مجلس الأمن يعبر عن قلقله إزاء هجوم وشيك في شمال دارفور    أهلي القرون مالوش حل    مالك عقار – نائب رئيس مجلس السيادة الإنتقالي يلتقي السيدة هزار عبدالرسول وزير الشباب والرياض المكلف    وفاة وزير الدفاع السوداني الأسبق    بعد رسالة أبوظبي.. السودان يتوجه إلى مجلس الأمن بسبب "عدوان الإمارات"    السودان..البرهان يصدر قراراً    محمد صلاح تشاجر مع كلوب .. ليفربول يتعادل مع وست هام    أزمة لبنان.. و«فائض» ميزان المدفوعات    قوة المرور السريع بقطاع دورديب بالتعاون مع أهالي المنطقة ترقع الحفرة بالطريق الرئيسي والتي تعتبر مهدداً للسلامة المرورية    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا "أدروب" يوجه رسالة للسودانيين "الجنقو" الذين دخلوا مصر عن طريق التهريب (يا جماعة ما تعملوا العمائل البطالة دي وان شاء الله ترجعوا السودان)    شاهد بالفيديو.. خلال إحتفالية بمناسبة زواجها.. الفنانة مروة الدولية تغني وسط صديقاتها وتتفاعل بشكل هستيري رداً على تعليقات الجمهور بأن زوجها يصغرها سناً (ناس الفيس مالهم ديل حرقهم)    اجتماع بين وزير الصحة الاتحادي وممثل اليونسيف بالسودان    شاهد بالفيديو.. قائد الدعم السريع بولاية الجزيرة أبو عاقلة كيكل يكشف تفاصيل مقتل شقيقه على يد صديقه المقرب ويؤكد: (نعلن عفونا عن القاتل لوجه الله تعالى)    محمد الطيب كبور يكتب: السيد المريخ سلام !!    حملات شعبية لمقاطعة السلع الغذائية في مصر.. هل تنجح في خفض الأسعار؟    استهداف مطار مروي والفرقة19 توضح    لماذا لم تعلق بكين على حظر تيك توك؟    السينما السودانية تسعى إلى لفت الأنظار للحرب المنسية    ب 4 نقاط.. ريال مدريد يلامس اللقب 36    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أحمد السقا ينفي انفصاله عن زوجته مها الصغير: حياتنا مستقرة ولا يمكن ننفصل    بايدن يؤكد استعداده لمناظرة ترامب    الأهلي يعود من الموت ليسحق مازيمبي ويصعد لنهائي الأبطال    صلاح في مرمى الانتقادات بعد تراجع حظوظ ليفربول بالتتويج    سوق العبيد الرقمية!    أمس حبيت راسك!    (المريخاب تقتلهم الشللية والتنافر والتتطاحن!!؟؟    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    "منطقة حرة ورخصة ذهبية" في رأس الحكمة.. في صالح الإمارات أم مصر؟    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النوبة المرتزقة واثرهم فى تدمير الشعب النوبى على مر التاريخ(4-4). طالب تية، الاراضى المحررة


بسم الله وبأسم الوطن
مقدمة:
بعد تتبعنا لاحداث التاريخ فى السودان على مر العصور والحقب، وجدنا ان النوبة لا يهزمهم الا النوبة، فالعدو الخارجى بمفرده مهما كانت قوته لا يهزم النوبة، لذا كان العدو الخارجى يعتمد دائما على المرتزقة من ابناء النوبة، وخاصة الصفوة ذات المراكز الاجتماعية الرفيعة، وتجنيدهم فى قواته والاغداق عليهم بالمال والسلطان حتى يستطيعوا ان يهزموا او يضعفوا الشعب النوبى ، وبعدها يأتى العدو ويبسط سيطرته، بعد اقصاء هولاء المرتزقة المدفعوعى الاجر، بعد ان يكونوا قد ادوا مهمتم ومهدوا الطريق للعدو، للسيطرة الكاملة على النوبة.
