عام على الحرب فى السودان.. لا غالب ولا مغلوب    يمضي بخطوات واثقة في البناء..كواسي أبياه يعمل بإجتهاد لبناء منتخبين على مستوى عال    الخطوة التالية    السيارات الكهربائية.. والتنافس القادم!    واشنطن توافق على سحب قواتها من النيجر    اللواء 43مشاة باروما يكرم المتفوقين بشهادة الاساس بالمحلية    ملف السعودية لاستضافة «مونديال 2034» في «كونجرس الفيفا»    سوق الابيض يصدر اكثر من عشرين الف طنا من المحاصيل    الأكاديمية خطوة في الطريق الصحيح    شاهد بالصورة.. المذيعة السودانية الحسناء فاطمة كباشي تلفت أنظار المتابعين وتخطف الأضواء بإطلالة مثيرة ب"البنطلون" المحذق    شاهد بالصور.. الفنانة مروة الدولية تكتسح "الترند" بلقطات رومانسية مع زوجها الضابط الشاب وساخرون: (دي اسمها لمن القطر يفوتك وتشتري القطر بقروشك)    شاهد بالصور.. الفنانة مروة الدولية تكتسح "الترند" بلقطات رومانسية مع زوجها الضابط الشاب وساخرون: (دي اسمها لمن القطر يفوتك وتشتري القطر بقروشك)    شاهد بالصورة.. زواج الفنانة الشهيرة مروة الدولية من ضابط شاب يقيم بالقاهرة يشعل مواقع التواصل السودانية    القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح: بدأت قواتكم المشتركة الباسلة لحركات الكفاح المسلح بجانب القوات المسلحة معركة حاسمة لتحرير مصفاة الجيلي    مصطفى بكري يكشف مفاجآت التعديل الوزاري الجديد 2024.. هؤلاء مرشحون للرحيل!    شاهد مجندات بالحركات المسلحة الداعمة للجيش في الخطوط الأمامية للدفاع عن مدينة الفاشر    إجتماع مهم للإتحاد السوداني مع الكاف بخصوص إيقاف الرخص الإفريقية للمدربين السودانيين    وكيل الحكم الاتحادى يشيد بتجربةمحلية بحرى في خدمة المواطنين    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان        ضياء الدين بلال يكتب: نحن نزرع الشوك    غوتيريش: الشرق الأوسط على شفير الانزلاق إلى نزاع إقليمي شامل    أنشيلوتي: ريال مدريد لا يموت أبدا.. وهذا ما قاله لي جوارديولا    غوارديولا يعلّق بعد الإقصاء أمام ريال مدريد    محاصرة مليوني هاتف في السوق السوداء وخلق 5 آلاف منصب عمل    نوير يبصم على إنجاز أوروبي غير مسبوق    تسلا تطالب المساهمين بالموافقة على صرف 56 مليار دولار لرئيسها التنفيذي    بايرن ميونخ يطيح بآرسنال من الأبطال    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    مباحث المستهلك تضبط 110 الف كرتونة شاي مخالفة للمواصفات    قرار عاجل من النيابة بشأن حريق مول تجاري بأسوان    الرئيس الإيراني: القوات المسلحة جاهزة ومستعدة لأي خطوة للدفاع عن حماية أمن البلاد    خلال ساعات.. الشرطة المغربية توقع بسارقي مجوهرات    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إلى أي نموذج إنساني عبر التاريخ الإسلامي تدعو له ما تعرف بالحركة الإسلامية في السودان ؟

إنتهى المؤتمر ؛ عادوا إلى قصورهم ؛ بالطائرات و السيارات التي صنعتها عقول الأمم الأخرى. لقد كبروا وهللوا لأيام وعانقوا حلما كاذبا انهم يقدمون للاسلام ولله خدمة ؛ مارسوا تضليلا جديدا في حق انفسهم . لكن ذلك لم يمسح أيديهم المطلخة بدماء الأبرياء ؛ ولم يمحي ظلمهم للابرياء ؛ ولم يعفي بطونهم المليئة بأموال الجياع المحرومين ؛ حقا! إلى أي نموذج إنساني عبر تاريخ العرب المسلمين تدعونا إليه ما تعرف بالحركة الإسلامية في السودان ؟

