حركة متمرّدة جديدة بقيادة عضو سابق في المجلس التشريعي الوطني    الأهلي يكسب الفجر بهدف في ديربي الأبيض    عملية اختطاف خطيرة في السودان    بالصورة.. الممثل السوداني ومقدم برنامج المقالب "زول سغيل" ينفي شائعة زواجه من إحدى ضحياه: (زواجي ما عندي علاقة بشيخ الدمازين وكلنا موحدين وعارفين الكلام دا)    شاهد بالصورة والفيديو.. خلال حفل زفاف بالقاهرة.. العازف عوض أحمودي يدخل في وصلة رقص هستيرية مع الفنانة هدى عربي على أنغام (ضرب السلاح)    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية فائقة الجمال تبهر المتابعين وتخطف الأنظار بتفاعلها مع "عابرة" ملك الطمبور ود النصري    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية فائقة الجمال تبهر المتابعين وتخطف الأنظار بتفاعلها مع "عابرة" ملك الطمبور ود النصري    شاهد بالصورة والفيديو.. خلال حفل زفاف بالقاهرة.. العازف عوض أحمودي يدخل في وصلة رقص هستيرية مع الفنانة هدى عربي على أنغام (ضرب السلاح)    شاهد بالصورة والفيديو.. مطربة أثيوبية تشعل حفل غنائي في أديس أبابا بأغنية الفنانة السودانية منال البدري (راجل التهريب) والجمهور يتساءل: (ليه أغانينا لمن يغنوها الحبش بتطلع رائعة كدة؟)    الهلال السعودي يتعادل مع ريال مدريد بهدف لكلٍ في كأس العالم للأندية    تقرير أممي: الجيش مسؤول عن الجرائم وتدهور الوضع الإنساني في السودان    هل هناك احتمال لحدوث تسرب إشعاع نووي في مصر حال قصف ديمونة؟    مانشستر سيتي يستهل مونديال الأندية بالفوز على الوداد المغربي بهدفين دون مقابل    ماذا يفعل كبت الدموع بالرجال؟    أمام الريال.. الهلال يحلم بالضربة الأولى    الإدارة العامة للمباحث الجنائية المركزية تتمكن من الإيقاع بشبكة إجرامية تخصصت فى نهب مصانع العطور بمعاونة المليشيا المتمردة    كامل إدريس يؤكد عمق ومتانة العلاقات الثنائية بين السودان والكويت    كامل إدريس ابن المنظمات الدولية لايريد أن تتلطخ أطراف بدلته الأنيقة بطين قواعد الإسلاميين    9 دول نووية بالعالم.. من يملك السلاح الأقوى؟    ترامب: "نعرف بالتحديد" أين يختبئ خامنئي لكن لن "نقضي عليه" في الوقت الحالي    عَوض (طَارَة) قَبل أن يَصبح الاسم واقِعا    إنشاء حساب واتساب بدون فيسبوك أو انستجرام.. خطوات    عودة الحياة لاستاد عطبرة    الصحفية والشاعرة داليا الياس: (عندي حاجز نفسي مع صبغة الشعر عند الرجال!! ولو بقيت منقطها وأرهب من الرهابة ذاتا مابتخش راسي ده!!)    التهديد بإغلاق مضيق هرمز يضع الاقتصاد العالمي على "حافة الهاوية"    تدهور غير مسبوق في قيمة الجنيه السوداني    كيم كارداشيان تنتقد "قسوة" إدارة الهجرة الأمريكية    "دم على نهد".. مسلسل جريء يواجه شبح المنع قبل عرضه    ايران تطاطىء الرأس بصورة مهينة وتتلقى الضربات من اسرائيل بلا رد    خطأ شائع أثناء الاستحمام قد يهدد حياتك    خدعة بسيطة للنوم السريع… والسر في القدم    السلطات السودانية تضع النهاية لمسلسل منزل الكمير    المباحث الجنائية المركزية ولاية الجزيرة تنفذ حملة أمنية كبري بالسوق العمومي وتضبط معتادي إجرام    مباحث شرطة الولاية الشمالية تتمكن من إماطة اللثام عن جريمة قتل غامضة وتوقف المتورطين    بلاغ بوجود قنبلة..