وهذه الظاهرة قد تكررت كثيرا على مر التأريخ، ففى السودان القديم والسودان المسيحى والسودان العروبى الاسلامى واخيرا فى السودان الحديث حتى هذه اللحظة التى نكتب فيها هذا المقال نجد كثيرا من النمازج التى تنطبق على ما سنذكره فى هذا المقال، لذا رأينا لفت نظر المهتمين من الشعب النوبى لهذه الظاهرة الخطيرة، وتسليط الضوء عليها، للتعامل معها بمسئولية، والقضاء عليها تماما، والا، فان الشعب النوبى، سينتظره مصير اسود فى السودان الشمالى المتبقى لا محالة، وسيسوقهم ذلك فى نهاية المطاف الى الانقراض، ان هم تركوا المرتزقة من ابناءهم، ينخرون فيهم كالسوس، ويقومون بنفس الدور، الذى قام به الذين سبقوهم من المرتزقة فى السابق، مما ادى الى انهيار المماللك النوبية القديمة، واحتلال النوبة للمقاعد الخلفية، فى عهد انحطاطهم، فى السودان العروبى الاسلامى والسودان الحديث.
سنقوم فى هذه العجالة، بتسليط الضوء على هذه الظاهرة، وتتبعها تأريخيا، والوقوف على خطورتها، ومن ثم العمل على ازالتها او تقليلها للحد الادنى على الاقل، بوعينا بهذا الخطر الذى يحدق بنا. واننا قد راينا كيف استطاع العدو السيطرة على النخب من ابنائنا، بشراء ذممهم بالاغداق عليهم بالسلطة والمال والنساء، ومن ثم اطلاق اياديهم لكى تنخر فى مجتمعاتنا كالسوس. كم من ابنائنا من اساتذة الجامعات ومن الموظفين الكبار فى الدولة فى الخدمة المدنية وفى الجيش وفى الشرطة، بدلا من قيادة شعوبهم كما تفعل النخب فى كل الدنيا، الا انهم فى المواقع التى زكرناها، قد فضلوا الجلوس فى المقاعد الخلفية، واستمراء الخنوع والخضوع للعدو، فهم لم يظهروا الندية، بل تم استلابهم وتم تخويفهم بفقدانهم لمواقعهم القيادية، وافراغهم من محتواهم، واصبحوا يتوارون خجلا كالنساء، ويتم تحريكهم كالدومى او قطع الشطرنج، ليتم تسليطهم على رقابنا بعد هذا الاستلاب والادلجة المخجل والمميت فى نفس الوقت!!.
ان هذه الظاهرة لجد خطيرة، ويجب الالتفات اليها، والقيام بكثير من البحوث والدراسات التاريخية والاجتماعية والفلسفية والسايكلوجية والسياسية، للوقوف على هذه الخصلة المشينة والمذلة، واجتثاثها تماما من المجتمع النوبى، حتى يقوى هذا المجتمع، ويستعيد امجاده ليقود السودان، فهم اهل قوة وسلطان وحكم وادارة، لما تتوفر فيهم من هذه الصفات بالسجية، والتى قلما توجد عند غيرهم من الشعوب السودانية. فالذين يحكمون الان، ليست لهم اى خبرة فى ادرة الشعوب او الحكم، فقد لعبت الصدفة وحدها فى ان يصل هؤلاء الى مقاليد الحكم فى السودان. فذهنية هؤلاء لا تصلح الا لادارة مشايخ تكون مسئولة عن اثنيات متقاربة او خشوم بيوت ذات اثنية واحدة، ولكن ان يحكموا شعوبا وممللا مثل الشعب السودانى، فلا تجارب لهم فى ذلك بل قد فشلوا فى ادارة التنوع، والايام قد اثبتت ذلك من خلال اكثر من خمسين عاما من التجربة فى الحكم، واتوقع ان تسبقهم دولة السودان الجنوبى الوليدة فى ادارة الدولة. والا ان تركنا النخب منا ليتم اسطيادهم ليكونوا مرتزقة، ومن ثم توجيههم كسهام قاتلة على صدورنا، سينقرض العنصر النوبى العظيم من على الارض، كأقدم مجموعة اثنية حضارية مازالت تحتفظ بملامحها القديمة، اذ ان كل الحضارات القديمة قد اختفت تماما من الوجود، واصبحت تأريخا، كما وان اللاعبين الاساسيين فى تلك الحضارات قد اختفوا من الوجود ايضا، ولم يبق منهم الا النوبة، الذين هم اللاعبون الاساسيون فى الحضارة الكوشية، والذين مازالوا يحتفظون بكامل الملامح والاشكال الكوشية. فاللاعبون الاساسيون للحضارات الاشورية والفينيقية والفارسية والاغريقية والرومانية والفرعونية ليس هم نفس اللاعبون بنفس تلك الملامح والاشكال القديمة فى دولهم الحالية، بل قد حدثت فى تللك الحضارات تغييرات جزرية، وجاء لاعبون جدد بالتصاهر، ربما معظمهم من خارج الحدود، ليرثوا تلك الحضارات وينسبوها الى انفسهم.
