عثمان ميرغني يكتب: «منبر جدة» والتوافق السوداني المفقود    مجلس السيادةينفي ما يتم تداوله حول مراجعة الجنسية السودانية    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    إقصاء الزعيم!    برشلونة: تشافي سيواصل تدريب الفريق بعد تراجعه عن قرار الرحيل    إيفرتون يصعق ليفربول بثنائية    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    السيسي: قصة كفاح المصريين من أجل سيناء ملحمة بطولة وفداء وتضحية    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    الجيش يقصف مواقع الدعم في جبرة واللاجئين تدعو إلى وضع حد فوري لأعمال العنف العبثية    تشكيل وزاري جديد في السودان ومشاورات لاختيار رئيس وزراء مدني    الحلم الذي لم يكتمل مع الزعيم؟!    أحلام تدعو بالشفاء العاجل لخادم الحرمين الشريفين    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    السودان..رصد 3″ طائرات درون" في مروي    البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك    دبابيس ودالشريف    كواسي إبياه سيعيد لكرتنا السودانيةهيبتها المفقودة،،    في أول تقسيمة رئيسية للمريخ..الأصفر يكسب الأحمر برعاية وتألق لافت لنجوم الشباب    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    وزير الخارجية المكلف يتسلم اوراق اعتماد سفير اوكرانيا لدى السودان    فيديو.. مشاهد ملتقطة "بطائرة درون" توضح آثار الدمار والخراب بمنطقة أم درمان القديمة    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. "دعامي" يظهر في أحضان حسناء عربية ويطالبها بالدعاء بأن ينصر الله "الجاهزية" على "الجيش" وساخرون: (دي بتكمل قروشك يا مسكين)    شاهد بالصورة والفيديو.. إعلامية مصرية حسناء تشارك في حفل سوداني بالقاهرة وتردد مع الفنانة إيلاف عبد العزيز أغنيتها الترند "مقادير" بصوت عذب وجميل    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    عن ظاهرة الترامبية    مدير شرطة محلية مروي يتفقد العمل بادارات المحلية    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مع "ياسر ميرغني" وحول حقوق المستهلك وضد "دولة" الجشع والاحتكار


حديث أجراه: عادل حسون
هذا الحديث الصحفي ستجده منصباً في معظمه في وعن ولاية الخرطوم وليس السودان الشمالي بكامله. فالمركزية الإدارية لا تزال تختزن فصولاً لتروى في بلاد السودان بعدُ، رغم الإدعاء الرسمي بنهج اللامركزية والفيدرالية. على كلٍ، ولاية الخرطوم تميّزت بالابتكار والجديد لاعتبارات متنوعة ربما تحتاج إلى قراءات أخرى. من بين ذلك نشاط (الجمعية السودانية لحماية المستهلك) المنظمة المدنية التي نصبّت من نفسها محامياً عن المستهلكين في السنوات الأخيرة. وهؤلاء الأخيرين قضاياهم بدورها لا تعد ولا تحصى. فمحمد أحمد السوداني لديه حقوق بالجملة على الدولة والمؤسسات والقطاع الخاص في محصلة محاسبتها تجده الخاسر الوحيد. لكن محامي المستهلكين (جمعية حماية المستهلك) ممثلة في أمينها العام ابن سن الأربعين الطبيب الصيدلاني ياسر ميرغني ظهرت مؤخرا في صف "الحكومة" بعدما شوهد "ميرغني" منضماً إلى عضوية الآلية العليا للمعالجات الاقتصادية والاجتماعية برئاسة والي الخرطوم ل(متابعة الترتيبات المتعلقة بتوفير السلع وزيادة الإنتاجية والتوسع في منافذ البيع). كانت عبارات اللغة "الديوانية" التي صيغ بها التعميم الصحفي الصادر عن أمانة الولاية "روتينية" ولا تجذب رائحتها أنف الصحافة لتحسسها. لكن