( 1- 2 ) الدكتور أمين حسن عمر ، صاحب قدرات حوارية متميزة ، يمتلك فكرا واسعا ، حيث اثبت قدرات فائقة من خلال عطاءه المتدفق في عدة مواقع تقلدها في العمل العام وفي قيادة الحكومة السودانية ، بدءًا بالقصر الجمهوري مسئولاً عن ملف الإعلام الرئاسي ثم مستشاراً في أكثر من موقع ثم وزيراً ثم مسئولاًُ إدارياً عن الإعلام المسموع والمرئي في البلاد ثم مفاوضاً لا يشق له غبار في نيفاشا وفي الدوحة ، ويتميز د. أمين حسن عمر بآرائه الجريئة التي تترك اثرا واضحا لدى الرأي العام . ( الرؤية برس )جلست إليه في هذا الحوار وتحدث معه عن الحريات الاربع ، ومفاوضات اديس ابابا ، اضافة للحرب الالكترونية والاعلام الصهيوامريكي ، كما وضح رأيه فيما يسمى بتحالف الجبهة الثورية واعتداء جيش دولة جنوب السودان مؤخرا على منطقة هجليج . - كل المؤشرات تدل على ان الزيارة لن تحقق اهدافها بسبب رسائل دولة الجنوب العدائية.. و ليس لنا موقف نهائي حول زيارة الرئيس البشير لجوبا ،وهو ليس ذاهبا لأداء العمرة هناك . - الجنوب سيظل دولة جارة تربطنا بها مصالح كثيرة إذا ابدت رغبة في تحسن العلاقات - اتفاق الحريات الأربع ليس قريب المنال . - هذه الحركات انها لن تستطيع ان تغير حكومة ، الجهة الوحيدة القادرة على التغيير بعد الله سبحانه وتعالى هو الشعب الحرب الاعلامية الان اصبحت حرب الكترونية ، وقضية دارفور اختطفها الاعلام الغربي وتم تدويلها حتى اصبحت مادة دسمة لكل الوسائط الاعلامية ، الى اي مدى تضع الحكومة جاهزيتها لمواجهة هذا الحرب ؟ · معلوم ان الاعلام يعكس علاقات المركز والهامش الدولي بما يسمى بالعالم الاول ، والدول المتقدمة هى التي تضع الاجندة ، وللاسف غالبية الاعلام في دول العالم الثالث يدور في فلكها ، حتى ان وسائل الاعلام سواء ان كانت في اوربا او امريكا تجد انها عبارة عن مؤسسات محتكرة بواسطة عناصر واتجاهات محدودة يسيطر عليها الاعلام الصهيوني ، ولذلك التحيز ضد القضايا العربية والاسلامية اصبح بصورة عامة واحد من السمات الراسخة في اداء الاعلام الدولي ، اما الموقف من السودان فكان إمتدادا من هذا الموقف العام ، والسودان واحد من دول العالم الاسلامي يريد ان يقود إتجاه العودة للإسلام والاصالة ، وهذه هى الاشياء الممنوعة لدى المراكز الدولية لانها تعلم ان العودة للاسلام تعني اعتضاض النخبة بالشعب وبالتالي تقوية الكيانات السياسية في العالم العربي مما سيجعل إنفاذ الاجندات الخارجية اكثر صعوبة في عالم يتميز بالممانعة والمقاومة لمحاولة الاختراق او التعدي عليه ، والسودان يواجه كغيره من دول العالم الثالث هذه الاستهدافات غالبا بالوسائل التقليدية .. لذلك لم ينجح لان ليس هناك تكافؤ ، ولا يستطيع – ملاكم – من وزن الريشة ان يواجه ملاكماً من الوزن الثقيل ، لابد ان يكون الطرف الاخر من ذات الوزن ، ونحن في الاعلام نحتاج لمثل هذه الطرق الخاصة بنا ، برغم لا نمتلك الموارد الضخمة ولا النفوذ ولا الامكانات الهائلة ، لكن عبر هذه الوسائط والمهارات الخاصة يمكن ان نهزم العملاق ، واعتقد انه الان هناك فرصة واسعة لعمل هذا ، خاصة بعد بروز تكنلوجيا الاتصالات ، والان الشبكة الدولية للمعلومات تتيح لنا فرصة هائلة وتاريخية لان ما عملته الشركات بتكتيل الموارد في كتلة واحدة نحن نستطيع ان نعمل بتكتيل الشعوب ، وذلك بعمل منظمات كبيرة عبر العالم الاسلامي نشرك فيها مئات الألاف من الشباب ونتبنى قضايا العالم الاسلامي في الشبكة ونجعلها هى السائدة ، لكن هذا الاسلوب للأسف استخدم ضدنا بدلاً من ان نستخدمه نحن ، والان يتم تجنيد طلبة المدارس في امريكا لتبني قضايا العالم الاسلامي في الانترنت وذلك بترقيع مواد ضد السودان ، وما تكاد تعمل – طرقة – واحدة على الانترنت حتى يأتي اليك شئ سلبي عن السودان ، ولكن نستطيع ان نهزم هذا هزيمة فادحة بتجنيدنا اعداد اكبر ، ونحن اصحاب قضية ، ولو اننا اعددنا رسائلنا ثم بعثنا بها الى كيانات متناسقة تتبنى مجموعة من القضايا ثم نعمل عبر الشبكة لرحي هذه القضايا ، لا شك اننا سنحقق انتصارا ، ولكن الامر يحتاج الى عمل وتنظيم كبير ، وعمل تعبوي وتنسيق مستمر ، واعتقد ان واحدة من فوائد ثورات الربيع العربي انها نبّهت الى الشباب الى امكانية استخدام الشبكات الدولية في التعبئة والتنظيم ، وان كانت هذه الشبكات استخدمت في التعبئة ضد الاستبداد الداخلي ينبغي ان تستخدم ايضا بصورة اكبر ضد الاستبداد والهجمة الخارجية . · هل هناك جهود مبزولة من قبل الحكومة لمواجهة مثل هذه الحملات ؟ الحكومات ينبغي الا يعوّل علي جهودها لمواجهة مثل هذه الحملات ابداً ، انا اتحدث عن حركات اسلامية وشعبية وحزبية لان هذا هو التيار الشعبي الواسع ، والحكومات يمكن ان تنخرط في هذا الامر او لا تنخرط ، ويمكن ان تقوده او لا تقوده لانها غالبا تعمل بجهود محدودة ومأجورة ، ونحن نريد أناس يعملون بدوافع سالبة حتى لا يكون هناك جهد او وقت يبخل به ، وهذا طبعا فهم محدد ، لكن ستجد حكومات متحمسة لمثل هذه القضايا ، كما ستجد حكومات غير متحمسة . · كنت رئيس الوفد الحكومي في مفاوضات الدوحة حتى خرجت لنا " وثيقة سلام دارفور " هل اتت اكلها ؟ ويعمل القائمون على امرها بتنفيذ بنودها كما يجب ؟ نعم .. لان الاتفاقية ذات نفسها واضحة وبها جدول تنفيذي مرفق بها ، لذلك خارطة الطريق بها مرسومة ، واعتقد ان مناخ العمل بين السلطة والولايات مناخ جيد ، كذلك مناخ العمل بين الحكومة والسلطة الانتقالية . وكل هذه الامور تدفع بالتسريع في إنجاح وتطبيقا اتفاقية الدوحة وظهور نتائج لهذا التطبيق . · تحالف الجبهة الثورية .. برأيك هل يمتلك مقومات قيادة ثورة تغيير شاملة في السودان ؟ مقاطعاً .. نحن موجودون في الحكم 21 سنة وطوال هذه السنوات نسمع عن جبهات متعددة وتغيير شامل ، لابد أن تعلم هذه الحركات انها لن تستطيع ان تغير حكومة ، الجهة الوحيدة القادرة على التغيير بعد الله سبحانه وتعالى هو الشعب وإسقاطها عن طريق صندوق الانتخابات ، اما اذا اعتقدوا انهم يستطيعون عن طريق صندوق الذخيرة فإنهم سيفشلون مرة بعد اخرى . · لكن هناك تحركات عسكرية لهذا الجبهة على الميدان .. هذه التحركات لم تكن قناة مستمرة طوال الوقت ما عدا فترة قصيرة بعد توقيع اتفاقية السلام كانت هناك تحركات في كل الجبهات وليس بالامر جديد ، وبالنسبة لدينا اذا كانت هناك اجندات اجنبية لتوظيف اجندات داخلية سنواجه مثل الامر وهو لا يخيفنا ، ونحن كنا دائما في حالة – مدافعة – مع مثل هذه الكيانات ، لذلك لن نمل من المدافعة ، ونعتقد ان هذه المدافعة نحن مأجورين فيها والاخرين والآخرين مازورين فيها ولذلك لن يمل المأجور قبل ان يمل المازور . · ما مصير اتفاق الحريات الاربع في ظل انتهاكات دولة الجنوب وتعديها على الاراضي السودانية ؟ اولا ليس هناك اتفاق حول الحريات الاربع ، هناك اتفاق حول مناقشة هذا الموضوع وليس اتفاق عليه ، وهناك فرق بين الاتفاق حول المناقشة والاتفاق عليه ، والمواقف لا يزال نفسه ، نحن على استعداد بالشروط التي ذكرناها إذا عادت العلاقات طبيعية ثم تطورت من الحالة الطبيعية الى الحالة الودية بين البلدين فنحن على استعداد لمناقشة موضوع الحريات الاربع ، لانه لا يتعلق بحكومة الجنوب فهى تتعلق بشعب دولة الجنوب وبعلاقات شعبية وليس بعلاقات حكومية ، لكن بالطبع تصرفات الحكومات تؤثر فيها ، ولذلك اذا لم تتحسن العلاقات على ارض الواقع ولم تتوقف العدائيات بصورة شاملة فلا معني للحديث على موضوع الحريات الاربع . والان نحن نتحدث عن دولتين والاتفاقيات بين الدول تقوم بمعاهدات وبعد ان يتم التوقيع عليها تذهب للبرلمان للمصادقة عليها .. وهذا الحديث سابق لآوانه لنتحدث عنه في الوقت الراهن ، ونحن الان لم نبلغ مرحلة النقاش ، دعك من مرحلة الاتفاق ثم تحويل الاتفاق لمعاهدة ثم ارسال المعاهدة للبرلمان . · بعد الهجوم الذي نفذه الجيش الشعبي على مناطق بهجليج ، هل سيتم إلغاء القمة الرئاسية بين البشير وسلفاكير . زيارة الرئيس البشير ليست مقصودة في ذاتها وانما مقصودة لتحقيق اهدافها ، اذا كانت كل المؤشرات تدل على ان الزيارة لن تحقق اهدافها لان الرسائل التي تاتي من دولة الجنوب رسائل عدائية فلا معنى لإجراء مثل هذه الزيارة في الوقت الراهن حتى تتحسن الاوضاع وتكون الظروف مواتية ويكون مناخ اللقاء مناسبا للإتفاق لان الرئيس ليس ذاهبا للعمرة في جوبا وانما ذاهب لاتفاق والان كل الدلائل تشير على ان الاتفاق ليس قريب المنال .. فلا معنى ان يذهب الرئيس لجوبا او لغيرها للقاء لن يترتب عليه شئ . · لكن الاعلام ما يزال يتحدث عن قيام هذه الزيارة برغم تجاوزات حكومة الجنوب ؟ انا اتوقع ان تسعى جهات داخلية وخارجية لمحاولة تحسين المناخ وإيقاف التوتر .. وهذا عمل جيد ونحن نرحب به ، ولكن لا نتوقع ان يتم بسرعة بعد كل ما حدث ، فمن الصعوبة ان يتحول – المد العدائ لجذر ثم الى بحر هادئ وسوف يستغرق بعض الوقت . ونحن حتى الان ليس لنا موقف نهائي من زيارة جوبا ، بمعنى اننا لن نقول " لا يجوز للرئيس ان يذور جوبا او لن يجوز للخرطوم ان تستقبل سلفاكير .. هذا غير صحيح ، لان العلاقات بين الدول ينبغي ان تقوم على الدبلوماسية ، والدبلوماسية بها – مد وجذر – وبها تأثر وتطبيع ، كما بها علاقات مصالح دائمة ، ودولة الجنوب ستظل دولة جارة تربطنا بها مصالح كثيرة ، وإن ابدوا الرغبة في تحسين العلاقات سيجدون هذه الرغبة متبادلة ، وإذا حاولوا الاعتداء علينا سنرد على هذه الاعتداء بما يستحق . · هل هناك اتصالات سرية بين الدولتين لتجاوز ازمة هجليج ؟ على المستوى السياسي لا توجد ، اما على مستوى الدبلوماسي ، فتوجد سفارة لجنوب السودان في الخرطوم ، وسفارة للخرطوم في جوبا ، ولا يستطيع ان اثبت او انفي ما اذا كانت هذه السفارات تطلع بأي دور للاتصالات بين البلدين في الوقت الراهن . · هناك تناقضات في تصرفات حكومة الجنوب واطروحات قادتها .. جاء وفدها الى الخرطوم وبعد عودته مباشرة تم الاعتداء على مناطق هجليج ؟ طبعاً .. هذا واضح ، ولو لم يكن هناك تصريحات مثل التصريحات التى صرّح بها سلفاكير ربما كان اثر ما جرى في هجليج اقل بكثير ، ونحن نتوقع ان يكون هناك عدم تنسيق في دولة ناشئة مثل دولة الجنوب الشئ الذي يؤدي لتفلتات ، وتصرحات الرئيس سلفا اثبتت ان هذا الامر ليس تفلت وانما هى استراتيجية تقودها الدولة لذلك كان رد الفعل قوي على مثل هذا السلوك ، وليس على الاعتداء فقط ولكن على الإقرار بهذا الاعتداء . · وماذا عن تصريحات سلفا باحتلال هجليج ؟ هذا واضح .. وسلفاكير كان يدرك تماما انه عندما يقول مثل هذا الحديث لا يمكن ان يتصور ان الرئيس البشير سيأتي اليه في جوبا لتقديم الشكر على احتلال هجليج ، والامر كان مرتب ومعد له مسبقا بعناية فائقة .