طائرة سعودية تغيّر مسارها..ما التفاصيل؟    المملكة تستعرض إستراتيجية الأمن الغذائي لدول مجلس التعاون الخليجي    "خطوة برقو" تفجّر الأوضاع في دارفور    خسائر ضخمة ل"غانا"..تقرير خطير يكشف المثير    الترجي يسقط أمام فلامنغو في مونديال الأندية    نقل أسلحة إسرائيلية ومسيرات أوكرانية الى افريقيا بمساعدة دولة عربية    والي الخرطوم يصدر عدداً من الموجهات التنظيمية والادارية لمحاربة السكن العشوائي    أدوية يجب تجنب تناولها مع القهوة    إدارة مكافحة المخدرات بولاية البحر الأحمر تفكك شبكة إجرامية تهرب مخدر القات    (يمكن نتلاقى ويمكن لا)    سمير العركي يكتب: رسالة خبيثة من إسرائيل إلى تركيا    بالصورة.."أتمنى لها حياة سعيدة".. الفنان مأمون سوار الدهب يفاجئ الجميع ويعلن إنفصاله رسمياً عن زوجته الحسناء ويكشف الحقائق كاملة: (زي ما كل الناس عارفه الطلاق ما بقع على"الحامل")    المدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية يؤكد أهمية مضاعفة الإنتاج    السودان..خطوة جديدة بشأن السفر    3 آلاف و820 شخصا"..حريق في مبنى بدبي والسلطات توضّح    معلومات جديدة عن الناجي الوحيد من طائرة الهند المنكوبة.. مكان مقعده ينقذه من الموت    بعد حالات تسمّم مخيفة..إغلاق مطعم مصري شهير وتوقيف مالكه    إنهاء معاناة حي شهير في أمدرمان    اكتشاف مثير في صحراء بالسودان    رؤيا الحكيم غير ملزمة للجيش والشعب السوداني    شاهد بالفيديو.. داعية سوداني شهير يثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة: (رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وأوصاني بدعوة الجيش والدعم السريع للتفاوض)    أثار محمد هاشم الحكيم عاصفة لم يكن بحاجة إلي آثارها الإرتدادية علي مصداقيته الكلامية والوجدانية    ما هي محظورات الحج للنساء؟    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البحث عن البدائل في الخطاب السياسي للأستاذ مكي علي بلايل


وقائع ندوة بعنوان
"النفرة الكبري من أجل السلام بجنوب كردفان"
من مصادر التشريع (1):
((يا أيها الناس إنّا خلقناكم من ذكر وأنثي وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إنّ الله عليم خبير)). (الحجرات 13 )
من مصادر التشريع (2):
جاء في صحيح البخاري: أن رجلين من المهاجرين والأنصار تشاجرا فقال الانصاري يا للأنصار. وقال المهاجري يا للمهاجرين. فسمع ذاك رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال: ما لدعوي جاهلية قالوا يا رسول الله كسع رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار. فقال دعوها فإنها منتنة.
من الفكر (1):
"خطر الوقوع في شبكة (الاجابات الجاهزة) والانسياق في دوامة (التشويش الأيديولوجي) حيث يبدو الباحث في اطار هذا المنهج وكأنه يكتشف جديدا وهو في الواقع يمارس دور الحواة والمشعوذين فيخرج من ثيابه ما سبق أن خبأه وذلك ليدهش الناس وينال اعجابهم ."
نصر حامد ابو زيد
من الفكر (2):
"عليّ أن أعمل علي ابقاء الأبواب مشرّعة أمام العقل, لتعرية المهام والممارسات والألاعيب التي تطمس مهمة التفكير أو تعيق الطاقة علي الخلق والإبتكار".
