بايدن يؤكد استعداده لمناظرة ترامب    الأهلي يهزم مازيمبي بثلاثية نظيفة ويصعد لنهائي الأبطال    الأهلي يعود من الموت ليسحق مازيمبي ويصعد لنهائي الأبطال    أرنج عين الحسود أم التهور اللا محسوب؟؟؟    الصناعة.. قَدَر الخليج ومستقبله    وصول طائرة للقوات المسلّحة القطرية إلى مطار بورتسودان    شاهد بالفيديو.. ناشط سوداني يهاجم الفنانة عشة الجبل ويثبت غيرتها من زميلتها الفنانة مروة الدولية: (عرس الدولية حارقك وقاطع قلبك والغيرة دي ما حلوة)    السودان..تحذير خطير للأمم المتحدة    شاهد بالفيديو.. ناشط سوداني يهاجم الفنانة عشة الجبل ويثبت غيرتها من زميلتها الفنانة مروة الدولية: (عرس الدولية حارقك وقاطع قلبك والغيرة دي ما حلوة)    شاهد بالفيديو.. حكم كرة قدم سعودي يدندن مع إبنته بأغنية للفنان السوداني جمال فرفور    شاهد بالصور.. رصد عربة حكومية سودانية قامت بنهبها قوات الدعم السريع معروضة للبيع في دولة النيجر والجمهور يسخر: (على الأقل كان تفكوا اللوحات)    هل فشل مشروع السوباط..!؟    مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية    سوق العبيد الرقمية!    صلاح في مرمى الانتقادات بعد تراجع حظوظ ليفربول بالتتويج    أمس حبيت راسك!    راشد عبد الرحيم: وسقطت ورقة التوت    وزير سابق: 3 أهداف وراء الحرب في السودان    معتصم اقرع: لو لم يوجد كيزان لاخترعوهم    (المريخاب تقتلهم الشللية والتنافر والتتطاحن!!؟؟    الصين تفرض حياة تقشف على الموظفين العموميين    وكالة الفضاء الأوروبية تنشر صورا مذهلة ل "عناكب المريخ" – شاهد    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    "منطقة حرة ورخصة ذهبية" في رأس الحكمة.. في صالح الإمارات أم مصر؟    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    إيفرتون يصعق ليفربول بثنائية    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    إقصاء الزعيم!    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحرب العالمية الثالثة.. الرقة لن تؤخر معركة النورماندي في حلب؟؟ ..بقلم: نارام سرجون

إن كانت هناك من نصيحة أسديها إليكم كل يوم فهي أن لا تجلسوا إلى موائد الكلام عندما يكون طهاة الكلام من أبناء البغايا والسبايا وعبيد الطغاة والشهوات ومن سلالات قطاع الطرق واللصوص .. لأنه لن يكون في قدور اللغة إلا لحوم البشر ونكهة الزنا .. ولن تغرف آذانكم إلا مرقا من دم الكلام ودم الحيض..
ولا تحاولوا أن تتعلموا القراءة من أولئك الذين يسكن الضباب عيونهم وعقولهم فمهما انقشع الضباب في طرقاتهم فلن يزول ضبابهم لأنه في عيونهم وهو كثيف داخل رؤوسهم..
ونصيحتي أن لا تستمعوا إلى دروس الفلسفة والحكمة ممن لا يعرف الفرق بين فاء الفلسفة وفاء السفالة .. ولا تأخذوا دروس الثورة ممن لا يعرف الفرق بين نون الوطن ونون الناتو، وما بينهما نون الخيانة .. كما ثوار العرب ..
ونصيحتي إليكم ألا تغمسوا ريشات ألوانكم في ربيع العرب لترسموا وطنا بالألوان فليس في ربيع العرب لون أخضر ولا لون أزرق .. ليس فيه إلا اللون الأحمر القاني وعواصف الجهل الأسود ورياح الرمال الصفراء ..