النوبة المرتوقة فى السودان الحديث(4-4)
ج)سودان العهد الانجليزى المصرى.
لم تك للنوبة دورا مؤثرا على مستوى السلطة المركزية فى العهد الانجليزى المصرى نتيجة للتصفية المنظمة لقيادات النوبة وخيرة ابنائها ابان المهدية، لذا كانت جبال النوبة فارغة من القيادات القوية، وادى ذلك الى انغلاق النوبة وانعزالها كجماعة داخل المجتمع السودانى نتيجة للتأثير النفسى لما خلفته المهدية من دمار فى نسيجها الاجتماعى. ومع ذلك لم يستطع الانجليز اخضاع جبال النوبة الا بعد عقدين من الزمان . وقد كانت سياسة الادارة البريطانية ان تترك النوبة لوحدهم واقتصر نشاطها فقط فى دعم موقف الادارات الاهلية وجمع الضرائب لفرض نفوذ الدولة المركزية. فقد انتفضت النوبة ضد الانجليز عام 1904م عندما رفض سكان جبل شات دفع الضرائب الباهظة، وفى عام 1906م ثار اهل الجبال فى تالودى فقتلوا المامور و45 من جنود الحكومة وفى عام 1915م ثار الفكى على الميراوى وفى عام 1917م انتفض السلطان عجبنا ضد اساليب القمع التى كان يقوم بها الانجليز. نتيجة لذلك وخوفا من النوبة، وضع الانجليز سياسة قاسية تجاههم تم فيها استبعادهم تماما من التفاعل مع المجتمع السودانى او التفاعل بينه وبين نفسه. فقد تم قفل النوبة سياسيا واقتصاديا وتعليميا. اما اجتماعيا فقد تم قهرهم تماما. ففى الوقت الذى فتحت فيها مدارس فى الشمال لتعليم الشماليين باللغة العربية وفتحت مدرس فى الجنوب لتعليم الجنوبيين باللغة الانجليزية، قفلت جبال النوبة واخذ الانجليز اكثر من خمسة عشر عاما يتفاكرون فيما بينهم عن هل يتم تعليم النوبة باللغة العربية ام باللغة الانجيزية، وفى النهاية هدتهم عبقريتهم الى ابتكار نوع من التعليم لا هو بالعربى ولا هو بالانجليزى، وانما قد كان عبارة عن لغة الطير فى الباقير، لذا تخلف النوبة كثيراعن الركب فى مجال التعليم، وبالتالى فى كل المجالات الاخرى حتى هذه اللحظة.
اداريا، بعد ان حسم الانجليز الانتفاضات التى قامت فى الجبال قاموا بتكوين ادارات اهلية من القيادات الضعيفة فى جبال النوبة، وقد كانت هذه الادارات تعمل كمرتزقة لصالح الانجليز، وقد تعاونت مع الانجليز فى قهر المجتمع النوبى مقابل دعم مادى كانوا يقدمونه لها. وقد قامت تلك الادارات بتحصيل الضرائب الباهظة التى فرضت على كل منتجات النوبة المحلية بالاضافة الى ضريبة الدقنية التى استمرت الى ما بعد الاستقلال الى ان ثار ضدها النوبة فى العام (1964 - 1965م).