علي حرب
توطئة
شهدت قاعة النقابة العامة لعمال التعليم بولاية سنار الكائن بمدينة سنجة في يوم الأربعاء والذي وافق الثالث عشر من يونيو من العام 2012 ندوة سياسية مهمة بعنوان (النفرة الكبري من أجل السلام بجنوب كردفان) تصدي لها متحدثا الاستاذ مكي علي بلايل رئيس حزب العدالة. ولعلي كنت من أكثر الحضور سعادة اذ ظللت أتتبع مسيرة وخطاب (الاستاذ بلايل) السياسي عبر الصحف السيارة لعقد ونصف من الزمان دون أن ألتقيه. كما ترسبت في ذاكرتي حادثة الاستقالة الشهيرة في زمان ومكان لم يجد فيهما هذا الأدب طريقا له بين من تولوا ادارة دفة حياة العباد أو استولوا عليها في هذه البلاد بطريقة أو أخري. ترسخت فيّ قناعة تقر بأن خطاب الاستاذ مكي يرتكز ما أمكن له ذلك علي ثوابت الشريعة السمحة وينطلق من موروث هذا الشعب (الطيب) الأبي كما وجدته خطابا يتحري الصدق وينشد عدالة السماء. وقرأت وكذلك سمعت عنه كثيرا فما قالوا عنه الا خيرا وكل خير من تواضع النفس وسماحة الخلق وكريم الخصال وطيب الكلم.
مضابط الندوة
الافتتاح
ابتدرت الندوة بآي من الذكر الحكيم تلاه علي مسامع الحضور الشيخ شريف سومي. تقدم بعدها الأستاذ أحمد سلطان رئيس رابطة أبناء جبال النوبة بولاية سنار وأعتلي منبر الندوة فرحب بالضيوف الكرام وعلي رأسهم رئيس وأعضاء حزب العدالة, كما رحب بالحضور الذين مثلوا أحزاب وكيانات عديدة في الولاية. ثم أزجي الاستاذ سلطان شكره للقياديين من أبناء النوبة عامة وفي المؤتمر الوطني خاصة ورابطة المرأة العاملة بولاية سنار وشبه الولاية بالحديقة لاحتوائها وإيوائها أبناء النوبة والولايات الأخرى ولضمها كل ألوان الطيف القبلي والجهوي والسياسي. حث الأستاذ سلطان في معرض حديثه الأستاذ بلايل للمضي قدما في هذا المسعي رغم وعورة الطريق من أجل بلورة فكرة حكيمة تخرج بأبناء النوبة والبلاد عامة من نفق الحرب والذي وصفها بأنه غير مبررة وتقضي علي الحرث والنسل. كما ناشد سلطان الجميع بأن يقفوا وقفة قوية وواضحة من أجل نصرة النساء والأطفال والمستضعفين من الرجال.
خطوط عريضة
ثم جاءت كلمة الأمين السياسي لحزب العدالة الأستاذ بشارة جمعة والذي استهل حديثه أيضا مرحبا بالحضور الكريم عامة وخصّ القائمين بأمر الندوة شكرا عميقا. أمّن الأستاذ بشارة علي النقاط التي وردت في كلمة الأستاذ سلطان وأضاف عليها أنهم في حزب العدالة قد ألقوا علي عاتقهم مسئولية تفنيد ودحض أسباب ودعاوي الحرب التي اندلعت أخيرا في منطقة جبال النوبة ووصفها بأنها واهية ويكتنفها مخاطر جسيمة وتداعيات مثيرة ستفضي حتما إلي مآلات كثيرة. عقب ذلك شرح الأستاذ بشارة خطة الجولة التي أوضح أنها تتألف من مراحل ثلاث تمتد من 11 يونيو الي 20 يونيو:
المرحلة الأولي: إنطلقت من (كادقلي) عاصمة ولاية جنوب كردفان ثم عطفت علي العباسية.
المرحلة الثانية: خاطبت المواطنين في ولاية الخرطوم.
المرحلة الثالثة: تغطي بقية ولايات جمهورية السودان وقد بدأت فعلا بولاية الجزيرة ثم سنجة ومنها ستتجه نحو كسلا, بورتسودان لتختتم مطافها بالنيل الأبيض.
ثم بيّن الأستاذ بشارة أن الجولة تهدف إلي تنوير المواطنين بتمليكهم الحقائق والمعلومات وأيضا تطرح خلالها خيارات حزب العدالة من أجل بلورة رؤي وأفكار مشتركة غايتها توحيد الجهود لحل المشكلة في جنوب كردفان. وأنهم إذ يفعلون ذلك إنما يرمون إلي قفل الباب أمام الأفكار التي تطرحها الحركة الشعبية ولاعبين آخرين يسيرون في ذات دربها.
