e-mail [email protected] إبتغاء لأمل )كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء) في الحصول على دعم معنوى يربك قطار الربيع العربي ويؤخر من وصوله إلى محطة الخرطوم، وينفخ الروح في جسد النظام للاستمرار في سدة الحكم أزمنة أخري مديدة (يقول بعض الخبثاء لا سمح الله بذلك)، في أعقاب الفشل الذريع في شتي مناحي الحياة، الذى لازم مسيرة ال 23 عاما من حكم السودان بالحديد والنار، وفي إطار مقدرتها الفائقة على الحشد وإعمال الحناجر وإلهاب المشاعر، إلتأم مؤتمر الحركة الإسلامية الثامن في الخرطوم، بحضور إخوان الداخل ومن نافقهم ومن شروه بثمن بخس نقدا (كاش داون)، أو بالإستوزار (على كرسي دوار بسرعات مختلفة)، وكذلك بحضور عدد من زعامات الحركة من بعض أركان الدنيا، والأدهي أن الإلتئام جاء في غياب عراب الحركة في الداخل (من يسميه البعض كبيرهم الذى علمهم السحر) ومن لف لفيفه، لتعلم عزيزى القاريء كم كم هي دوارة هذه الدنيا، حين ينقلب السحر على الساحر، وهذا درس يجب أن يستفاد منه!!!. فهل كان حال الحركة الاسلامية من هذا الحشد كما المستجير من الرمضاء بالنار؟ .. يجيب البعض بالإيجاب .. بل يذهب بعضهم ليقول أن كسبه كان كارثييا على البلاد أولا وعلى الحركة الإسلامية ثانيا. ودلالات ذلك في تقديرهم بائنة لكل ذي بصر وبصيرة، إذ: لم يهتم مؤتمرو الحركة بقضايا أهل السودان بل هربوا منها (كما كان الحسانية في واد آخر في القصة الشهيرة)، وذلك بخلاف ما رغبوه (الضمير لأهل السودان) بأن يكون المؤتمر فرصة تأريخية لمراجعة الأخطاء الجثام التى وقع فيها النظام طوال فترة ال 23 سنة في سدة الحكم والتى جلبت عليهم الثبور والويلات وأورثتهم فقرا على فقر. هذه المراجعة كانت من الممكن أن تكون خارطة طريق لتصحيح مسار الحكم (تسبق الحركة التصحيحية .. كم سيأتي ذكره). النتيجة الحتمية للقفز على هذه المراجعة هو استمرار المآسي بكل ما تحمله هذه الكلمة من معني مفزع، بدأت إرهاصاتها تلوح في الأفق!!. (مثلا منع النشاط الحزبي والردة إلى الجاهلية الأولى). يقول البعض أن التجاهل المشار إليه عزز الإتهام القائم والقائل بأن حزب المؤتمر الوطني وحكومته معنيان فقط بعضوية الحركة والحزب لا بكل الشعب السوداني، وشواهدهم الشاخصة في ذلك بجانب تجاهلهم لقضاياه، إحتكار السلطة والمال طوال فترة حكمهم بين عضويتهم فقط. الغريب في الأمر أنه حتي وبعد الفراغ من أعمال المؤتمر، وبعد أن أشار العديد من الكتاب والصحفين إلى هذه النقيصة في محاور المؤتمر، فإن جل كتابات وتصريحات الكثيرين من أهل الحكم إنحصرت في شأن الحركة وهيكلتها دون التطرق لقضايا البلاد. المثال البارز في ذلك هو الدكتور غازي صلاح الدين العتباني الذى يحسبه الكثيرون من عقلاء وحكماء الحركة، فبعد أن صمت دهرا كتب ما سماه "تحرير الخلاف" كاشفا عن حجم وواقع التململ داخل الحركة والتنظيم. والسؤال هو .. باستصحاب هذا التململ وما حدث من إنقسامات سابقة في الحركة على المستويين الفردي والجماعي، فهل تدرك الحركة حجم التململ بين شرائح كافة الشعب؟ والغريب أن الدكتور العتباني كان قد أقحم في آخر فقرات مقاله "أمر أهل السودان" إقحاما لا يمت للمقال بصلة عندما تحدث عن قضية الأزمات والفتن التى تحيط بالبلاد، واعتبارها أنها أهم ما "توحد السودانين". الشاهد أن المنتظر من الدكتور غازي هو أن يقوم بإسقاط متجرد وصادق لصفوة المفاهيم والقيم والقواعد الإسلامية (على حد تعبيره) التى يزعم أنهم تعلموها وتربوا عليها، على تجربة الإسلاميين في الحكم، في مقاربة لأسباب تحرير الخلاف، وأسباب فراقه للمؤتمر الشعبي. والأمر متروك له بعد ذلك ليحدد أين يقف!!. وفي شأن الحركة الداخلي فالواضح للعيان أن مخرجات المؤتمر كانت كارثية أيضا، إذ أحدثت شرخا يغلب الظن أن يتنامي ليولد فصيلا قد يشكل نواة لكيان حزبي جديد (أقترح تسميته المؤتمر القومي) ليكمل الضلع الثالث للمؤتمرين الوطنى والشعبي، وتوالت الدعوات لهذا الفصيل (تحت التشكيل أو التأسيس، كما ذكر أحد الكتاب) من المؤتمر الشعبي وحزب الأمة ليكون جزءا منهم، ودغدغ مشاعرهم رئيس منبر السلام العادل (التؤم غير السيامي لهذا الكيان) بالتماس العفو عنهم في دعوة غير مباشرة للإنتماء لمنبره. هذا العفو الذي قد يخالف البيعة!!. وكان الحدث (الكسب مجازا) الكاريثي الأكبر هو كشف السلطة الحاكمة وقبل أن يجف الحبر الذى كتبت به توصياته (حوالي أسبوع تقريبا) عن ما أسمته بدءا المحاولة "التخريبية"، ودافع الناطق الرسمي للحكومة (الذي يشير البعض إلى أنه أصبح ملكا أكثر من الملك) عن هذه التسمية، ليتضح فيما بعد أنها إنقلاب تصحيحي (كما كشف عن ذلك مدير جهاز المخابرات مؤخرا). ويزعم البعض أن الإنقلابيين يستندون على قاعدة النواة قيد التشكيل (سائحون) في تنفيذ مخططهم. ويستدل على ذلك بما رشح من تحذيرهم الصريح للسلطة من المساس بالإنقلابيين أو إساءة معاملتهم، ناسين أو متناسين ما كان يعامل به أبرز الأسماء في المحاولة ضحاياه في سيئة الذكر (بيوت الأشباح). وهنا يشار إلى أمرين في غاية الخطورة تواجه الحزب الحاكم: الأول هو إذا ما رضخت الحكومة لهذا التحذير فإن ذلك يعني إكتساب هذه المجموعة قوة ضغط ضاربة لتكون مصدر إزعاج دائم للسلطة، ليس ذلك فحسب بل أن ذلك قد يفسر بأنه كيل بمكياليين، وذلك باستصحاب أحداث شبيهة في تسعينيات القرن الماضي. والثاني هو إذا ما تجاهلت السلطة هذا التحذير فإن خيار هذه المجموعة الحتمي هو إنشقاقها بالفعل وتكوين حزبا آخرا، أو قبولها لإحدى الدعوات المشار إليها بعاليه. اختيار أيأ من الخيارين سيشكل هاجسا للسلطة! وما يشير لتلك الهواجس هو طول فترة عدم الكشف عن تفاصيل المحاولة، على أمل أن يخفف عامل الزمن من حدتها. الحدث الأخطر كانت الإشارات التى رشحت بضلوع الإمام الصادق في المحاولة، ونفي حزب الأمة القاطع لذلك، وتنادي كيان الأنصار لصلاة الجمعة الفائتة في مسجد الإمام عبد الرحمن كإستعراض للقوة وتوجيه رسالة تحذيرية مقلفة (أو صريحة ما تفرق) للسلطة من المساس بالسيد الإمام. وكان أن سرعان ما استجابت السلطة لذلك التحذير، إذ دعا أحد قيادات حزب المؤتمر حزب الأمة بتخفيف حدة التوتر. وأخيرا سيظل السؤال الكبير والجوهري الذي طرحتهُ إحدى قياديات المؤتمر الوطني .. عن السبب الذي يدفع بعض الذين حملوا أرواحهم للدفاع عن الوطن والحاكمين فيه للإنقلاب على النظام ومحاولة الإطاحة به.. ماهي الدوافع والأوضاع التي حرَّكتهم ؟!!!!!!. (وأقول .. معقولة .. ما هو باين!!!).