[email protected] للإنترنت خاصية تشكيل رأي عام لحظي يقوده من يسبق الآخرين بعرض معلومة أو حتى إشاعة وهي الحالة التي تنطبق عليها المقولة الشعبية السودانية (السبق أكل النبق) ، أي أن الذي يسبق أقرانه يستحق الجائزة ، ولكن (نبق) الإنترنت خيالي ووقتي ، خيالي لأن الجمهور فيه يتواصلون إسفيرياً لا مواجهة ولحظي لأن المعلومات سرعان ما تتدفق معضدة للمعلومة الأولى أو نافية لها ، ويحضرني هنا موقفان تابعتهما من خلال الشبكة العنكبوتية اليومين الماضيين، الموقف الأول كان حول إدعاء احدهم أن أسرضحايا حادثة إصطدام القطار بالحافلة المدرسية في صعيد مصر والذي راح ضحيته ستين طفلاً ، أن أسر هؤلاء الأطفال قد قابلوا رئيس الوزراء المصري هشام قنديل بالإحتجاج لدى زيارته لموقع الحادث وتنديدهم بموقف الحكومة المصرية السلبي ، هكذا جاء الخبر على الإنترنت ولكن بعد فترة وجيزة كانت إحدى القنوات المصرية الفضائية تستطلع أسر الضحايا من منازلهم فكانت تعليقاتهم ان هذا قضاءاً وقدراً وأن الحكومة السابقة هي المسؤولة عن التردي في السكك الحديدية والإهمال في المرافق العامة كلها وان الحكومة الحالية لم تقصر معهم إذ قررت صرف تعويضات فورية لهم وزارهم كبار المسؤولين فيها بعكس عهد مبارك ، الموقف الثاني يأتي في ذات السياق حيث سخر الكثير من مبلغ التعويضات التي منحت لأسر ضحايا حادث القطار والتي قالوا أنها لم تتجاوز ال(5000) جنيه مصري فقط وإنهالت النكات والسخريات على الحكومة المصرية حتى ان أحدهم قال أن المواطن المصري أرخص من هاتف جوال ماركة (آي فون) ، لتجئ الحكومة المصرية وتنفي أن المبلغ الذي دفع لاسر الضحايا لم يكن فقط (5000) جنيه بل الصحيح هو (50000) جنيه للقتيل و(12000) للجريح .. فسر أحدهم سريان هذه الإشاعة بسبب إنشغال أسر الضحايا بمصيبتهم وعدم تعرضهم في ساعة الحادث لأي وسيط إعلامي فمن المعلوم كيف تكون حالة من فقد فلذة كبده وبالتالي خلى الجو لأصحاب الغرض ليمرروا إشاعاتهم ولكنها ردت إليهم بعد هدوء الأحوال ولكن بعد أن سرت الشائعات لمدى بعيد وجرى حولها الكثير من الجدال ، ألم أقل لكم في الإنترنت (السبق أكل النبق)!!!!. أما في حالتنا هنا في السودان فقد إستفاد بعضاً من أبناء دارفور من هذه الخاصية (السبق وأكل النبق) وذلك بتدليس وتزوير الحقائق التاريخية لأنساب قبائل الوسط والشمال للحط من قدرهم ما أمكن ، هذه الأنساب معلومة للعالم والجاهل والمراجع التاريخية والبحاثة الغربيين والسودانيين قتلوها بحثاً ولا تحتاج لدفاع أصلاً وحتى تراثنا المتوارث بالتواتر يحفظ الانساب وكل أسرة في السودان تعلم جذورها وتراتيب سلفها ، ولكن ماذا نقول لمن يسقط عاهاته التي تؤرقه على الآخرين مستفيداً من التقدم التكنلوجي الذي أتاح له التنفيس ولو قليلاً عن نفسه الموتورة .. سبق وأن كتبت مقالاً نشر في سودانيزاونلاين حول إدمان الإنترنت بعنوان (المعارضة السودانية ودراسة كيمبرلي يونغ) ،كان ذلك في يناير 2011م ، استعنت فيه بخلاصة دراسة لباحثة أمريكية خلصت إلى ان كثرة التعرض للشبكة العنكبوتية يخلق حالة من الإدمان تجعل المتعرض يعيش في عالم إفتراضي، وللتذكير سأعيد نشره هنا رغم مضي زمن مقدر على المناسبة التي كتبت مقالي لأجلها: يتحدث العلماء النفسيون عن عالم وهمي بديل تقدمه شبكة الإنترنت وتطبيقات الكمبيوتر مما قد يسبب آثار نفسية هائلة ،حيث يختلط الواقع بالوهم وحيث تختلق علاقات وارتباطات غير موجودة في العالم الواقعي قد تؤدي إلى تقليل مقدرة الفرد على أن يخلق شخصية نفسية سوية قادرة على التفاعل مع المجتمع والواقع المعاش…لم تضع عالمة النفس الأمريكية (كيمبرلي يونغ)،والتي تعد من أولى أطباء النفس الذين عكفوا على دراسة هذه الظاهرة وهي أول من أطلق مصطلح(ادمان الانترنت)،لم تضع في فرضية بحثها أو بالأحرى في دراستها التطبيقية،حالة السودانيين المعارضين (سيبيريا)،والا لكانت قدخرجت بنتائج أكثر دقة عن أثار الاستخدام المفرط للشبكة العنكبوتية،فالبتطبيق سادتي على حالة المعارضة (الاسفيرية) السودانية،نجد أن اثار ادمان الانترنت بلغت شأوا