فذلكة تأريخية وتفكيك القضية
أعتلي الاستاذ مكي بلايل منبر الندوة ورحب بالحضور الكريم ثم استعرض في مقدمة الندوة فذلكة تأريخية مقتضبة عن مملكة سنار (سلطنة الفونج) وما يحمله الاسم من معان ورموز ودلالات. سبّح بلايل بالحضور في أرجاء وأجواء السلطنة الزرقاء مقدرا دورها في حمل مشاعل النور ونشر بذور الدعوة وصهر معادن الارث السوداني الأصيل ووصفها بنواة اللحمة الوطنية التي امتزجت فيها الزنوجة بالعروبة. عبّر الأستاذ مكي عن بالغ سعادته لوجوده في ولاية سنار التي احتضنت أبناء النوبة ولما لهم من حضور ملموس ودور فاعل فيها مؤكدا أن ذلك يعد مظهرا واقعي ملموس من مظاهر الوحدة الوطنية وأمن بدوره علي التوأمة بين الولايتين.
مضي الاستاذ مكي بلايل في حديثه مبينا أن حزب العدالة قد تبني برنامجا يحتوي علي ندوات يلتقي فيه بالمواطنين يخاطبهم ويستمع اليهم في كل ما يختص بالحروب التي تدور رحاها في جنوب كردفان. وأكد أن هذه الندوات انما تهدف إلي سد الذرائع أمام المطالب التي رفعت وترفع بين فترة وأخري رغم ايمانه بأنها موجودة فعلا لأسباب مختلفة تأريخية وحاضرة إلا أن بعض الجهات والحديث لبلايل اتخذت منها (كلمة حق اريد بها باطل) واصفا محاولاتهم بأنها مؤامرات تخطط في الخارج وتستهدف ولاية جنوب كردفان وتركز علي أبناء جبال النوبة. وبصراحته التي عرف بها قال بلايل إن السلام ليس مجرد اتفاقيات ووصف حالة الاحتراب التي تسود البلاد بأنها صراعات نخب وليس إلا؛ مبيّنا أن قناعات الجماهير هي الأصل في عملية صنع وتحقيق السلام الشيء الذي يدفعهم للحركة والعمل وأن الجماهير هي التي تصنع التأريخ وليست النخب والقيادات مع الاعتراف بدور القيادات.
أما فيما يختص بتعامل الحركة الشعبية حيال مسألة جنوب كردفان فقد حدد الاستاذ مكي أنها تتحرك في عدة محاور تبدأ بعقد اللقاءات الجماهيرية التي تهدف إلي التغرير بالناس واصفا اياها (بدس السم في العسل) لأن الحركة اتجهت وتعمدت استثمار محدودية وعي الناس. وطالب مكي الجميع بتناول المشكلة من كل زواياها وأن يكون الخطاب عاما لأنها قضية وطنية مع الاقرار بأن أبناء النوبة هم الذين يطئون الجمر. وأوضح بلايل أنهم في الحزب ينشدون السلام بمعناه العميق الذي يحمل بين طياته التراضي والتقارب لكي تشعر كل مكونات المجتمع بما لها وما عليها من حقوق وواجبات. خاصة وأن الحركة الشعبية في العام 2005 وعبر اتفاقية السلام الشامل بنيفاشا استطاعت (وهذا رأي الاستاذ مكي) أن تستقطب عددا مقدرا من أبناء النوبة لأسباب عديدة. وأمن بلايل علي بطلان دعاوي الحرب مدعّما موقفه بنبش التأريخ ونفض الغبار عن بعض صفحاته من أجل أخذ العظة والعبرة قائلا:
"اندلعت الحرب في جبال النوبة عام 1985 لأسباب عديدة منها التهميش Marginalization الذي عاني منه الإقليم. وانصبت المطالب في نيل الحقوق السياسية ولكن من المفارقات أنها بدأت بالهجوم الذي شنته قوات الحركة علي قرية القردود الآمنة في ضواحي تلودي مستهدفة بذلك النسيج الاجتماعي مدخلا إلي الحرب وهو مدخل قبلي. فيما ارتكبت الحكومات التي تعاقبت علي حكم البلاد أخطاء ومساوئ جمّة أثرت تأثيرا مباشرا علي شتي مناحي الحياة في جنوب كردفان من تدهور في التعليم والصحة ... الخ... وترتب علي ذلك ضياع جيلين بأكملهما ليجدوا مقاعدهم شاغرة في قوائم الفاقد التربوي Drop out. أصبح هؤلاء لقمة صائغة في فم الحركة التي استغلتهم وجندتهم وعرفوا بالجيش الأحمر واشتهروا بقيادة أشرس المعارك. ترتب علي تلكم الأوضاع (فرملة) عجلة التنمية وتدمير البنية التحتية (الهشة) التي كانت تنعم بها المنطقة وتحول ثلث السكان إلي لاجئين أو نازحين يقطنون أطراف المدن ويزاولون المهن الهامشية.
