القمة العربية تصدر بيانها الختامي.. والأمم المتحدة ترد سريعا "السودان"    إسبانيا ترفض رسو سفينة تحمل أسلحة إلى إسرائيل    كواسي أبياه يراهن على الشباب ويكسب الجولة..الجهاز الفني يجهز الدوليين لمباراة الأحد    ناقشا تأهيل الملاعب وبرامج التطوير والمساعدات الإنسانية ودعم المنتخبات…وفد السودان ببانكوك برئاسة جعفر يلتقي رئيس المؤسسة الدولية    مدير الإدارة العامة للمرور يشيد بنافذتي المتمة والقضارف لضبطهما إجراءات ترخيص عدد (2) مركبة مسروقة    منتخبنا فاقد للصلاحية؟؟    إدارة مرور ولاية نهر النيل تنظم حركة سير المركبات بمحلية عطبرة    اللاعبين الأعلى دخلًا بالعالم.. من جاء في القائمة؟    جبريل : مرحباً بأموال الإستثمار الاجنبي في قطاع الصناعة بالسودان    قيادي سابق ببنك السودان يطالب بصندوق تعويضي لمنهوبات المصارف    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    شاهد بالفيديو.. الرجل السودني الذي ظهر في مقطع مع الراقصة آية أفرو وهو يتغزل فيها يشكو من سخرية الجمهور : (ما تعرضت له من هجوم لم يتعرض له أهل بغداد في زمن التتار)    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان أحمد محمد عوض يتغزل في الحسناء المصرية العاشقة للفن السوداني (زولتنا وحبيبتنا وبنحبها جداً) وساخرون: (انبراش قدام النور والجمهور)    الخارجية تنفي تصريحا بعدم منحها تأشيرة للمبعوث    آفاق الهجوم الروسي الجديد    كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    مناوي: وصلتنا اخبار أكيدة ان قيادة مليشات الدعم السريع قامت بإطلاق استنفار جديد لاجتياح الفاشر ونهبها    مانشستر يونايتد يهزم نيوكاسل ليعزز آماله في التأهل لبطولة أوروبية    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا للمرة ال15 في تاريخه على حساب أتالانتا    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    عثمان ميرغني يكتب: السودان… العودة المنتظرة    واشنطن تعلن فرض عقوبات على قائدين بالدعم السريع.. من هما؟    د. الشفيع خضر سعيد يكتب: لابد من تفعيل آليات وقف القتال في السودان    الكشف عن شرط مورينيو للتدريب في السعودية    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    رسميا.. كأس العرب في قطر    وسط توترات بشأن رفح.. مسؤول أميركي يعتزم إجراء محادثات بالسعودية وإسرائيل    عالم آثار: التاريخ والعلم لم يثبتا أن الله كلم موسى في سيناء    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    "بسبب تزايد خطف النساء".. دعوى قضائية لإلغاء ترخيص شركتي "أوبر" و"كريم" في مصر    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    روضة الحاج: فأنا أحبكَ سيَّدي مذ لم أكُنْ حُبَّاً تخلَّلَ فيَّ كلَّ خليةٍ مذ كنتُ حتى ساعتي يتخلَّلُ!    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    الصحة العالمية: نصف مستشفيات السودان خارج الخدمة    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بمشاركة نخبة من المفكرين والمثقفين مفاكرة جريئة عن "الدولة الرسالية... والدولة الوظيفية"
نشر في سودانيزاونلاين يوم 08 - 03 - 2012

د. محمد محجوب هارون.. إقامة دولة إسلامية ليس أمراً عقائدياً.
سيد الخطيب: مشكلة الحركات الإسلامية أنها لا تطرح نفسها كخادم للشعوب.
الخطيب: على الحركة الإسلامية في السودان أن تمارس نقداً قاسياً لتجربتها.
د. غازي صلاح الدين: أفضل استخدام الدولة التعاقدية بدلاً عن الإسلامية.
د.عبدالله علي إبراهيم: على المفكرين الإسلاميين ألا يتركوا الشباب في
قارعة الطريق!
ضياء الدين بلال: الانتقال من الدولة الرسالية للوظيفية يحتاج لمراجعات عميقة
خالد التجاني النور: التجارب الإسلامية استبدادية لابد من أنسنة الخطاب الإسلامي.
نزار خالد: الجزيرة العربية لم تعش نظام الدولة في كل تأريخها!!
إعداد: عبدالباسط إدريس
الدولة الإسلامية.. كدولة وظيفية
تحت هذا العنوان تداعت نخبة من كبار المفكرين والمثقفين في الندوة التي
أقيمت مساء (الجمعة) الماضية، بمنبر الأمين السياسي للمؤتمر الوطني
بولاية الخرطوم د. نزار خالد، حيث قدم مدير مركز دراسات السلم بجامعة
الخرطوم د. محمد محجوب هارون أطروحة جديدة ومثيرة أخضعت لنقاش كثيف شارك
فيه مستشار رئيس الجمهورية د. غازي صلاح الدين ومدير مركز الدراسات
الاستراتيجية الأستاذ سيد الخطيب بجانب مشاركة نوعية لدكتور عبد الله
علي ابراهيم وعدد من الإعلاميين.