عظيما ،يتمثل في توهمهم أن يوم السادس والعشرين من يناير الجاري سيكون يوم السقوط الأكبر لعرش الحكومة القائمة،فبالاطلاع على الكم الهائل من الموضوعات المنتشرة هنا وهناك في المنتديات والمواقع الالكترونية ،تجعلك تشعر وكأن الخرطوم تجلس فوق برميل بارود،فمن القائل أن هناك ثورة كبيرة تنتشر في الجامعات السودانية،ومن قائل أن الطرق قد سدت بواسطة الأمن في وجوه الثائرين،ومن يدعو بطريقته الى اشعال الشموع والخروج امام المنازل احتجاجا على الوضع الراهن…وفي الواقع لم نر شموعا توقد ولم نر ثورات تشتعل،الحياة في شوارع الخرطوم ومدنها تسير سيرها الطبيعي ،وهذا الشحن التعبوي لم نشاهده الا في الانترنت…سادتي ان أكبر مشكلة تنجم عن ادمان الانترنت هي انسحاب الفرد وتقوقعه في عالمه الافتراضي الوهمي،الذي لا يمت للواقع بصلة،ولكن في حالة معارضتنا السودانية بالخارج صار الادمان جماعيا وبالتالي أثاره تنسحب على الجماعة،مما يجعلهم يصدقون مبادراتهم الوهمية، بالعصيان تارة وبانفجار الثورة تارة أخرى ،بل ذهب بهم الهذيان الناتج عن الادمان (السيبري)، الى القطع بتحديد يوم بعينه لانطلاق هذه الثورة المزعومة…الواقع سادتي في الخرطوم،أن حزب الأمة القومي دخل في حوار مع المؤتمر الوطني والحزبين بصدد تكوين ألية لتنفيذ مطالب حزب الأمة…أما الحزب الاتحادي الديمقراطي فذهب الى أبعد من ذلك اذ صرح بامكانية مشاركة حزبه في الحكومة المرتقبة عقب انفصال الجنوب،هذا حال الحزبان الكبيران،أما بقية الأحزاب وتجمعهم فلم يخرج بيان اجتماعهم الأخير بشئ مخالف لرأي الحزبين الكبيرين،اللهم الا عبارات صياغية مباشرة ولكنهم لم يشيروا الى انتفاضة ولا الى ايقاد شموع واعتصام…نسيت أن أذكر لكم أهم وصفة علاجية قدمتها(كيمبرلي يونغ) في دراستها،وهي على مدمن الانترنت اذا أراد الخروج من ادمانه التقليل من ساعات التعرض لأجهزة الكمبيوتر وتقسيم وقته جيدا للاستفادة منه في أعمال واقعية مفيدة في حياته،فيا معارضتنا عليكم بتقليل حملاتكم الاسفيرية ليس رأفة بالنظام الحاكم ولا بحزبه ولكن رأفة بكم وبشعبكم،اذ لا يعقل أن يكون لشعب عظيم كالسودانيون معارضة تتعاطى الوهم وبعيدة كل البعد عن واقعه بمتطلباته ومعاناته وتطلعاته. (إنتهى المقال). فيا سادتي أفصلوا دارفور فحدودها مرسمة ومعلومة وسكانها الاصليون والوافدون كذلك وآليات الفصل يمكن وضعها فالمسألة في دارفور أسهل بكثير من الحالة الجنوبية ، وفوائد الإنفصال عددناها مراراً وكذلك أسباب الإنفصال ، بقى فقط ترك العواطف جانباً والتوجه نحو مايفيد بلادنا من نهضة تأخرنا كثيراً في الإنطلاق بها بسبب الجنوب الذي ولى غير مؤسوفاً عليه ، تبقت قاطرة دارفور المعطوبة التي يجب فصلها فوراً ، لننعم بخيرات بلادنا ولينعموا هم كذلك بدولتهم التي يحلمون بها ، ودعونا يا أهل دارفور فنحن راضون بهويتنا ونفاخر بها وبتنوع مجتمعنا ، لم نطلب منكم أن تحققوا في أصول أنسابنا ، نحن هنا متصالحون متسامحون راضون بعيشنا ونتوق للنهضة والتقدم ، هل رأيتم شمالياً يحمل بندقية ضد أهل الجزيرة أو سنار أو بورتسودان أو الأبيض ، الكل في سودان السلطنة الزرقاء منسجمون تربطهم أواصر القربى والدين والعادات والمرجعيات الثقافية والتاريخية ..نحن لا نحتاج هنا لبندقية لفرض هوية ، ما نملكه من إرث حضاري ومن مقومات مدنية يؤهلنا لنكون في قائمة الدول المتقدمة.. كفى تلصقاً بارض النيل واهله فلا تاريخ لكم ياأهل دارفور حوله إلا حديثاً وبصنعة الإستعمار بعد ضمكم رسمياً للدولة السودانية عام 1916م... إذهبوا بفتنكم وحروبكم ومخابراتكم مع الأجنبي لا يهمنا إن صارت دارفور حديقة خلفية لأمريكا أو إسرائيل ولا يهمنا إن صارت قاعدة عسكرية للأجانب ، فبعد أن ننطلق سيكون لكل حادث حديث ، فهاهي غزة بعدد سكانها المليون ونصف المليون وبمساحتها التي تبلغ 360 كيلومتراً فقط تناطح عاشر أقوى جيش في العالم وتربك حساباته وتجعل رئيس وزراء الصهاينة يستنجد بالعالم لأجل التهدئة والفلسطينيين يرفضون، لم ينجز أهل غزة ذلك إلا بتوحد التوجه وإنسجام المجتمع وقوة الإرادة وتحديد الهدف.