لم يجر الحديث عن تصويت الأمريكيين بل عن تصويت الأمريكيين البيض، الأمريكيين السود، الأمريكيين العرب والأمريكيين اليهود الأمر الذي يثبت أن أمريكا ترفض الذوبان العرقي عكس أوربا التي تدعو للاندماج والقطع مع الأصل العرقي! لا يشترط الدستور الأمريكي أي هوية دينية للرئيس المرشح لكن كثير من الأمريكيين المسيحيين لم يصوتوا لرومني بسبب انتمائه للطائفة المورمونية وصوتوا لأوباما بسبب انتمائه لكنيسة المسيح المتحدة رغم أن 11% من الأمريكيين يعتقدون أن أوباما مسلم لأن والده مسلم بل أن مغنية أمريكية بيضاء ديمقراطية الهوى أعلنت تأييدها لبقاء رئيس مسلم أسود في الأبيض لفترة رئاسية ثانية! قبل بدء الانتخابات ، كُثر الحديث عن تساوي حظوظ المرشحين رومني وأوباما وعند إعلان النتائج فاز أوباما بفارق كبير بلغ 97 صوتاً في المجمع الانتخابي والمؤكد أن فوز أوباما كان متوقعاً لأن عدد فقراء أمريكا المؤيدين لسياسة أوباما بشأن التأمين الصحي أكبر بكثير من عدد أغنيائها المؤيدين لسياسة رومني بشأن خفض الضرائب على الأغنياء! قبيل الانتخابات الأمريكية ، أشارت بعض الاستطلاعات إلى تدني شعبية أوباما وسط النساء ولكن إمراة واحدة قوية هبطت من السماء وإسمها العاصفة ساندي قد ساهمت بفوزه بولاية ثانية عندما أظهرته بمظهر البطل القومي الذي يقطع حملته الانتخابية ويزور المناطق المنكوبة ويعد المتضررين بمساعدات مادية كبيرة! بلغت الخسائر التي خلفتها ساندي 50 مليار دولار ، وبلغت تكلفة الانتخابات الأمريكية ستة مليار دولار الأمر الذي دفع صحيفة الواشنطن بوست للقول "من السخرية أن الاقتراع الأغلى ثمناً في التاريخ قد أفرز نفس المشهد السياسي"! اعتبر البعض أن انتخابات أمريكا شأن محلي يخص أمريكا وحدها لكن الثابت أن للانتخابات الأمريكية انعكاسات عالمية كبيرة ومؤثرة فظهور مؤشرات تعافي الاقتصاد الأمريكي على المستوى المحلي سيؤثر إيجاباً على كل الاقتصادات العالمية المرتبطة بالدولار وفي مجال السياسة الخارجية ، يملك أوباما فرصة كبيرة لحل الملف الفلسطيني الاسرائيلي والملف الايراني والملف السوري إذا أراد أن يدخل التاريخ كأشهر زعيم أمريكي! قبيل بدء الانتخابات ، دعت أمريكا إلى إعادة هيكلة المؤتمر الوطني السوري ، جددت العقوبات الأمريكية على شمال السودان وانتقدت إبادة الروهينقا في ماينمار وبعد فوز أوباما بولاية ثانية ، دعت زعيمة المعارضة في ماينامار إلى وقف العنف في إقليم أراكان الروهينقي وجرت في الدوحة مفاوضات لإعادة هيكلة المجلس الوطني وانتخاب حكومة ظل تمهيداً للاعتراف الدولي بالمعارضة السورية وجرى الحديث في السودان عن البحث عن رئيس بديل للبشير! بث موقع اليوتيوب لقطة لطفلة أمريكية تبكي بحرارة وعندما سألوها عن السبب قالت إنها منزعجة من الكلام الكثير عن رومني واوباما والمؤكد أن كثير من المشاهدين قد أوشكوا على البكاء ضجراً بسبب الحديث الكثير عن الولايات المتأرجحة الأمريكية وأصوات المجمع الانتخابي التي تحسم نتائج الانتخابات بغض النظر عن الفارق في عدد المصوتين! لم يسمع أحد باسماء المرشحين الأربعة الذي خاضوا الانتخابات الأمريكية إلى جانب الحزبين الديمقراطي والجمهوري الأمر الذين يثبت أن أقوى ديمقراطية في العالم لا تحتمل غير صوتين سياسيين فقط لا غير! خلال فترة رئاسته الأولى لم يزر أوباما كينيا موطن والده المسلم حسين أوباما ورغم ذلك احتفل الكينيون في موطن والده بصورة أكبر من احتفالات الديمقراطيين في نيويورك ورقصوا في الشوارع احتفالاً بإعادة فوز أوباما وراحوا يحلمون بتنمية قرية والد أوباما رغم أنها تقع في مقاطعة كينية لا في ولاية متحدة أمريكية مستقرة أو متأرجحة! فيصل الدابي المحامي