وكأنما لشهر فبراير، وخاصة الثامن عشر منه، نهما وشغفا بالمبدعين فقد طوى في حناياه محمد وردي وقبل ذلك الطيب صالح وقبلهما إسماعيل حسن، أحسن الله إليهم طالما أحسنوا لعالمنا. ولا أظنها من مصادفات القدر إن لم أقل هي من جمالياته أن يرحل محمد وردي وتوأمه الروحي إسماعيل حسن في نفس التاريخ. وأخيرا يأبى فبراير وهو في نهاياته ألا يرحل بدون الفنان الرائع محمد الحسن مدني صاحب الريشة التي جسدت البيئة السودانية وخاصة في شرق السودان في كل مشهد وفي كل رؤية.
محمد الحسن مدني من مواليد مدينة عطبرة عام 1946م انتقل إلى بورتسودان حيث كان والده يعمل في السكة الحديد وهناك استهواه الشرق ناسا وطبيعة واستطاع أن يعكس حياة الشرق بدقة متناهية لا تجدها إلا في لوحات محمد الحسن مدني بالإضافة إلى احترافه التصوير الفوتوغرافي. والنحت والتلوين وكان من أشهر التشكيليين والمصممين السودانيين وخاصة في شرق السودان في منتصف السبعينات دفع بلوحته المشهورة (العواسة : صانعة الكسرة) إلى الصحف والمجلات في الخرطوم وحققت له شهرة واسعة حتى خارج الوطن. وتلتها لوحات /عيون كديس/ وفرح من عطبرة و/من بيئة الشرق/ وغيرها ويعد محمد الحسن مدني بلا منافس الفنان الأول في تشخيص وتجسيد حياة الشرق السوداني في لوحات نقلت حتى التجاعيد الدقيقة لحياة الشرق في الجناين والرواكيب والآبار الارتوازية وخرج المياه ومشاط الشعر وعواسة الكسرة والصديري وخلال الشعر وست القهوة......إلخ ستظل الريشة التي افتقدتك تذكرك يا أبا الحسن .. من معهد الكليات التكنولوجية إلى آخر مسكة ومسحة قبل رحيلك نم هانئا في جنان الخلد طالما أثريت عالمنا بالإبداع والجمال