ثم حلل الاستاذ مكي بلايل اتفاقية السلام الشامل CPA مبينا موقفه المعارض قائلا انها فعلا أوقفت الحرب في حينها ولكنها جاءت ببنود وبروتوكولات حملت بين طياتها قنابل موقوتة مثل بروتوكولات المناطق الثلاث وانتقد المشورة الشعبية ووصفها بالهلامية Nebulous لأنها والرأي لبلايل أسست لمشكلات معقدة فالترتيبات الأمنية قضت باعتماد جيوش ثلاث في دولة واحدة هي:
القوات المسلحة السودانية: تنتشر شمال خط حدود 1956
قوات الحركة الشعبية: تنتشر جنوب خط حدود 1956
القوات المشتركة: تنتشر في ولاية جنوب كردفان علي النحو التالي: كادقلي, الدلنج' هيبان, أم سردبة, جلد, لقاوة .
ويقول مكي إنه وبينما كانت كل الارهاصات والتوقعات تشير إلي الانفصال بيد أن الحكومة مضت في اهدار طاقاتها من أجل وحدة كاذبة Phantom Unity. كما أنها أي الحكومة غضت طرفها عقب الاتفاقية عن تسوية أوضاع الشماليين في الجيش الشعبي وأغلبهم من أبناء جبال النوبة وفتحت بذلك ثغرة أصبحت من أقوي الذرائع (كعب آخيل) التي أدت إلي اندلاع وأشتعال الحرب في المنطقة. مضي بلايل قائلا إن الحكومة لم تقف مكتوفة الأيدي بل بعثت لجنة برئاسة الفريق محمد جرهام واللواء أحمد خميس وعهدت اليها مسئولية الالتقاء بالحركة الشعبية لاستيعاب أبناء جبال النوبة المنضون تحت لواء الحركة في القوات النظامية وفقا للشروط علي أن يسرح من لم يستوفوها. ترأس العميد ,آنذاك, جقود مكوار والعميد عزّت كوكو وفد الحركة بيد أن الحلو تدخل شخصيا معترضا بدعوي إرجاءها إلي ما بعد الانتخابات فوئدت المفاوضات في مهدها Nipped in the bud. وعند اقتراب موعد الانتخابات ازداد الوضع تأزما وتجلي ذلك في ثنائية متعارضة( Binary Opposition) شعار الحكومة الذي نادي قائلا: "هارون أو الحكومة تقوم" في مقابل شعار الحركة الذي هتف قائلا "اما النجمة أو الهجمة". "وكلمة الحق التي يجب أن تقال" والحديث لمكي بلايل "أنني وآخرين تحفظنا علي الاتفاقية لأنه ما كان لنا أن نقبل بوجود ثلاث جيوش في دولة واحدة حسبما أشرنا إلي ذلك آنفا. وإزداد الأمر سوءا عندما رفضت الحركة الشعبية توفيق الأوضاع وعمدت إلي اعتقال تلفون كوكو والاحتفاظ به كاحدي الكروت Have a card up its sleeve واتخذت من القضايا العالقة Unresolved Issues كرت ضغط آخر تشهرهما في وجه الحكومة بغية تحقيق مصالحها ومطامعها فقط." وفيما يختص بالانتخابات وزعم الحركة الشعبية أنها قد شهدت أعمال تزوير ومخالفات قال مكي:
"إنني أتحدث الآن من موقعي في المعارضة ولي منهجي الخاص وهذه شهادة مني لله بالحق. فقيم العدالة والصدق كلية لا تتجزأ. وإنني إذ أذكر هذه الحقائق لعلها تبدد كثيرا من الأوهام. في الفترة التي عين فيها خميس جلاب واليا لجنوب كردفان سادت أجزاء عديدة من المنطقة نسخة مستحدثة من قوانين المناطق المقفولة. إذ لا يسمح للسلطة الحاكمة بزيارتها وهي الشريك. وقبلت الحكومة بهذا الوضع علي سبيل الارضاء السياسي. في ذات الأثناء اجتهدت الحركة في إثارة النعرات العنصرية والعرقية ولم تتدخر جهدا يصب في خانة إفساد الأخلاق وتدمير قيم الدين الحنيف بينما إشتملت سياساتها تلك علي جملة من التناقضات منها مثالا وليس حصرا محاربتها للغة العربية ومطالبتها بالغائها في حين أنها كانت لغة هذه المؤتمرات. وفي الجانب الآخر نجد أن تهاون الحكومة في التصدي لتفلتات الحركة الشعبية قد أضر بالمنطقة كثيرا مما لا يعفيها من تحمل مسئولياتها حتي إذا كانت تري في تهاونها صوابا يجنبها الاحتكاك ويعمل علي تأليف قلوب الأعداء.
