. في هذه الأيام الشواهد تحدث القاصي والداني بأن نظام المؤتمر الوطني يحتضر ويلفظ أنفاسه الأخيرة فهو يرقد على سرير الموت ولكنه يتمادى في فعل المزيد من التخريب مثل اعتقال النساء والأحداث وقتل الطلاب والأبرياء على غرار المثل القائل على وعلى أعدائي وبقدر ما خرب هذا النظام ونكل بالشعب السوداني كان يجب ان يلقى العقوبة التي تليق بجرمه وتشفي حسرة القلوب ولكن يبدو ان كل الجهود المبذولة ضد رموزه من مطالبات الجنائية الدولية وغيرها ستذهب سدى لأن معظم قيادات النظام في حالة صحية غير سيئة فأن الله يمهل ولا يهمل وهذه واحدة من عيوب الأنظمة الدكتاتورية التي تتشبث بالسلطة حتى يصيبها الهرم كما هو حال النظام . لقد استفاد النظام من برود الشعب السوداني في التعاطي مع القضايا الوطنية والانعتاق من التبعية والجهوية في خضم الخطاب السياسي الموجه لإرهاب وتخويف ابناء المركز من أبناء الهامش الذين حملوا السلاح للدفاع عن أنفسهم وأرضهم ويطالبون بالحصول على حقوقهم المشروعة وتلك خرافات يطلقها النظام ليستمد منها قوة تواجده وبقائه في السلطة لأطول وقت ممكن بعد أن شرع يقسم مجتمعات الشعب السوداني إلى عرب وغير عرب وإلى مسلمين ووثنيين وكفرة وعملاء ومرتزقة . لقد نجح النظام أن يجعل المعارضة السودانية منقسمة على نفسها مما اصبحت عليه من ضعف ولقد انعكس ضعف تلك الأحزاب التقليدية سلبا على الشعب السوداني وزاد النظام قوة وتصلب وعندما بدأ الشرفاء من أبناء السودان استجابة لثورة ضد النظام وتعالت الأصوات لإسقاطه، أصابهم خيبة امل لما لمسوه من ترهل وميوعة المعارضة في التجاوب مع الثوار وهذا جعل الثورة هشة غير قادرة على الاستمرار انتهى ذلك حتى الآن بعدم الوفاق بين المعارضة وتضارب المصالح حيث اصبح انشقاقها قوة لبقاء النظام واستمراره . هذا الخذلان والعجز الذي اصاب الشعب السوداني عن إزالة هذا النظام أدى إلى إصابة الشرفاء بالإحباط ودفعهم للخروج من الوطن لإعادة توطين أنفسهم في بلاد تكون فيها الإنسانية مصانة بعد سفكت دماءهم اهدرت كرامتهم بيد أنظمتهم . على قيادات هذا النظام ولو فيهم رجل رشيد ان يستسلموا لبوابة الخروج وتسليم الدولة لأبناء السودان الأحرار سلميا تجنبا للمزيد من إراقة الدماء وحفظ ما تبقى لنا من تراب الوطن لا نريد أن تتحقق المخاوف في أن السودان يصبح صومال أخر في مزيد من التمزق والشتات فمن الحكمة والوطنية تدارك الأخطار المحدقة بالسودان وتجنب الانزلاق في هاوية العنف اللانهائية . بقدر ما كان هذا النظام دموي وعنيف كانت المقاومة تتسم بالنعومة والسلم على االرغم من وجود جبهات مسلحة في مناطق ملتهبة على أرض السودان كانت تلك المجموعات المسلحة تتخذ مواقف الدفاع عن النفس في ما كان النظام يحارب بضراوة وبقصد تدمير النفس البشرية مستخدما في ذلك كل آلياته وعتاده الحربية بدون رأفة . واضحى بنا نعلم الآن مكامن الوهن وضعف النظام بانت لكل الناس في تململ الإنسان السوداني على أرضه من ضيق المعاش وهروب بالجملة من السودان إلى خارجه حتى النساء والبنات يجدن الطريق الخروج من نفق مظلم لا يوجد به ومضة نور وأصبح السودان بلد طارد لأهله من كافة الفئات التقنية والمهنية حتى الأجهزة الأمنية يهرب ضباطها بطريقة منظمة إلى خارج السودان يتركون بدلهم الميري معلقة في الدواليب بدبابيرها وهذه أخطر مرحلة في حياة الشعب السوداني الذي أعجزه النظام حتى أن يتفوه بكلمة فاثر الهرب وتجنب المصادمة معه، تحول الاحتقان إلى الانفجار ولكن خارجا دونما يحدث ضجة كبيرة داخليا وبلد وصل إلى هذه الحالة يجب على النظام ولو فيه ذرة نخوة أن يتنحى ويترك البلد لمن هو اجدر بقيادته إلى بر الأمان . ومن مكامن الضعف الأرض السودانية تتقطع جنوبا وشمالا وشرقا وغربا المصريين توغلوا داخل السودان من الحدود الشمالية لعدة كيلو ميترات بعد الحدود بمعنى أن هناك احتلال لأرض السودان من قبل مصر بعد حلايب وشلاتين والحكومة السودانية الوهنة تغض الطرف أو جبنت من مصر، وقياسا لمدى ضعف هذا النظام نرى الصورة مقلوبة عندما نشهد مثل هذه الاشياء تحدث على أرضه ولم يحرك ساكن وبدلا من أن يوجه قواته وطائرته لضرب المواطنين الأبرياء في دارفور والنيل الأزرق وجبال النوبة كان الأجدر به توجيه قواته وآلياته العسكرية لحماية أرض الوطن وتحرير حدوده الشمالية من الغزاة وهذا موضوع يحتاج من السودانيين وقفة تأمل أين سينتهي الزحف المصري إلي داخل السودان شندي أم سيتجاوزها إلى الخرطوم وبعدها ؟؟؟ كفاية سفك الدماء كفاية التنكيل بأبناء الشعب السوداني في كل مكان كفاية تشريد وتهجير وتدمير كفاية تمزيق وتقزيم للسودان وكفاية تعنصر وعنصرية كفاية إهداء ارأضي الوطن للجيران لتتوسع الأوطان على حسابه وعلى النظام ان يرحل بأسرع ما يمكن لأنه اثبت عجزه وضعفه مضاعفا.