الاخت الفضلى ناديه بت البنّا، سلامٌ من الله عليك ورحمةً منه وبركات. أُحييك من على البعد في down under ، في بلاد الكنقرو، على مبادرتك الطيبة في عرض كتاب الجنس والجنسانية واستغلال المراة السودانية لكاتبته د. فاطمة بابكرمحمود. اختي الكريمه، كما يقال فان اول الغيث قطرة، ارجو ان يكون هذا السفر القيِّم مفتاحاً لمغاليق كثير من امورٍ لا اقول تهم المراة السودانية فحسب، ولكن المراة السودانية والرجل السوداني على حدٍ سواء. ارجو ان يكون هذا الاصدار حافذاً لاخريات لفتح هذه السحارات (كلام حبوبات) العتيقة المغلقة التي طال اهمالها او التظاهر بعدم العلم بمحتواها لسنين عددا. فليس هنالك افضل من المرأة للتحدث عن قضايا المرأة، فالجمرة بتحرق الواطيها كما يقول مثلنا السوداني البليغ. فالجنس يعتبر الى الآن من الامور المسكوت عنها - Taboo، في حياتنا اليومية، رغم الاضرار الناجمة عن هذا السكوت فالجنس ممارسة مشتركة بين شخصين تؤثر سلوكيات كلٍ منهما على الاخر سلباً وايجابا. فالثقافة الجنسية الايجابية البعيدة عن الابتذال، تنقص الجنسين في مجتمعنا السوداني ولكن ذلك القُصور المعرفي تدفع المرأة السودانية ثمنه سلباً اضعافاً مضاعفه، ابتدأً بالخفاض الفرعوني او الخفاض من حيث هو، مروراً بالمفاهيم المغلوطة عن العذرية، وزواج القاصرات، والعنف الممارس في ليلة الدخلة باسم الرجولة والرجولة منه براء، انتهاءً بالمعاناة والالام التي تكابدها المرأة عند الوضع التي قد تخلف فيها اثاراً جسدية ونفسية قد لا تتعافى منها ابداً. حسب ظني، وان بعض الظن اثمٌ، ارى ان اجيالنا الحديثة خاصةً في المدن والحواضر، صارت اكثر وعياً وحساسية بقضايا الجنس والجنسانية Sex & Sexuality، مِن مَن سبقهم من اجيال، ولكن هنالك الكثير الذي يجب عمله في هذه الزاوية المهمة من حياتنا. فالخوض في الموضوع يحتاج الى جرأة (تخانة جِلد) وايمان بالقضية، ولا حياء في الدين. فقد نُقل عن السيدة عائشة رضى الله عنها قولها المشهور (رحم الله نساء الانصار لم يمنعهن الحياء من التفقه في امور دينهن). الامر الاخر الذي تناوله الكتاب هو استغلاال المرأة جنسياً او بقول آخر، ظاهرة العُهر، فالعهر يعتبر وصمة عارٍ في جبين المجتمعات المسلمة، واقول ذلك لان كثير من الدراسات في هذا المجال اثبتت ان المحرك الاساسي لهذه الظاهرة اقتصادي، لذلك يوصف العهر بانه اقدم مهنة في التاريخ، وهنا يكمن بيت القصيد، فاذا قامت المجتمعات المسلمة حكوماتٍ وافرادا بالمناط بها من واجب ديني من تعاضد وتراحم واحتواء للايتام والارامل والثكلوات، وضحايا الحروب والنزوح، لقلّت هذه الظاهرة كثيراً اذا لم تنعدم تماماً. فبدلاً من سب العاهرات، هل سألنا انفسنا لو للحظة واحدة ماذا قدمنا لهن واطفالهن من عون يخفف عليهن بعضٍ من اعباء الحياة، هل تحمّل بعضنا من الذين يمارسون الرذيلة مع هؤلاء العاهرات وكثيرهم من المقتدرين، الدور الذي يقومون به في انتشار هذه الظاهرة. للاسف الشديد كل هذا لا يحدث، ولكن مجتمعنا ملئ بالظلم والنفاق الاجتماعي ويجيد فقط الاساءة الى الساقطين من الضعفاء قليلي الحيلة، بينما يغض النظر عن عربدة وفجور الاقوياء. فالسؤال الذي تفضلت به اختي الفاضلة، (لماذا تعانى المراة المسلمة اليوم من اقسى واعنف الظروف والمخاوف الاجتماعية التى تجتث بنيانهاالحياتى برغم تملكها لهذا الميراث الدينى الوسطى الضخم والذى يتيح لها ان تحيا فى امان وسلام؟؟)، فالاجابة هي جهلنا او عدم تطبيقنا لهذا الارث الديني السمح، الذي يدعوا الى التراحم والمواددة بين افراد المجتمع عامةً واكرام المرأة والرفق بها خاصةً، وهذا هو أُس المصائب. نرجو من الله العلى القدير ان يجزي الدكتورة فاطمة بابكر محمود وكل من ساهم معها في اصدار هذا الكتاب، خير الجزاء، كما نرجو ان يجد الكتاب حظه من الانتشار الواسع في السودان وغيره من البلدان العربية والمسلمة، فانها تعاني من نفس المشاكل التي نعانيها اذا لم تكن اسوأ منا. اخيراً اختم بقول رسول الله (صلعم): رفقاً بالقوارير. اي النساء لك كل تقديري واحترامي عثمان دُنقس Florida, USA