بدأ بإلتهاب شديد في أسفل العمود الفقري من الأسفل جاعلاً كل الجسد يتوجع يشعر بالسهر والحمى. والعضلات الطولية تتمزق مشدودة ممطوطة في تمددها العنيف خاصة العضلات الفخذية لتحكمها وقربها الكبير من الحوض ، فتكاد تتمزق وتنقلع وتبتعد من حوضها المعهود لتتقوقع منكمشة جنوبا أسفل الوادي الخصيب ، حتى لدرجة أن يحس الجميع بالوجع المؤلم هذا ويتباكى البعض ويذبح متبلدي الإحساس الخرفان والثيران إبتهاجا فرحين بالتخلص من عضو وجزء من لحم الجسد الحي نهائياً كما يعتقدون. لكن يزداد الألم في الوسط والجانبين والرأس فتلتهب الكليتان شرقاً وغرباً وتتضخم أموال الكبد وسطاً فينهار الجنيه ويرتفع الدولار. يزداد الصداع في الرأس وتسمع الطلقات النارية في كجبار بعد فقع مرارة المريء في أمري وموت خمسة وستة في إنتظار ما سيقوله الأطباء بعد خروجهم من غرفة العمليات ثم الإنعاش وقد سبقهم أكثر من عشرين ماتوا فطيسا في جانب الكلية الشرقي وبلا وجيع وإشتعلت كليته في الغرب نارا وقصفا ولجأ بعضهم لدول الجواروهم يدعون المولى بتسهيل آلام المخاض. وحتى ذلك الحين وسماع ما سيقوله الأطباء تجف أراضي المكابراب ولحم الضأن تأكله الكلاب ويخرج المناصير في محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من لحم المريضة الضحية، وتنشف أراضي المهد الجديد في مشروع قرى أمري الجديدة. تتضمحل المياه ويجف الضرع في ام خيرا بره وجوة كردفان الغرة ويشتعل معها نهرالحليب الأزرق الذي إرتفعت درجة حرارته وقد كان مصدروفرة غذائية للمريضة المنهكة القوى لقلة فيتامينات ودربات الأملاح ومنعها من الحقن الرخيصة السريعة المفعول والأدوية المنقذة وهي في أمس الحوجة لها لصحة المولود القادم. تنهار خدمته المدنية والعسكرية وتتهشش عظام عدله وتسيس خدمتها كلها عن بكرة أبيها مع هيئته القضائية مما يجعل الولادة قيصرية والمخاض عسيرا. فالشعب اليوم في ترقب ممل متابعاً لآلام المخاض في إنتظار المولود الجديد.