قدم مدير مركز دراسات السلام بجامعة الخرطوم د. محمد محجوب هارون أطروحته
حول مفهوم الدولة الوظيفية حيث ابتدر حديثه بالعبارة السائدة "الدين حمال
أوجه" وقال إن النص الديني به درجة عالية من التجريد الأمر الذي قال إنه
يوقعنا أحياناً في مصادمات غير ضرورية بخاصة عند الحديث عن دولة علمانية
أو إسلامية ويؤسسون على ذلك أخذا وردا كبيرين دون التأسيس على قاعدة
اتفاق على ماذا نعني بهذه المفاهيم (علماني وإسلامي ومدني) وقد تكون هناك
اختلافات بين المطروح وقد تصل الى اختلافات شديدة تستحيل معها المقابلة
بين القائمتين (أ) و(ب) ولفت هارون الى أن الناس بحاجة لوضع الأفكار في
سياقاتها ومضى للقول إن التجريد الذي نتحدث عنه في كثير من الأحيان يكون
في المحتوى الذي نشأ فيه عندما يوضع النص خارج ذلك السياق وهذه الجلسة
ستساعدنا كثيراً في توضيح تلك المفارقة.
تجلي السستم
ووصف هارون فكرة الدولة في تصورها عند الإسلاميين بأنها دولة شديدة
المركزية وكل الناس يعتقدون أن هدف الحركة الإسلامية هو إقامة الدولة
المسلمة وكل الناس كانوا يعتقدون أنها هدف لابد من الانطلاق منه والسعي
لتعميمه، وأضاف هارون قائلاً: "الدولة ليست بهذه المركزية في التصور
الإسلامي أو في أي تصور إنساني والدولة ليست شأناً عقدياً ولا المسلم؛
إذا لم تقم الدولة الإسلامية يكون من إحدى الفرق الضالة. ووصف الحاجة
للتنظيم بأنها عبارة عن مجتمع ينظم نفسه بشكل عنقودي. جملة دوائر تنظيمية
تتساكن وتتداخل فيما بينها لوظائف حصرية تؤديها الدولة أو وظائف متداخلة
تؤديها أكثر من حلقة"، وقال إن إحدى هذه الحلقات هي الدولة وفي أساسها
كما هي مطروحة هنا؛ هي عقد للوكالة عن المجتمع بجملة حاجات لا يستطيع أن
يؤديها بنفسه أو من الأفضل أن لا يؤديها بنفسه. تعاقد مع تنظيم سماه
الدولة وتنشأ من بعد الدولة علاقة تعاقدية مابين أفراد المجتمع وجهاز
اسمه الدولة وبالتالي تكون هذه الدولة معنية بالقيام بالوظائف التي
أوكلها لها المجتمع بناء على تعاقده معها، نافياً أن يترتب على ذلك نفي
التدين أو تثبته، مستدلاً بالتأكيد على أن مجتمع المسلمين يمكن أن ينشئ
تلك العلاقة.
ويمضي هارون قائلا: الدولة هي المالك الموكل لأداء وظائف متعاقد عليها
وهنا أريد أن أقول إن الدولة كمخلوق معني بالعمل وفق نظام متفق عليه..
ولديها خارطة مكوناتها الرئيسية وهي الهياكل ومجموعة المؤسسات والسياسات
والتشريعات حتى تؤمن سلامة وسلاسة تشغيل هذه الهياكل.
الدولة الإسلامية دولة وظيفية
يرى هارون أن للدولة رسالة ولكن علينا طرح سؤال عن ماهية هذه الرسالة؟
رسالة الدولة حماية المواطن وحفظ كرامته. الدولة أصلاً جهاز خادم ومن
منطلق ذلك هي ذات مهام وظيفية.
مشيرا الى أن العلاقة التعاقدية في النظم الغربية تقوم على (حقوق الدولة
ممثلة في الجمهورية وحقوق المواطن في الخدمات) مبينا أن الدولة في تطبيق
الدين معنية برعاية الأخلاق والسمو الروحي وليس تحقيق ذلك. بجانب أنها
معنية بتوفير المعرفة والأمن والعدل. ولفت هارون الى أن تلك الأشياء
بالضرورة تقود للحديث عما يشاع حول هيبة الدولة قائلاً: "الغريب أن
الحديث عن هيبة الدولة أجده في المجتمعات الأكثر تخلفا لأن المشاكل في
الغالب تكون عند تأكيد وتعزيز سطوة الدولة وقدرتها على البطش. ووصف
الدولة الإسلامية بأنها دولة وظيفية وأنها دولة عالية الكفاءة في الوظائف
المناطة بها وأي دولة يسود فيها عدم المعرفة وعدم العدالة والتخلف المادي
يصعب مقاربتها باتجاه أي تصور ديني والدولة الوظيفية بالنص القرآني هي
دولة العمل الصالح.