في الحقيقة ؛ ليس في تجربة الاسلام السياسي عبر الزمن أي نقطة إيجابية أو مشرقة يجعل عاقلا يتخذ منها نموذجا لاعادة الإنتاج ليس في بلاد الزنوج بل حتى في بلاد العرب أنفسهم . ولعل ما باتت تسمى بالحركة الاسلامية (العربية) في السودان مستفيدة كثيرا من سياستها في حجب الوعي عن عامة المسلمين السودانيين ؛ والإمعان في التغيب الكلي لوعي من هم إسلاميين هامشيين معها عن معرفة حقيقة التجربة الاسلام السياسي منذ اربعة عشر قرنا ؛ ذلك ما يتيح لها فرصة للحياة في السودان.
تجربة الاسلام من الناحية السياسية والاجتماعية والتطور العلمي ؛ ومنذ منشأها تعد هي الاسؤ من نوعها ضمن تجارب الانسانية وتفاعلاتها الحضارية .
تيار اليمين السياسي في مجتمع نخب الجلابة رسمالها الوحيد في البقاء هو حشد الآلاف من البؤساء في مثل هكذا المؤتمر التضليلي الذي يحضره عنصريون فاشلون مثلهم عن مواكبة الحضارة المعاصرة من الجماعات الاسلامية العربية ؛ وتاكيد لفشلها يجتمع الجميع في بلاد الزنج يرددون حنينهم الى ماضي دموي وجدت اصلا على حساب الانسانية ولم تقدم للانسانية شئ.
نجاول هنا نعرض 12 مثال للماضي العربي الاسلامي الرسمي الذي تحن هذه الجماعات نفسها العودة بنا اليها في مؤتمر الصهيونية الخرطومية :

1.مذبحة كربلاء حيث أبيدت فيها عائلة النبي محمد (ص) من قبل العرب المسلمين انفسهم؛ مانت حملة التقتل بدات منذ وفاة النبي محمد ؛ وكربلاء قضت على آل البيت في مذبحة تمت مدار ثلاثة في أكتوبر 680م ؛ ذبح الامام الحسين عميد الاسرة النبوية وابنائه وابناء اخوانه . وهي ليست الاولى بين حرب العمومة لكنها كانت بدايات حرب الابادة والتطهير العرقي التي تقودها جهاز الدولة الاسلامية التي بالضرورة هي كتلة عرقية قبلية. وينشد يزيد بن معاية ( امير المؤمنين) رئيس الجمهورية ابياته منتقدا رسالة الاسلام الذي جاء به جد قتلى كربلاء.
ليت أشياخي ببدر شهدوا جزع الخزرج من وقع الأسل
حين حكت بقباء بركها واستمر القتل في عبد الأشل
عبت هاشم بالملك فلا ملك جاء ولا وحي نزل
وتعتبر ال بيت النبي هم اكثر البشر احتراما وتبجيلا لدى المسلمين ؛ ويظهر ذلك لدى الامم المسلمة غير العربية التي يصطلح العرب عليهم "اعاجم" .
ولو ان هذه المذبحة جرت على يد شعب غير عربي لاتت الجماعات العنصرية العرب بكتاب إلهي جديد ؛تشتم فيه كل الشعوب كما هو حديثهم عنا الامم الزنجية من حادثتي أبرهة الاشرم ؛ و وحشي ابن حمامة الرجلين الزنجيين ؛ بالرغم من انهما في عهدين مختلفين تماما .