الرائحة الطاغية التي تشُّتم من على البعد، انطلقت من انضمام (جمعية حماية المستهلك) إلى عضوية (الآلية العليا) على اعتبارها "نوع من أنواع تكامل الجهدين الرسمي والشعبي" حد وصف البيان الحكومي. فكان ذلك محفزاً لل(التيّار) للبحث في حقيقة انتقال "دفاع" المستهلكين إلى حيث يجلس "الإدعاء"، المتسبب الأول في الأزمات النفسية التي يعانيها المواطنين من غلاء الأسعار إلى عشوائية الإدارة وجشعها إلى جهل التخطيط وفقره وإلى الكثير من خطوط المشكلات التي يعرفها من واقع التجربة معظم إن لم يك كل السودانيين وليس مواطني الخرطوم فقط. جاء دفاع (الجمعية) عن موقفها في الالتحاق بآلية الحكومة "العلية". فكان الحديث الذي اتصل إلى موضوعات متفرقة منها (مراكز البيع المخفّض وقانون حماية المستهلك وإعادة إحياء الجمعيات التعاونية وأسلحة المقاطعة والاعتصام وما إليها في المعركة مع عفريت الجشع والاحتكار). في ذات الوقت الذي يتوعد فيه حزب الأغلبية في رئاسة الوزارة بشارع النيل الخرطوم وفي "البرلمان" بأم درمان- "المؤتمر الوطني"- المواطنين بتغطية فروق حساباته الخاسرة من جيوبهم وعرقهم.
"الغالي متروك".. سلاحٌ باقٍ
يقول ياسر ميرغني من رؤية مختلفة لاستخلاصنا السابق أن: حماية المستهلك مسئولية الجميع، نحن ذهبنا إلى الآلية لأنها تجمّع للجان الشعبية في محلية الخرطوم وليس الولاية ونعقد اجتماعا في كل أسبوع مع منسقي اللجان والمعتمد منذ فبراير الماضي. نجحنا في توزيع السكر وغيره من السلع الأساسية بنظام (البطاقة التموينية) لو تذكره قديماً في الثمانينات. ولكن تغيّر المسمى وفق طلب الحكومة- حتى لا يفهم ردة إلى الماضي- إلى مسمى (بطاقة تنظيم توزيع السكر). ونفخر بتخفيض سعر السكر من أربعة جنيهات إلى 3,70 قرشاً. انضمام الجمعية لا يعني أننا تخلينا عن حقوق المستهلك فنحن رقابة شعبية لا نصدر قرارات تنفيذية لكن لدينا سلاحنا المرفوع (الغالي متروك) لأي سلعة تتجاوز حدها. نحن نعمل مع أي جهة لمصلحة المستهلكين حتى لو كان والي الخرطوم. كوننا في لجنة مع الوالي لا يعني أننا نبصم على القرارات. الولاية دفعت إلينا بمكتوب لتمثيل (جمعية حماية المستهلك) في الآلية ورئي لدينا أن أمثل الجمعية. وعلى هذا الأساس شاركت. وهدفنا أن السلع الأساسية تكون معلنة في العبوة والأسعار تكون محددة سلفاً. ولدينا اهتمام كبير بالسلع الخاصة بالأطفال (السكر/ الألبان/ الحبوب).
تحرير الأسعار وسلال العاملين
ولكن الأسعار لا تحدد تحت سيادة نظام التحرير الاقتصادي والخصخصة وحرية السوق المتوحشة؟. هنا يقول أمين جمعية حماية المستهلك بأن: تحرير الأسعار لا يعني الفوضى، فالتاجر يحدد تكلفته وسعر البيع وللمستهلك الخيار في شراء السلع والمفاضلة كحق من الحقوق الثمانية للمستهلك. لدينا الآن أكثر من (68) مركزاً للبيع المخفض في محلية الخرطوم و(48) مركزاً في كل محلية من المحليات الست الباقية إضافة إلى سلة قوت العاملين في الولاية والمستوى الاتحادي (ليس كل العاملين بالجهاز الإداري بالمستويين الاتحادي والولائي سيحصل على سلة قوت العاملين لشهر رمضان القادم- المحرر) وهي 100,000 سلة مدعومة وبأقساط شهرية حتى نهاية العام. إذن تخفيض العبء عن مثل هذا العدد من المواطنين فهذا إنجاز لمصلحة كل هذه الأسر رغم تحفظاتنا كجمعية على بعض النقاط. سعر الفراخ (الكيلو) في هذه المراكز يبلغ 13 جنيه بينما تجده في السوق وصل إلى 20 جنيها وبالتالي التاجر ربما يضطر لتخفيض سعر الفراخ وهذه تصب في مصلحة المواطنين.