الخطيب تحديات وإمعان نظر
من جانبه قال مدير مركز الدراسات الاستراتيجية سيد الخطيب في مداخلته إن
ماخطر على ذهنه أن الناس دائماً عندما يكونوا تحت ضغط أحداث متسارعة
وكبيرة مثلما يحدث في بلادنا وحولها تدفع الناس لمثل هذا النوع من
التنادي ولكنها تكون أفكارا أولية تحتاج الى إعادة النظر فيها" ، وأضاف:
"الناس عادة تحت هذا الضغط من الأحداث يصيبهم قلق كبير جداً يشوب تفكيرهم
وفي غيرة تشوب تفكيرهم أيضاً، وأنا قبل مدة والإخوة في المؤتمر الوطني
ومع بدايات ما يسمى بالربيع العربي وجدت نقاشاً قلقاً جداً وشعرت أن
الباعث لذلك القلق هو غيرة لأن أي واحد في الجماعة الموجودة والتي كانت
في ذلك اليوم يقول إن عقدي الأساسي عندما دخلت لهذه للحركة طوعاً لم يكن
عقدي أن أكون في موقف المدافع عن أشياء غير مقتنع بها أو أن ابرر لها
ويقولون إنهم دخلوا على أساس أن يغيروا مثل الجماعات الاسلامية الاخرى..
لأن أساس التغيير هو الحرية والديمقراطية وغيرها من الأشياء.
ومضى يقول: "هذه النقطة تجعل الحديث تحت وطأة هذه الضغط محتاجا لإمعان
نظر "مرة ومرة" وقال: "ما فهمته من حديث الناس دون أن أظلم الأخ محمد
محجوب لأنني لم أسمع منه مباشرة ولكني فهمت أن هناك خيار آخر.
مشروعية البرنامج
وتساءل الخطيب عما حدث للفكرة بعد عشرين سنة هل هو من السوء بحيث نقول
إنها سالبة اجمالاً معتبراً أن الإجابة على هذه الأسئلة مهمة لأنها تجعل
الإنسان يقول اترك هذا كله أم أصحح وماهو التعريف المشروع بغض النظر عن
نجاعة تعريف محمد محجوب أم لا، وكل مشاريع التغيير للمنطقة الإسلامية
الآن تشير الى أن البديل والخيار هو إسلامي إلا أننا في السودان على وجه
الخصوص حوارنا يشكله النقد الذي يأتي من المعسكر غير الإسلامي أكثر من
النقد الذي يشكله التطرف الإسلامي بالدفع نحو المزيد من الغلو واعتبر أن
النقد الموجه مما يسمى بالعلمانيين وليس صحيح في الغالب ولا يصيب الفكرة
حتى لو أصاب الممارسة.
الدين والعلمانية
وواصل الخطيب قائلاً: الاتجاه الآن في الولايات المتحدة الامريكية كأقوى
ديمقراطية في العالم؛ التيارات الدينية لديها دور كبير جداً ودور متعاظم
وجريء ومرتفق مع التاريخ السياسي للولايات المتحدة وليس اليمين فقط الذي
يقيم حزام الانجيل بل سياسيين جادين متجهين نحو أن يطرحوا أنفسهم ولديهم
برنامج، وقال إن الدين شي أساسي في المناظرة العامة دون أن يثير ذلك
استغراب أو احتجاج. واستدل بالمناظرة التي دارت في نهايات عهد ريغن بينه
ومونديل لسنوات طويلة.. حيث كانت علامات الساعة واحدة من موضوعات النقاش
وهناك جدل غربي مستمر حول تجليات الدين في الحياة العامة. ولفت سيد
الخطيب الى أن الدستور الأمريكي نفسه ليس به فرق كبير عن الدستور
الاسلامي سوى عبارة واحدة " أن الشريعة مصدر أساسي في التشريع" وهذه لا
توجد في الدستور الأمريكي وخصوصاً إعلان الحقوق والعبارات التي يبدأ بها
فإن العبارات الدينية قوية جدا جدا " في الدستور الامريكي، ومضى الخطيب
مستبعداً أن يرى قريباً معركة قادمة حول موضوع الدين والعلمانية ولا أي
حركة إسلامية جاده تزعم أن لها حقاً إلهياً في أن تحكم الناس وإنما تقول
إن عليها واجب في أن تقدم ماعندها للمسلمين رغماً عن وجود ماوصفهم
بالمتطرفين والشاطحين الذين يحملون رؤى مغائرة وأضاف أن التقصير في عدم
رسوخ فكرة أن الحاكم في خدمة شعبه.