2. يزيد بن معاوية بن ابي سفيان وهو ليس باراك اوباما ليس منتخبا ولا تعرف التجارب الاسلامية الانتخاب والتفويض الشعبي؛ وليس جورج بوش الابن والاب ؛ والرؤساء الامريكان الذي تشن عليهم التيار الاسلامي حربا عدوانيا متشددا يعد بمقام الخلفاء الراشدين حين تعادلهم بامراء العرب المسلمين في الماضي والحضار .
ثم "هاجم جيش يزيد المدينة ، حين خلع أهلها بيعته وقاتل أهلها قليلاً ثم انهزموا فأصدر قائد الجيش أوامره ( مسلم بن عقبة ) باستباحة المدينة ثلاثة أيام قيل أنه قتل فيها أربعة آلاف وخمسمائة ، وأنه قد فضت فيها بكارة ألف بكر ، وقد كان ذلك كله بأمر يزيد إلى قائد جيشه."
يزيد يقول لقائده مسلم بن عقبة :
"ادع القوم ثلاثا فأن أجابوك وإلا فقاتلهم ، فإذا ظهرت عليها فأبحها ثلاثاً ، فكل ما فيها من مال أو دابة أو سلاح أو طعام فهو للجند ، فإذا مضت الثلاث فاكفف عن الناس "
ولم يكتف مسلم باستباحة المدينة بل طلب من أهلها أن يبايعوا يزيد على أنهم ( عبيد ) له ، يفعل فيهم وفي أموالهم وفي أولادهم ما يشاء "
( البداية والنهاية – المجلد الرابع الجزء الثامن ص 232)

ويعتبر المدينة المنورة المكان المقدس الثاني بعد مكة لدى المسلمين ؛ العرب المسلمون انفسهم يمارسون هذه الانتهاكات في حق مقدساتهم وفي مرقد نبيهم !

غتصاب الفتيات في دارفور وجبال النوبة ليس سلوكا حديثا ابتدعتها المجموعات التي تعتبر نفسها عربية في السودان ؛ ولم تكن استراتيجية حلف الابالسة (الجمجوبت والجلابة) بل هو سلوك طبيعي مترسب في الذهنية العربية الاسلامية يغتصبون العربيات المسلمات قبل اغتصاب الزنجيات ! فالمسألة موقفهم من الإنسانية اساسا.

3. عبد الملك بن مروان ؛ النموذج الاقوى والاداري الناجح للحاكم المسلم المستبد ؛ يرسل قائده الحجاج بن يوسف الثقفي الى مكة لمحاربة امير قرشي المتمرد غلى سلطته ؛والمعارض عبد الله بن الزبير يرفض سياسية الدولة العربية الاسلامية في دمشق بحجة بينة ويعتصم بالمينة المقدسة . ومكة تعبتر المكان الاكثر قداسة عند المسلمين ؛ وله مكانة مقدرة في نفوس غير المسلمين .
يقول التاريخ "قام الحجاج بضرب الكعبة بالمنجنيق حتى هدمها وسواها بالتراب ودخلت الخيول وبالت في البيت الحرام ، قتل الحجاج ابن الزبير وصلبه بمكة ودعى والدة القتيل ليأتيها " ووالدة المصلوب في الحرم هي اسماء بنت ابوبكر الصديق وزوجة الزبير بن العوام وهي سيدة ذات مكانة محترمة في نفوس المسلمين وملقب بذات النطاقين .
تدمير المقدسات الاسلامية ؛ في مكة والمدينة يمارسها المسلمون في مقدساتهم لا اسرائيل في أورشليم / القدس ؛ و لا ابرهة الأشرم ؛ ولم تاتي للحجاج ابابيل ولا حجارة من سجيل !!.
والحجاج هو القائد العربي المسلم الناجح في دولة العرب المسلمين ونموذج معجب به و تعيد الاعمال التلفزيونية العربية المعاصرة التعريف به وبنموذجه رغم انكار رجال الدين لافعاله ؛ والحجاج هو فاعل ما قائله "يا أهل العراق إني لأرى رؤوساً قد أينعت وحان قطافها، وإني لصاحبها"ويعتبر سفاح وقاتل بامتياز بغير حق.

4. عبد الملك بن مروان رئيس الجمهورية وعلى منبر الرسول في المدينة ، بعد قتله عبد الله بن الزبير قائد التمرد في مكة يقول ً " والله لا يأمرني أحد بتقوى الله بعد مقامي هذا إلا ضربت عنقه " "فوصفه الزهري بأنه أول من نهى عن الأمر بالمعروف" لا برلمان ولا قضاء ولا دستور ولا انتخابات مزورة او غير مزورة ؛ بل حاكم فرد فرعوني مطلق .
هل لهذا النموذج الاسلامي يدعونا اليه جماعة التيار السياسي ؟.

