بعد أن تأجلت له مفاوضات أبوجا: تقرير: سلمى التيجاني :: نقلاً عن الرأي العام:: بإلحاح كان محجوب حسين الناطق الرسمي باسم حركة تحرير السودان يطلب من موظف الاستقبال بفندق المريديان بأنجمينا - العاصمة التشادية إعادة محاولة إرسال ورقة ما الى عدة جهات.. كان ذلك في الساعة الثامنة من مساء الرابع من أغسطس بتوقيت انجمينا. والورقة تحمل مطالبة الأمين العام لحركة التحرير مني أركوي من الاتحاد الافريقي رسمياً تأجيل مفاوضات أبوجا التي كان مقرراً لها الرابع والعشرين من أغسطس الجاري. بعد عشرين يوماً كان الناطق الرسمي لحركة تحرير السودان يصدر بياناً يشكر فيه استجابة الاتحاد الافريقي والمجتمع الدولي.. أمريكا وبريطانيا وبلجيكا وهولندا والنرويج وللإتحاد الأوربي ودول الجوار تشاد وليبيا ونيجيريا. أمام دهشة الجميع تأجلت المفاوضات دون موافقة طرفيها الآخرين الحكومة وحركة العدل.. وأعلن لها موعد جديد هو منتصف سبتمبر إلا أن حركة التحرير أعلنت الحادي والعشرين من ذات الشهر موعداً لإنعقاد مؤتمرها الذي سيستمر أربعة أيام بأراضيها المحررة بحضور دولي واسع كما قال محجوب حسين وبمساع لحضور الزعيم نيلسون مانديلا الزعيم الجنوب افريقي.. ولأن المفاوضات تأجلت حتى ينعقد المؤتمر فهي لن تنعقد كذلك في موعدها الجديد فالمؤتمر سيختم أعماله - في حال انعقاده - في الخامس والعشرين من سبتمبر. ويأتي الحديث عن المؤتمر العام لحركة التحرير كحدث تأجلت من أجله مفاوضات السلام المتعلقة بدارفور ووجد استجابة دولية واسعة بالرغم من أنه غير متفق عليه حتى داخل الحركة نفسها. المؤتمر الأزمة آخر موعد ضُرب لانعقاد هذا المؤتمر هو فبراير الماضي وذلك بعد أن تأزمت الأمور بين رئيس الحركة عبدالواحد محمد نور وأمينها العام مني أركوي.. ومن وقتها لا يأتي الحديث عن المؤتمر إلا ويكون قد سبقته أزمة ما معلنة أو غير معلنة بين الرجلين وقد كان التوتر واضحاً في أبوجا الأخيرة.. ففي اليومين اللذين اعقبا التوقيع على إعلان المباديء كانت الاجواء مشحونة.. فبينما انخرط رئيس الحركة ومكتبه في اجتماعات متواصلة بفندق شيراتون أبوجا تجد مجموعة الأمين العام - هو غير موجود - في وضع مريح يجلسون بهدوء ويتجاذبون أطراف أحاديث لا علاقة لها بالمفاوضات أو الحركة.. كأنهم ارتاحوا لاتفاقهم على فكرة تقلق مجموعة الرئيس. الأهمية وتأتي تساؤلات مشروعة عن أهمية عقد المؤتمر العام في هذا الوقت بعد التحديد.. فالحركة أعلنت أنها تهدف منه تنظيم بيتها الداخلي وترتيب أوضاعها.. لكن هل هذا يعني فعلاً نية الحركة على توفيق أوضاعها ووضع نهاية للخلافات بين مجموعتي الرئيس والأمين العام اللتين هما الاسم غير القبلي لتكتلي الزغاوة والفور «وبعض القبائل مع كل منها» داخل حركة التحرير.. أم محاولة للتأثير على موازين القوى والتي هبت رياحها أخيراً لصالح سفينة عبدالواحد الرئيس بعد قيادة اركوي لمعارك غير مبررة ضد جيش حركة العدل بالميدان.. مما أظهره بعدم الموضوعية في مواجهة عبدالواحد الذي يُحظى بقبول دولي.. جانب آخر هو أن أبوجا القادمة ربما تكون حاسمة بعد التوقيع على إعلان المبادئ.. فهي ستبدأ في مناقشة توزيع نسب السلطة والثروة.. والقوي هو الذي ينال أكثر.. أو هو الذي ستتقاسم معه الحكومة النسب خاصة وأن قيادات في التحرير يتحدثون عن «80%» وعدتهم بها الحكومة من ثروة وسلطة دارفور باعتبارهم الحركة الرئيسية فيها.. وتبقى ال «20%» لحركة العدل. إقصاء لكن إذا كانت نظرة المؤتمر العام إقصائية لصالح مني أركوي - كقائد أوحد لدارفور كما يقول قادة في التحرير - فسيسفر عن حركة أخرى قوامها الفور والمساليت بقيادة عبدالواحد وخميس أبكر نائب رئيس الحركة «من المساليت» وتتعقد الحسابات من جديد.. فكثيرون من مجموعة أركوي ينظرون اليه كرجل