يمكن القول بان الانجليز الى حد ما حاولوا ان يقدموا شيئا للنوبة، الا انهم فى قرارة انفسهم قد كانوا يخافون من تأهيل النوبة خوفا من الثورة ضدهم، وخاصة ان جبال النوبة قد شهدت ثورات متكررة ضد الانجليز، لذا كانوا يمسكون العصا من وسطها، وعندما قرروا فجاة ترك السودان تركوا المجتمع النوبى يرزح فى ادنى درجات التخلف فى كل المجالات،
د)سودان الاستقلال.
انطباع مستعربى السودان عن السود فيه:
" اخلاقهم: وأسوا ما فى اخلاقهم العناد وجفاء الطبع وقلة التدبر والحزم. وافضل ما فيهم حب الطرب والحرية وبساطة القلب وعدم حب الذات. وهم اصلح البشر للجندية لما فيهم من ثبات الجأش وعدم المبالاة بالموت. وقد ادركت مصر ذلك منذ القديم فلم يمر عليها عصر من ايام الفراعنة الى اليوم الا جندت بعضهم فى جيشها. وفى الجيش المصرى الان عدة اورط منهم اى من الاورطة التاسعة فصاعدا واكثرهم من النوبة والشلك والدنكا. وهم ينضمون تحت لواء ويصدقونه مادام يحسن سياستهم ويراعى اميالهم اذ هم شديدو الشهوات الجسدية ومولعون جدا بالنساء وشرب الخمرة وليس لهم صبر على الجوع فأى سلطان اجرى لهم الزاد واطلق حرية الزواج وشرب الخمرة انضموا تحت لوائه وحاربوا له فاذا انكسر ووقعوا فى اسر عدوه فأحسن العدو سياستهم صدقوه وحاربوا سلطانهم الاول.
رقيقهم: هذا بشان السود الاحرار واما الرقيق فقد اشتهر .....ورقيق النوبة بالغدر والخيانة والحقد مع تحمل المشاق ..... ويسوس العرب الرقيق بالقسوة والشدة لزعممهم انه لا يصلح الا بهما ومن اقوالهم (( لا تأمن العبد اضربه واطعمه ترى الحاجة مقضية )) . ((والعبد اشقه واملأ كرشه يطلع خيره)). ومنه قول المتنبى :
لا تشترى العبد الا والعصا معه ان العبيد لانجاس مناكيد."
نعوم شقير، جغرافية وتأريخ السودان، تقديم د. فدوى عبدالرحمن على طه، ص (224).
هكذا بدأ العرب الحاكمون للسودان بعد الاستقلال بهذه الخلفيات الانطباعية عن سكان السودان السود والذين يشكلون اغلبية السكان. فهذه الخلفية الانطباعية لم تبنى على اى دراسات علمية حقيقية، لذا كانت اغلب الاستراتيجيات التى بناها الحكام الشماليون النيليون لحكم السودان فاشلة وهى فى طريقها الى ان ينهار السودان ليعود للوضع ما قبل تكوين السودان الحديث حيث كان عبارة عن مشيخات فى الشمال وممالك اسلامية زنجية فى الوسط والغرب و سلاطين فى الجنوب والذى استقل حديثا ليكون دولة. وربما ستلحق به بعض التكويات ان هم استمروا فى سياساتهم بناءا على معلوماتهم المغلوطة عن الشعوب السود فى السودان. فحكم الدول يختلف عن حكم العشائر والقبائل. فالسودان دولة تتكون من عدة شعوب وقبائل لذا لا بد من ان يحكم بهذا الفهم.
ان ما اقعد بالقوة الثورية المناضلة منذ الاستقلال وحتى الان من تحقيق اهدافها هى التواطىء الذى يقوم به المرتزقة من ابناء النوبة خاصة وابناء الهامش مع المركز على وجه العموم.