انزواء الحركة الإسلامية
وقال الخطيب: "الحركة الإسلامية في السودان والحركات الإسلامية البارزة
الأن وخصوصاً عقب عام 89 لم تصل لقناعة أنها في خدمة المسلمين والدليل
على ذلك أنها انزوت لأنها صارت عندها حكومة والأدلة كثيرة جداً التي تؤكد
حالة الانزواء... وانشغلت أيضاً بهرم الدولة وتريد أن تعرف أين مكانها
فيه.. وتقاصرت عن القيام بالأدوار الأخرى. ويمضي الخطيب: عندما نرى
مشكلة دارفور على سبيل المثال نجد أن للدولة طريقة تعامل معينة والأحزاب
كلها لديها طريقة تعامل معينة والحركة الإسلامية لديها طريقة تعامل معينة
لم يظهر هذا التمايز بينها والأخرين، فموضوع الإخوة أصلاً لم يطرح إما
كسبب من أسباب المشكلة أو كطريق للعودة الى حل المشكلة.
واتجه الخطيب لتلخيص فكرته الاساسية بالقول : و أرى أنه قبل أن تنتقد
التجربة وحتى يكون النقد سليما مع الاعتراف بوجود مطاعن كبيرة جداً
(ظاهرة جداً وكويس جداً أن معظم الناس منتبهين لها وشوية شوية القيادات
سواء كان في الدولة أو الحزب ستستقبل الكلام ده بروح ايجابية) واستدرك
الخطيب قائلاً: ولكن قبل هذه لابد أن تتوجه الحركة الإسلامية الى نفسها
وتنتقدها نقدا ذاتيا عميقا جداً لأن بعض الأشياء التي قيلت وأنا لا أتفق
مع الرأي الذي يقول أن كل تاريخ العالم الإسلامي تاريخ استبداد رغم أن
الحكم كان وراثي مثل ماكان العالم كله في ذلك الوقت من التاريخ وأنا لا
أرى التجربة الإنسانية كلها تكون للخمسة وثلاثين او السبعة وثلاثين سنة
الأولى من الهجرة ولا أرى أن الخلفاء الراشدين هم أربعة فقط ولا أرى أن
الخلفاء الراشدين بالضرورة أن يكونوا هم الحكام ولكن إذا قرأنا كتب
التاريخ الإسلامي والكتب التي تحدثت عن المجتمع الإسلامي.. الأغاني
والعقد الفريد والبيان والتبيين هي تتحدث عن أحوال الناس وفي دواوين
الشعراء تجد مجتمع طريقة الحكم فيه لبرالية لحد كبير جداً وليس فقط بسبب
عدم مقدرة الدولة في أن تطال الناس الذين يلجأون الى الأصقاع البعيدة
ولكن داخل بغداد والحواضر وداخل المدينة المنورة حتى في أيام الرسول (ص)
أنا ما أتخيل أبدا أن الحياة الاجتماعية كانت بالصورة التي يريدها بعض
الإسلاميين الآن وكان هناك تسامح وحرية تعبير على وجه الخصوص ولم يفكر
أحد في حظر (الف ليلة وليلة ) وكان الناس يتغنون بأشعار الحسن بن هاني
وابو تمام ولم يكن في ذلك المجتمع شكل من أشكال الاستبداد يمكن أن يشار
إليه كنموذج.
السيف والسلاح
ومع قليل من الاختلاف حول مفهوم الدولة الحديثة قال الخطيب إن كلمة دولة
إسلامية إن لم تكن موجودة لكن المفهوم على كل حال إنها دولة يحكمها حاكم
واحد ولديها دستور واحد ولديها علاقات داخلية، لكن بها ولاية للحاكم
الموجود على الأقاليم عن طريق عمال وغيره ومن الممكن رسم صورة لدولة
حديثة فعلاً فالاختلافات بينهما ليست اختلافات كبيرة... أحدهم قال إن
الدولة الحديثة الفرق بينها وبين الدولة في التاريخ هو أن الدولة الحديثة
تحتكر وسائل العنف يعني أن هذا هو التغيير الأساسي الذي حدث.. بمعنى أن
السلاح الآن يحتاج لترخيص بينما في السابق كل شخص له سيفه... وشيء آخر
يمكن أن تقول إن الدولة الحديثة تفكر في الأجيال القادمة وتتحدث عنهم
وزمان لم تكن كذلك.