الرئيس اوباما انتخب مباشرة من شعبه ويسنده دستور ومجلس كونجرس وقضاء اعلى ؛ وليس هو عبد الملك ولا ابنه الوليد ؛ واوباما يحكم بالدستور ولم يوصى به ولن يوصي له امريكا هي النموذج بالطبع . عبد الملك بن مروان في وصيته لخليفته و ابنه الوليد وهو يحتضر:
"يا وليد اتق الله فيما أخلفك فيه ( لاحظ مفهوم الحكم بالحق الإلهي في هذه العبارة ) ، وانظر الحجاج فأكرمه فأنه هو الذي وطأ لكم المنابر ، وهو سيفك يا وليد ويدك على من ناوأك ، فلا تسمعن فيه قول أحد ، وأنت أحوج إليه منه إليك ، وادع الناس إذا مت إلى البيعة ، فمن قال برأسه هكذا فقل بسيفك هكذا – ثم أخذته غفوة فبكى الوليد فأفاق وقال – ما هذا ؟ أتحن حنين الأمة ؟ إذا مت فشمر وائتزر ، والبس جلد النمر، وضع سيفك على عاتقك فمن أبدى ذات نفسه فاضرب عنقه ، ومن سكت مات بدائه."

4."ولعل يزيد لم يكن في ذلك فلتة ، فقد روي عن الخليفة المتوكل – العباسي أنه : ( كان منهمكاً في اللذات والشراب ، وكان له أربعة آلاف سرية ، ووطىء الجميع " ( تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 349 – 350 ) .
كل رجل من الجماعات الاسلامية متزوج من اربعة زوجات وهم يرون ان ذلك امر رباني ويعيشون على حساب الدولة. بعكس اوباما والرؤساء المعاصرين الذين لا يشغلهم القيام بشئون الناس النساء والمجون .
" قال الذهبي : لم يصح عن الوليد كفر ولا زندقة ، بل اشتهر بالخمر والتلوط ، فخرجوا عليه لذلك ، وذكر الوليد مرة عند المهتدي فقال رجل : كان زنديقاً ، فقال المهتدي : مه ، خلافة الله عنده أجل من أن يجعلها في زنديق ) نذكر له أن الوليد حاول نصب قبة فوق الكعبة ليشرب فيها عام حج هو ورفاقه وأن حاشيته نجحت في إقناعه أن لا يفعل بعد لأى ، وأنه في ( تلوطه ) راود أخاه عن نفسه "
"الوليد حين (قرأ ذات يوم – " واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد ، من ورائه جهنم ويسقى من ماء صديد " – فدعا بالمصحف فنصبه غرضاً للنشاب " السهام " وأقبل يرميه وهو يقول:
أتوعد كل جبار عنيد فها أنا ذاك جبار عنيد
إذا ما جئت ربك يوم الحشر فقل يارب خرقني الوليد
وذكر محمد بن يزيد المبرد " النحوي " أن الوليد ألحد في شعر له ذكر فيه النبي وأن الوحي لم يأته عن ربه ، ومن ذلك الشعر:
تلعب بالخلافة هاشمي بلا وحي أتاه ولا كتاب
فقل لله يمنعني طعامي وقل لله يمنعني شرابي "
"وبالفعل ، فقد أحاطت به الذنوب ، وتألب عليه الصالحون ، وانتهى الأمر بخروج ابن عمه يزيد بن الوليد عليه ، وقتله ، بعد خلافة قصيرة استمرت عاماً وثلاثة أشهر وشاء القدر أن تكون خلافة يزيد أقصر، فلا تستمر إلا خمسة شهور يموت بعدها ليتولاها بعده شقيقه إبراهيم لمدة سبعين يوماً فقط ثم يعزل على يد مروان بن محمد ، انتقاماً لمصرع الوليد بن يزيد ، ثم ينتهي عصر الدولة الأموية بمصرع مروان على يدي العباسيين ، بعد خلافة استمرت حوالي خمس سنوات" .

اوردا هذا الجانب في رئيس الجمهورية الاسلامي لنشير الى المسالة العقدية والاعتقاد الذي يمثل مبرر جوهري لهذه الجماعات لن يهتمون به حين يصلون الى السلطة ويتحكمون في رقاب الناس .

