.. كتبت نونة الفكي الذين يحفزون الشارع و يحاولون حشد الجموع للثورة ضد حكومة الإنقاذ لم يستوعبوا دروس الأمس قبل الدخول لسنة رابعة ديمقراطية، و لا يدركون أنهم يدفعون بالبلاد والعباد إلى هاوية سحيقة بلا قرار . قبل أن تتدفق الجموع الجامحة إلى الشارع يلزمنا وقفة نستلهم منها العبرة و نستوعب درس الأمس وأخطاء السنوات العجاف قبل أن ندور كحمار الرحى مرة أخرى في الدائرةا المغلقة تعجلنا كثيرا في الخروج إلى الشارع بثورة أكتوبر على حكومة نوفمبر و تباطأنا كثيرا في الخروج على تفلتات وفوضى حكومة مايو و جلسنا طويلا في بلاهة نشاهد ونتأمل حكومة الإنقاذ وهي تنحدر بالبلاد في انحطاط متسارع إلى هذا الوضع المأساوي الفاجع. الثورات حين تنطلق يقودها دائما غضب جامح تشعل أعلاه روح الانتقام و تسقي قواعده نزعات القصاص من ليل الظلم الغاشم و سنوات الهوان المذلة فلا يعنيها إلا نبش الماضي و كشف جرائم الفساد و نصب المشانق للمعتدين على الحق العام والمال العام ... و و ما أضخم دائرة التعدي والمعتدين خلال سنوات الإنقاذ الكريهة. حين تفيق الجموع الهادرة بالغضب المنتشية بالنصر وفجر الخلاص سوف يفجعها أنها ورثت أشلاء وطن و حطام دولة مثقلة بالديون ليس بها إلا مجموعة كباري مبعثرة بغير معنى وطرق خجلى تتعثر بغير هدى و جروح غائرة نازفة و دمامل متقيحة، فيد الإنقاذ الآثمة لم تترك شيئا لم تنحط به إلى أسفل سافلين، و يأتي على رأس قائمة الحطام المفاهيم والقيم الإسلامية الرفيعة و الأخلاق النبيلة لهذا الشعب الكريم. حين تفيق الثورة ستدرك أن البطون الجائعة لن يجديها الصياح ولن يشبعها الانتقام فالحقول قد أجدبت والمصانع توقفت والأمراض المستجدة قد انتشرت و يلزمها ثورة جادة في المصحات والمستشفيات و كوادر التطبيب، وحين تفيق الثورة ستدرك أن أنقاض صرح التعليم المنهار لن يفلح معه الترميم وأن الأمر يستدعي إزالة تامة وإعادة إعمارعلى نسق جديد. وأن جهاز الخدمة المدنية قد اصبح مستنقع آسن يطفح و بالتسييب والرشوة و الفوضى، وأن لا أمان للأمة ولا للدولة ما دام الأمن القومي للدولة موكول للفلول الموروثة من حكومة مايو والتي تلقفتها طغمة الإنقاذ لتتولى ذات الارتزاق الرخيص لحماية النظام حين تتعارض مصالحه مع أمن الأمة القومي. على الثورة أن تفهم أن في قمة مهامها حتى لا تكرر إخفاقات الماضي أن تحرق الرموز والإرث الذي بين أيديها وتعود بالبلاد خمسين عاما إلى الوراء لتبدأ من هناك و تبحث لنفسها عن منهج آيدلوجي جديد ليس بين مفاهيمه تطبيق الشريعة الإسلامية أو الشيوعية أو القومية أو الختمية أو الأنصار. .. فما أبعد الشقة..و ما أٌل الفكرة و ما أقسى المهمة.