وفي منحي آخر عرج الاستاذ مكي بلايل يحدثنا عن أخطاء المؤتمر الوطني قائلا: "إن بدعة تسييس الخدمة المدنية تعد من احدي الأخطاء الفادحة التي أرتكبها حزب المؤتمر الوطني. فعندما ضاقت علي أبناء النوبة أرض وظائف المؤتمر الوطني اتجهوا صوب الحركة بديلا وهي بدورها رحبت بهم ولم تتواني في منحهم فرص العمل من حصتها لتضمن بذلك استيعابهم/انخراطهم في الحركة. في العام 2006 عقدت مفاوضات كادوقلي وشهدتها مظاهرات صحبتها أعمال عنف احرقت فيها بعض دواوين الحكومة مما حدي بالسلطة إلي ارسال وفدا ترأسه السيد علي عثمان محمد طه وبرفقته (تيما) من وزارة المالية وصندوق دعم الولايات في حملة قصد بها جرد الحساب. وأسفرت عمليات المراجعة في ازاحة الغبار عن جملة التحويلات الماليّة من المركز إلي الولاية وبلغ قدرها 157 مليار جنيه (بالقديم) وكانت حينها كفيلة بتغطية مرتبات الولاية لأربع شهور كاملات.
قبيل أحداث أبيي شهدت المنطقة هجومين وصفتا بأنهما مجرد تفلتات أمنية ولكنهما في حقيقة الأمر شكلتا نذر وإرهاصات الحرب. انتقلت بعدها الحركة صوب المربع التالي والذي رمي إلي تصفية القيادات من أبناء النوبة الذين تصدوا لمسألة ادراج البند الذي يطالب بحق تقرير المصير. ارتكبت الحركة مخالفات وتجاوزات مرعبة لتكتم أنفاس معارضيها وتخرس أصواتهم. أما سوء نوايا الحركة الشعبية فقد تبدّت في الآتي:
§ تقسيم الحرب إلي مراحل ثلاث تبدأ بالجنوب ثم تنتقل إلي جبال النوبة وتمتد لتشمل النيل الأزرق والدليل علي ذلك خريطة كانت برفقة جون قرنق عام 1997 يمر فيها خط حدود دولة الجنوب شمالي مدينة كوستي.
§ استهداف التنمية في جبال النوبة لتبقي المنطقة علي ما هي عليها لضمان بقاء المنظمات ودخول المزيد منها.
§ التركيز علي تشييد الكنائس دون سائر المنشئات الأخرى (مدارس, مستشفيات الخ...) وندلل علي ذلك بإنشاء الحركة لعدد 400 كنيسة في منطقة دلامي وحدها.
§ استغلال الفوارق الاجتماعية طعما يستقطب به أبناء المنطقة.
ملامح التسوية
فيما يختص بحل مشكلة جنوب كردفان يقول الاستاذ بلايل: "إن ملامح تسوية القضية تكمن في عناصر أساسية اجملها في الآتي:
· مبادرة شاملة جادة تجمع كل الأطراف المعنية والحادبة علي مصلحة المواطن والوطن.
· وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار من الجانبين.
· توفيق أوضاع أبناء الولايتين (جنوب كردفان والنيل الأزرق).
