في الأيام الأخيرة ، وعلى خلفية حرب القصف الجوي للمدن الثائرة التي يدور رحاها في سوريا بين حكومة في السماء وشعب في الأرض أي بين طيران قوات النظام السوري وقوات الجيش الحر المتمترسة في الأحياء الحلبية والدمشقية، أخذ مصطلح "هدنة العيد" الذي اخترعه الأخضر الابراهيمي يُردد بكل اللغات ويتسيد جميع نشرات الأخبار العالمية وأخذ مجلس الأمن يناشد المجتمع الدولي من أجل إقناع طرفي النزاع في سوريا بقبول "هدنة العيد" ومن ثم ترددت في وقفة عيد الأضحى لعام 2012 أنباء مفادها قبول النظام السوري بهدنة العيد مع الاحتفاظ بحق الرد وقبول الجيش السوري الحر بهدنة العيد مع الاحتفاظ بحق الرد ورفضت بعض الفصائل الثورية المقاتلة هدنة العيد واعتبرتها مهلة غير شرعية ستمكن النظام السوري من استعادة انفاسه العسكرية المتقطعة ومن ثم ستمكنه من القيام مجدداً بقصف المدن السورية الثائرة بعد انتهاء عطلة العيد مباشرةً بصورة أشد وأقوى ويسخر هؤلاء من قبول النظام السوري بهدنة العيد لأنه يحمل في طياته تهديداً صامتاً مفاده "سنتوقف عن ذبحكم أثناء عطلة عيد الأضحى لانشغالنا بذبح الخراف وسنستأنف ذبحكم مجدداً بعد إنتهاء عطلة العيد مباشرةً!" من المؤكد أن هدنة الأخضر الإبراهيمي لا علاقة لها بالهدنة التي يعرفها القانون العسكري فالهدنة بالمفهوم العسكري البحت تعني اتفاق كتابي موقع بين دولتين متحاربتين يتم بموجبه وقف فعلي لإطلاق النار لفترة محددة بعد تحديد خط فاصل أو منطقة محرمة يتواجد فيها مراقبون دوليون محايدون لمراقبة وقف إطلاق النار، لأن الحرب في سوريا ليست بين دولتين متحاربتين بل بين شعب ثائر وحكومة مستبدة ولأنه لا تُوجد خطوط فاصلة بين المتحاربين ولا يُوجد مراقبون دوليون محايدون ولا يُوجد اتفاق شامل على الهدنة من قبل جميع الأطراف المتحاربة كما أن إيراد عبارات " مع الاحتفاظ بحق الرد" ينسف مفهوم الهدنة من أساسها لأنه يتعارض مع جوهر الهدنة الذي يقضي بالوقف النهائي الفعلي لإطلاق النار خلال فترة الهدنة. وعلى أي حال ، وبصرف النظر عن ضبابية مصطلح هدنة العيد، فإن غالبية المجتمع الدولي على المستويين الرسمي والشعبي ترى في الحرب في سوريا وصمة عار على جبين الانسانية وتؤيد الوقف الفوري والنهائي لإطلاق النار في سوريا لا في عطلة عيد الأضحى فحسب بل في كل أيام الله لأن قتل وتشريد المدنيين الأبرياء لا يكون حلالاً في يوم وحراماً في يوم آخر وتدعو رأس النظام السوري إلى التنحي وتجنيب سوريا المزيد من سفك الدماء والدمار وتمكين الشعب السوري من اختيار حكومة ديمقراطية جديدة تُشكل عبر صناديق الاقتراع بموجب الإرادة الحرة للأغلبية الشعبية لأن ذلك هو السبيل العملي الوحيد لإنهاء حرب الربيع السوري التي استمرت لأكثر من عام ونصف وتجاوز عدد ضحاياها الثلاثين ألفاً حتى تاريخ اليوم وفي الختام لا يملك أحرار العالم إلا أن يقولوا "كل عام وثورات الحرية والكرامة بألف خير ولا نامت أعين الحكومات الاستبدادية في أي مكان".