استطاع لأول مرة توحيد قبيلة الزغاوة بدارفور رغم أنه يعلن العداء السافر لمجموعات في الزغاوة يمثلون حركة العدل. لكن مجموعة الرئيس التي نفت علمها بطلب الحركة لتأجيل المفاوضات ورفضت التأجيل وضعها بيان حركة الشكر الذي وجهته الحركة للمجتمع الدولي في خانة «الاعتراضات الجانبية» على التأجيل. هذا التحول في موقف المجتمع الدولي ودعمه المفاجيء لمني أركوي الذي وصفوه بنعوت لا تتناسب مع هذا الموقف أيام حربه ضد حركة العدل كان نتيجة لجهود واتصالات مكثفة قادت أفراد بالتحرير ذوي علاقات بمراكز اتخاذ القرار في الدول المؤيدة عبر المنظمات العالمية.. وبرغم اللهجة المعتدلة التي أصبحت تتحدث بها مجموعة أركوي عن مشاركة عبدالواحد في المؤتمر وبالرغم من اجتماع أسمرا «الإشاعة» الذي قيل إنه سيجمع الرجلين لتجاوز خلافاتهما وإلا ستتجاوزهما الحركة تظل الأزمة باقية حتى انعقاد المؤتمر. هذا على الرغم من أن لجنته التحضيرية لم يُعلن عنها بعد، فقد أعلن رئيس المؤتمر السيد إبراهيم أحمد إبراهيم.. اضافة الى أن تاريخ انعقاده لا يزال مبدئياً «في الحادي والعشرين من سبتمبر». الترتيبات كل ما أعلن عنه من ترتيبات هو أنه سيكون بالأراضي المحررة وسيستمر أربعة أيام وسيحضره ممثلون لدول كبرى وأجهزة إعلام عالمية. حتى مكتب أنجمينا المنوط به القيام بدور رئيسي في المؤتمر لقربه من الميدان لا يزال يعمل كمكتب للحركة فقط دون مهام أخرى.. ويؤكد الزبير سالم رئيس مكتب متابعة الحركة بتشاد رغبتهم في قيام المؤتمر لكن الترتيبات الأولية للمؤتمر ما زالت في بداياتها.. حتى برنامج المؤتمر وعدد الحاضرين من أعضاء الحركة وكيفية التمثيل للحضور وما زالت غير واضحة. العرب وتعتبر قضية وجود القبائل العربية بدارفور احدى المشكلات التي تنتظر معالجة من مؤتمر الحركة.. فما زالت صفوف الحركة خالية - تقريباً - من أعضاء ينتمون لقبائل العرب بدارفور.. وقد حاولت حركة العدل على مستواها القيادي خلق توليفة قومية تجمع كل قبائل دارفور لكن هذا الوجود يمكن أن يوصف بأنه هامشي أو شكلي. وإذا كانت حركة التحرير التي قوامها الفور والزغاوة والمساليت لم تفلح في تقديم قيادة منسجمة فهل يمكنها إضافة عنصر آخر قد لا يجد القبول عند الكثير من قياداتها. التمويل وتظل مشكلة التمويل كعامل يهدد بعدم قيام المؤتمر بعد أن وضعت الحركة نفسها في موقف حرج وأجلت انعقاد المفاوضات. فقد تأخر وصول أعضاء مهمين في وفد المفاوضات الماضية لعدم مقدرة الحركة المالية على ذلك كما قال بعضهم. محجوب حسين قال للزميلة أميرة الحبر إن الحركة رتبت نفسها وهي تملك مصادر لتمويل مؤتمرها.. وحدد هذه المصادر في دول ومنظمات صديقة. توقعات يبقى الحديث عن فرص نجاح المؤتمر الذي يبدو أن حملته الإعلامية سبقت وبكثير خطوات الإعداد الفعلية له. أفضل التوقعات هو أن تحضر فعاليات المؤتمر الحركة بمكتبها الرئيسي والأمين العام على أن تخلو أهدافه من أية نوايا إقصائية أو سيناريو معد مسبقاً للخروج بقيادة جديدة تحقق تطلعات البعض في المرحلة الحاسمة من عمر الحرب والتفاوض وهذا هو الاحتمال الأرجح.. ولكن قد تقاطع مجموعة الرئيس ونائبه المؤتمر العام وبالتالي تكون حركة التحرير قد أعادت تقسيم نفسها الى حركتين على أساس قبلي.. وهذا قد يكون وارداً أيضاً في حال حدوث السيناريو الأول. وقد ينعقد المؤتمر العام في جو أخوي بعد مصالحة بين الأمين والرئيس ويأتي كل منهما في موقعه وهذا هو الاحتمال الأوحد لاستمرار الحركة كقوة رئيسية سياسياً وميدانياً بدارفور.. وبالرغم من أن السياسة السودانية لا مجال للمفاوضات فيها لكن دعونا نضع حيزاً ولو ضئيلاً لمفاجأة تأتي باحتمالات أخرى. وبعد............ يبقى مؤتمر حركة التحرير كأول مؤتمر لتنظيم سوداني يجد هذا السند والدعم الدولي.