· اجراء حوار شامل حول مسألة المشورة الشعبية؛ إذ أن التسوية الثنائية باتت غير مقبولة لأنها عقدت في ظل الحركة الشعبية (الشريك) وارتبطت بمصالح وأيديولوجيات لجهات خارجية. أما الآن فلا بد من اشراك قوي المعارضة حتي تلك التي تختلف سياسيا مع المؤتمر الوطني وألا تترك أي من هذه الكيانات خارج القاعات كما حدث في نيفاشا عام 2005 عندما اغتنمت الحركة السانحة وركزت علي مطالبها وأسقطت الآخرين.
المخطط الخارجي
ثم تحدث الأستاذ مكي حديث العالم العارف عن المخطط الذي رسم لهذه البلاد فقال:
"هنالك مخطط ممرحل رسم لهذه البلاد نفذ منه حتي الآن البند الأول ألا وهو فصل الجنوب. والآن يجري تنفيذ البند الثاني بتأجيج الصراعات وشن الحروب في جبال النوبة ومن ملامح البند الثاني:
o تغيير وجهة المنطقة: وتعلمون جيدا أن أصول وجذور أبناء منطقة جبال النوبة ضاربة في القدم تمتد إلي الأصول الكوشية وتعرفون جيدا أنهم لعبوا أدوارا مقدرة في كل الحركات الوطنية السودانية.
o تغيير خصائص أبناء المنطقة: فقد فشل قانون المناطق المقفولة في عزل منطقة الجبال وأسهم في ذلك دخول القبائل العربية وغيرها والتي جاءت للتعايش وليست للدعوة.
o تحجيم الاسلام وان ادي ذلك إلي ارجاع الناس إلي عهد الوثنية.
ثم لخص مكي بلايل الوسائل والأدوات التي استخدمت لتحقيق الأهداف السابقة علي النحو الآتي:
v اشاعة مبدأ الحرية وإلباسه ثوبا جديدا براقا وخادعا يتناقض وقيم الأديان السماوية.
v تسهيل التبشير وتحجيم الاسلام بتكثيف مظاهر المسيحية.
v تأثر الشباب بالقيادات في الاقتداء بالسلوكيات الفوضوية.
v اشاعة مبدأ الرجوع إلي الأصالة بإقصاء اللغة العربية والعودة إلي اللغات المحلية (مع ملاحظة أنه لا توجد لغة محلية مشتركة).
v اساءة و/ أو استغلال لغة الخطاب السياسي لحكومة السودان مثل تأويلهم لخطاب البشير بأن المعني بعبارة (جبل جبل) هم أبناء جبال النوبة وليس جيش الحركة. ويري مكي أن الحركة نجحت في استثمار لغة هذا الخطاب.
ومضي بلايل قائلا إن انفصال الجنوب يعد من أهم اخفاقات حكومة المؤتمر الوطني. وأوضح أن جل هذه الأزمات التي تمر بها البلاد مصدرها الطمع والغرور الذين يغطيان أعين قادته غشاوة تحرمهم نعمة البصر والبصيرة فتحجب عنهم الحقائق.
شعار الحزب
في ايجاز غير مخل وبأسلوب بليغ أفصح الأستاذ بلايل عن شعار الحزب فقال إنه سئل ذات مرة عن معني ودلالة شعار الحزب (الميزان) فأجاب أنه يرمز إلي مخاطبة الحكومة بكفة ومخاطبة المعارضة بالكفة الأخرى من أجل المواطن والوطن.
موجز محتوي الندوة
ثم أوجز بلايل محتوي الندوة في النقاط التالية:
1. الاعتراف بالمشكلة
2. البحث عن اللاعبين الذين أسهموا في صناعتها
3. الشروع في ايجاد الحلول الناجعة
4. عدم اضاعة الوقت
ثم ختم بلايل الندوة قائلا إن أبناء النوبة يستخدمون وقودا في هذه الحرب التي تتأذي منها الجميع وناشد وحث القيادات في الداخل والخارج ألا يألوا جهدا حيال ايجاد حل عاجل يعود علي المنطقة أمنا وسلاما.
في المقال الثاني سأتناول الأسئلة ونقاط النقاش التي اثيرت في الندوة واتبعها بالردود والتعقيبات ثم أذيله برؤيتي الشخصية لأهم مرتكزات الخطاب السياسي للأستاذ مكي علي بلايل.
الحاج خليفة جودة
[email protected]
· استاذ بشارة: [email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.