يقيناً وبلا شك أن الله عز وجل قد خلق بني آدم ونفخ فيهم من روحه القدسية وكرمهم علي جميع مخلوقاته ووصولاً في أمره الكريم سبحانه وتعالي للملائكة أن أسجدوا لآدم فسجدوا وهم ملائكة الرحمن والذين يسبحون بحمده ويحملون عرشه فأي تكريم بعد لبني آدم عليه السلام ؟ ولعل السمة المميزة لجميع بني آدم والتي تفصل بينه وبين بقية مخلوقات الكون هي سمة العقل وأعني بها العقل المتزن والسوي والرشيد لأن المجنون والسفيه والفاجر في الغضب لا عقل حقيقي له , ولكنك أيضاً مثلي ومثل جميع بني البشر تغضب وتشجب وبشدة إذا مالقبنا أحد أو حتي شبهناه بالحمار ؟ مع أنك لو أمعنت وأعملت الفكر ولو قليلاً في كم الفروق في طباعنا وغرائزنا الفطرية نحن بني البشر وقارنتها وبميزان من العدل والمنطق والحكمة الفلسفية ستجد أن الحمار قد يتفوق علينا جميعاً اللهم إلا في سمة واحدة فقط وهي حرية التدبير والأختراع والأبتكار والفكر , ومع ذلك دعنا نستعرض بإيجاز شديد أهم السمات المميزة لهذا المخلوق الجميل والتي فاق بها بني آدم مجتمعون : * يتسم سيادة الحمار بأنه شديد الصبر والتحمل للمشاق والعناء والعذاب في صمت وفي جلد ويحمل من الأثقال ماينوء به الأنسان ويقضي يومه الكامل في عمل شاق مضني ودؤب دون ملل أو كلل وهو مالايطيقه الأنسان ؟ * الحمار لم نسمع أنه سرق أو نهب أو تواطيء أو كذب أو قتل أبناء قبيلته وجنسه ؟ أو فقأ أعينهم ؟ أو حبسهم في سجونه الحربية أو سحلهم أو فضح عرضهم علي الملا ؟ * يتحمل في صمت وأدب أجل العلماء مايتذوقه من أذي ولسعات كرباج أو عصا قائده أو صاحبه والذي وكثيراً مايصيب جلده ولحمه بإصابات وقروح حادة دامية ومؤلمة ومع ذلك لايستغيث إلا بربه وما يدريك أنه قد يبكي دون دموع أو يخفيها عنا من فرط كبريائه عن بني الأنسان والذي يصرخ ويأن ويجن وربما من ضربة عصا واحدة أو لسعة كرباج واحدة ؟ وأن الحمار يستغني عن أطباء بني البشر لأنه ربما يعلم بفطرته السوية ونحن لانعلم أن الشافي له هو الله ولذلك تجده محتسب وغير معنياً بأصاباته تلك ولو كانت مميتة , بينما نحن ومن شكة دبوس أو جرح عبيط نهرول إلي الأطباء ولمستشفيات ملتمسين العلاج والدواء منهم ؟ وأما سيادة الحمار فطبيبه ودوائه وشفاؤه هو خالقه وبارئه وحارسه ؟ فهل هذا لكونه أكثر إيماناً وتوكلاً علي الله منا نحن بني البشر ؟ * الحمار بفطرة الخالق والخلق نباتي الرجل بطبعه ومن ثم فهو ذلك القانع الحامد بأي نبات أخضر أو يابس يقتاطه في قناعة الزاهدين ويرفض بفطرته السوية أن يأكل لحوم لأي كائن حي له رأس ؟ وأولهم الأنسان ؟ مع أن العكس صحيح فالأنسان لم يسلم من بين براثن فكيه حتي لحم هذا المخلوق