"حلة الملاح" وأجناد من القانون
لم يخفض حاجب الدهشة مما أسلفت به جمعية حماية المستهلك قبلها بأيام وقت هددت بالاعتصام في مواجهة غلاء الأسعار. كانت الجمعية التي يقودها أحد أعيان مدينة الخرطوم (د. نصر الدين شلقامي) قد أفلحت على مدى سنين أن تقنع حكومة ولاية الخرطوم في آخر تشكيلة لها يناير الماضي ضم وزارة جديدة لشئون المستهلك. فكيف كان صدى الإعلان وما هو أفق التعاون- إن وجد- بين جمعية حماية المستهلك ووزارة شئون المستهلك؟. يقول ياسر: رحبنا بإنشاء وزارة لشئون المستهلك ولكن التقييم لعمل هذه الوزارة سيتم بعد مضي 6 أشهر على إنشاءها. والآن هي تحكمت في كل السكر الذي يوزع على نطاق ولاية الخرطوم ويسلم للمحليات السبع. استطاعوا أيضاً أن يوحدّوا نافذة منح التصديقات لما يليهم من مشروعات. ونحن سعيدين بأن الوزارة عممت أمس (الأربعاء) إعلاناً مدفوع القيمة في كل الصحف عن الأسعار المحددة لسلعة السكر. وأنا طالبت كممثل للمستهلكين في آخر اجتماع بتحديد أسعار ما نسميها ب(حلة الملاح)، وهي سبعة أصناف ليس من بينها اللحم وهي (الفراخ/ العدس/ الأرز/ الدقيق/ الزيت/ اللبن/ السكر). نحن على الرغم من أننا منظمة طوعية لا تتقاضى ربحاً في أنشطتها وأن بعض جهات الحكومة تقول أننا نتلقى تمويلاً لعملنا، لكننا أمددنا وزارة شئون المستهلك بكوادر بحثية مدربة من الشباب الذين نتعاون معهم. وأمددناهم ببحوث ودراسات في هذا الحقل. ونعتقد أنه بإجازة (قانون حماية المستهلك) سوف لن نحتاج للآلية العليا للمعالجات لأن القانون ليس مجرد نصوص ومواد ولكن جند مجندة وديباجة على الأسعار ستقضي على نهج الجشع والاحتكار.
التعاونيات.. يا حليل رياضنا الغّنا
قديماً في حينا البحراوي (الدناقلة شمال) كنت أُبتعث من الأسرة في مرسال التموين الأسبوعي، السكر والدقيق والزيت والصابون، من الجمعية التعاونية بالقرب منا بالجوار. فأين هي ذهبت مثل هذه الجمعيات؟. عن "التعاونيات" يقول ياسر: تم تفعيل (15) من مخابز الرغيف تحت إشراف الاتحاد العام للجمعيات التعاونية. أصلاً رئيس اتحاد التعاونيات عباس كرار من حلفاءنا الطبيعيين ونعمل معه ولدينا شعار مع اتحاد التعاونيات القومي هو (لا تهاون في التعاون). لدينا هدف أساسي أن نفعّل كل الجمعيات التعاونية التي أغلقت منذ 1989م. ونحن نرى أن أموال الجمعيات التعاونية المصادرة هي ملك للمساهمين الذين هم المواطنين والجماهير وليس الدولة. هنالك قلة من المسئولين تقف ضد الحركة التعاونية سيتم حسمهم. وسنحتفل جميعاً باليوم العالمي للتعاون الموافق 7/ 7/ 2012م بإحياء (100) جمعية تعاونية على مستوى ولاية الخرطوم.