جوهر المشكلات
بعد إمعان وتجليات عميقة شخص الخطيب أس المشكلة الحقيقية التي تكمن فيما
أسماه كيفية أن يكون حكم "المشروطية" إجابة على ادعاءات الناس بأن هناك
حاجة لإخراج الدين من الدولة وقال بثقة كبيرة ( الدين مابخرج) لافتا إلى
أن استخدامه الآن بات متعاظما في العالم كله ونحن نعتبره واحداً من
المصادر (وغير مقبول) أن تقول للناس واحدة من مواردك الأساسية تكون خارج
المعادلة ويصبح الموضوع موضوع برامج. وفي السياق قال الخطيب: وأخشى أن
يكون الحديث عن الدستور الإسلامي مصيبة كبرى بالطريقة المطروح بها لأن
المعركة الأساسية ليست في الدستور وإنما المعركة الأساسية في البرامج
المتنافسة وأضاف: من حق الإسلاميين أن يكون لهم برنامج ومن حق الآخرين أن
يكون لديهم برنامج وهناك جانب آخر يغفله الناس لأن الحقيقة وخاصة حركتنا
هنا ودولة الإنقاذ على وجه الخصوص استخدمته كدفاع لفترة طويلة حتى فقد
قدرته على الإقناع وهو في الواقع سبب أساسي لمعظم الالتباس الأساسي الذي
نراه وهو ذات السبب الذي ذهب بريح الاتحاد السوفيتي وهو الهجوم من الخارج
وأنا لا أتحدث عن مؤامرات ولكنني أتحدث عن أن هذه التجربة تصارع بيئة
محيطة غير مرحبة بها وعاقدة العزم على إفشالها وهو ما حدث في نيكاراغوا
رغماً عن أنهم (حوربوا حربا رغم إيمانهم بالديمقراطية ولكنهم فقط لا
يحبون اميركا) والحرب كان هدفها أن تفشل التجربة الديمقراطية في نيكارغوا
مثلما كان صارع التسلح مع الاتحاد السوفيتي ولا أحد يزعم أن أولئك الناس
لم يكونوا صادقين فيها لكن أن تدخل في منافسة تستنفد كل مواردك لتكون في
النهاية مجبراً على الانسحاب وأعتقد أنه في فترة الإنقاذ حدث ذلك بالضبط
فقد كانت في حالة استعداد دائم أدى لكثير من التجاوزات التي حدثت في
العشرين عاماً الماضية ولكنني لن أقول إنها السبب الوحيد ، وبالرغم عن
هذا التحدي الذي ليس تحدياً ملهماً ولكنه تحدٍّ مدمر.. فالهدف هو التدمير
وليس أن ترقي طريقتك في التعامل مرة بعد مرة.
غازي: الهم عام
استهل دكتور غازي صلاح الدين حديثه بالقول إنه غير قلق على التجارب
الإسلامية من واقع زيارته لمصر ولقائه بعدد من القيادات الإسلامية بمن
فيهم السلفيون في مصر. وأضاف غازي : (لا اشعر بأن الحركات الإسلامية بعد
أن مرت بأطوار كثيرة أنها لا تملك الحكمة في إدارة شأنها، حقيقة التمس
عندهم قدرا من الحكمة والآن ظاهر في التجربة التونسية ولدرجة ما في
التجربة المصرية وحتى عند السلفيين وشعرنا بإحساسهم بأن المهمة صعبة
ومعقدة جداً وهو احساس قوي وبالتالي استعدادهم للسماع كبير جدا.
مصطلح الدولة الإسلامية ما موجود في تاريخ المسلمين والدولة الحديثة
بوضعها الراهن هي دولة غربية. وأردف غازي قائلاً : صحيح أن الدولة في
العالم قديمة توجد دولة لديها رأس قيادي وترسل جيوشا وترسل سفراء أحياناً
برسائل وظلت هناك جبايات تفرض ولكن الدولة الحديثة التي نقيم فيها اليوم
هي لا تزال تتطور من نموذج نسفاليا في منتصف القرن السابع عشر، ولكن
الدولة في أمريكا وأروبا مفاهيمها ظلت تتغير بمعنى وظائفها وحدود
مسؤولياتها وضوابطها الاخلاقية. بمعنى أن الدولة نفسها حتى في النموذج
الغربي متحورة جداً ولذلك أنا اتحفظ على كلمة دولة إسلامية، وهي كما لاحظ
بعض الناس سواء أكان في التجربة الإسلامية أم التجربة الإنسانية عامة أي
مجموعة تجتمع على فكرة وتكون منها نموذجا فالنموذج حقهم هم وبإمكاني أن
أسأل سؤالا : الدولة الإسلامية التي نتحدث عنها في الخلافة الراشدة أو في
العهد الهجري أو في بدايات العهد العباسي لم تكن تجرم الربا مثلاً رغم أن
الربا حرام في الدين ولكن ما في قانون يجرم الربا ونحن دولتنا الآن تجرم
الربا فأيهما اكثر إسلامية؟
ويصمت غازي ثم يضيف : حقيقة بالمعيار الفقهي البحت هذه أكثر اسلامية
والخمرة مثلا بين المسيحيين وغير المسلمين كانت متداولة ونحن الآن نحرمها
ويفترض أن نموذجنا الآن اشد اسلامية ويمضي اكثر من الدولة الإسلامية
الاولى، ومثلما ذكر بعض الناس في القرن الأول وقبل أن تأتي تيارات الفقه
في القرن الأول التجربة الإسلامية كانت مدهشة جدا في نواح كثيرة، لأنها
في النظام الاداري اخذت من الدولة الرومانية أو الدولة الفارسية وكما هو
معلوم كلمة (الديوان) لم تكن كلمة عربية هي كلمة فارسية لكن اخذها سيدنا
عمر. واللغة التي كانت مستخدمة في هذه الدواوين غير العربية بل الموظفون
الذين كانوا مستخدمين في الغالب كانوا غير مسلمين واللغة التي كانت
مستخدمة في مصر كانت هي اللغة القبطية حتى القرن السابع أو الثامن للهجرة
واللغة التي كانت مستخدمة في شمال إفريقيا كانت اللغة اللاتينية.
