إنفصال تنمية صالح حامدين يكتب الي صديقه الهادي آدم: في الرسالة السابقة تحدثنا عن "الزول السمح" وقلنا أن تعبير زول تعبير خاص لايعرف أحد أن يستخدمه استخداماً صحيحاً إلا السوداني، وهذه أحد دلالات تميزنا واختلافنا عن الآخرين. منذ أن أصبح الإنفصال يمشى بوجهه القبيح في ربوع السودان الحبيب، ونحن هنا في الغربة المتاخمة للبحر نتألم ونعاني تدمي منا القلوب عند رؤية شكل الخريطة الجديدة للوطن بعد الإنفصال، ذلك السودان الذي حملناه في قلوبنا مشاعر وذكريات جميلة ورحلنا الى ديار الغربة. وطناً تركنا ترابه أمانه وحملناه ثقافة بداخلنا وخرجنا. تركناه أمانه للذين سلكوا طريق لا يؤدي إلى التاريخ، سلكوا طريق لا ينتهي عند الشعب؛ من قال لهؤلاء الاذكياء ما بداخل الإنسان قابل للتقسيم؟! حالنا اليوم كحال المنتظرين جنازة البحر لا نتوقع من أحد يقولنا يكون مات، إذا عرف أن زولاً لينا غرق. ظل سؤال وأحد يطرح علينا باستمرار: - أنت من الجنوب ولا من الشمال؟ - كانت الاجابة دائما أنا من الغرب. - الغرب دا تابع للشمال ولا للجنوب؟ - تابع للشمال. وبذلك ينتهي الحوار قبل أن يبدأ. الأكثر ذكاء قال عندما القيت عليه أجابة " أنا من الغرب" قال: " كده ضيعتنا". هذا كل ما سمعنا هنا في هذا البلاد المضيافة، والجميل في الأمر أن الناس هنا لا يجاملون يقلون للأعور .. أعور، لذلك لا يوجد بكاء على جنازة البحر، أو على اللبن المسكوب. سؤال " أنت من الجنوب ولا من الشمال؟" الذى يحمل في طياته الكثير من الصراحة والوضوح والقليل من التهكم، لم نسمع مثله أو غيره من جامعة الدول العربية؛ أحد أعضائها إنشطر الى نصفين، لكن جامعة الهناء والسرور لم تحرك ساكناً، كأن الامر لا يعنيها من قريب أو بعيد، أو هو كذلك. في الضفة الأخرى للنهر ترك عرابو الانفصال ومهندسوه الباب موارباً أمام العودة مرة أخرى للوحدة بدليل تسمية السودانين على غرار اليمنين والالمانيتين. سبحان الله صار من يمسك بالمشرط أرحم بالوطن من أبنائه على بعضهم البعض وعلى الوطن. أين نحن من العلاقات الأخوية؟ أيعقل أن نكون في زمن الحرب أكثر مودة وأخوه منها في زمن السلام بين أبناء الوطن الواحد؟ أين نحن من تنمية ربوع الوطن من جنوبه وشماله، شرقه وغربه؟ تنمية حقيقة، وليس تنمية مستدامة... تنمية مستدامة... تنمية مستدامة وبعدين "فول أستوب"، تسمع بالتنمية وما تشوفها في أرض الواقع. إنصاف التنمية المستدامة هي عملية تطوير الأرض والمدن والمجتمعات وكذلك الأعمال التجارية بشرط أن تلبي احتياجات الحاضر بدون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تلبية حاجاتها. وتجرى التنمية المستدامة في ثلاثة مجالات رئيسة هي النمو الإقتصادي، وحفظ الموارد الطبيعية والبيئة، التنمية الإجتماعية.أن من أهم التحديات التي تواجهها التنمية المستدامة هي القضاء على الفقر، من خلال التشجيع على إتباع أنماط إنتاج واستهلاك متوازنة، دون الإفراط في الإعتماد على الموارد الطبيعية. التنمية البشرية هي عملية توسيع اختيارات الشعوب والمستهدف بهذا هو أن يتمتع الإنسان بمستوى مرتفع من الدخل وبحياة صحية بجانب تنمية القدرات الإنسانية من خلال توفير فرص ملائمة للتعليم. عام 1994 صدر تقرير التنمية من الأممالمتحدة الذي أكد فيه أن التنمية البشرية هي نموذج من نماذج التنمية والتي من خلالها يمكن لجميع الأشخاص من توسيع نطاق قدراتهم البشرية إلى أقصى حد ممكن وتوظيفها أفضل توظيف في جميع الميادين. وهو يحمى كذلك خيارات الاجيال التي لم تولد بعد. ويخلص التقرير إلى أن التنمية المستدامة تعالج الإنصاف داخل الجيل الواحد وبين الأجيال المتعاقبة. بدأ مفهوم التنمية البشرية يتضح عقب إنتهاء الحرب العالمية الثانية وخروج البلدان التي شاركت في الحرب مصدومة من الدمار البشري والإقتصادى الهائل وخاصة الدول الخاسرة. فبدأ بعدها تطور مفهوم التنمية الاقتصادية وواكبها ظهور التنمية البشرية لسرعة إنجاز التنمية لتحقيق سرعة الخروج من النفق المظلم الذي دخلت فيه بسبب الحروب. يمثل منهج التنمية البشرية الركيزة الاساسية التي يعتمد عليها المخططون وصانعو القرار لتهيئة الظروف الملائمة لإحداث التنمية الاجتماعية والاقتصادية. يمكن إجمال القول أن التنمية البشرية منهج يهتم بتحسين نوعية الموارد البشرية في المجتمع وتحسين النوعية البشرية نفسها. " إن قراءة التاريخ أمر حسن، ولكن الأفضل أن يساهم المرء في صنع التاريخ.". نهرو أخوك: صالح حامدين