مراكز "البيع المخفّض" وتناقض "حكومي"
التعاونيات بدورها تقودنا إلى مراكز (البيع المخفض) التي أطلقت لها ولاية الخرطوم البخور وعزفت لها المعازيف في الأشهر الماضية. أنشئ بعضها إسراعا وسرعان ما أزيل. لا يزال البعض يعمل بنجاح وفاعلية، فالأسعار وإن كانت متقاربة مع أسعار السلع في أسواق الجملة وحتى (البقالات) و(دكاكين الحلة)، لكنها أفضل من الجميع. فالجنيه الواحد يفرق في حسابه في أيام المسغبة التي نحن فيها. عن ذلك يقول ياسر ميرغني: مراكز البيع المخفّض نحن أسميناها سياسة إطفاء الحرائق وليس سياسة الحل الجذري أو النهائي. لم تنفذ هذه المراكز بموجب دراسات جدوى وعدد قليل منها يحتوي على ثلاجة مبردة. الآن معتمد الخرطوم من جملة (98) مركزا أغلق (40) لأن (58) مركزا فقط منها استوفت الشرط الأساسي وهو أن تكون المراكز بداخل الأحياء وليس في الشوارع الرئيسية. سنعمل على إلغاء هذه المراكز بالتدريج وأصلاً عبارة (البيع بالسعر المخفض) تحتوي على تناقض. فإذا كانت الدولة قادرة على تخفيض أسعار السلع، فلما لا تعمل على تحديد الأسعار وتدبّج في السلع؟. ولكن في العموم نحن سعداء أن سعر الكيلو من الأرز في هذه المراكز 3 جنيه بينما في السوق وصل إلى 7 جنيهات والعدس 6 جنيه بدلاً من 7 و 9 جنيه، والآن نحن نطالب الدولة أن تعلن في جميع الصحف عن مواقع هذه المراكز والتحديد الجغرافي لها حتى يكون للمستهلك المعرفة بأماكنها والخيار في الشراء منها أو من غيرها.
لحم الضأن ولحم الكلاب
هل ستتكرر تجربة "مقاطعة" اللحوم التي شغلت وسائل الإعلام محلياً وخارجياً قبل أشهر. تلك الحملة التي قالت "لا" بأعلى الأصوات في وجوه أباطرة المضاربة في أسعار اللحوم؟. فهل آتت التجربة أكلها؟. الملاحظ أن "حليمة عادت لقديمها" فزحف سعر الكيلو من الضأن مقترباً من الأربعين جنيها. عاد الارتفاع الجنوني لسعر الكيلو من اللحم في بلد تنتج وتصدر بضعة مئات الألوف من رؤوس الماشية سنوياً، ولا أحد بمقدوره شرح لماذا هذا الذي يجري؟. أما ياسر ميرغني فيقول في ذلك: المقاطعة آتت أكلها لكن ضعف الرقابة الحكومية على المسالخ أدت إلى عودة ارتفاع الأسعار. يفترض أن نواصل معركتنا مع التجار الذين اتهمنا بعضهم (شعبة المصدرين) بأننا (شيوعيين وطابور خامس). لكنهم انزووا بمجرد أن سمعوا تصريح رئيس الجمهورية الذي أشاد فيه بحملة مقاطعة اللحوم التي تبنتها الجمعية. لا بد من تشديد الرقابة الصحية والفحص على الأختام. أتذكر زمان كان هناك خاتمان واحد أخضر وآخر أحمر تجدهما مطبوعين في اللحم. هذا عمل البيطريين والآن اختفى. بل وأدى ذلك لظهور لحوم "كلاب" بيعت للناس على أنها لحم أنعام. طلبنا من الدولة عبر الآلية العليا للمعالجات أن تعلن عن مواقع المراكز التي تبيع كيلو اللحم "العجالي" ب15 جنيه. لأن هذه المراكز تستقبل (5) طن من العجول يومياً. ونطالب الآن بمزيد من الضغط لتخفيض أسعار اللحوم وإلا رفعنا شعارنا (الغالي متروك).