وإياكم أن تغمسوا خبزكم في أوعية مثقفي العرب لأنها إما خاوية أو مليئة بالسم والخردل .. ولا تلقوا شباككم في أفواه الإسلاميين أو في عيونهم أو في عقولهم فلن تحصلوا إلا على ثعابين الزيت الأسود الخفيف والنفاق الكثيف .. ولن تجدوا حبرا لأقلامكم إلا في العروق السورية فحيثما جرحنا ينبجس الحبر .. حتى امتلأت المحابر وفاضت خزانات الحقيقة .. ولم يعد في أجساد الدماشقة "عناقيد وتفاح" تسيل من جراحهم بل حبر أحمر يكتب به التاريخ مذكراته الحافلة بالقصص والمفاجآت..
دعوني أمرر أناملكم وعيونكم على جسد التاريخ ودعوني أغسلكم بصوته قبل أن تتنشفوا بأوراقه بدل الاستحمام بأهازيج جبهة النصرة والثورة السورية .. فمن يتأمل جسم التاريخ الطويل الممشوق اللامتناهي يستطيع أن يرى مفاصله الكبرى في أحداث كبرى كما هي مفاصل شجرة الزيتون .. جسم التاريخ يشبه شجرة زيتون عتيقة .. وهانحن اليوم نمر بعقدة كبيرة تتشكل على جذع شجرة الزيتون اسمها .. الحرب العالمية الثالثة .. نحن نسميها المؤامرة الكونية .. وهم يسمونها الربيع العربي .. وجامعة نبيل العربي تسميها الحرب الأهلية السورية .. لكن اسمها المكتوب على بطاقة هويتها هو .. الحرب العالمية الثالثة ..ومكان ولادتها سورية ..وتاريخ ميلادها هو 15 آذار 2011 ..
هذه الحرب العالمية بشّر بها البعض ولكن لم يجرؤ أحد على الاعتراف بأنها اندلعت .. إلا أن الحروب تغيرت .. وأساليب خوضها تغيرت .. ولا يزال بعضنا في مخيلته صور الأساطيل الألمانية والبريطانية وطيران اليابان على بيرل هاربر وصور الجيش الأحمر في شوارع ستالينغراد وبرلين أمام الرايخشتاغ .. لأن قراءتنا للحروب العالمية لا تزال تقليدية وتنتظر رؤية الجيوش التي تناطح الجيوش والفيالق التي تسحق الفيالق .. والدبابات التي تأكل الدبابات .. والغارات التي تبارز الغارات .. كوحوش أساطير أثينا .. فهذه المشاهد التي ننتظرها هي مشاهد الحروب القديمة والمبارزات هي التي ستفتقدها الحروب العالمية البشرية ..
لن يتوقف البشر عن إنتاج الحروب العالمية بعد أن أقلع خط إنتاجها من أوروبة حيث أنتج العقل الغربي حربين عالميتين مدمرتين ولا يمكن أن يتوقف عن التفكير بالثالثة .. لكن لن تقوم بعد اليوم حرب عالمية بمواجهة مباشرة بين قوى العالم بسبب وجود السلاح الذري لدى كثير من الأطراف المرشحة للمنازلة الكبرى في الشرق والغرب.. وربما كانت أزمة خليج الخنازير هي آخر الاحتكاكات المباشرة بين الغرب والشرق .. إلى أن أطلق الغرب هجومه من خلال مشروع الربيع العربي في هجوم مباغت استباقي على الشرق دون أن تتحرك الأساطيل والطائرات ..
الحروب العالمية تتميز أنها تندلع من دون مقدمات كاملة وعلى غير توقع وتتصارع فيها كتل كبيرة من البلدان المتنافرة بأدوات الصراع المتاحة وتخلق تحالفات عجائبية .. لتنتهي الحروب العالمية بنتائج عميقة يحمل آثارها وجه قرن كامل ندوبا غائرة على وجه الأرض بل ويتغير لون الأرض ومزاجها كليا .. وأهم ميزاتها أن من يقوم بإشعالها هو العقل الغربي الأوروبي فقط ..