ويخلص غازي إلى القول : (حقيقة أنا افضل أن الناس إذا أرادوا استخدام
الدولة الإسلامية اصطلاحاً لا بس ولكن هي دولة المسلمين الذين تواضعوا في
ذلك العهد المعين على أنها دولتهم وهذا يمنحنا مرونة كبيرة جداً للتفكير
ويمنع الاحتكاك الذي يحصل في المصطلحات لأنني ألاحظ الاحتكاك الذي يحدث
بين الإسلاميين وغير الإسلاميين وحتى في حوش الإسلاميين أنفسهم يحدث حول
مصطلحات أكثر من مضامين ولذلك افتكر أن هذه مسألة مهمة جداً).
ويضيف عتباني: في الدولة الإسلامية اصطلاحاً اظن أن الحديث الذي قاله
الأخ محمد هارون غير بعيد من هذه التصورات وهو رفض فكرة الدولة الوظيفية
بمعنى الدولة الميكانيكية التي ليس لها أي مبادئ حاكمة وليست لها روح
رسالية, وكلمة (رسالية) حقيقية في الإصطلاح اخذت بعدا مزعجا (شوية) لأنها
ارتبطت عند الناس بالتطرف أو بمحاولة فرض الإسلام بالقوة أو بتصدير
الثورة وغيرها ولكن هي كلمة لا عيب في مبدئها وأنا لا أرى مانعاً بين أن
تكون الدولة وظيفية بمعناها الميكانيكي وأن تكون رسالية في نفس الوقت،
والإشكالية هذه تحتاج لمعالجة اصطلاحية والأنسب أن نسميها دولة (تعاقدية)
والتعاقدية تعطينا مرونة عالية جداً، لأن العقد شريعة المتعاقدين. وهذا
مبدأ أصيل في الإسلام، الحفاظ على المواثيق في الإسلام يعتبر حرمة خاصة
حتى في نصرة المسلم " إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا
بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَوَوْا
وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ
آَمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ
حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ
النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ (72)
سورة الانفال" بمعنى تصور أنك لا تنصر المسلم إذا كان عندك ميثاق مع
الآخرين والميثاق قد يكون دوليا وقد يكون ميثاقا اقليمياً. والكلام عن
العقود في الإسلام كلام مكرر جدا فهي دولة (تعاقدية) اذن. وفي دولة
الرسول عليه الصلاة والسلام في المدينة عندما جاء وأراد تأسيس وحدة وطنية
عمل دولة ( تعاقدية ) – صحيفة المدينة- وافتكر انه مبدأ ينجينا من الكثير
جداً من الجدل وعندما نأتي لنرى دولة المسلمين الثانية بعد دولة الرسول
عليه الصلاة والسلام والخلاف الذي وقع بين الصحابة فيما فتح (عنوة) وما
فتح (صلحاً ) وكان واضح أن ما فتح صلحاً لديه شروطه الخاصة وهذا ما كنا
نقوله زمان للناس في قصة الجنوبيين والمواطنة وغير المواطنة ومبدأ
المواطنه لوجود (عقد) وأضاف غازي : ( والناس ديل يريدون أن يقعدوا معك في
دولة واحدة شرطاً تمنحهم حقوقهم متساوية ولا تقول لهم انتم أجانب،
والمسلمون عندما دخلوا بعض البلاد دخلوها بالشريعة مع الناس الذين دخلوها
صلحاً وليس مع التي دخلوها عنوة).
وهذه مسألة مهمة في توصيف نموذج الأخ محمد أن يمشي فيه المسلمون اكثر
لأنه يعطي مرونة كبيرة جداً ونحن نتحدث عن الدولة التي يمكن أن تجمع
الإسلاميين وغير الإسلاميين.
وختم غازي قائلاً : ( واخيراً اريد أن اوضح من الضروري الاشارة إلى
البعد الإنساني في الدولة الإسلامية والتي اسماه بعض الناس بالأنسنة وهذه
مسألة مهمة جداً لأننا كما قلت المسلمين في عصر معين قد يسرقوا وقد
يعتقلوا بصورة مختلفة جداً عن المسلمين في عصر ثان ومن الممكن جداً أن
تؤتى التجربة من قبل الإنسان وليس من قبل النصوص ومن قبل الهياكل
التنظيمية واحسن دليل على ذلك التجربة الماركسية وحقيقة قامت على فكرة
تدفع بقضية العدالة بصورة ممتازة جداً ومنهجية وقدمت نموذج دولة مثالي.
