حديث الافك هو ما تكتبه انت يا سيدي .. فانت واهم ونائم على اذنيك ولا تدري شيئاً عما يجري في هذا البلد خصوصا وانت تعيش خارج السودان .. فأي أسانيد وأي مستندات تتحدث عنها يا سيدي .. فما يحدث هنا من فساد وافساد لا يحتاج لمستندات .. بل هي شاخصة أمام أعين الجميع .. وعلى فكرة هناك طرفة تقول "أن شخصاً خرج في مظاهرة حاملاً لافتة خالية من أي كتابة .. وعندما سئل عن السبب قال ان الحاصل لا يحتاج الى كتابة" .. فان كان الامر كما تعتقد فكاتب المقال رجل بروفسير وعلى قدر عالي من الذكاء والعلم والمعرفة والثقافة وملم بما يدور في البلد من حوله على الاقل بحكم معايشته لها عن قرب .. ولا يمكنك ان تقارعه بمنطقك وحججك الضعيفة الواهية ومنها حديثك عن جبايات المحليات غير القانونية وغيرها من الامور الثانوية التافهة، وتجاهلك لما هو اهم واخطر بتفادى الحديث عن ابشع صور الفساد واستغلا ل السلطة المتمثل في كل شئ .. وما ذكره البروف في مقاله من أمثلة، ظاهرة للعيان وتغني عن كل سؤال .. وبالطبع ما خفى اعظم .. ما قلت ليك انت نايم على اذنيك .. ولكن الشعب السوداني بذكائه ملم بكل ما يدور حوله .. أصحى يا سيدي من غفوتك .. أما حديثك عن الهدايا والقروض الحسنة فهو حديث مقزز ويدعو للسخرية والاشمئزاز وفيه الكثير من الاستخفاف بعقول الشعب السوداني. وكأنك بذلك الحديث تحاجي اطفالاً وليس شعباً بأكمله ذكي ولماح، يمسي ويصبح على الفساد الذي ينخر كالسوس في عظام البلد والذي يمارسه بعض المسئولين في هذه الدولة جهاراً نهاراً، وما فضيحة شركة الاقطان السودانية ببعيدة .. فحديثك يا سيدي هو الافك بعينه وليس مقال البروف زين العابدين. فقد كان من الشجاعة بمكان ليقول ما قاله رغم انه كان يعلم سلفاً ما يمكن أن يتعرض له جراء ذلك، ورد فعل السلطة هو دليل آخر على صحة ما قاله البروف .. فالحقيقة دائمة مرة .. فالحق أبلج والباطل لجلج .. ولا نامت أعين الجبناء .. وفي المجتمعات الديمقراطية والمتحضرة تجد الناس يرمون رؤساء حكوماتهم بالبيض الفاسد والطماطم تعبيراً عن سخطهم لأي ممارسات غير مقبولة فضلاً عن ثقافة الاستقالة من المنصب عندما يرتكب أحدهم خطأً وينكشف أمره .. ودونك أمثلة كثيرة من هذا القبيل كفضيحة ووتر قيت واستقالة نيكسون .. وفضيحة الجاسوس الشيوعي في مكتب المستشار الألماني الغربي واستقالة فيلي برانت .. فأين مسئولينا من مثل هذه الشفافية والسلوك المتحضر؟ اتق الله يا سيدي .. فلا تكن للباطل نصيراً .. فالافضل أن تنأى بنفسك من التطبيل الاجوف والدفاع عن الفساد والمفسدين، بحديث الافك الذي تقوله والذي اصابنا بالغثيان. عبد العظيم ادريس الخرطوم