سنطلب من أميركا رفع جيش الرب من قائمة الإرهاب وحكومة الجنوب تكابد مخاض الميلاد وتخوض غمار التجربة كحكومة إقليمية كبرى في نظام شبه كونفيدرالي، كان لابد لنا ونحن في مدينة جوبا أن نطرق باب نائب رئيس الحكومة د. رياك مشار باعتباره أعلى سلطة مقيمة هناك، لنقف منه على البدايات والاولويات بعد أن كنا تجولنا في جوبا وأطرافها وسمعنا من الناس العاديين وبعض المسؤولين. غير أننا واجهنا عنتاً مبالغاً فيه حتى نحظى بمحاورته، تطلب منا ذلك أن نؤجل موعد أوبتنا الى الخرطوم. فعلاوة على الربكة في إدارة العمل من قبل الموظفين بمكتبه، إلا أن جدول اعمال الرجل مزدحم على مدار اليوم حيث كنا نلحظ ونحن في صالون الانتظار الملحق بمكتبه الصفوف المتراصة من الجنسيات كافة ولاغراض مختلفة. على أية حال ظفرنا بلقائه وخرجنا منه فيما خصص لنا من وقت على هذه الحصيلة. حاوره في جوبا: موفدا الصحافة لماذا حكومة الجنوب الحالية مؤقتة؟ لانها كونت قبل إجازة دستور الجنوب. أجيز الدستور الآن هل ستستمر هذه الحكومة أم ستشكل حكومة جديدة؟ نعم أجيز الدستور وصدرت شهادة مطابقته لاتفاقية السلام والدستور القومي من وزارة العدل وسيتم التوقيع عليه من قبل رئيس حكومة الجنوب يوم الاثنين القادم في احتفال جماهيري بجوبا (تم التوقيع عليه الأسبوع الماضي المحرر). اذاً متى ستشكل الحكومة الجديدة أم ستستمر الحالية؟ هذا بيد رئيس حكومة الجنوب، بإمكانه تثبيت الحكومة الحالية وفقاً لدستور الجنوب أو يشكل حكومة جديدة. هل سيستغرق إصدار قرار مثل هذا وقتاً طويلاً؟ لا أظن ذلك، فبالتأكيد أن الرئيس يريد الحكومة ثابتة لذلك أتوقع أن يصدر قراراته بخصوص ذلك في أقرب فرصة. وما هى الاحتمالات بخصوص تكوينها، هل سيبقي على الحكومة الحالية؟ الاتجاه الغالب أن يبقى على الحكومة الحالية. ما الذي قامت به حكومة الجنوب الحالية منذ تكوينها وحتى الآن؟ هذه الحكومة لها أسابيع محدودة منذ تكوينها وحتى الآن، وقد تركزت برامجنا فيها على تنوير الوزراء وابتداء من هذا الأسبوع «الاسبوع الماضي» سيداومون في مكاتبهم، وكنا دائماً في اجتماعات بمجلس وزراء الجنوب. واعتقد أن العمل الحكومي بدأ. ما هى طبيعة هذا البرنامج التنويري؟ كانت لقاءات للوزراء مع الاتحاد الاوربي الذي قدم في الاجتماعات ورقة عن دعمهم لحكومة الجنوب وخاصة في قطاعات الزراعة والتعليم، وقد أردنا من ذلك أن نطلع أى وزير على الدعم المقدم من المانحين وأوجه صرفه حتى يلعب الوزير بعدها دور المنسق لأن بعض هذه الدول المانحة تقدم دعمها عبر المنظمات الطوعية وآخرين عبر الأممالمتحدة، بينما البعض الآخر يقدمه عبر هياكل الحكومة. إضافة الى ذلك فقد انعقدت في الايام الماضية ورشة عمل عن الميزانية نظمتها حكومة الجنوب والبنك الدولي، باعتباره مديراً لصندوق المانحين، لتنوير الوزراء وولاة الولايات في الجنوب عن المشروعات التي سيتم تنفيذها بواسطة دعم المانحين. الى جانب ذلك كانت لدينا أيضاً اجتماعات لمجلس الوزراء مع المعونة الاميركية التي تدعم كثيراً من البرامج والمشروعات بالجنوب في مجالات التعليم والصحة والزراعة وغيرها. وكان آخر اجتماعاتنا التنويرية مع الأممالمتحدة وكل وكالاتها المتخصصة قدموا خلالها أوراقاً بالمشروعات التي سيعملون عليها في المرحلة القادمة في الجنوب. هل بدأ وزراء حكومة الجنوب في وضع خطط العمل لوزاراتهم؟ بدأوا اعتباراً من هذا الأسبوع (الأسبوع الماضي) وبالطبع أنتم تعلمون ان تقرير بعثة تقدير احتياجات السلام «جام» هو إطار عمل للحكومة في الجنوب وفي الشمال. كم من الوزارات سلمتك خطط عملها حتى الآن؟ لم أتسلم بعد خطط عمل الوزارات لأن بعض من هؤلاء الوزراء لم يكن يمتلكون نسخاً من تقرير «الجام» نفسه، وأتوقع بعد الاجتماعات التنويرية واستلام تقرير «الجام» أن يكونوا بدأوا في اعداد خطط عملهم. علمنا أن هياكل الحكومة لم تكتمل بعد، كيف سيضع الوزير خطته، هل بمفرده أم بمعاونة فريق من وزارته التي لم تتكون بعد؟ كل وزير سيستخدم الفريق الذي يجده في وزارته لإعداد خطته. ولدينا هنا هيكلان للخدمة المدنية، الأول هو هيكل مجلس تنسيق الولاياتالجنوبية السابق، والثاني هم الموظفون الذين كانوا يعملون في مناطق سيطرة الحركة الشعبية.. نحن الآن في مرحلة دمج هذين الهيكلين. هل ستستغرق عملية الدمج هذه وقتاً طويلاً؟ شكلنا «11» لجنة بواقع لجنة لكل ولاية للقيام بعملية مسح للكادر الموجود فيها من الموظفين المؤهلين سواء في مناطق الحركة أو في هيكل مجلس التنسيق السابق. ونتوقع أن تصلنا تقارير هذه اللجان أواخر ديسمبر الجاري، بينما ستنتهي عملية دمج الهيكلين في هيكل واحد للخدمة المدنية في جنوب السودان في آخر يناير وهو التاريخ الذي ستكون كل وزارة أكملت فيه هيكلها الوظيفي على مستوى حكومة الجنوب وحكومات الولاياتالجنوبية. الرقم المطروح لميزانية الجنوب للاشهر الستة القادمة 200 مليون دولار في تقديرنا أنه قليل للايفاء بمتطلبات حكومة ضخمة كحكومة الجنوب تضم 10 ولايات خاصة اذا علمنا أن ثلث الميزانية سيذهب للمرتبات؟ الميزانية الموضوعة هى لأربعة أشهر وليست ستة، بالضبط هى موضوعة حتى نهاية مارس القادم. هل ترون أنها ستفي بالاحتياجات الأولية؟ علينا أن نرضى بالقليل أولاً، وشئ خير من لا شئ. عرفنا ان كل ايرادات هذه الميزانية آتية من نصيب الجنوب في عائدات البترول؟ هذا صحيح لأن الايرادات الآخرى لا نعلم عنها شيئاً، بل حتى عائدات البترول لا نعرف رقمها بالتحديد. وكيف يتم تجنيب نصيب الجنوب من عائدات البترول اذاً؟ لم نتفق حتى الآن مع الحكومة الاتحادية على ضوابط دقيقة لتجنيب وصرف نصيب الجنوب في العائدات البترولية، حتى أن هناك اسئلة كثيرة توجه لنا عن عائدات البترول ولكن لا يوجد شخص لديه إجابة على هذا السؤال حتى الآن، غير أننا نتوقع بعد اكتمال هياكل حكومة الجنوب أن نعرف بالضبط كم هى عائدات البترول وما نصيب الجنوب فيها، وفي نفس الوقت معرفة الايرادات من مصادر أخرى. لكن الحكومة الاتحادية كانت قد تحدثت من قبل أن نصيب الجنوب من عائدات البترول تم تجنيبه في حساب خاص ببنك السودان قبل حتى التوقيع على اتفاقية السلام الشامل؟ صحيح هناك حساب منفصل للجنوب ببنك السودان. اذاً كم استلمت حكومة الجنوب من هذا الحساب منذ تكوينها في الأسابيع الماضية؟ لا أعرف بالتحديد ولكنه نحو (300) مليون دولار. هل هذا كل المبلغ المخصص للجنوب من عائدات البترول أم الذي تم صرفه فقط حتى الآن؟ هذا ليس كل نصيب الجنوب، وإنما الذي استلمناه حتى الآن، كما اننا لم نصرفه حتى الآن لأنه ينبغي أولاً قبل استلامنا المال أن تحدد أوجه صرفه بدقة وطاقة استيعابه. تجنيب نصيب الجنوب من عائدات البترول في بنك السودان هل بدأ بعد توقيع اتفاقية السلام في 9 يناير الماضي، أم من تاريخ سابق لذلك؟ بدأ إعتباراً من 9 يناير. الاعتماد على مورد واحد هو عائدات البترول لحكومة مثل حكومة الجنوب يعتبر خطأ استراتيجياً، ما هى خططكم لادخال موارد أخرى في الميزانية؟ بالتأكيد اذا اعتمدنا على مورد واحد سنكون إرتكبنا خطأً استراتيجياً كما تفضلتم، ولكنا سنركز على الزراعة لأن الجنوب به أراضٍ زراعية شاسعة، أيضاً الماشية في الجنوب رغم ضخامتها الا أنها لم تدخل بعد في دائرة الاقتصاد السوداني ونحن نريد لها الدخول والمنافسة مع بقية الولايات الأخرى في السودان ويكون هناك عائد منها. بالاضافة الى ذلك هناك إقبال متزايد من المستثمرين الاجانب علينا وهذا سيكون له مردود كبير على اقتصاد الجنوب، بجانب ان الجنوب أيضاً غني بالمعادن فهناك ذهب ومأس وبترول وغيره. هل طرقت أبوابكم شركات أجنبية في مجال التنقيب عن المعادن؟ نعم وصلتنا طلبات من شركات كثيرة في هذا الخصوص. من أى الدول؟ من اوربا وجنوب افريقيا ومن دول الجوار، ماليزيا وغيرها. أيضاً هناك شركات ومستثمرون في مجالات أخرى مثل الفندقة والسياحة والزراعة. هل لديكم مستثمرون سودانيون؟ نعم. وما هى أكثر الطلبات من السودانيين أم الاجانب؟ من الاجانب، ولكن عادة ما يأتي السودانيون برفقة مستثمرين أجانب، فقد حضروا مع مستثمرين عرب من الامارات والكويت. وفي أى المجالات كان هؤلاء الذين ذكرتهم؟ بعضهم في مجالات البترول والبعض الآخر في مجال الفندقة والسياحة والزراعة والثروة الحيوانية، كما ان هناك وفداً اقتصادياً ليبياً كبيراً سيزورنا قريباً وللمرة الثانية. ما هى التسهيلات التي تقدمها حكومة الجنوب للاستثمار؟ تمنح الرخص لمزاولة النشاط المحدد دون أى تعقيدات كما ان البلاد مفتوحة وآمنة. ولكننا علمنا ان هناك بعض الاشكالات التي تتسبب في تعقيدات للمستثمرين متعلقة بتضارب الصلاحيات بين حكومة الجنوب وحكومات الولايات خصوصاً في مجال تصديقات الاراضي؟ نحن نصدق للمستثمرين بقطع الاراضي ولكن تنفيذ ذلك هو من إختصاص حكومات الولايات لأنهم الأدرى بالمكان المناسب. بعض المستثمرين ذكروا لنا انهم صدق لهم بأراضٍ ودفعوا قيمتها ولكن تم نزعها منهم عن طريق حكومة الولاية المعنية؟ لا أعتقد ذلك، وإذا كان حدث هذا فمؤكد إن هناك شيئاً خطأ في الاجراءات التي إتبعها هذا المستثمر. لكننا عرضنا مثلاً انك صدقت لإدارة فندق (إكواتوريا) باقامة خيام في قطعة أرض جوار الفندق ولكن جاءت حكومة ولاية بحر الجبل ونزعتها؟ فعلاً، أنا صدقت لهم ولكن لمدة أسبوع واحد وفي ساحة غير مملوكة لهم، وكان رأي والي بحر الجبل ان نصب خيام في أرض ليست تابعة للفندق غير شرعي، لكن وزير المالية أخبرني أنهم يريدون إسكان مسؤولين من الولاياتالجنوبية لفترة مؤقتة هى اسبوع، فطلبت من الوالي أن يسمح لهم بذلك ولمدة أسبوع وبالفعل كان ما أوصيت به وتم رفعها بعد ذلك لأن الارض التي نصبت عليها الخيام مخصصة لبناء قاعة للمؤتمرات. علمنا من بعض نواب برلمان الجنوب ان هناك خلافاً في ترسيم حدود ولاية الوحدة بسبب ضم المؤتمر الوطني للمناطق التي تقع فيها مناطق البترول للشمال، ما مدى صحة ذلك؟ الخلاف لم يقع حتى الآن (يضحك بشدة). النواب رأوا أن ذلك من شأنه تقليل حصة الجنوب من عائدات البترول؟ هذا صحيح ولذلك نحن نطالب بتكوين مفوضية ترسيم الحدود، لأن ترسيم الحدود يؤثر في عائدات البترول، واذا لم يتم تحديد الجنوب والشمال بدقة فإن الجنوب لن يعرف نصيبه في عائدات البترول. الشئ الثاني أن ترسيمها سيوضح لنا خطة سحب قوات الجيش الشعبي الفائضة عن ما أتفق عليه في جبال النوبة والنيل الأزرق الى داخل حدود الجنوب وهذا يوضح أن الحدود لها علاقة حتى بالترتيبات العسكرية. تجولنا داخل مدينة جوبا وفي أطرافها ووجدنا أن احوال الناس المعيشية متدهورة جداً؟ مقاطعاً.. الناس طالعين من حرب فما الذي تتوقعون أن تكون عليه أحوالهم. نعرف ذلك ولكن نريد الاطلاع على تدابيركم وخططكم لرفع المعاناة عنهم لأننا وجدنا ان ثلث الميزانية مخصص للمرتبات وللجيش وغيرهما، بينما غالبية المواطنين ليسوا موظفين أو عساكر؟ حسناً، أول هذه التدابير أن نفتح الطرق الكبرى في الجنوب مثل طريق ياي جوبا، وطريق نمولي جوبا، وطريق لوكشيكيو، بالاضافة الى ضرورة أن تسير الملاحة النهرية بين كوستيوجوبا بصورة منتظمة حتى تغدو مثل أيام ما قبل الحرب أو قبلها حيث كانت البواخر تصل في أسبوع واحد، واذا جاءت البواخر مرتين أو ثلاثة في الأسبوع حاملة للمؤن الغذائية سنكون حلينا مشكلة الغلاء في جوبا وبقية الولايات الاستوائية. بالنسبة لي فإن جوبا أغلى مدينة في افريقيا، لأن الشخص اذا أراد السكن في فندق عليه أن يدفع نحو (120) دولاراً وربما لن يجد مكاناً خالياً بعد ذلك. إذا فتحت الطرق ستتحسن أوضاع الناس المعيشية نتيجة انتعاش الحركة التجارية. كما ان دخول المستثمرين سيخدم المواطنين، ويوفر فرص عمل. ما الذي يعطل فتح الطرق إذاً؟ يجيب بحسم.. جيش الرب، هو عقبة كأداء في مرور الشاحنات وتعطيل الفرق المشتركة التي تعمل مع الاممالمتحدة لإزالة الألغام من هذه الطرق. ولكن كانت هذه الفرق تعمل في فتح الطرق قبل ذلك؟ نعم كانت تعمل ولكنها تعطلت بسبب هجمات جيش الرب حتى اضطررنا لإدخال قوات من الجيش الشعبي والقوات المسلحة للمشاركة في حماية عملية إزالة الالغام ونتيجة لدخولهم هذا تم فتح طريق جوبا ياي وطريق ركن مندري. علمنا أن واحدة من أسباب تأخر فتح الطرق ليس جيش الرب فقط وإنما عدم وجود خرط بمناطق زراعة الالغام لدى الطرفين؟ يجيب ضاحكاً. في طريق ركن مندري نسى أحدهم خارطة اللغم الذي زرعه فوقعنا في كمينه.. في كثير من العمليات إما يكون لفرق الإزالة خارطة بمناطق زراعة الألغام، أو يكون معهم دليل من العساكر أو الضباط من الطرفين. متى تتوقعون أن يتم الفراغ من عملية فتح الطرق؟ كنت اتحدث هذا «الصباح» مع مسؤول بعثة الأممالمتحدة بخصوص موظفيهم الذين انسحبوا من عملية إزالة الالغام. نحن نمارس عليهم ضغطاً حتى يعودوا. فحضر الىَّ وأخبرني أنهم عادوا واستأنفوا نشاطهم. وهل كانوا انسحبوا تماماً من المواقع؟ نعم وبسبب جيش الرب عندما هاجم (2) من الخواجات في طريق نمولي، ثم هجومه الأخير بين كايا وياي.. الآن الطرق الاربعة تمت نظافتها تماماً من الالغام وهي لوكشيكيو كبويتا توريت جوبا وكذلك نمولي جوبا، وأيضاً كايا ياي جوبا، الى جانب طريق ركن مندري، وستستأنف فيها الحركة قريباً. كيف ستتعاملون مع مشكلة جيش الرب؟ طبعاً تعلمون أن هناك اتفاقاً على عمليات عسكرية مشتركة بين الجيش اليوغندي، والجيش الشعبي، والقوات المسلحة ولكن في رأيي أن نسلك طريق السلام والحوار لمعالجة مشكلة جيش الرب وذلك بأن نطلب من أميركا رفع اسم جيش الرب وقائده من قائمة المنظمات الارهابية. لماذا تطلبون منهم هذا وهو بالفعل منظمة إرهابية؟ لأن ذلك لن يوصلنا الى حل، لا بد من الحوار مع جيش الرب والوصول الى اتفاق سلمي معه، فالحكومة اليوغندية تحارب هذا الجيش لمدة (17) عاماً ولم تستطع أن تقضي عليه وحتى الآن لديهم (5) سنوات منذ سمح لهم بالتوغل داخل الحدود السودانية لمطاردته ولم يحسموا أمره أيضاً. ولكن جيش الرب لم يطرح أية رؤية سياسية حتى يتم الحوار معه؟ هل يعقل أن يكون هناك شخص يحارب لمجرد الحرب فقط. بالطبع لابد أن يكون له سبب سياسي. ولكنه بالفعل لم يطرح أية رؤية سياسية تجعل العالم يعترف به كمنظمة سياسية ولا أحد يعرف أطروحاته؟ يمكن معرفة رؤيته السياسية عبر الحوار معه. وأين سيجد الناس قيادته للتفاهم معها؟ حسناً هذه هى مسؤوليتنا في أن نجده ونتفاهم معه، وأقول لك إنه وبعد أن أعلن رئيس حكومة الجنوب سلفاكير قبل فترة عن ثلاثة خيارات للتعامل مع جيش الرب. جاءنا رد منه «جيش الرب» عبر الانترنت بالموافقة على الحوار ولكننا قلنا لهم إن ذلك ليس كافياً وإننا نريد إتصالاً مباشراً. وأنهم اذا كانوا متخوفين من الاتصال المباشر بنا داخل السودان يمكنهم أن يفعلوا ذلك خارج السودان. وهل جاءتكم رسالة استجابة منهم حول ذلك؟ الى الآن لا، ولكننا ننتظر، وأهم شئ عندنا الآن هو ان جيش الرب قبِلَ مبادرتنا للتوسط بينه وبين يوغندا. وهل أخطرتكم يوغندا بذلك؟ تحدثنا اليهم قبل أن نطلق مبادرتنا هذه.. وقلنا لهم إن الأفضل لكم أن تسلكوا طريق الحل السلمي الذي حسمنا به قضايانا في السودان عبر التفاوض المباشر. قد يكون جيش الرب طرح شروطاً تعجيزية؟ حتى الشروط التعجيزية ينبغي للسياسي أن يتعامل معها حتى يصل الى حل سلمي عبر التفاوض. وكيف تمضي مبادرتكم هل تحددت تواريخ لجلوس جيش الرب مع الحكومة اليوغندية؟ كما قلت لك الإتصال كان عبر الانترنت، نحن نريد اتصالاً مباشراً سواء في نيروبي أو لندن أو اميركا ليس لدينا مانع إذا كانوا يخشون أن يتم في السودان. ما زالت عملية الترتيبات العسكرية لم تكتمل، وجدنا مليشيا للمنداري قالوا لنا إنهم لم يعطوا حتى الآن نمراً عسكرية، ألا تخشون أن يقود البطء لتهديد الوضع الأمني في الجنوب؟ علمنا أن نحو (6) آلاف من هذه المليشيات سيتم دمجها في الوحدات المشتركة بين الجيش الشعبي والقوات المسلحة، وقلنا لشركائنا هذه الخطوة جيدة ولكن يمكننا أن نستوعب ما تبقى من هذه المليشيات المسلحة في الجيش الشعبي، أو الخدمات الأخرى، فنحن على مستوى البرلمان الاتحادي تنازلنا عن أحد مقاعدنا لصالح قوات دفاع الجنوب، وعلى مستوى برلمان الجنوب اعطيناهم (3) مقاعد. وعلى مستوى برلمانات الولايات وخاصة ولايات أعالي النيل الثلاثة، واثنتين من ولايات بحر الغزال، واثنتين من ولايات الاستوائية اعطيناهم «20» مقعداً وفي حكومات الولاياتالجنوبية أعطيناهم وزراء ومحافظين، وهذا يعني أن الأمر منتهي. لاحظنا أن وجود الشرطة وانتشارها في الجنوب ضعيف جداً؟ حتى الآن لم ندمج الشرطتين، شرطة الحركة الشعبية، وشرطة الحكومة السابقة، نحن الآن في عملية الدمج هذه وإعادة تدريب الشرطة وتوزيع وحداتها، لذلك أداؤها ضعيف. لكن فراغ الشرطة هذا سيملأه الجيش، وهو غير مؤهل للتعامل مع المواطنين في المدن؟ هذا صحيح وليس في المدن فحسب وإنما حتى في القرى ينبغي أن تكون هناك شرطة. في مدينة مثل جوبا بها تعقيد اثني كبير، هل لديكم خطة لتكوين أمن خاص بها من كل هذه القبائل؟ نعم، لأنها عاصمة الجنوب، سنحاول تكوين شرطة موحدة من كل قبائل الجنوب لتكون في جوبا، ولكن الولايات الاخرى ستكون شرطتها ولائية. سنطلب من أميركا رفع جيش الرب من قائمة الإرهاب! وحكومة الجنوب تكابد مخاض الميلاد وتخوض غمار التجربة كحكومة إقليمية كبرى في نظام شبه كونفيدرالي، كان لابد لنا ونحن في مدينة جوبا أن نطرق باب نائب رئيس الحكومة د. رياك مشار باعتباره أعلى سلطة مقيمة هناك، لنقف منه على البدايات والاولويات بعد أن كنا تجولنا في جوبا وأطرافها وسمعنا من الناس العاديين وبعض المسؤولين. غير أننا واجهنا عنتاً مبالغاً فيه حتى نحظى بمحاورته، تطلب منا ذلك أن نؤجل موعد أوبتنا الى الخرطوم. فعلاوة على الربكة في إدارة العمل من قبل الموظفين بمكتبه، إلا أن جدول اعمال الرجل مزدحم على مدار اليوم حيث كنا نلحظ ونحن في صالون الانتظار الملحق بمكتبه الصفوف المتراصة من الجنسيات كافة ولاغراض مختلفة. على أية حال ظفرنا بلقائه وخرجنا منه فيما خصص لنا من وقت على هذه الحصيلة. حاوره في جوبا: موفدا الصحافة لماذا حكومة الجنوب الحالية مؤقتة؟ لانها كونت قبل إجازة دستور الجنوب. أجيز الدستور الآن هل ستستمر هذه الحكومة أم ستشكل حكومة جديدة؟ نعم أجيز الدستور وصدرت شهادة مطابقته لاتفاقية السلام والدستور القومي من وزارة العدل وسيتم التوقيع عليه من قبل رئيس حكومة الجنوب يوم الاثنين القادم في احتفال جماهيري بجوبا (تم التوقيع عليه الأسبوع الماضي المحرر) اذاً متى ستشكل الحكومة الجديدة أم ستستمر الحالية؟ هذا بيد رئيس حكومة الجنوب، بإمكانه تثبيت الحكومة الحالية وفقاً لدستور الجنوب أو يشكل حكومة جديدة. هل سيستغرق إصدار قرار مثل هذا وقتاً طويلاً؟ لا أظن ذلك، فبالتأكيد أن الرئيس يريد الحكومة ثابتة لذلك أتوقع أن يصدر قراراته بخصوص ذلك في أقرب فرصة. وما هى الاحتمالات بخصوص تكوينها، هل سيبقي على الحكومة الحالية؟ الاتجاه الغالب أن يبقى على الحكومة الحالية. ما الذي قامت به حكومة الجنوب الحالية منذ تكوينها وحتى الآن؟ هذه الحكومة لها أسابيع محدودة منذ تكوينها وحتى الآن، وقد تركزت برامجنا فيها على تنوير الوزراء وابتداء من هذا الأسبوع «الاسبوع الماضي» سيداومون في مكاتبهم، وكنا دائماً في اجتماعات بمجلس وزراء الجنوب. واعتقد أن العمل الحكومي بدأ. ما هى طبيعة هذا البرنامج التنويري؟ كانت لقاءات للوزراء مع الاتحاد الاوربي الذي قدم في الاجتماعات ورقة عن دعمهم لحكومة الجنوب وخاصة في قطاعات الزراعة والتعليم، وقد أردنا من ذلك أن نطلع أى وزير على الدعم المقدم من المانحين وأوجه صرفه حتى يلعب الوزير بعدها دور المنسق لأن بعض هذه الدول المانحة تقدم دعمها عبر المنظمات الطوعية وآخرين عبر الأممالمتحدة، بينما البعض الآخر يقدمه عبر هياكل الحكومة. إضافة الى ذلك فقد انعقدت في الايام الماضية ورشة عمل عن الميزانية نظمتها حكومة الجنوب والبنك الدولي، باعتباره مديراً لصندوق المانحين، لتنوير الوزراء وولاة الولايات في الجنوب عن المشروعات التي سيتم تنفيذها بواسطة دعم المانحين. الى جانب ذلك كانت لدينا أيضاً اجتماعات لمجلس الوزراء مع المعونة الاميركية التي تدعم كثيراً من البرامج والمشروعات بالجنوب في مجالات التعليم والصحة والزراعة وغيرها. وكان آخر اجتماعاتنا التنويرية مع الأممالمتحدة وكل وكالاتها المتخصصة قدموا خلالها أوراقاً بالمشروعات التي سيعملون عليها في المرحلة القادمة في الجنوب. هل بدأ وزراء حكومة الجنوب في وضع خطط العمل لوزاراتهم؟ بدأوا اعتباراً من هذا الأسبوع (الأسبوع الماضي) وبالطبع أنتم تعلمون ان تقرير بعثة تقدير احتياجات السلام «جام» هو إطار عمل للحكومة في الجنوب وفي الشمال. كم من الوزارات سلمتك خطط عملها حتى الآن؟ لم أتسلم بعد خطط عمل الوزارات لأن بعض من هؤلاء الوزراء لم يكن يمتلكون نسخاً من تقرير «الجام» نفسه، وأتوقع بعد الاجتماعات التنويرية واستلام تقرير «الجام» أن يكونوا بدأوا في اعداد خطط عملهم. علمنا أن هياكل الحكومة لم تكتمل بعد، كيف سيضع الوزير خطته، هل بمفرده أم بمعاونة فريق من وزارته التي لم تتكون بعد؟ كل وزير سيستخدم الفريق الذي يجده في وزارته لإعداد خطته. ولدينا هنا هيكلان للخدمة المدنية، الأول هو هيكل مجلس تنسيق الولاياتالجنوبية السابق، والثاني هم الموظفون الذين كانوا يعملون في مناطق سيطرة الحركة الشعبية.. نحن الآن في مرحلة دمج هذين الهيكلين. هل ستستغرق عملية الدمج هذه وقتاً طويلاً؟ شكلنا «11» لجنة بواقع لجنة لكل ولاية للقيام بعملية مسح للكادر الموجود فيها من الموظفين المؤهلين سواء في مناطق الحركة أو في هيكل مجلس التنسيق السابق. ونتوقع أن تصلنا تقارير هذه اللجان أواخر ديسمبر الجاري، بينما ستنتهي عملية دمج الهيكلين في هيكل واحد للخدمة المدنية في جنوب السودان في آخر يناير وهو التاريخ الذي ستكون كل وزارة أكملت فيه هيكلها الوظيفي على مستوى حكومة الجنوب وحكومات الولاياتالجنوبية. الرقم المطروح لميزانية الجنوب للاشهر الستة القادمة 200 مليون دولار في تقديرنا أنه قليل للايفاء بمتطلبات حكومة ضخمة كحكومة الجنوب تضم 10 ولايات خاصة اذا علمنا أن ثلث الميزانية سيذهب للمرتبات؟ الميزانية الموضوعة هى لأربعة أشهر وليست ستة، بالضبط هى موضوعة حتى نهاية مارس القادم. هل ترون أنها ستفي بالاحتياجات الأولية؟ علينا أن نرضى بالقليل أولاً، وشئ خير من لا شئ. عرفنا ان كل ايرادات هذه الميزانية آتية من نصيب الجنوب في عائدات البترول؟ هذا صحيح لأن الايرادات الآخرى لا نعلم عنها شيئاً، بل حتى عائدات البترول لا نعرف رقمها بالتحديد. وكيف يتم تجنيب نصيب الجنوب من عائدات البترول اذاً؟ لم نتفق حتى الآن مع الحكومة الاتحادية على ضوابط دقيقة لتجنيب وصرف نصيب الجنوب في العائدات البترولية، حتى أن هناك اسئلة كثيرة توجه لنا عن عائدات البترول ولكن لا يوجد شخص لديه إجابة على هذا السؤال حتى الآن، غير أننا نتوقع بعد اكتمال هياكل حكومة الجنوب أن نعرف بالضبط كم هى عائدات البترول وما نصيب الجنوب فيها، وفي نفس الوقت معرفة الايرادات من مصادر أخرى. لكن الحكومة الاتحادية كانت قد تحدثت من قبل أن نصيب الجنوب من عائدات البترول تم تجنيبه في حساب خاص ببنك السودان قبل حتى التوقيع على اتفاقية السلام الشامل؟ صحيح هناك حساب منفصل للجنوب ببنك السودان. اذاً كم استلمت حكومة الجنوب من هذا الحساب منذ تكوينها في الأسابيع الماضية؟ لا أعرف بالتحديد ولكنه نحو (300) مليون دولار. هل هذا كل المبلغ المخصص للجنوب من عائدات البترول أم الذي تم صرفه فقط حتى الآن؟ هذا ليس كل نصيب الجنوب، وإنما الذي استلمناه حتى الآن، كما اننا لم نصرفه حتى الآن لأنه ينبغي أولاً قبل استلامنا المال أن تحدد أوجه صرفه بدقة وطاقة استيعابه. تجنيب نصيب الجنوب من عائدات البترول في بنك السودان هل بدأ بعد توقيع اتفاقية السلام في 9 يناير الماضي، أم من تاريخ سابق لذلك؟ بدأ إعتباراً من 9 يناير. الاعتماد على مورد واحد هو عائدات البترول لحكومة مثل حكومة الجنوب يعتبر خطأ استراتيجياً، ما هى خططكم لادخال موارد أخرى في الميزانية؟ بالتأكيد اذا اعتمدنا على مورد واحد سنكون إرتكبنا خطأً استراتيجياً كما تفضلتم، ولكنا سنركز على الزراعة لأن الجنوب به أراضٍ زراعية شاسعة، أيضاً الماشية في الجنوب رغم ضخامتها الا أنها لم تدخل بعد في دائرة الاقتصاد السوداني ونحن نريد لها الدخول والمنافسة مع بقية الولايات الأخرى في السودان ويكون هناك عائد منها. بالاضافة الى ذلك هناك إقبال متزايد من المستثمرين الاجانب علينا وهذا سيكون له مردود كبير على اقتصاد الجنوب، بجانب ان الجنوب أيضاً غني بالمعادن فهناك ذهب ومأس وبترول وغيره. هل طرقت أبوابكم شركات أجنبية في مجال التنقيب عن المعادن؟ نعم وصلتنا طلبات من شركات كثيرة في هذا الخصوص. من أى الدول؟ من اوربا وجنوب افريقيا ومن دول الجوار، ماليزيا وغيرها. أيضاً هناك شركات ومستثمرون في مجالات أخرى مثل الفندقة والسياحة والزراعة. هل لديكم مستثمرون سودانيون؟ نعم. وما هى أكثر الطلبات من السودانيين أم الاجانب؟ من الاجانب، ولكن عادة ما يأتي السودانيون برفقة مستثمرين أجانب، فقد حضروا مع مستثمرين عرب من الامارات والكويت. وفي أى المجالات كان هؤلاء الذين ذكرتهم؟ بعضهم في مجالات البترول والبعض الآخر في مجال الفندقة والسياحة والزراعة والثروة الحيوانية، كما ان هناك وفداً اقتصادياً ليبياً كبيراً سيزورنا قريباً وللمرة الثانية. ما هى التسهيلات التي تقدمها حكومة الجنوب للاستثمار؟ تمنح الرخص لمزاولة النشاط المحدد دون أى تعقيدات كما ان البلاد مفتوحة وآمنة. ولكننا علمنا ان هناك بعض الاشكالات التي تتسبب في تعقيدات للمستثمرين متعلقة بتضارب الصلاحيات بين حكومة الجنوب وحكومات الولايات خصوصاً في مجال تصديقات الاراضي؟ نحن نصدق للمستثمرين بقطع الاراضي ولكن تنفيذ ذلك هو من إختصاص حكومات الولايات لأنهم الأدرى بالمكان المناسب. بعض المستثمرين ذكروا لنا انهم صدق لهم بأراضٍ ودفعوا قيمتها ولكن تم نزعها منهم عن طريق حكومة الولاية المعنية؟ لا أعتقد ذلك، وإذا كان حدث هذا فمؤكد إن هناك شيئاً خطأ في الاجراءات التي إتبعها هذا المستثمر. لكننا عرضنا مثلاً انك صدقت لإدارة فندق (إكواتوريا) باقامة خيام في قطعة أرض جوار الفندق ولكن جاءت حكومة ولاية بحر الجبل ونزعتها؟ فعلاً، أنا صدقت لهم ولكن لمدة أسبوع واحد وفي ساحة غير مملوكة لهم، وكان رأي والي بحر الجبل ان نصب خيام في أرض ليست تابعة للفندق غير شرعي، لكن وزير المالية أخبرني أنهم يريدون إسكان مسؤولين من الولاياتالجنوبية لفترة مؤقتة هى اسبوع، فطلبت من الوالي أن يسمح لهم بذلك ولمدة أسبوع وبالفعل كان ما أوصيت به وتم رفعها بعد ذلك لأن الارض التي نصبت عليها الخيام مخصصة لبناء قاعة للمؤتمرات. علمنا من بعض نواب برلمان الجنوب ان هناك خلافاً في ترسيم حدود ولاية الوحدة بسبب ضم المؤتمر الوطني للمناطق التي تقع فيها مناطق البترول للشمال، ما مدى صحة ذلك؟ الخلاف لم يقع حتى الآن (يضحك بشدة). النواب رأوا أن ذلك من شأنه تقليل حصة الجنوب من عائدات البترول؟ هذا صحيح ولذلك نحن نطالب بتكوين مفوضية ترسيم الحدود، لأن ترسيم الحدود يؤثر في عائدات البترول، واذا لم يتم تحديد الجنوب والشمال بدقة فإن الجنوب لن يعرف نصيبه في عائدات البترول. الشئ الثاني أن ترسيمها سيوضح لنا خطة سحب قوات الجيش الشعبي الفائضة عن ما أتفق عليه في جبال النوبة والنيل الأزرق الى داخل حدود الجنوب وهذا يوضح أن الحدود لها علاقة حتى بالترتيبات العسكرية. تجولنا داخل مدينة جوبا وفي أطرافها ووجدنا أن احوال الناس المعيشية متدهورة جداً؟ مقاطعاً.. الناس طالعين من حرب فما الذي تتوقعون أن تكون عليه أحوالهم. نعرف ذلك ولكن نريد الاطلاع على تدابيركم وخططكم لرفع المعاناة عنهم لأننا وجدنا ان ثلث الميزانية مخصص للمرتبات وللجيش وغيرهما، بينما غالبية المواطنين ليسوا موظفين أو عساكر؟ حسناً، أول هذه التدابير أن نفتح الطرق الكبرى في الجنوب مثل طريق ياي جوبا، وطريق نمولي جوبا، وطريق لوكشيكيو، بالاضافة الى ضرورة أن تسير الملاحة النهرية بين كوستيوجوبا بصورة منتظمة حتى تغدو مثل أيام ما قبل الحرب أو قبلها حيث كانت البواخر تصل في أسبوع واحد، واذا جاءت البواخر مرتين أو ثلاثة في الأسبوع حاملة للمؤن الغذائية سنكون حلينا مشكلة الغلاء في جوبا وبقية الولايات الاستوائية. بالنسبة لي فإن جوبا أغلى مدينة في افريقيا، لأن الشخص اذا أراد السكن في فندق عليه أن يدفع نحو (120) دولاراً وربما لن يجد مكاناً خالياً بعد ذلك. إذا فتحت الطرق ستتحسن أوضاع الناس المعيشية نتيجة انتعاش الحركة التجارية. كما ان دخول المستثمرين سيخدم المواطنين، ويوفر فرص عمل. ما الذي يعطل فتح الطرق إذاً؟ يجيب بحسم.. جيش الرب، هو عقبة كأداء في مرور الشاحنات وتعطيل الفرق المشتركة التي تعمل مع الاممالمتحدة لإزالة الألغام من هذه الطرق. ولكن كانت هذه الفرق تعمل في فتح الطرق قبل ذلك؟ نعم كانت تعمل ولكنها تعطلت بسبب هجمات جيش الرب حتى اضطررنا لإدخال قوات من الجيش الشعبي والقوات المسلحة للمشاركة في حماية عملية إزالة الالغام ونتيجة لدخولهم هذا تم فتح طريق جوبا ياي وطريق ركن مندري. علمنا أن واحدة من أسباب تأخر فتح الطرق ليس جيش الرب فقط وإنما عدم وجود خرط بمناطق زراعة الالغام لدى الطرفين؟ يجيب ضاحكاً. في طريق ركن مندري نسى أحدهم خارطة اللغم الذي زرعه فوقعنا في كمينه.. في كثير من العمليات إما يكون لفرق الإزالة خارطة بمناطق زراعة الألغام، أو يكون معهم دليل من العساكر أو الضباط من الطرفين. متى تتوقعون أن يتم الفراغ من عملية فتح الطرق؟ كنت اتحدث هذا «الصباح» مع مسؤول بعثة الأممالمتحدة بخصوص موظفيهم الذين انسحبوا من عملية إزالة الالغام. نحن نمارس عليهم ضغطاً حتى يعودوا. فحضر الىَّ وأخبرني أنهم عادوا واستأنفوا نشاطهم. وهل كانوا انسحبوا تماماً من المواقع؟ نعم وبسبب جيش الرب عندما هاجم (2) من الخواجات في طريق نمولي، ثم هجومه الأخير بين كايا وياي.. الآن الطرق الاربعة تمت نظافتها تماماً من الالغام وهي لوكشيكيو كبويتا توريت جوبا وكذلك نمولي جوبا، وأيضاً كايا ياي جوبا، الى جانب طريق ركن مندري، وستستأنف فيها الحركة قريباً. كيف ستتعاملون مع مشكلة جيش الرب؟ طبعاً تعلمون أن هناك اتفاقاً على عمليات عسكرية مشتركة بين الجيش اليوغندي، والجيش الشعبي، والقوات المسلحة ولكن في رأيي أن نسلك طريق السلام والحوار لمعالجة مشكلة جيش الرب وذلك بأن نطلب من أميركا رفع اسم جيش الرب وقائده من قائمة المنظمات الارهابية. لماذا تطلبون منهم هذا وهو بالفعل منظمة إرهابية؟ لأن ذلك لن يوصلنا الى حل، لا بد من الحوار مع جيش الرب والوصول الى اتفاق سلمي معه، فالحكومة اليوغندية تحارب هذا الجيش لمدة (17) عاماً ولم تستطع أن تقضي عليه وحتى الآن لديهم (5) سنوات منذ سمح لهم بالتوغل داخل الحدود السودانية لمطاردته ولم يحسموا أمره أيضاً. ولكن جيش الرب لم يطرح أية رؤية سياسية حتى يتم الحوار معه؟ هل يعقل أن يكون هناك شخص يحارب لمجرد الحرب فقط. بالطبع لابد أن يكون له سبب سياسي. ولكنه بالفعل لم يطرح أية رؤية سياسية تجعل العالم يعترف به كمنظمة سياسية ولا أحد يعرف أطروحاته؟ يمكن معرفة رؤيته السياسية عبر الحوار معه. وأين سيجد الناس قيادته للتفاهم معها؟ حسناً هذه هى مسؤوليتنا في أن نجده ونتفاهم معه، وأقول لك إنه وبعد أن أعلن رئيس حكومة الجنوب سلفاكير قبل فترة عن ثلاثة خيارات للتعامل مع جيش الرب. جاءنا رد منه «جيش الرب» عبر الانترنت بالموافقة على الحوار ولكننا قلنا لهم إن ذلك ليس كافياً وإننا نريد إتصالاً مباشراً. وأنهم اذا كانوا متخوفين من الاتصال المباشر بنا داخل السودان يمكنهم أن يفعلوا ذلك خارج السودان. وهل جاءتكم رسالة استجابة منهم حول ذلك؟ الى الآن لا، ولكننا ننتظر، وأهم شئ عندنا الآن هو ان جيش الرب قبِلَ مبادرتنا للتوسط بينه وبين يوغندا. وهل أخطرتكم يوغندا بذلك؟ تحدثنا اليهم قبل أن نطلق مبادرتنا هذه.. وقلنا لهم إن الأفضل لكم أن تسلكوا طريق الحل السلمي الذي حسمنا به قضايانا في السودان عبر التفاوض المباشر. قد يكون جيش الرب طرح شروطاً تعجيزية؟ حتى الشروط التعجيزية ينبغي للسياسي أن يتعامل معها حتى يصل الى حل سلمي عبر التفاوض. وكيف تمضي مبادرتكم هل تحددت تواريخ لجلوس جيش الرب مع الحكومة اليوغندية؟ كما قلت لك الإتصال كان عبر الانترنت، نحن نريد اتصالاً مباشراً سواء في نيروبي أو لندن أو اميركا ليس لدينا مانع إذا كانوا يخشون أن يتم في السودان. ما زالت عملية الترتيبات العسكرية لم تكتمل، وجدنا مليشيا للمنداري قالوا لنا إنهم لم يعطوا حتى الآن نمراً عسكرية، ألا تخشون أن يقود البطء لتهديد الوضع الأمني في الجنوب؟ علمنا أن نحو (6) آلاف من هذه المليشيات سيتم دمجها في الوحدات المشتركة بين الجيش الشعبي والقوات المسلحة، وقلنا لشركائنا هذه الخطوة جيدة ولكن يمكننا أن نستوعب ما تبقى من هذه المليشيات المسلحة في الجيش الشعبي، أو الخدمات الأخرى، فنحن على مستوى البرلمان الاتحادي تنازلنا عن أحد مقاعدنا لصالح قوات دفاع الجنوب، وعلى مستوى برلمان الجنوب اعطيناهم (3) مقاعد. وعلى مستوى برلمانات الولايات وخاصة ولايات أعالي النيل الثلاثة، واثنتين من ولايات بحر الغزال، واثنتين من ولايات الاستوائية اعطيناهم «20» مقعداً وفي حكومات الولاياتالجنوبية أعطيناهم وزراء ومحافظين، وهذا يعني أن الأمر منتهي. لاحظنا أن وجود الشرطة وانتشارها في الجنوب ضعيف جداً؟ حتى الآن لم ندمج الشرطتين، شرطة الحركة الشعبية، وشرطة الحكومة السابقة، نحن الآن في عملية الدمج هذه وإعادة تدريب الشرطة وتوزيع وحداتها، لذلك أداؤها ضعيف. لكن فراغ الشرطة هذا سيملأه الجيش، وهو غير مؤهل للتعامل مع المواطنين في المدن؟ هذا صحيح وليس في المدن فحسب وإنما حتى في القرى ينبغي أن تكون هناك شرطة. في مدينة مثل جوبا بها تعقيد اثني كبير، هل لديكم خطة لتكوين أمن خاص بها من كل هذه القبائل؟ نعم، لأنها عاصمة الجنوب، سنحاول تكوين شرطة موحدة من كل قبائل الجنوب لتكون في جوبا، ولكن الولايات الاخرى ستكون شرطتها ولائية.