ومثلما كان يقول الناس إن دستور الاتحاد السوفيتي هو دستور مثالي واحسن
دستور مكتوب ولكن التجربة في النهاية اخفقت من باب البشر وليس من باب
النظر. وقد يقول الناس انها سقطت بالنظر ايضاً. ويقال إن اضعف ما
بالماركسية انها لم تدرك الطبيعة البشرية وعجزت عن التعامل معها،
فالطبيعة البشرية تحتاج لخيارات وعندما لا تعطيها خيارات تثور عليك
والتجربة الغربية هي حقيقة تجربة خيارات... والجانب الانساني مهم جداً
جداً وهو الذي يمنح (الصك) في النهاية للتجربة ناجحة ام غير ناجحة ومجموع
مجتمع المسلمين وحتى لا ينفرد الاخوان المسلمون أو السلفيون أو اية جماعة
اسلامية بحق التفسير الديني للنصوص وهي نقطة مركزية في الانتقادات
الموجهة للاسلاميين ويجب أن ينتبهوا لها).
ويمضي غازي للقول: ( إذن الدولة الإسلامية بهذا المفهوم هي التجربة التي
ينتجها مسلمون في دولة معينة وفي مجتمع معين وفي بيئة معينة وفي عصر معين
واعتقد بهذه الحواشي ممكن جداً أن يتقدم (منفيستو) جديد يوافق هذه اللحظة
التاريخية المهمة جداً لأن الدهشة والحيرة التي نعيشها الآن في السودان،
في مصر وتونس وفي المغرب يعيشونها بصورة اكبر وهناك احساس عام لدى
المسلمين والتيارات الإسلامية بحاجة لفهم جديد.
وبدأ الدكتور عبد الله علي ابراهيم بالتساؤل هل استخدام تعبير الدولة
الإسلامية استخداما تحليليا وثقافيا ساد في وقت ثم باد؟ من الصعب
الانتقال من موقف لآخر ولكي ندفع النقاش للأمام من الواضح أننا لا ننصف
أنفسنا في المقارنة بالغرب ونقول إن الغرب لا يعتني بهيبة الدولة ولكن في
الواقع الغرب يحافظ على هيبة الدولة بأدواته فهو غير محتاج لغلظة أو
خشونة بل يحتاج لأساليب أخرى لتمرير مشروعه ولكن الغلظة والخشونة والقمع
واستغلال الناس كل ذلك موجود في الغرب ولكن عن طريق الثقافة والتعليم
والإعلام تم ستر ذلك.
ويضيف ابراهيم: أصبحت أتبنى المصطلحات القرآنية والإسلامية بشكل يمكننا
من البحث عن طريق خاص بنا نحو الحداثة فلم أعد استثقل كلمة بركة في
التعليم، نعم التعليم فيه بركة، وكذلك كلمة العمل الصالح في الإسلام تعد
منجما لكثير من المعاني التي من الممكن البحث فيها عن طريق خاص بالدولة،
وعلى مفكري الحركة الإسلامية أن يطوروا مشروعهم من داخل هذه المفاهيم حتى
يحملوا معهم الشباب ولا يتركوهم في قارعة الطريق.
تجربة استبداد
تساءل رئيس تحرير صحيفة (ايلاف) الاقتصادية د. خالد التجاني عن لماذا
الواقع مخالف بدرجة كبيرة للمثال في واقع تطبيق مشروع الحركات الإسلامية؟
وقال إن التاريخ الاسلامي ليس مضيئا خاصة في ادارة الدولة لأنها ارتبطت
بكثير من الاستبداد وقال إن واقع الحركات الإسلامية انها حركات ماضوية
وقال إن الإسلام دين انساني يطبقه بشر وطالب بضرورة أنسنة الخطاب
الإسلامي. واعتبر أن الجديد في حديث محمد محجوب هارون أنه حاول المقاربة
بين الدولة الإسلامية والدولة الحديثة.
محاولات هروب
طوق نجاة
الاستاذ /ضياء الدين بلال رئيس تحرير السوداني قال إن الانتقال من مفهوم
الدولة الرسالية للدولة الوظيفية يحتاج لمراجعات عميقة وتقييم للتجربة
فليس من الممكن أن تتم عملية الانتقال لمربع جديد دون التخلص من تجربة
المربع الأول وفرز ما بها من سلبيات وايجابيات حتى لا تضطرب الخطى بين
المربعين، مفهوم الدولة الوظيفية موجود اصلاً في الفكر السياسي لذلك
سينظر لأطروحة الدكتور هارون بأنها وصول لأهداف قريبة عبر طرق شاقة أو أن
هارون ومن يتفق معه في الترويج لعملية الانتقال يرغبون في الهروب من
مشروع بدأت ملامح فشله تلوح في الأفق ومشروع الدولة الوظيفية يظن أنه
طوق نجاة.
شباب الحركة الإسلامية.. اتجاه نحو السلفية
استرسل الاستاذ الطاهر حسن التوم رئيس تحرير مجلة الخرطوم الجديدة اثناء
مداخلته في ذات القضية التي طرحها ضياء بلال وقال الطاهر إن المشروع
العلماني لن يكون خياراً بديلاً لشباب الحركة الإسلامية واشار إلى أن
البديل الذي يمكن أن تفرزه العزلة تحت ضغط الخيبة هو التيار السلفي الذي
قال انه وجد فرصة وتمدد بعد غياب د. حسن الترابي. ولفت الطاهر إلى انهم
اصحاب وجود قوي في المنابر والمساجد وحتى داخل مجمع الفقه الإسلامي
قائلاً إن خطوات الانتقال تتطلب استصحاب الآخرين.