الحقوق الثمانية وشكاوى بحق (المتعافي) وقناة (الجزيرة)
الجمعية التي تثير الإعجاب بقيامها الطوعي بالدفاع عن المستهلكين وحقوقهم والتي هي مستعدة لإشهار شعارها الذي خّفض أسعار اللحوم لبرهة وحظي بإشادة رئيس الجمهورية متى نشأت وأُشهرت؟، وكيف تعمل وبأي الوسائل؟؟. يقول ياسر ميرغني: الجمعية كونّت في 1998م والمكتب التنفيذي الحالي كوّن في 2009م ولم يتبقى من أعضاءه القدامى سوى رئيس الجمعية د. نصر الدين شلقامي (ناشط اجتماعي وحقوقي معروف). وبطبيعة حاله فالعمل الطوعي طارد ولكن نحن أقبلنا عليه وعددنا (100) عضو. وفي هذه الأيام وصلنا إلى (450) عضو فاعل. وهناك أكثر من (2000) ناشط بين فينة وأخرى. لدينا لجان متخصصة تضم خبراء في كل المجالات التي نهتم بها وهي سبعة (الصحة والخدمات/ سلامة الأغذية/ التعليم/ الزراعية/ القانونية/ الإعلامية/ والبحوث والدراسات). ونعمل على تعريف المستهلكين بحقوقهم الثمانية (تلبية الاحتياجات الأساسية/ الأمان/ المعرفة/ الاختيار/ سماع صوته/ بيئة صحية/ التثقيف/ والتعويض). لدينا ملتقى دوري طوال (92) أسبوعاً مضى في قضية محددة. حتى يوم 9/ 7 يوم الانفصال والناس في حزنها ذاك أقمنا ملتقانا الدوري وكان حول مشكلة (العطالة). وسيكون الملتقى المئوي حول (تقييم التجربة والتخطيط للمستقبل). لدينا اهتمام كبير بمشكلات الكهرباء والمياه والخدمات والمستشفيات. ولدينا (12) بلاغاً لدى النيابة المختصة بشأن خدمات الصحة والمياه. وحتى قناة (الجزيرة) رفعنا على وكلاءها القانونيين في السودان دعوى بسبب مخالفات عقد نقل مباريات كأس الأمم الإفريقية الماضية. فالمستهلكين تضرروا في حاجتهم الترفيهية ولهم الحق في التعويض. ونعتزم التقدم ببلاغ ضد وزير الزراعة (المتعافي) بشأن القطن المحّور وراثياً، عبر اللجنة المختصة بالجمعية (اللجنة الزراعية) لمخالفة ما يعتزمه وزير الزراعة لقانون السلامة الحيوية القومي لسنة 2010م. زراعة القطن المحّور جينياً بكميات تجارية سيتسبب في مخاطر على صحة الإنسان والتنوع الإحيائي والبيئي. ولا يمكن تصديق أن رئيس مجلس السلامة الحيوية يتقدم بورقة عن اعتماد زراعة القطن المحّور. وهناك مخالفات في ذلك موضوعية وشكلية كلها ستقدم في البلاغ. جمعيات حماية المستهلك في كل أنحاء العالم هي جمعيات متخصصة لحقوق المستهلكين ونحن شركاء منذ ستة أشهر ولفترة عام ونصف مع الاتحاد الأوروبي تحت عنوان (أعرف حقوقك تحمي نفسك).
