كتب الأخ الكاتب صديق عطرون مقالة بعنوان "من يفكر في اعتقال عقار والحلو وعرمان، فعليه أولاّ اعتقال المهدي والترابي وفاروق أبو عيسى"، خلصنا منها أن الحركات المسلحة لا تتلقى دعومات من دول الخليج خاصة من دولة قطر، وهذا بيت القصيد من مقالته!! وقصد صديق عطرون أن يخبرنا أن الحركات المسلحة لغرب دارفور والحركة الشعبية / ش تستعمل سلاح القوات السودانية المسلحة المهزومة!! هذه المقالة فضيحة!! تشتم من مقالته المثل المصري: "اللي على رأسه بطحة يحسس عليها"!! شنو رأيكم أيها القراء الأعزاء أنه وصلني خبر مؤكد مائة في المائة قبل خمسة أشهر فقط، أن عمر البشير وصل لعلمه أن أمير قطر يدعم الحركات المعارضة المسلحة والمدنية بالمال والسلاح!! وهاج وماج وكاد أن يقطع علاقته الدبلوماسية بقطر غير أنه أبتلع كل شيء من أجل اللحمة الإسلامية!! المصيبة ليست أن قطر تدعم الحركات المعارضة المسلحة والمدنية بالمال والسلاح، بل المصيبة أن قطر تدعم الطرفين... الحكومة والمعارضة!! على طريقة حرب الخليج الأولى أي حرب العراق-إيران، حين كان الخليج والغرب يساعد على تسليح الطرفين!! الطريف في الخبث القطري، أنهم يعرفون أن كل طرف لن يبوح بأسراره للطرف الثاني!! أو أن كل طرف سيصمت بفضل بركة دفتر الشيكات!! عندما تتأمل ماذا يقول ياسر عرمان عن مؤتمر الحركة الإسلامية الأخير، ستفهم بعض الشيء: قال ياسر عرمان على لسان الكاتب مصطفى سري: (مؤتمر الحركة الإسلامية السودانية الذي اختتم السبت الماضي عمق من تبعية نظام الخرطوم للتحالفات الإقليمية والدولية للحركة الإسلامية العالمية باستباحة ارض السودان في مشاريع تهدد الأمن القومي للبلاد، وأضاف (هذا يجعل السودان في مواجهة دولية وإقليمية بدءاً من جيرانه الأقربين في السعودية والخليج)، وقال (لقد رأى علي كرتي ذلك من شرفة وزارة الخارجية في الخرطوم المطلة على المجتمع الإقليمي والدولي)، وتابع (لقد حذر كرتي إخوته لكنهم يعيشون في عزلة واضطراب وتلاحقهم المحاكم الدولية)، وأضاف (والمضطر يركب الصعب)، وقال (المطلوب فك الارتباط بين مشاريع حركات الإسلام السياسي الدولية والمصالح الوطنية للشعب السوداني). هذه الحكي من ياسر عرمان يحتاج إلى ترجمة!! حتى معيز الخرطوم يعرفون أن مؤتمر الخرطوم للإسلامويين مؤتمران وليس واحدا، أحدهما علني اختير فيه مجلس الشوري ورئيسه، والأمين العام للحركة الإسلامية؛ والآخر سري، أجتمع فيه الإسلامويون الدوليون لكي يقرروا بعض الأجندة مثل جودة البرسيم الأمريكي في ثورة الربيع العربي في دولة الأردن والكويت، ومثل المنظمة الجديدة التي سترث الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وقناة إخوانية تلفزيونية الخ. الإسلامويون الدوليون الذين اجتمعوا في الخرطوم هم مجموعة يوسف القرضاوي ودولة قطر – وهل يخفى القمر يا عرمان!! بعد هذه المقدمة أنظر بربك أعلاه إلى تهتهة ياسر عرمان .. فيما يخص الأمن القومي السوداني المهدد!! لم يستطع عرمان أن يضع على لسانه كلمة دولة قطر!! ولكنه حريص على السعودية – فهل ياسر عرمان متسعود؟ بينما بقية الحركات متقطرين؟ وما دخل على كرتي في موضوع مؤتمر الحركة الإسلامية الأخير؟ لقد حذر علي كرتي حكومته من إيران والرجل رجل خليجي ولا يحب إيران، والرجل أجاد الرقص الدبلوماسي المخلوط بدم الحوثيين. لماذا تحشره، فهل إيران مشاركة في مؤتمر الحركة الإسلامية السودانية الأخير؟ أم عضو؟ إذن لماذا حشر عرمان على كرتي وإطلالته على شارع النيل أو على شارع المجتمع الإقليمي الدولي؟ يقول: (المطلوب فك الارتباط بين مشاريع حركات الإسلام السياسي الدولية والمصالح الوطنية للشعب السوداني!!). لماذا هذه التورية؟ لماذا لا تأتي بالأسماء والمسميات صريحة؟ ماذا يخيفك؟ وماذا ستخسر إن ذكرت قطر بالاسم؟ خاصة إذا كانت قواتك وتنظيمك فعلا يعتمد على غنائم القوات المسلحة المهزومة كما يقول صديق عطرون!! بعض القراء سيعتقد إنني ضد ياسر عرمان!! أقول هذا ليس صحيحا!! أي سياسي سوداني وطني، بل أي مواطن سوداني، لا يرضى ولا يقبل كأن تصبح ارض السودان مسرحا للعبة قطرية؛ تلعب دولة قطر على الحبلين على الحكومة والمعارضات المسلحة في آن معا!! هذه لعبة خطرة، لن يحصد منها الشعب السوداني سوى السراب والخراب!! على ياسر عرمان والحركات المسلحة أن يلتزموا بالشفافية، وإن كانوا حريصين على الأمن القومي السوداني حقا فليقلبوا الطاولة على رأس المؤتمر الوطني ويكشفوا للشعب السوداني أن دولة قطر تمدهم أيضا بالأموال والسلاح. أما "الفزاعة الإيرانية" التي تستخدمها المعارضات المسلحة والمدنية مثل قميص عثمان، يصمت عليها المؤتمر الوطني مثل معاوية الذي حين أرسل عثمان إليه يستمده بعث معاوية يزيد بن أسد القسري على رأس جيش، وقال له: إذا أتيت ذا خشب فأقم بها، ولا تتجاوزها، ولا تقل: الشاهد يرى ما لا يرى الغائب، فإنني أنا الشاهد وأنت الغائب!! وحين علم ثوار المدينة بمقدم جيش معاوية على طرف المدينة، هرولوا لقتل عثمان، وبذا يصبح معاوية هو القاتل لعثمان لأنه لم ينجده، ومع ذلك أخذ يرفع قميصه لكي يستولى على السلطة!! وهذا هو حال المؤتمر الوطني، غارق في المستنقع القطري بخفية ويصمت على التهمة الإيرانية التي ترفع من أسهمه!! ولسان حاله لا تقل: الشاهد يرى ما لا يرى الغائب!! وليسال القارئ الكريم لماذا الصمت والتستر على السقوط في المستنقع القطري أو السعودي؟ من جهة الحكومة أو جهة المعارضة!! أليست هي لعبة خط خطرة على السودان وعلى شعب السودان!! شوقي إبراهيم عثمان