ففي الحرب العالمية الأولى أطلق الاغتيال غير المتوقع للأرشيدوق فرانز فرديناند ولي عهد النمسا شرارة الحرب وانزلقت إلى الحرب مجموعة دول كبيرة كانت أساطيلها قبل أيام من ذلك الحدث تتبادل الزيارات الودية ..فتصارعت النمسا وروسيا وألمانية وفرنسا واليابان والدولة العثمانية والولايات المتحدة والصين واليونان والبرازيل وايطاليا ورومانيا وبلغاريا والبرتغال وليبيرية.. وكانت النتيجة أن سقطت السلالات الحاكمة الملكية الأوروبية والتي يعود بعضها إلى فترة عهود الحروب الصليبية وظهر اللون الأحمر الشيوعي على نصف الأرض .. وتوفيت الإمبراطورية الخضراء للسلطان سليم الأول وتغيرت الخارطة السياسية لأوروبا كلها ..في هذه الحرب استعمل البشر لأول مرة سلاح الدبابات والقصف من الجو والسلاح الكيماوي..
وفي الحرب العالمية الثانية تورطت في النزاع سبعون دولة بمجرد إطلاق الألمان لعملية احتلال بولندة في عملية بارباروسا.. وفيها تحالفت التناقضات المستحيلة حيث تحالف الروس الشيوعيون مع الأمريكيين الامبرياليين والبريطانيين الرأسماليين ضد الألمان النازيين .. وحارب جنود المهاتما غاندي إلى جانب أعدائهم الجنود البريطانيين ضد الألمان .. وتطوع جزائريون لتحرير فرنسا التي تحتلهم ثمنا لنيل استقلالهم..واستخدم الجميع تقنيات أسلحة حديثة كان أهمها السلاح الذري ..وأزاحت الحرب أكبر إمبراطوريتين استعماريتين هما الفرنسية والبريطانية وصعدت قوتان مغايرتان هما الإمبراطورية الشيوعية والإمبراطورية الأمريكية ..
لقد بقي العالم باردا في الحرب الباردة وتجنب المواجهة المباشرة واكتفى بالمواجهة غير المباشرة في صراعات مبعثرة في فييتنام وكوبا وكوريا وأفغانستان وكل الحروب المتفرقة التي قلما تتنازل فيها مجموعة دول..
الحرب الحالية التي يخوضها العالم في سورية هي أعقد الحروب العالمية وأكثرها غرابة لأن ساحتها ليست أوروبة فهناك شبه إجماع على إبعاد كل الحروب عن أوروبة بعد درسي الحرب العالمية .. ساحة الحرب الآن ضيقة جدا والأطراف المتنازلة كثيرة ولكن نتائجها ستغير أكبر المساحات على الأرض .. وربما هي أقصر الحروب العالمية لأنها تتجه من جهة لوضع أوزارها ومن جهة أخرى للتصعيد المفاجئ .. وربما بدا في حديث الرئيس الأسد إلى صحيفة الصندي تايمز البريطانية ما يوحي بذلك .. فلامبالاته وازدراؤه للدول الغربية عكس موقفا متقدما له ولحلفائه في سير الحرب العالمية الثالثة لصالحه وصالح حلفائه لأن عملية قيادتها تطلبت الكثير من الصبر والحنكة وإحكام الكمائن .. والانتظار في المكامن..وامتصاص الصدمات بهدوء .. فيما يتصرف الأميريكيون والبريطانيون والأتراك بنوع من عدم التصديق بأن الحرب ستحسم بشكل مخالف لما رسم وكان مأمولا ..
كان العالم كله متهيبا من المنازلة في مواجهة شاملة إلى أن أحرق البوعزيزي نفسه في تونس فكان حريقه يشبه رصاصات الشاب الصربي غارفيلو برينسيب في جسد الأرشيدوق ولي عهد النمسا حيث تفجرت الحرب العالمية الأولى من لقاء تلك الرصاصات بذاك الجسد .. وبدا الربيع العربي أنه يشبه بدايات الحروب العالمية حيث شم الروس والصينيون بعد مواجهات ليبيا رائحة تشبه عملية بارباروسا وتنبهوا إلى أن مناطق نفوذهم تتآكل في أسابيع وأن خطوط التماس القديمة جدا تتهاوى وأن الحدود التي تركتها الحرب العالمية الثانية تنتهك بسبب حنين الغرب إلى عهد الاستعمار السابق لتلك الحرب ..
