[email protected] البرقوق فاكهة شهية تشبه الطماطم في حجمها ولونها إلا إنها حلوة المذاق ، هذا النوع من الفاكهة كان معدوماً في السودان من قبل ولا يذوقها السوداني إلا إذا زار دولة عربية أو أجنبية فهي تزرع في بلاد الشام ومصر ... نلاحظ هذه الأيام وفرة البرقوق في السوق السوداني حتى في الأحياء الشعبية مما يدل على إستيراده بكميات وفيرة من الدول العربية ، ربما مرد ذلك لسهولة المواصلات بعد فتح الطرق البرية مع الشقيقة مصر أو ربما لقرارات الجامعة العربية بإعفاء الرسوم الجمركية من السلع ذات المنشأ العربي ، المهم رغم ذلك نجد أن سعره غالياً جداً مقارنة بمناطق إنتاجه فهو من الفواكه الرخيصة الثمن هناك...من أبجديات العملية الإقتصادية هي أنه كلما توفر العرض وقل الطلب قل ثمن السلعة والعكس ، ولكن الشاهد في السودان رغماً عن الوفرة الكبيرة للسلع بمختلف أنواعها بل حتى الكماليات والتي وصلت حد الإغراق، إلا أن الأسعار في إرتفاع مستمر فهل الخلل في النظرية الإقتصادية (العرض والطلب) أم الخلل فينا؟... نعلم أن دولة رأسمالية كبرى مثل أمريكا تتدخل لحماية المستهلك في حالات الأزمات الإقتصادية وذلك بمعالجات مختلفة كالإقتراض من النظام المصرفي مثلاً والأخير رغم خطورته يظل معالجة ولو آنية للأزمات... ما نعيشه في السودان أن الدولة رفعت يدها تماماً من السوق وتركت المواطن يعاني الويلات وكأنه أحد رعايا دولة أجنبية... الجانب الآخر هو جشع التجار بإتخاذهم أسعاراً خرافية لسلعهم بغية الوصول للثراء الفاحش بأقصر الطرق ... إن مكالمة تلفونية واحدة من أحد التجار كافية لرفع سلعة ما إلى الضعف ليس في العاصمة الخرطوم فحسب وإنما في كل ولايات السودان... بسبب هذه الإتصالات صارت السلعة الزراعية أو الحيوانية ثمنها مرتفعاً حتى في مناطق الإنتاج أسوة بأسواق الخرطوم...مهما كان سعر الدولار مرتفعاً ومهما كانت الجبايات والرسوم التي تفرضها الدولة ، لا يمكن أن تكون أسعار السلع بهذا الإرتفاع الجنوني...إنها أزمة ضمير وأخلاق (رحم الله إمرء سمحاً إذا با ع وإذا إشترى وإذا قضى وإذا إقتضى)... إنها أزمة حكومة غير حازمة ورادعة بل وغير مهمومة بأمر المواطن المغلوب على أمره .