فقبل ان يبدأ الاستقلال بصورة رسمية، اندلعت الحرب فى الجنوب فى العام 1955م لقلة مانالوه من مناصب عند السودنة. وقد كان وقود تلك الحرب هم السود فى السودان. لقد اتبع الساسة الذين حكموا السودان بعيد الاستقلال سياسة اضرب العبد بالعبد. لذا كانت الحرب فى الجنوب التى تديرها العقلية العروبية النيلية فى الشمال بين الجنوبين والنوبة وقبائل دارفور الذين لعبوا دورا حاسما فى تحجيم المناضلين الجنوبيين وحصرهم فى اركان قصية فى الجنوب الى ان قرر شباب النوبة فى العام 1984م اتخاذ قرار الثورة المسلحة لحلحلة القضايا التى تواجه الشعب النوبى فى جبال النوبة لتعزر العمل المدنى السلمى. ومن هنا بدأ الشباب من ابناء النوبة بقيادة الشهيد البطل يوسف كوة مكى الانضمام الى الحركة الشعبية بقرار شجاع اتخذه هؤلاء الشباب. فبعدانضمام ابناء النوبة الى الثورة المسلحة فى الجنوب بدأت موازين القوى تتعادل الى ان وجدت الحركة الشعبية نفسها فى موقف قوى لا يمكن تجاوزه افضى فى النهاية الى اتفاقية السلام الشامل التى اعطت الجنوبيون الحق فى تقرير مصيرهم والاستقلال من السودان القديم المأزوم، كما اعطت النوبة وابناء النيل الازرق حق ممارسة المشورة الشعبية ولكن عصابة المؤتمر الوطنى قوضت تلك الاتفاقية بتزويرها للانتخابات فى جبال النوبة واشعال الحرب فيها مرة اخرى.
ولكن اثناء تلك الحرب، اى الحرب الاولى لعب بعض ابناء النوبة دور المرتزقة وقاموا بالحرب بالوكالة عن المركز بعد ان اغدق عليهم بالمال واطلق اياديهم لقتل وتشريد ابناء جلدتهم. ففى كادقلى قامت اول وحدة عسكرية للدفاع الشعبى على مستوى السودان اسندت عملية انشاءها لابن المنطقة العقيد كوة عبدالله. وقد لعبت تلك القوة دورا بارزا فى تحطيم النسيج الاجتماعى لابناء النوبة فى الريف الجنوبى وتم تهجير سكانها وسوقهم الى معسكرات التركيز حيث تم استخدامهم كعبيد فى تلك المعسكرات كما تم ادلجتهم واعادة انتاجهم وتكوين قوة عسكرية ضاربة منهم وتوجيههم الى صدور ابناءهم. والان هم الذين يحاربون للمؤتمر الوطنى فى جبال النوبة، خاصة فى محلية البرام. وقد شارك فى تلك الابادة والتهجير ابن المنطقة العميد حمد عبدالكريم السيد الذى اسنتدت عليه قيادة الفرقة العسكرية فى كادقلى. كما لعب ابن المنطقة اللواء محمد مركزو واحدة من اقسى عملية الابادة الجماعية وسط اهله الكواليب حيث قام بعملية سياسة الارض المحرقة، عندما احرق قرى ودمرها تدميرا كاملا.
فكما ذكرنا من قبل، النوبة هم وحدهم فقط فى السودان الذين لا يترددون فى حرب وابادة بنى جلدتهم لصالح الاخر. ففى الحرب الدائرة الان لا يمكن للمرؤ الا ان يقول بانها حرب بين النوبة فى المؤتمر الوطنى وبقية ابناء النوبة. حتى هذه اللحظة لم يقم المؤتمر الوطنى بتجريد قوة من الشماليين النيليين الذين يؤججون للحرب للذهاب للقتال فى جبال النوبة. فالذين يحاربون فى جبال النوبة الان هم المرتزقة المدفوعى الاجر من ابناء النوبة، خاصة الذين تم ادلجتهم فى الحرب الاولى من ابناء محلية البرام بقيادة المرتزق صالح دودارى باسناد سياسى من بعض ابناء النوبة فى تنظيم الكومولو السرى الذين تم ترويضهم وتخويفهم وافراغهم من محتواهم ليقوموا بافشاء باسرار التنظيم ومن بعد ذلك تم اغرائهم بالمال والسلطة ليمارسوا قمة الارتزاق ضد شعب النوبة. كما انه قد تورطت الادارات الاهلية لقبيلة كادقلى وقبيلة الميرى وقبيلة الشات بصورة مباشرة فى العمل الارتزاقى ايضا. ف احمد محمد هرون يستخدم كل من المك محمدرحال محمد رحال مك قبيلة كادقلى والامير محمد الزاكى امير قبائل الميرى والامير كافى طيارة امير قبائل الشات فى تجنيد ابناء النوبة فى مناطقهم فى الدفاع الشعبى بمقابل مادى يدفع لكل رأس يتم تجنيده. كما ان هنالك مبالغ مخصصة لكل شخص يتم استجلابه من الذين فى صفوف الحركة الشعبية، وهم فى ذلك يتنافسون. وقد وصلت الى مسامعنا بان المرتزق الاخر دانيال كودى قد ارسل كقاعد ثانى اسندت اليه مجموعة مكونة من 5الف من ابناء النوبة للذهاب الى كادقلى لتحرير منطقة هيبان، ويقال ان قواته الان فى مدينة كادقلى تخطط للاتجاه الى محلية هيبان ولننتظر لنرى كيف سيكون مصيرها.
