إليكم الطاهر ساتي [email protected] اقترح لكم ... حرية الإعتداء أيضاً..!! ** ( ما كنا دايرين نشيل هجليج بالقوة، لأنها أرض جنوبية، وكنا دايرينها ترجع بالمفاوضات)، هكذا خاطب رئيس حكومة جنوب السودان إجتماع ما يسمونه بمجلس تحرير حركته..قالها سلفاكير عقب إعتداء قواته منطقة هجليج.. يأتي الإعتداء الذي يعترف به سلفاكير قبل أن يجف مداد الوريقات التي عاد بها الوفد الحكومي، والمسماة باتفاقية الحريات الأربع..وقبل أن تكمل الفضائيات والصحف تحليل نتائج زيارة باقان..وقبل أن تناقش مؤسسات الدولة وأجهزة الحزب الحاكم زيارة الرئيس المرتقبة الى جوبا..علما بأن مناطق الهجليج المعتدى عليها ليست من المناطق الحدودية المتنازعة فيها، بل هي منطقة سودانية حسب حكم لجنة التحكيم الدولية، ومع ذلك هذا ما يحدث: إعتداء على أرض سودانية، بأمر وعلم وإعتراف رئيس دولة أجنبية..( دولة أجنبية دي حامضة)، لكنها الحقيقة.. وبالمناسبة، آن الأوان بأن تتمايز الأشياء وتتجلى المواقف، بحيث تكون إما سودانية كاملة الدسم أو جنوبية لاتشوبها شائبة..وليس هناك من داع للتناول الرومانسي للقضايا السودانية حين يكون الطرف الآخر فيها دولة أجنبية، (شقيقة كانت أو صديقة)..يعنى بالواضح كدة : لقد ذقنا مرارة (العلاقات الأزلية )، بحلايب وشلاتين..ونأمل ألا نتجرع مرارة ذات العلاقة بهجليج وحفرة النحاس..فلنتفق أو نختلف فيما بيننا في اطار هذا السودان، ولكن حين يكون السودان طرفاً في أي صراع مع الآخر يجب أن نتخندق في خندق السودان، وننسى ونتناسى تلك الرومانسيات..وبالتأكيد هناك من يظن بأن التخندق في خندق السودان يعني الدفاع عن الحكومة وسياساتها، وهذا قصر نظر ليس إلا..!! ** المهم..ما يحدث بمنطقة الهجليج لايخدم السلام، ولا يقرب بين الشعبين.. ويوم جاء وفد الحكومة متأبطاً ورقة الحريات الأربع، قلت : تنزيل هذه الحريات الى أرض الواقع، بحيث يهنأ بها أهل السودان والجنوب، بحاجة الى مناخ غير هذا المناخ الردئ..نعم، لقد أخطأت حكومة دولة الجنوب بهذا الإعتداء، ولم تكتف بخطأ الإعتداء فحسب، بل مارست نوعا من التضليل حين قالت بلسان رئيسها ( كنا دايرنها ترجع بالمفاوضات)..حفرة النحاس بجنوب دارفور، وليست هجليج، هي التي يجب أن ترجع أو تذهب بالتفاوض..وكذلك المغينس ، ثم كاكا التجارية، وأبيي..تلك هي المناطق الحدودية التي يجب إختراق ملفها الشائك بالحوار الجاد والمسؤول، وليست هجليج المعتدى عليها..وحكومة الجنوب تعلم ذلك، ما لم تكن لغة نصوص حكم لجنة التحكيم الدولية هيروغلوفية.. ليس هناك ما يبرر لحكومة الجنوب بأن تعتدي على منطقة سودانية، غير أنها تضج بالصقور ودعاة الحرب وهواة الفتنة، أي كما حال الحزب الحاكم بالخرطوم..والمؤسف في حادثة الإعتداء على هجليج هو أن المحتفي بالإعتداء هو (رئيس حكومة الجنوب)..أي رب البيت - الذي يجب أن يكون حكيما - هو الذي يعزف موسيقى الحرب، ويرقص على أنغامها.. أي كما حال سادة منبر السلام هنا أيضاً..!! ** إن كانت الغاية من الحريات الأربع هي بناء الثقة، فان مثل هذا الاعتداء يهدم هذا البناء.. وإن كان المراد بزيارة الرئيس الى جوبا هو تحقيق اختراق إيجابي في الملفات الشائكة، فان حدثاً من شاكلة الاعتداء على حقول النفط بهجليج يحول دون تلك الزيارة.. فاي حوار - بين الرئيسين أو بين الوفدين - بحاجة الى مناخ سياسي نقي .. ولكن، منذ البارحة والى يومنا هذا، لم تعد في سوح السياسة غير التعبئة والإستنفار..وللأسف، حكومة الجنوب هي التي وقعت في شراك هذا المناخ الردئ، بذاك الإعتداء الطائش.. فلتعتذر، ثم تفاوض الحكومة في قضايا الحدود والبترول والملفات الأمنية .. وإذا نجحت حكومة الجنوب في الوصول الى حلول متفق عليها في تلك القضايا مع حكومة السودان، فأن الحريات الأربع سوف تأتي وهي تجرجر أذيالها، وذلك بإرادة الشعبين، وبلا وسطاء..ومن الغباء أن يأمل أي مواطن - سودانياً كان أو جنوبياً - في الحريات الأربع، في ذات اللحظة التي يخاطب فيها رئيس دولة أحدهما وسائل الإعلام بخطاب فحواه : ( ما كنا دايرين نشيلها بالقوة، لكن شلناها بالقوة )..هل هذا مناخ حريات أربع؟، فما لكم كيف تفكرون .. إقترح للخطيب وادريس - وبقية الضعفاء والرومانسيين - إضافة حرية أخرى مهمة جدا في تلك الحريات، بحيث تكون اتفاقية الحريات الخمس، وهي : ( حرية الإعتداء ) ..على كل حال، ما لم يحدث تغيير جذري لإحدى الحكومتين - بالخرطوم أو بجوبا - فلن يهنأ السودان وجنوب السودان بالسلام ... !!