يأتى مشروع سكر كنانة فى صدارة المشاريع العالمية و يحتل المشروع المرتبة الرابعة عالميا و الاولى افريقيا من حيث امكانياته الهائلة و انتاجيته الفريدة , و المشروع يمزج خلاصة التكنولوجيا الغربية و اموال الاستثمارات العربية و الارض السودانية تداخلت كل تلك العوامل لتخرج واحدة من ابرز و انجح المشاريع عالميا و تكاد انتاجية المصنع ان تسد ثلث احتياجات العالم من السكر ,و لعب المشروع دورا كبيرا فى تغيير النسيج الديمغرافى و الاثنولوجى بجذبه القبائل الرحل فى المنطقة للاستيطان و الاستقرار قرب المشروع و ما نتج من ذلك التصاهر و التمازج من كيان فريد و اهداف مختلفة بالاضافة الى دوره فى جلب العملة الصعبة للبلاد و اثره الكبير على ميزان المدفوعات , وكان من المرجح ان يسهم المشروع فى تمزيق فاتورة السكر وفق قائمة المدخلا ت للبلاد الا انه حتى عهد قريب كانت الواردات من السكر الى السودان علامة استفهام كبيرة داخليا و عالميا فقد ادى نظام الاحتكار الداخلى فى بداية عهد الانقاذ و الفساد المرتب على ذلك الاحتكار حتى تاريخ اليوم الى اضافة عبأً اضافيا على كاهل المواطن السودانى و بالرغم من عدم خلو المشروع منذ الثمانينيات و التسعينيات و حتى عهد قريب من الفساد المرتبط بتعيين الموظفين و الخبراء الاجانب بنظام السمسرة فى الراتب و بيع العقود بنسبة مئوية فى الراتب الا ان ذلك الفساد يكاد يكون محدودا فى هذا النمط و يعتبر سكر كنانة من اجود السلع فى العالم و بدا و كأن تلك الجودة لا يستحقها السودانى فيخرج السكر من المصنع الى موانى التصدير على ان يدخل وفق المدخلات السودانية من السوق العالمية بسعر باهظ , و لعب الفساد السياسى دورا كبيرا فى جعل المشروع يكاد يلفظ انفاسه الاخيرة و بدأت دكتاتورية الحزب الحاكم بادراج المشروع ضمن اولوياتها الاقتصادية و تم تعيين كوادر الحزب غير الكفوءة بدلا من الخبراء و الكفاءات السودانية و لعل وضع السودان ضمن لائحة الدول المصدرة و المفرخة للارهاب ادى الى هروب الخبرات الاجنبية خصوصا بعد وهب الارض المحيطة لمشروع سكر كنانة لتنظيم القاعدة كقاعدة للتدريب اشرف اسامة بن لادن عليها بنفسه هى القشة التى قصمت ظهر البعير فى ذلك الهروب و تسرب الخبراء الى مناطق آمنة للعمل . و بدأ انهيار المشروع تدريجيا بتسيس القطاع العامل والذى كان فى اغلبه محايد سياسيا بوضع سلسلة من الضوابط الاجتماعية تكاد تحيل المدينة الى دائرة امنية بوليسية تهدد من بقاءهم ليبدأ بعده المشروع موتا سريريا بدأً من التعينات السياسية التى ادت الى انهيار الصناعت المرافقة للمشروع كمشروع انتاج الالبان و العسل و مزرعة الابقار و انتاج الكهرباء و بدا و كان شبح الاقالة من المناصب الوظيفية الحساسة و المتبقية للمحايدين هو فزاعة ذات ازرع طويلة ووجه دميم يتم رفعها من حين الى اخر لتخيف الطيور لتغرق بعدها المدينة بعد دوام العمل فى صمت دامس و مثير للشفقة لا يشقه صريخ رضيع فى وضعية يكاد يحسدهم عليها الفاتيكان .