيلول) المقبل في نيويورك، فقد بدا كاميرون أمس مترددا في إعلان عزمه على المضي قدما في ذلك، وكرر موقف أوباما من أن الأممالمتحدة لن تؤدي إلى ولادة دولة فلسطينية، بل محادثات السلام. لكنه لم يعط ردا جازما حول ما إذا كانت بريطانيا لا تزال ملتزمة بالتصويت لصالح إقامة دولة فلسطينية في الأممالمتحدة، واكتفى بالقول إن بلاده ستتشاور مع الاتحاد الأوروبي وتتخذ الموقف المناسب، مشيرا إلى أن الوقت لا يزال مبكرا لاتخاذ موقف الآن. وقال متحدث رسمي باسم الخارجية البريطانية ل«الشرق الأوسط» تعليقا على تبديل لندن سياستها تجاه إعلان دولة فلسطينية في سبتمبر، إن «بريطانيا لن تلتزم بأي شيء قبل أن ترى الورقة» التي سيقدمها الفلسطينيون. لكنه أكد أن بلاده ملتزمة 100 في المائة بإنشاء دولة فلسطينية. وميّز بين الموقف الأميركي والبريطاني في ما يتعلق باتفاق المصالحة بين فتح وحماس، وقال ردا على سؤال حول ما إذا كانت لندن تتبنى شروط واشنطن للعودة للمفاوضات، وتحديدا حول حماس، إن بريطانيا ترحب باتفاق المصالحة «المهم للغاية»، وأضاف «السنوات الماضية كانت كارثية، ونحن ندعم المصالحة، وننتظر بذهن منفتح الحكومة الجديدة والتزامها بالسلام». ولم يأت كاميرون وأوباما على ذكر سوريا إلا مرورا، وكرر أوباما دعوته للرئيس بشار الأسد لتنفيذ الإصلاحات التي يدعو إليها الشعب. وقال إن الشعب السوري «أظهر شجاعة كبيرة»، مرحبا بالعقوبات الأوروبية التي فرضت على الأسد ومساعديه، وواعدا بإبقاء الضغوط على النظام السوري حتى «ينهي القمع ويطبق الإصلاحات التي ينادي بها شعبه». كما كرر دعوته للرئيس اليمني علي عبد الله صالح للرحيل عن السلطة فورا. لكن الزعيمين تحدثا بإسهاب عن الوضع في ليبيا. واتفقا على أن الزعيم الليبي معمر القذافي سيكون عليه أن يرحل «لأنه لا مستقبل لليبيا» بوجوده فيها، ووعدا بزيادة الضغوط على نظامه، لكنهما لم يحددا موعدا زمنيا قال أوباما إنه سيكون «اصطناعيا» لإنهاء العمليات العسكرية التي يقودها الناتو هناك، ودعيا بدلا من ذلك إلى «الصبر». وأقر أوباما بأن ما يمكن أن تحققه عمليات الناتو محدود، لكنه شدد على أنه ليست هناك خطط أخرى بديلة لأن كلفتها البشرية ستكون أكبر وستؤدي حتما إلى خسارة أرواح بين المدنيين. وقال «لا يمكننا أن ننشر قوات عسكرية على الأرض، المعارضة الليبية عليها أن تتحمل مسؤولياتها». وأضاف «هناك نظرة خاطئة بأن هناك طائرة خارقة يمكن سحبها من مكان ما وتحل كل المشكلة، وهذا أمر خطأ. العملية هي عملية بطيئة وثابتة للإطاحة بالنظام». وشدد على أنه ما دام المجتمع الدولي «حازما» فإن الهدف، أي الإطاحة بالقذافي، سيتحقق، مشيرا إلى أن «الوقت لا يلعب لصالح القذافي». لكن كاميرون حاول التوضيح أن قوات الناتو ليس هدفها الإطاحة بالقذافي، وهو أمر لم يسمح به قرار مجلس الأمن الذي أباح الضربات الجوية لحماية المدنيين، إلا أنه أضاف أن الحديث عن الإطاحة بالزعيم سببه أن استمرار وجوده يعني استمرار تعرض المدنيين للخطر. وحاول الرجلان اللذان بدوا متفاهمين جدا خلال المؤتمر الصحافي، الابتعاد عن رسم صورة عن نفسيهما شبيهة بصورة الرئيس الأميركي السابق جورج بوش ورئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير، اللذين قادا حرب العراق من دون قرار واضح من مجلس الأمن. وعندما سألهما صحافي من ال«بي بي سي» عن الفرق بين علاقتهما والعلاقة التي جمعت بوش ببلير، حول شهيتهما لشن حروب في العالم، حاول كلاهما التشديد على الفرق بين العملية في ليبيا وعملية العراق. وأكد كلاهما بدوره أن عملية ليبيا جاءت بقرار واضح من مجلس الأمن، وبدعم واضح، ومشاركة، من المجتمع الدولي والدول العربية. وتحدث الزعيمان عن التغيرات في البلدان العربية، وأكدا تعهدهما بمساعدة الشعوب التي تناضل للحصول على الحرية، لكن أوباما أكد أيضا أنه سيدعم الزعماء الذين يسعون لتطبيق الإصلاحات. وشدد أيضا على أن الغرب لن يتدخل لفرض التغيير على الشعوب العربية، وأن التغيير «يجب أن يأتي من الداخل». وتطرق أوباما وكاميرون أيضا إلى الوضع الاقتصادي، لكن رئيس الوزراء البريطاني لم يحظ بالدعم الذي كان يأمل فيه من الرئيس الأميركي حول خططه الاقتصادية. واعتمد كاميرون على خطط تقليص الإنفاق العام لتخفيض الدين العام، بينما يؤمن أوباما بزيادة الإنفاق العام لإنعاش الدورة الاقتصادية وخلق فرص عمل. وعندما سأله صحافي بريطاني عن رأيه في خطط الحكومة البريطانية الاقتصادية، التف أوباما على السؤال وقال إنه «لكل بلد وضعه المختلف وطريقة تعاطيه المختلفة» مع المشكلات. لكنه، وبكثير من الدبلوماسية، أضاف أن على الحكومات أن تجرب خططا، وإذا تبين أنها غير ناجحة تغيرها وتعتمد أخرى. ويتفق أوباما مع السياسة الاقتصادية لحزب العمال البريطاني الذي كان في السلطة عندما وقعت الأزمة الاقتصادية في عام 2008. ويقدر الأميركيون الدور الذي لعبه غوردن براون، رئيس الوزراء آنذاك، لإنقاذ الاقتصادات العالمية من الأزمة، خلال استضافته قمة العشرين في لندن قبل عامين.