5. السفاح ، أول خلفاء بني العباس ، المعلن على المنبر يوم مبايعته ( أن الله رد علينا حقنا ، وختم بنا كما افتتح بنا ، فاستعدوا فأنا السفاح المبيح ، والثائر المبير ) .
وقد أثبت السفاح أنه جدير بالتسمية ، فقد بدأ حكمه بقرارين يغنيان عن التعليق وأظن أنه ليس لهما سابقة في التاريخ كله ، كما لا أظن أن أحداً بعد السفاح قد بزه فيما أتاه ، أو فاقه فيما فعل :
* أما القرار الأول ، أو القرار رقم (1) بلغة العصر الحديث فهو أمره بإخراج جثث خلفاء بني أمية من قبورهم ، وجلدهم وصلبهم ، وحرق جثثهم ، ونثر رمادهم في الريح ، وتذكر لنا كتب التاريخ ما وجدوه :
فيقول ابن الأثير( الكامل في التاريخ لابن الأثير ) :
(فنبش قبر معاوية بن أبي سفيان فلم يجدوا فيه إلا خيطاً مثل الهباء، ونبش قبر يزيد بن معاوية بن أبي سفيان فوجدوا فيه حطاماً كأنه الرماد ، ونبش قبر عبد الملك بن مروان فوجدوا جمجمته ، وكان لا يوجد في القبر إلا العضو بعد العضو غير هشام بن عبد الملك فإنه وجد صحيحاً لم يبل منه إلا أرنبة أنفه فضربه بالسياط وصلبه وحرقه وذراه في الريح ، وتتبع بني أمية من أولاد الخلفاء وغيرهم فأخذهم ولم يفلت منهم إلا رضيع أو من هرب إلى الأندلس)

بالامس القريب ؛ يقدم الجماعات الاسلامية هذا المثال الاكثر فظاعة ووحشية في تاريخ البشرية ؛ نبش مقاتلي القاعدة قبر عائلة القذافي في ليبيا ؛ نبش قبر والدة القذافي ونثرت رماد قبرها في الصحراء .
ولئن اعتقد البعض ان السودانين الاسلامين العرب تاثروا برقة الزنج ورحمتهم فان اعمال القتل وطرق القتل في دارفور اثبت عكس هذا الاعتقاد الخاطئ.

6. وكان للجواري مصدران ، أولهما الشراء ، وثانيهما غنائم الفتح ، وقد اتسع المصدر الثاني في صدر الدولة الإسلامية ، وتعددت موارده ، فظهرت الجواري المولدات ، الحور ، الروميات والفارسيات والحبشيات ، وكثر ( العرض ) بلغة حياتنا المعاصرة ، وتجاوز ( الطلب ) كثيراً ، حتى أصبح معتاداً في كتب التاريخ الإسلامي أن نقرأ أن فلاناً أهدى لغلامه جارية أو جاريتين ، وحتى ذكر المؤرخون أن الإمام ( علي ) وهو أحد أكثر الخلفاء زهداً قد ( مات عن أربع نسوة وتسع عشرة سرية رضي الله عنه ) ( البداية والنهاية لابن كثير م4 ج7ص244 . تاريخ الخلفاء للسيوطي ص176
قد زاد هذا الرقم حتى أصبح بالعشرات في عهد أوائل خلفاء بني أمية ، ثم بالمئات في عهد يزيج بن عبد الملك ، ثم بالآلاف في عهد الخلفاء العباسيين ، حتى وصل الرقم إلى أربعة آلاف سرية كما ذكرنا في حديث المتوكل ، الذي ( وطئ الجميع ) خلال خلافته التي دامت نحو ربع قرن .|"