ان العملية الارتزاقية التى يقوم بها بعض ابناء النوبة الان هى التى اخرت الثورة فى جبال النوبة، فلولاها لكانت الثورة قد قطعت شوطا بعيدا ووصلت الى مواقع متقدمة جدا فى هذا الصراع. وقد تم حتى الان تصفية 85% من القوة الضاربة من هؤلاء المرتزقة، خاصة فى عمليات الدار والجاو وطروجى الاخيرة مما جعلت الرئيس البشير يعتكف فى منزله لاكثر من ثلاثة ايام بعد سقوط تلك المناطق ويعلن بعد خروجه من الاعتكاف بتاليب الولايات لتجنيد الدفاع الشعبى لهزيمة الثوار فى كاودا. فالبشير يعلم جيدا من قراءته للتاريخ استحالة هزيمة الحركة الشعبية فى جبال النوبة خاصة فى الوقت الراهن، الا انه يكابر، وهذه تصرفات جعلية منه، والبشير لانه ليس له ولد لا يعرف كيف عندما يفقد الاب فلزة كبده.
نواصل الحلقة الاخيرة،
طالب تية،
الاراضى المحررة، اقليم جبال النوبة،
27فبراير 2012م.
المراجع:
1-نعوم شقير، جغرافية وتأريخ السودان، تقديم د. فدوى عبدالكريم على طه، ط1، دار عزة للنشر والتوزيع، 2007م.
2-د. محمد سعيد القدال، تأريخ السودان الحديث ( 1820 – 1955م)، مركز عبدالكريم ميرغنى، الطبعة الثانية، 2002م.
3-محجوب محمد صالح، اضواء على مشكلة جنوب السودان من مؤتمر جوبا الى اتفاقية نيفاشا، مركز محمد عمر بشير للدراسات السودانية، جامعة امدرمان الاسلامية، 2006م.
4-سير هرولد ماكمايكل، السودان، ترجمة محمود صالح عثمان صالح، الطبعة الثانية، مركز عبدالكريم ميرغنى، يناير/ كانون الثانى، 2009م
5-البروفسير محمد عمر بشير، تاريخ الحركة الوطنية فى السودان، 1900-1969م. نقله من الانجليزية، هنرى رياض ووليم رياض والجنيد على عمر، راجعه الدكتور نورالدين ساتى، الدار السودانية للكتب، بدون تأريخ.
6-محمد عمر بشير، تطور التعليم فى السودان، 1898م-1956م، ترجمة هنرى رياض ومحمد سليمان وعبدالله الحسن والجنيد على عمر، دارالجيل بيروت ومكتبة خليفة عطية الخرطوم، الطبعة الثانية، 1983م.
7-بروفسر بيتر ودوارد، السودان الدولة المضطربة، ترجمة محمد على جادين،مركز محمد عمر بشير للدراسات السودانية، جامعة امدرمان الاسلامية، الطبعة الاولى، 2002م.
8-عميد ركن (م) محمد الطيب فضل، كادقلى ومسيرة السلام، 1991م-1992م، بدون تاريخ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.