عدم إجماع
من جانبه اشار الباحث محمد الواثق إلى عدم وجود إجماع حول المفاهيم
المطروحة بجانب ما اسماه بالفشل في صياغة المفهوم الحديث للدولة ولفت إلى
أن الدولة الإسلامية نفسها اتخذت مجموعة من النماذج والتجارب الأخرى وقال
الواثق إن المشكلة دائما ما تدور حول تشبيك القضايا القيمية بجانب
القضايا الخدمية قائلا إن للدولة جانبين هما جانب تشريعي معني بالقيمة
والمرجعية وجانب وظيفي متعلق بالخدمات.
الفكر الإسلامي والإنسان
وقال رئيس لجنة الثقافة والشباب والرياضة بالمجلس التشريعي لولاية
الخرطوم عبد السخي عباس في حديثه إن الفكر الإسلامي هو فكر انساني قائم
على تحقيق العدالة للانسانية جمعاء وقال إن مفهوم الدولة في الفكر الغربي
هي جهاز خادم وهي دولة وظيفية وشدد على أن مفهوم مركزية الفكر الإسلامي
غير صحيحة واعتبر أن كثيرا من الشرائع مرتبطة بالدولة وليس المسلمين وقال
بإمكانية تجاوز توصيف (التجريد) بإدراك أن الدين الإسلامي صالح لكل زمان
وقال رغماً عن ذلك ما يزال الجدل يثار حول دستور إسلامي وعلماني. واختتم
عبدالسخي حديثه بالاشارة إلى أن الدولة في الغرب قد ارتقت عقب حقبة طويلة
من الصراع تبعها حراك مدني طويل.
قضايا المواطنة ومستجدات العصر
الامين السياسي للمؤتمر الوطني بولاية الخرطوم د. نزار خالد قال في
مداخلته إن مفهوم الدولة الإسلامية يلتبس عند الكثيرين ( في ظل تجارب
الدولة الأموية والعباسية) ومضى للقول إن الجزيرة العربية لم تعهد نظاما
متماسكا يمكن أن يسمى بدولة طيلة تاريخها وقال إن النماذج المستحدثة قد
شابتها الكثير من اوجه الصراعات بين الحاكمين والمعارضين انتهى بإرث فقهي
أخذ قدسية من (الخلف) لا تستحقها. واشار إلى أن الكتابات الفقهية تمت في
حقبة تلك الصراعات ومعظمها مستلف من الحضارة الرومانية والفارسية. وقال
نزار إن مفهوم الخلافة الراشدة كان فيه رأس الدولة هو أمير المؤمنين الذي
يقود الجيوش، الأمر الذي قال انه افقد التجربة معايير اختياره وتحديد
صلاحياته. وقال إن تلك الاشياء قد اثبتت تجاربها فيما ظهر من فتنة خلال
عهد الخلافة الرابعة والتي اشارت لها كتب التاريخ، الامر الذي قال انه
غيب من ما سماه بالمبادئ الدستورية العامة، واختتم مداخلاته بالتأكيد على
ضرورة تحقيق مقاصد الشرع وقيم الدين في الحكم وليس تقديس المواقف الفقهية
بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم. وقال إن قضايا المواطنة ومستجدات
العصر يجب البحث عنها واستحداث مضامينها من مصادر الشريعة المتفق عليها
في الكتاب والسنة الصحيحة. وقال مضيفاً " علينا أن ندع كل حقبة تؤجر
وتؤخذ بما يليها من إبتلاءات ووقائع".
إشكالية مفاهيم
وقالت رحاب عبد الله من جامعة الجزيرة إن هناك حاجة لإعادة قراءة
المفاهيم بصورة صحيحة واشارت إلى أن المفهوم الإسلامي لا يتقاطع مع
المواطنة واستدلت بتطبيق الحركة الإسلامية في السودان لعلاقة الدين
بالدولة وتساءلت هل الشريعة هي حالة ام نتيجة لذلك التباين إن وجد؟ ومضت
رحاب قائلة إن مفهوم الدولة في الفكر الإسلامي كان هامشيا لعدم استصحاب
دور المجتمع الذي قالت انه الأساس.
مراجعات ضرورية
قبل ختام الجلسة حضر والي ولاية الخرطوم د. عبد الرحمن الخضر حيث قدمه
مدير الندوة الزميل الإعلامي غسان علي عثمان للحديث فيما القى الخضر
كلمات قليلات أشاد فيها بالأمانة السياسية للولاية وبفكرة تنظيم الحوار
الذي وصفه بالفكري العميق والمهم ودعا لاستمراره. وقال الخضر انهم في
حالة مراجعة مستمرة للتجربة والأداء بغرض التجويد ومعالجة اي اختلالات في
المسيرة. ولم تخلُ مداخلات الوالي من بعض القفشات والمداعبات بينه وبين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.