7. "ولعلنا نمسك عن الاستطراد على وعد بكتابات قادمة ، نتحدث فيها عن الرشيد وما أدراك ما الرشيد ، وعن المأمون وما أدراك ما المأمون ، وعن المعتصم وما أدراك ما المعتصم ، أما الواثق ، وهو آخر خلفاء العصر العباسي الأول .
من غلام إلى غلام ، فقد كان عاشقاً صباً للغلمان ، ملكوا وجدانه ، وأذابوا مشاعره تولهاً وصبابة ، وكان منهم غلام ( مصري للأسف ) ، اسمه ( مُهَج ) ، لعب بعواطف الواثق كما شاء ، وتملك مشاعره وتلاعب بوجدانه كما يريد ، إن رضى عنه استقامت أحوال الدولة واستقر شأن الحكم ، وإن تدلل عليه أو صده فالويل كل الويل للمسلمين ، والثبور وعظائم الأمور لمن يشاء حظه العاثر أن يلقي الواثق أو يقف أمامه أو يحتكم إليه "
يمكن ان يكون النموذج السابع اوضح في اسلامي السودان المنحدرين من اصول جلابية شمالية ؛ وهم في الاساس القادة في الصف الاول لهذه الجماعة وتمثل جزء من تربيتهم وثقافتهم في بيئتهم الاجتماعية. وقد اتاحت السلطة لبعضهم فرصة لممارسة هذا المسلك المشين في الشعب .

هذا هو الحديث عن الحكم والحكام والتطورالدستوري في الإسلام الذي ينادي اليه الجماعات الاسلامية في السودان ؛ وهو تكور معاكس من عهد النبي الى خلفاء الراشدون إلى بني امية الى العباسين قتلة ماجنون ؛ الى دكتاتورين عنصريون معاصرون !.
ما يجب ملاحظته ان جميع الحكام في التاريخ الاسلامي الذي يعتد به الجماعات السودانية هم من العرب ! وليس هناك اي انسان في الحكم العربي المسلم من الامم الاخرى؛ ولم يكن النموذج العثماني الاسلامي الا نسخة مكررة من التجربة العربية الاسلامية في السؤ ؛ وقد تأذينا بما يكفي من الامبراطورية العثمانية نحن الامم الزنجية في السودان.

النماذج الحاضرة من حكام العرب المسلمين ومن يرون انفسهم عربا من المسلمين على شاكلة الجنرال البشير ونخب الجلابة في الخرطوم ؛ فلسنا بحاجة الى الذهبي او الى السيوطي او الى لبن كثير ليحدثنا عمن هم في الفساد والقتل والاغتصاب وشرب الخمر ؛ فلا ادري الى اي نموذج مثالي تدعوا له ما تسمى بالحركة الاسلامية في السودان .

والعهود السابقة لهذه العهود الاموية والعباسية لم تكن عهود ملائكية ايضا لكن يغطيها الروايات الاسلامية غير الأمينة وغير الواقعية ؛ والمكسوة بلباس عاطفي تقديسي ؛ كانت تجارب بشرية في جانبه السياسي والاداري بها اخطاء اساسية ؛ ولكن طريقة نقله وريوايته لا يعطي فرصة لمعرفة الحقائق المجردة وبهذا يصعب التغيير في المجتمعات الاسلامية التي تغلوا في الكود والانحطاط:

8. الامام علي بن ابي طالب قتله متمردون انشقوا عن حزبه في دولة توالت فيها الانشقاقات والانقسامات؛ وكان ابرز عنصرها الحرب بين السياسين ؛ وكان القتال بين الصحابة انفسهم وهم مجموعة حديثة التجربة السياسة ولم تتجرد من نفسيتها البدوية.
9.عثمان بن عفان قتل في إانتفاضة شعبية ؛ بعد مظاهرات واعتصامات ملات شوارع عاصمته ؛ وحاصرته في بيته ؛ وقد اتهم بالتمييز على اسس العرق والقبيلة في ادارة البلاد وارتفع الظلم وفشل ادارته للبلاد وقد عين في الادارة الولائية اقرباءه.
10.عمر بن الخطاب الملقب بالعادل ؛ اغتيل متهما بالظلم ؛ والتجيز العرقي على يد احد افراد الجالية الفارسية في عاصمة بلاده × وعمر نموذج بشري في الحكم الاسلامي على الاقل كان الافضل مقارنة ببقية رصفائه.
8.ابوبكر الصديق الذي شن حربا على من ارتد عن الدين الجديد في بلاد العرب وله مبرر على ذلك ؛ توفى في ظروف غامضة كان عهده مليئ بالاضطرابات والحروبات ؛ لكونه اتى في فاتحة العهد اكتنف سيرته السياسية الكثير من الغموض .
11.النبي محمد نفسه ؛ لم يتفق معه سكان المدينة الاصليين من اليهود وقادة الاوس والخزرج وكان هناك صراع سياسي بينه وسكان المدينة في نهجه وهو ضيفهم وسار حاكما لهم. وللاحزاب العربية واليهوديةفي يثرب المناوئة لوجوده واهدافه المستقبلية روايات منتقدة وحادة لسياسية النبي محمد في ادارة يثرب انتهت بالتحالف ضده وحرب ماسوية بينهما .
ولم يكن تجربة النبي محمد فيما يتعلق بجانب ادارة شئون المجتمع سوى تجربة بشرية عادية فيها الاخطاء والاصابات ويقول القران له " لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ" ؛ " لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ " ويقول هو لأصحابه " انتم أعلم بشئون دينياكم" .
لم يوارىالنبي محمد الثرى حين توفى حتى نشب الصراع حول السلطة بين اصحابه في سيخلفه . بين الانصار والمهاجرين ؛ وظهر حزب ال البيت .
وذلك اذ لم تتضمن تعاليمه التي اشتملت على امور التوحيد والعقيدة والاخلاق ؛ تفاصيل شئون السياسية و الاقتصاد والحكم والادارة ؛ واسس انتقال السلطة ؛ ومثل ذلك اساس الصراع بين اتباع دينه الى اليوم .

12. مقاديين بالتجارب المادية في الحكم الاسلامي الاوي ؛ قادت الجماعات الاسلامية العربية فيما بعد حملات سميت بالفتوح / الفتج في الامم الشعوب الاخرى التي تعتبرهم (اعاجم ) في بلاد فارس وما وراء النهرين وافريقيا ؛ حيث اخرج العرب منها اذلاء لسؤ تعاملهم مع الشعوب .
في بلاد الهند حيث اخرجوا منها .وصلوا الى بلاد البربر في شمال افريقيا ؛ وعبروا الى جيليقيا (الاندلس) جنوب اسبانيا حيث طردوا منها منكسرين بعد ثماني قرون.
في افريقيا التي حفظت بذرة الاسلام بوصول هجرة جعفر ابن عم النبي الى الحبشة ؛ رد العرب المسلمين الجميل باعمال وحشية تمثلت في اعتبار الامم الزنجية قوم اقل من بقية البشر؛ وحاربوا ملوك الزنوج/ النوبة من اجل الجواري و الرقيق ؛ بدا بحرق مكتبة الاسكندرية الى التميز .انتهاء بالسيرة الاسؤ من العرب المسلمين في زنجبار وممبسا والسودان شرق افريقيا .
يشكر للكلونيل الراحل معمر القذافي -الذي قتل باجحاف من قبل الولايات المتحدة وحلفائها - دعما لذوي اللحات المتخلفون من اسلامي ليبيا – في 10.10.2010 قدم القذافي اعتذارا للامم الزنجية بالانابة عن العرب في الماضي والحاضر عن جرائمهم في افريقيا ؛ في شمال الصحراء وفي شبه الحزيرة.

فالى اي نموذج إسلامي في التاريخ العربي المسلم تدعونا إليه ما تعرف بالحركة الإسلامية في السودان ؟

تجربتها هي ذاتها ؛ وتجربة من يرون انفسهم عربا ومسلمين في السودان هو الاسؤا ؛ فقد استمرت الابادة الجماعية والتطهير العرقي في حق الامم الزنجية في السودان ؛ انتهت بالابادة في السلطنات المسلمة الاولى في السودان دارفور والفونج ؛ ويستمر قتل من يسمون من قبل من يرون انفسهم عربا ( الزرقة والنواب) الى الساعة تستمر حملة العبودية والاسترقاق والنهب واغتصاب النساء والقتل والتهجير .