تخلف "الدولة" ووعد "أبو القوانين"
إجازة قانون حماية المستهلك -المسمار الأخير في نعش الآلية العليا للمعالجات الاقتصادية والاجتماعية- إن شئنا وبحسب ما آنف به د. ياسر ميرغني، ما الذي يعوق إصداره ولماذا هو في رحم الغيب دائماً ولما يخرج بعد للنور؟. يقول ياسر: أربعة وزراء عدل تعاقبوا علينا منذ مطالبتنا بسن قانون لحماية المستهلك أسوة بالدول المتحضرة، وهم السادة (علي عثمان يس/ المرضي/ سبدرات/ ودوسة). كان هؤلاء الوزراء يقولون أن حماية المستهلك مصونة بنصوص قانونية تتوزع على قوانين أخرى سارية بالفعل (الصيدلة والسموم/ الرقابة على الأغذية/ وقانون المواصفات والمقاييس) وكلها تنفذها (نيابة حماية المستهلك). فطالبنا بقانون إطاري يشمل كل هذه النصوص المتفرقة في القوانين الأخرى أسوة بما تم للقانون الإطاري للبيئة. ولكن لم تتم الاستجابة لطلبنا. ظللنا نؤمن بأن هنالك متنفذين في الدولة يقفون ضد هذا القانون. وللمفارقة وللعجب أنه بمجرد ما تحركت ولاية الخرطوم مستجيبة لطلبنا بسن قانون لحماية المستهلك، سمعنا أن المستوى الاتحادي بدأ النقاش حول قانون قومي لحماية المستهلك. والحقيقة أن الأستاذ محمد الشيخ مدني رئيس المجلس التشريعي لولاية الخرطوم أوفى بوعده لنا هنا عندما استضفناه بمقر الجمعية في ملتقانا الدوري وقال لنا: قبل رمضان ستحصلون على قانون لحماية المستهلك. واليوم أُجيز القانون في مرحلتي السمات العامة والقراءة الأولى وستستأنف إجراءاته مع بدء الدورة الجديدة للمجلس التشريعي في 21 يونيو الجاري.
"ثوري" ابن محافظين وبعضُ دينٍ يرد
ياسر ميرغني الذي درس بدولة الباكستان يبدي كثير امتنان للشعب السوداني الذي صرّف على تعليمه العالي أيام كانت للمالية العامة "شنة ورنة" تبتعث الدارسين للخارج بأموال دافع الضرائب ولا تألو جهداً. لكنه تبنى أساليب ثورية (مقاطعة اللحوم/ التهديد بالاعتصام بسبب ارتفاع أسعار السلع) رغم أنه ابن البيئة المحافظة ببادية كردفان الغّراء. وابن الجيل الأخير للعافية الوطنية (مواليد النصف الثاني من عقد الستينيات) قبل الهروب المخزي للدولة من مسئولياتها الاجتماعية تجاه مواطنيها. فهل استعار ياسر مفردات الربيع العربي في مرافعاته ضد الدولة المتوحشة هذه (اعتصام/ مقاطعة/ مسيرات/.. الخ)؟، وكيف ستقوى الجمعية على مقاومة غول الأسعار مع اعتزام حزب الأغلبية بالحكومة رفع الدعم عن المحروقات الأمر الذي رجُحّ إشعاله للنار على اشتعالها الحالي. يقول ياسر: أنا قبلت أن أكون أميناً عاماً لجمعية حماية المستهلك ولذلك لا بد أن أملأ هذا المكان. الاعتصام حقيقة لم يأت من بنات أفكاري. لكنه كان توصية من ملتقانا الدوري استضفنا فيه أمين عام وزارة شئون المستهلك د. عادل عبد العزيز. وتبنى الملتقى بحضور ممثل الحكومة (عبد العزيز) ضرورة رفع مذكرة لمجلس الوزراء القومي تتحدث عن أهمية أن لا تتأثر (حلة الملاح) بما يسمى بتحرير سعر الدولار (تعويم الجنيه السوداني). وفي حالة عدم استجابة مجلس الوزراء ورئاسة الجمهورية سيعتصم المكتب التنفيذي للجمعية ورؤساء اللجان المتخصصة بها وبعض الإعلاميين، أمام مقر مجلس الوزراء القومي، حتى نرضي ضميرنا بأننا عملنا لأجل المستهلك وليس في بالنا أي غرض أو هدف سياسي أو فوضوي. لست لكوني ابن بيئة محافظة وكنت أُصنف "ثورياً" في مرحلة الثانوية والجامعة وعملت ضد تنظيم الإخوان المسلمين وكذا، ولكن لأنني درست الصيدلة بالخارج لأربعة سنوات مجاناً بفضل الشعب السوداني. اليوم لا يمكنك أن تدرّس طفل في الروضة لسنة واحدة. درست قبلها في ثانوية (خور طقت) وكنت أشرب لبناً طازجاً يومياً وأأكل أحسن الأكل من جيب الشعب السوداني. ولذلك أنا صاحب ضمير حي في أن أصر لأعمل للمستهلك لرد بعض دينه عندي، هذا دين للناس وعليّ أن أوفيه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.