(على المحك) salahyousif65@yahoo0com نحب كثيراً لدرجة الهوس متابعة انتخابات دول الغرب لرؤسائها وبخاصة انتخاب الرئيس الأمريكي، ولم يحدث أن شغلتنا أي انتخابات تجرى في دول العالم الثالث لمعرفتنا سلفا بماً يصاحبها من طبخة معروفة النتائج التي قد تصل لسقف التسعة وتسعين في المائة طالما أنها تتم تحت إشراف السلطة الحاكمة0 ولأن الانتخابات التي جرت مؤخراً في تونس ومصر جاءت بعد ثورات الربيع العربي فقد حظيت ببعض الاهتمام عسى أن تتغير الصورة المألوفة من قبل خاصة وأن حماس الثورات لم يفتر وأن الرغبة في قياس الرأي ومراكز الثقل الفعلية بعيداً عن المؤثرات الضاغطة كانت عاملاً جاذباً اكسبنا ثقافة تترسم خطواتها في طريق التسليم بإرادة الأغلبية المقترعة0 بدأت ثورة 25 يناير المصرية بعزيمة وإصرار الشباب الذين ضحوا بدمائهم من أجل التغيير ثم التحق بهم قطاع الشيوخ وبقايا المنضوين تحت لافتات حزبية ظلت مهيضة الجناح لفترة طويلة بعد أن نضجت الثورة وسارت في طريق المضي بلا عودة للوراء0 وما أن أجريت انتخابات مجلس الشعب المصري حتى ظهرت الولاءات القديمة ففلحت الأحزاب أو الجماعات التي كانت على قدر من التنظيم في إحراز مقاعد لا يستهان بعددها0 ثم تأكد لنا ذلك بصورة أوضح حين دقت ساعة الذهاب لصناديق الانتخاب لرئيس الجمهورية إذ عكست أجهزة الإعلام شيوخاً يتصدرون قوائم الترشيح وآخرين صفوف الاقتراع أكثر من قطاع الشباب الذين يمكن أن يؤثروا كثيراً في النتيجة لو لم يتقاعسوا عن حماسهم الأول0 وخلال فترة الحملة الانتخابية كنا نلحظ تعدداً لوجهات النظر وانبرى كل فريق لتعضيد مرشحه، فهل يعتبر خفوت صوت الشباب الثائر تفويضاً لمن رأوا الشمس قبلهم أم أنه قناعة بدورهم الرقابي وبالتالي نراهم يسلمون الراية للرواد، أم يا ترى أن للشباب في حد ذاتهم ولاءاتهم الخفية غير تلك التي وحدتهم بميدان التحرير وسرعان ما عادوا اليها0 لقد كانت ثورات الربيع العربي في بداياتها تضم كل شرائح المجتمع بانتماءاتهم المختلفة حيث أن هدفها الأول يقتصر على إزالة الأنظمة القائمة دون أن تكون ملامح البديل ظاهرة للعيان، ولذلك مرت الدول التي نجحت في تغيير أوضاعها السياسية بسهولة وعانت وتعاني الكثير لتثبيت أقدامها في أرض تتحرك بين الثبات على مبادئ الثورة والوفاء لمن يستندون إلى مرجعيات سياسية راسخة0 وفي خضم هذا الصراع تعالت أصوات في ليبيا وصلت بالبعض حد المناداة بشكل من التمييز أو الخصوصية داخل الدولة الأم، ولا زال الشعب التونسي يتململ إلى درجة إذ لم يقطف ثمار تضحياته على جناح السرعة بينما ركن الثوار في اليمن للهدوء لترتفع أصوات البنادق من عناصر القاعدة وربما فلول الماضي التي ستشكل خطورة ليس على اليمن وحدها وإنما على مصالح الغرب الذي كان يأمل في تجيير الثورة لصالحه0 تشير الأخبار الأولية في الانتخابات المصرية إلى أن الرئاسة ستخضع لجولة ثانية يتنافس فيها من جهة محمد مرسي المدعوم من جماعة الأخوان المسلمين رغم انه كان لاعباً احتياطياً جاء بعد استبعاد خيرت الشاطر و يقاومه من جهة أخرى أحمد شفيق، آخر رئيس وزراء في عهد مبارك وهو الذي لم يتلوث كالذين سبقوه في التعاون مع النظام السابق0 ولعل انتخاب رئيس بأغلبية يقبلها ثوار الشارع المصري ليست نهاية المطاف إذ أن ذلك مثل وضع العربة أمام الحصان حيث أن مهام الرئيس المنتخب بحاجة إلى وقفة مهمة تتعلق بإقرار الدستور الذي يحدد صلاحياته خاصة وأن اللجنة التي ستضعه لم يحسم أمر تكوينها في وقت تسيطر فيه أغلبية معينة على مقاعد السلطة التشريعية0