فيما لم يحصل الى اليوم في السودان وفي اي بلد عربي اخر اعترافا بهذه الجرائم اواعتذار لما حدث من اجل بداية مسيرة نحو المصالحة داخليا وخارجيا فلماذا تعتقد المجموعة الاسلامية ان ذاكرة الشعوب مثقوبة ؛ والامم قد تنسى ماسيها وماساتها بسهولة ؛ او انها لا تقرأ تجارب الانسانية؟

ليس هناك اي تجربة اسلامية معاصرة او قديمة ذات قيمة يمكن ان تمثل نموذجا بشريا متقدم و افضل تقدمها هذه المجموعة العنصرية في الخرطوم حتى تجربتها هي على مدار ربع قرن تعتبر الاسؤا وينبغي ان تخجل منها لا يجب ان تتباهي بها. بل كل ما هو في التاريخ الاسلام السياسي نموذج للسؤ والانحطاط البشري .

لقد استغلت ولا تزال تستغل هذه المجموعة صغار المسلمين في السودان – مثلي يوم ما– لتحكي لهم عن ماضي جميل في التجربة الاسلامية العربية عبر الزمن ؛ ملئ بالقيم والاخلاق ؛ ويمكن ان يؤثر ذلك لفترة ما من الزمن على قوم مجبولون بالاخلاق والقيم –كاهل دارفور –لكن حالما قروا التجارب الانسانية العالمية وألموا بها اطلعوا على التجربة الاسلامية العربية السياسية منذ 14 قرنا سيستقيم الميسم وتنكشف الحقيقة عن كل ما هو معوج ومحرف.

بالنسبة لنا في السودان ؛ أعتقد أن متابعة تجربة الولايات المتحدة واوربا واسرائيل اليابان من الامم المتطورة اليوم هو الطريق الى بناء سودان مغاير متصالح مع ذاته الزنجية ؛ وعائدا لمحيطه الافريقي سياسيا واجتمايعا .تعتبر تلك الامم وتجاربها في التطور اليوم هو قمة تطور الحضارة الانسانية اليوم في مجال :
1. تعزيز هويتها الذاتية و ومعرفة تاريخنا وتحقيق مصالحة وطنية ورسم استراتيجية متفقة مع الجغرافية والتاريخ
2. . بناء دستور لتاسيس ديمقراطية تحترم حقوق الانسان.
3. الاولوية للتعليم والمعرفة والاختراعات والتكنلوجية والتطور العلمي .
4. الاستعداد الذهني والنفسي للحقيقة والصدق مع النفس واستمرار في الاصلاح والتطور .
5. بناء سلام وصدافة مع كل الامم والشعوب وانهاء حالة الخصومة المتصورة مع الامم الاخرى.

ولقد سبق ان قلنا ان الرئيس باراك اوباما بكونه صاحب فكر ووعي متقدم على راس التجربة الانسانية المتقدمة في العالم اليوم ؛ وتجدد ولايته بقيادة الشعب العظيم في امريكا يقدم رسالة انسانية للتغير والسلام والمصالحة الداخلية لكل شعوب الارض؛ والتقدم الى الامام بوعي وليس بالانكفاء ومحاولة الانشغال بماضي امم اخرى وتزيف حلم للاجيال السودانية الضحية بتجربة كانت سيئة مرت بها البشرية.
بفضل التطور والتقدم البشري تعرف الاجيال السودانية المعاصرة انه ليس لدي دعاة الدولة الاسلامية العربية في السودان ما يقدمونه للانسانية من خير وهذا نقطة الأمل الى المستقبل .

الامم الناهضة امريكا واليابان واسرائيل واوربا مثلا تبخر سفنهما الفضائية عباب اكتشافات جديدة في الفضاء الخارجي في مسعى فريد للتقدم ؛ في المقابل ليس المطلوب منا نحن هو التفكير في التدمير والتفجير وافتعال الخصومات كما تعلن الخرطوم اليوم على اعتاب ختام مؤتمر ما باتت تسمى بالحركة الاسلامية ؛ والتي تبشر بنموذج اسلامي لفتح العالم وافريقيا وهي فكرة بحق اكتسف العقلاء انها مجنونة.

منعم سليمان
مركز دراسات السودان المعاصر

تابع المصادر التالية
قراءة جديدة في أوراق الراشدين ؛ الأموين ؛ العباسين.
http://www.alkalema.net/farag/alhakika1.htm
http://www.alkalema.net/farag/alhakika3.htm
http://www.alkalema.net/farag/alhakika2.htm


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.