خط الاستواء عبد الله الشيخ الحبيب العائد يستطيع النظر الى مراتع الصبا بعيني صقر..!عاد الدكتور عبد السلام سيد أحمد من حقله الاكاديمي فى كندا ليدلي بجملة من الملاحظات الذكية فى محاضرة قدمها بمركز الخاتم عدلان ، تحت عنوان (تشطي السياسة القومية فى السودان).. يقرأ د. سيد أحمد فشل النخب فى بناء الدولة القومية بملاحظة انحدار المسار الوطني، بمراقبة الهجرة الكثيفة من الانتماء الفكري او الحزبي العريض، الى الانتماء القبلي و الجهوي الضيق ، ويشيرد. سيد أحمد الى تأجيج الصحف ( القومية)! للمزاج القبلي والجهوي ، دون احتجاج من النخبة على هكذا ظاهرة..! ويعطي مثالاً على الانحدار نحو جُحر الانتماء الضيق ، قائلاً بأنه من المعلوم أن عبد الرسول النور مثلاً هو قيادي بحزب الامة ، لكنه عندما عاد الى ارض الوطن وجد الصحائف تتحدث عنه ك ( قيادي مسيري)..! كشف د. عبد السلام الكثير من معايب المسيرة منذ الاستقلال وحتى الآن، مؤكداً ان الحل لا يكمن فى العودة الى الماضى ، بلان التحدي امام النخبة هو تقديم الحلول بالتعاطي مع الواقع على ما به من شروخ وتصدعات.. يعيب د.عبد السلام على الكيانات الحزبية دورها السالب فى التعبئة السياسية إذ عتمدت على الهوية الاثنية فى التحشيد، ما اثر سلباً على النسيج القومي ودفع نحو تحفيز الانتماء الضيق، والذي تطور فى بعض المناطق الى حركات عنيفة.. ينظر الدكتور الى التيارات السياسية التى تحكمت فى مصير السودان بعد الاستقلال بانها اربع تيارات هي (الطائفية ، اليسار، الاسلامويين ، وتيار السودان الجديد).. وبقراءة دور كل تيار وبصماته على مسار التجربة يخلص د. عبد السلام الى ان فشل النخبة الوطنية عموما قيادة وبناء الدولة القومية ادى الى اهتزاز النسيج الاجتماعي بعد فشل مشروعات التنمية وتدهور الطبقة الوسطي ، ونتج من ذلك ترييف المدن ، ظهور الحركات المسلحة ، وظهور نذر تفكك الدولة و سيطرة (دولة المنتفعين)..! ويرى د. عبد السلام عهد الانقاذ على انه يتكون من ثلاث حقب شمولية ، شمولية قاهرة قامعة عندما كان تنظيم الاسلاميين موحدا، تتبعها شمولية ما بعد المفاصلة التى اتاحت هامشا من الحراك السياسي و الحريات، الى فترة وجيزة عقب اتفاقية السلام ،، حتى وصل السودان الى شمولية ما بعد الانفصال..! و لم يستبعد د.عبد السلام تناسل مأساة الانفصال فى مناطق اخرى اذا لم تتدارك النخبة هذا التدهور باعادة ترتيب الوضع السوداني على اسس الديمقراطية ،على قواعد دولة المواطنة ، و تجسير الهوة بين مكونات التنوع المجتمعي لبناء ركائز الدولة السودانية القومية .. وفتح باب النقاش فى الندوة .. تقابلت الافكار ، بين مؤيد للدكتور ومعارض .. بين مصدوم من هول نايرى من بشاعة التخريب الذي حدث للكيان السوداني وللذات السودانية ، وبين حالم بفردوس ارضي قد ينهض من رماد الحرائق..! د.عبد الله على ابراهيم يرى الدولة ، من خلال تجربته فى الانتخابات الاخيرة، بانها (دولة زبائنية)..! ويشير الدكتور النور حمد الى انغلاق النخبة على فشلها واعادة انتاجها للفشل، حيث (لا فرق يذكر بين عقلية حسن بشير والمحجوب)..! يقول الاستاذ النعمان انه من الخطأ وصف كيانات سياسية مثل الامة والاتحادى والشيوعي بانها كيانات قومية أو متمايزة ، مع سهولة قذف حركات فى الهامش بانها عنصرية..! وبينما يشير الدكتور نبيل اديب الى أن أزمة النخبة تكمن فى غياب الرؤية الكلية للدولة ، تتطلع الاستاذة عواطف سيد احمد الى يخرج من بيننا تربال واحد ، ويقدم على مجازفة بناء هذا الوطن..! هذا الحديث الثمين ليست غواية أو شعر.. الاوطان تُبنى بالوعي وبالفكر.. لكن متى يشرق الوعي ، اذا كان العسكري ، كل سنة أو سنتين ،(ناطي فيها)..؟!