درج نظام الانقاذ على استخدام الرياضة وخاصة كرة القدم في تسويق بضاعته السياسية الكاسدة ، لذلك حرص على أن يكون عبد الرحمن الصادق المهدي هو ضيف شرف المباراة الودية التي جمعت بين نادي المريخ العاصمي و منتخب مقاطعة برازيليا دون سائر اعضاء (الحكومة الرشيقة) ، حيث نزل سيادة المستشار الى ارض الملعب وفي معيته والي الخرطوم وصافحا اللاعبين وصعدا الى المقصورة الرئيسية باستاد المريخ بعد ان لوح الشبل الانصاري الى الجماهير متقمصاً دورالعظمة في احدى بروفات الزعامة التي ابتعث من أجلها الى القصر الجمهوري . اقتحم النظام المؤسسات الرياضية فأصبحت انتخابات الاندية والاتحادات الرياضية تتم تحت اشراف غير منظور من جهاز الأمن والمخابرات لضمان تربع منسوبيه على كراسي مجالس ادارتها ليسهل له بذلك تمرير سياساته التي رسمها لاستخدام الرياضة في خدمة اجندته الخاصة . ولكي تتمكن هذه من الكوادر النجاح في مهمتها تفتح لها خزائن الدولة بالدعم المالي الغيرمحدود ، الأمر الذي جعل الجمعيات العمومية لهذه الاندية والاتحادات الى أن تتجه الى تقديم منسوبي النظام الى مجالس ادارتها حتى تتمكن من الحصول على الدعم المالي الحكومي بوصفهم الوحيدين القادرين على استقطابه . فاذا تجرأت قواعد اي نادي وقدمت الى مجلس ادارته اعضاء من غير المنتمين للنظام تقديراً لنشاطهم وكفائتهم وصدق انتمائهم له فسينقطع عنه الدعم الحكومي بحيث يظل التصديق به حبراً على ورق ، ويقضي اعضاء المجلس جل وقتهم في مطاردته دون ان يقبضوا شيئاً منه ، وبالتالي تفشل تسجيلات النادي وتمارينه وتتدنى نتائجه وتنقطع المياه والكهرباء عن داره ، الأمر الذي يعجل بثورة الجماهير على مجلس ادارته والاطاحة به سريعاً وتقديم بديله المنتمي للنظام حتى ولو كان هذا البديل لا يعرف الفرق بين حارس المرمى والحكم الرابع وبذلك يعود تدفق الدعم الحكومي وتدب الحياة مجدداً في جسد النادي ولسان حال جمعيته العمومية يقول (لن نكررها مرة أخرى). ظل النظام يستخدم شغف وحب السودانيين لكرة القدم في تمرير استراتيجيته في تأجيج نيران التعصب بين جماهير الناديين الكبيرين في البلاد لينشغل الشعب السوداني وخصوصاً الشباب منه في معارك انصرافية حتى لا تنتقل اليه عدوى ثورات الربيع العربي ، وفي سبيل ذلك سهل انتشار الصحف الرياضية التي تشعل نيران التعصب بين الجماهير واصبحت الملاسنات واستخدام ساقط القول هي سمة الكثير من الكتابات المتعصبة في هذه الصحف التي لا تخضع للتضييق الأمني الذي تتعرض له الصحف السياسية من مصادرة و اغلاق وجرجرة الى المحاكم . واتضح الدور الخبيث الذي تلعبه هذه الصحف من الزوبعة الاعلامية الفارغة التي أحدثتها عندما قامت اجهزة أمن النظام بالقبض على نجم جماهيري كبير ، وربطت ذلك بخبث بحادثة سب نجم جماهيري آخر من النادي المنافس ، قاصدة بهذا الربط أن يظل قطاع كبير من الجماهير منشغلاً بهذه القضايا الانصرافية ويغرق في مستنقع المهاترات وينسى غلاء الاسعار وتدهور العملة الوطنية ويصمت عن الفساد الذي اصبح يلف كل شيئ . ولكن اصاب النظام الرعب من سياساته التي ظل يتبعها في تأجيج نيران التعصب الأعمى بين الناديين الكبيرين في السودان بعد أن رأى ما حدث في مجزرة بورسعيد بجمهورية مصر عندما ادى التعصب الأعمى الذي دعمه السياسيين الي مقتل اكثر من سبعين مواطناً في احداث شغب اعقبت مبارة لكرة القدم هناك ، وتحول الأمر الى قضية رأي عام ضخمة اقيل على اثرها سياسيين من مناصبهم واحيلت قيادات امنية رفيعة الى التحقيق وعمت على خلفيتها المظاهرات كل ارجاء مدينة القاهرة . لذلك بدأ النظام في اطفاء نيرانه التى أشعلها بنفسه ليس رأفة بالشعب السوداني ولكن مدفوعاً برعبه من نتائجها التي شهدها في غيره وخوفاً من تأثيرها عليه وعلى الاوضاع التي يجتهد ليبقيها هادئة ومحايدة ، لتشهد الساحة الرياضية اتفاقيات ثنائية ولجان تسجيلات مشتركة بين الناديين الكبيرين وغيرها من وسائل الاطفاء . وحتى الآن مازال نظام الانقاذ يحكمً قبضته على كل مفاصل البلاد دون أن يستثني شيئاً ، حتى اصبح هذا الشعب يبقض كل شيئ تحشر فيه هذه العصابة انفها بما في ذلك هذه اللعبة الجماهيرية التي لم تسلم من سيطرتهم عليها وتزييف ارادة جماهيرها العريضة . طارق محيسي