معظم المعنيون بشأن العلاقات مع دولة جنوب السودان يتحدثون بتفاؤل كبير عن اتفاقية التعاون المشترك بين الدولتين (السودان وجنوب السودان) ولهم كل الحق في ذلك لأننا أهل السودان نتحدث بصفاء وصدق وشفافية.. ونصدق ما يقال لنا باعتبار مصداقيتنا.. اميركا تقول إذا اتفقتم فسوف نرفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب فنوقع على الاتفاقية مهما كان محتواها.. ولكن اميركا لا ترفع اسم بلادنا من القائمة بل تخلق لنا المزيد من المشكلات مثل اختلاق مشكلة دارفور لمجرد توقيعنا على اتفاقية السلام الشامل بل ذهبت لأكثر من ذلك بأن وعدتنا بتنمية الدولتين وإعادة أعمارهما بعد تحقيق السلام.. ولكن الحال صار إلى الأسوأ فاصبحت الحرب بعد السلام أشرس مما كان في السابق.. وازدادت الأمور تعقيداً بمناكفات عدد من قيادات الحركة الشعبية في الفترة التي كانت مخصصة لتطبيع العلاقات ومحو آثار الحرب الطويلة التي زادت عن الستين عاماً.. وكان واضحاً أن هناك مخطط ينفذ بواسطة هذه الحركة الشعبية التي استقبلناها بالأحضان وحملناها على الأكتاف ونصبنا عناصرها في مواقع تعتبر خطيرة للغاية..وكان علينا أن نعلم أنهم اتوا إلينا في مهام لا تتعلق بتنمية الجنوب الذي دمره التمرد وإنما هناك مخطط بتفكيك الشمال وإضعافه وتصفيته بزعم أنه شمال عربي مسلم وذلك أصل المخطط الذي حمل اسم قانون المناطق المقفولة.. الذي يشابه وعد بلفور عام 1948.. وعلينا أن نلاحظ أن وعد بلفور صادر من انجلترا وقانون المناطق المقفولة ايضاً صادر من انجلترا عندما كانت تستعمر بلادنا.. وكلاهما مخططان صهيونيان خطيران تتداعى آثارهما باسمرار..وكلما تخلصنا من مشكلة برزت مشكلة أخرى لنصل في نهاية الأمر إلى أصل المخطط كما هو واضح في فلسطين..والمقترح الذي تقدمت به الوساطة الأفريقية تشرح وتفسر أهداف المخطط بصور واضحة وصريحة ومشمولة بتهديدات تؤكد أما أن تبتلعها وأما أن يحال الأمر إلى مجلس الأمن.. وهناك معلوم كيف سيكون موقفنا وظهرنا مكشوف.. على أي الحالات.. ودون أن اغوص في أعماق المخططات التي تقودنا نحوها الوساطة الافريقية التي ذكرت في اكثر من مقال بأنني اشك في نزاهتها واشك في حيادها علينا أن نتعلم من دروس الماضي القريب.. علينا ألا نصدق صدق نوايا دولة الجنوب.. ولا مظاهر الحكمة والصدقية والنزاهة لهذه الوساطة الافريقية.. لأن الولاياتالمتحدةالامريكية بوسعها أن تفعل بها ما تشاء.. خاصة وأن الترتيبات الأمنية لم تتحقق.. وحكومة الجنوب ما زالت تمد متمردي دارفور بالسلاح والمؤن والمال..وما زالتا تمد متمردي جنوب كردفان بالمال والمؤن والسلاح وما زال قادة ما يسمى بقطاع الشمال قيادات في جيش دولة الجنوب وينفذون المخططات ضدنا.. وما زالت دولة الجنوب ورغم التوقيع على اتفاقيات التعاون تمضي بذات الخطى نحو إلحاق الأذى بشعبنا في جبال النوبة ودارفور..وكم من مرة سمعت بإصغاء وتأمل وتركيز لأحاديث رئيس حكومة الجنوب بأن في مقدورهم حل قضية دار فور في ( يومين) بما يعني ويفيد بأن الذي عقدها يستطيع أن يحلها.