يمتطي عادل عثمان صهوة سحابة، يسابق الريح لتحطّ رحاله في وطنه الأم.. في السودان الحبيب.. ويا لهول ما يراه.. تمزّق وتشتّت، وجنوب يكاد ينفصل عن شمال!!! عشرون عامًا مرّت في الغربة في رحلة لإيجاد الذات وتحقيقها.. عشرون عامًا وهو بعيد عن وطنه، عن أم درمان، وها هو اليوم يعود ليعتذر عن فداحة عقوقه وجرأة مكوثه عقدين كاملين بعيدًا عنها. يدين الشاعر نفسه عندما يتساءل: أليست هي أنا وأنا هي؟ كيف يترك الإنسان أناه!!! عند ملتقى النيلين الأبيض والأزرق تتربع أم درمان أم المدائن ست الدنيا، كما يسمّيها عادل عثمان، حاضنة أبناءها ومتحدية كلّ الأزمات والأخطار، يقول: "إليك يا أم درمان يا أمّ المدائن يا عروس الدنيا يا لؤلؤة تتوسّد تاج الزمان أهديك كل أشعاري أنقش اسمكِ بضوء القمر على ذاكرة الليل الصاحي" يتمشى في أزقّتها الضيّقة ويملأ عينيه العاشقتين من وجوه أبنائها السُّمر وحوانيتها القديمة وأزقتها الضيّقة.. ويترنّم عادل: "وجهك نور يشفي انكسارات الرّوح" "كل صباحاتك فلٌّ وياسمين وعنبر" "هي زهرة لا تشبه إلا نفسها" " هي ملكة يُظلُّها الغمام وتحرسها الزغاريد وبخور التيمان" " ملكة ملوك النيل" عشق عادل عثمان لبلده السودان ولمدينته الحبيبة أم درمان، عشق كل ولد لأمّه، ولكن العشق يتميز عند الشاعر فهو يدخل في التفاصيل الصغيرة التي لا يكاد يتنبّه إليها غيره. يذكّرنا عادل عثمان بمحمد الفيتوري عاشق أفريقيا الحزين، ويذكّرنا بنزار قباني ودمشق التي كانت تتسلل على أصابعه في كل مكان كان يذهب إليه فتظهر رائحتها على دفاتره.. ليس أجمل من حب يُعلَن على الملإ ونتباهى به دون خوف، إنه هذا العشق عشق الإنسانى لوطنه وأرضه وناسه، فكيف إذا كان هذا الإنسان شاعرًا حسّاسًا مبدعًا يتلمّس مكامن الشوق والهيام في داخله فيسكبه في مسامعنا مترقرقا ناعمًا يحرّك فينا أحاسيس تشبه تلك التي انسكبت من نفس قائلها. بوركت يداكَ عادل عثمان.. وبورك قلبك النابض بالحب أبدًا. غريد الشيخ 11|11|2010 رد الجميل يعود دخل هذا الكتاب لصالح مدرسة أمدرمان الأهلية للأساس (الثانوية العامة سابقا) والتي قضيت فيها واحدة من أخصب وأجمل محطات حياتي . أنشأت المدرسة الأهلية عام 1927م بجهد شعبي خاص حيث أسهم في بناؤوها التجار والمثقفين والمشائخ وعامة الناس فجمعوا التبرعات وأقاموا الأسواق الخيرية وعندما توقف والبناء في مرحلة السقف قام الشيخ/ أحمد حسن عبدالمنعم بخلع أسقف منزله ليتم بناء المدرسة جوار منزل الزعيم الأزهري وكان تشيد المدرسة الأهلية ملحمة وطنية ضد المستعمر الذي أدرك خطورة الطبقة المتعلمة بعد احداث ثورة عام 1924م وأصبحت أغنية الشاعر مصطفى يوسف التني الداعية لدعم التعليم الأهلي نشيداً وطنياً الهبت المشاعر الوطنية ضد الإنجليز في كل السودان . في الفؤاد ترعاه العناية بين ضلوعي الوطن العزيز ما بخش مدرسة المبشر عندي معهد وطني العزيز نحن للقومية النبيلة ما بندور عصبية القبيلة تربى فينا ضغائن وبيلة تزيد مصائب الوطن العزيز وأدى قيام مؤتمر الخريجين في 1928م وإبتكار ما يسعى بيوم التعليم إلي أحداث ثورة في التعليم الأهلي حيث فاق عدد المدارس الأهلية إلي أنشأها المؤتمر في أرجاء السودان في عشر سنوات عدد المدارس التي أقامها الإنجليز طوال نصف قرن . وتواصل المشوار بإنشاء المدارس الأهلية الثانوية عام 1945م ومدرسة المؤتمر الثانوية عام 1950م تخليداً لذكرى مؤتمر الخرجين . وفي عام 1986م تم إفتتاح جامعة أم درمان الأهلية تتويجاً لأحلام الآباء الأوائل رواد التعليم الأهلي والعمل الطوعي والخيري في السودان حيث أشار د. المعتصم أحمد الحاج إلي ما كتبه البكباشي/ أحمد عقيل في مارس 1944م بصحيفة (صوت السودان) عن المدرسة الأهلية حيث قال (أنها بدأت كتاباًً واليوم فصلان ثانويان وعما قريب ستكون الكلية الأهلية ، وهكذا بإذن الله إلي أن تصل إلي مصاف الجامعات التي ينتهل منها طالب العلم حتى يشبع وهيهات أن يشبع ...