ولذلك انزلق العالم إلى الحرب العالمية الثالثة بعد سقوط ليبيا (كما انزلق بعد سقوط بولندا بيد هتلر) .. وتسارع الانزلاق بظهور خطط الناتو للاستيلاء على سورية لافتتاح الحملة الإسلامية نحو الجبهة الشرقية حيث الأعداء الكبار .. إيران وروسيا والصين .. فكانت سورية هي الجبهة التي تفصل بين هزيمة الحلفاء القدماء وهزيمة المحور الجديد .. ومن ينظر إلى هذا النشاط السياسي المحموم في العالم وكم المناقشات والمداولات واللقاءات بين زعماء العالم على مدى عامين ليستغرب كيف انخرط العالم كله كالمسعور في صراع شرس حتى الموت من أجل الفوز في هذه الحرب حيث تحول رئيس فرنسا إلى وزير داخلية الثورة السورية ورئيس أميريكا إلى وزير خارجية الثورة السورية ووزير خارجية بريطانيا إلى محافظ لمدينة درعا .. وتبوء القومندان أردوغان منصب وزير الدفاع الشرس وكان الملك السعودي وزير مالية الثورة وأمير قطر وزير إعلام الثورة واحتل ملك الأردن منصب وزير الخدمات الاجتماعية وشؤون اللاجئين يساعده تيار المستقبل اللبناني عبر موزع الحليب عقاب صقر .. وتحول اتحاد علماء المسلمين إلى وزارة الأوقاف الثورية السورية وتسلم خالد مشعل منصب رئيس استخبارات الثورة السورية .. وبالطبع كانت إسرائيل في موقع رئيس الوزراء للثورة السورية وهي التي تشرف على عمل كل الوزارات الدولية وتنسق بينها .. وانخرط في هذا الصراع 130 دولة ولم يبق بلد في الدنيا لم يكن له دلو وحبل أو مساهمة وخيط في الحرب السورية .. وظهر محور روسيا والصين وإيران والهند ودول البريكس مقابل التحالف الغربي مع تركيا والعرب الخليجيين واميريكا وإسرائيل وصار سيرغي لافروف الناطق الرسمي باسم رئاسة الجمهورية السورية وشكل أحمدي نجاد وفلاديمير بوتين خلية أزمة سورية .. وكانت تقنيات وتكنولوجيا المعلومات والتبارز بالأقمار الصناعية بين الروس والأمريكان والتواصل والإعلام الالكتروني وتقنيات الصورة وهوليوود وقذائف اليوتيوب وقرارات مجلس الأمن والفيتو هي الأسلحة الرئيسية التي استخدمت في هذه الحرب لأول مرة في تاريخ البشرية (بدل الدبابة والسلاح الكيماوي اللذين ظهرا أول مرة في الحرب العالمية الأولى) بغاية تذويب العقول بالإعلام والحرب النفسية بدل تذويبها بالحرائق والسلاح الكيماوي .. وأستطيع أن أزعم بثقة مطلقة أن أكبر خزان في اليوتيوب ومحرك غوغل هو المتعلق بالأزمة السورية وما نشر عنها دون منازع ..
وبمقاييس الحروب العالمية التي تستمر وسطيا أربع سنوات فان السنتين الأوليتين دوما تحددان مصير الخاسر والرابح .. فقد ظهرت ملامح هزيمة دول المحور في الحرب العالمية الثانية في عام 1942 في ستالينغراد أي بعد قرابة عامين على الحرب ..وظهرت ملامح المنتصرين في الحرب العالمية الأولى عام 1916 وبدا تحول الحرب الحقيقي عام 1917 أي بعد عامين على الحرب تقريبا ..
في حصيلة عامين من الحرب العالمية الثالثة التي استهلها الربيع العربي وانتهت بمعركة سورية .. بدأت ملامح المنتصرين تتضح ..فمقدار ما حققه الحلفاء الغربيون على الأرض السورية محدود بكل المقاييس الواقعية فهناك قطع مبعثرة على الحدود يحاول الغرب التوغل من خلالها .. وهناك جزر معزولة صغيرة على ضفاف سورية وضفاف مدنها يشبه سقوطها سقوط بولندة وفرنسا والمجر وغيرها بيد النازيين والتي لم يغير سقوطها في مصير الحرب لأن لندن وموسكو بقيتا عصيتين على السقوط ..
فالإندفاعة الروسية الصينية الإيرانية القوية إلى جانب الحليف السوري في الحرب العالمية الثالثة قد ثبتت الجغرافيا وثقبت خطوط هجوم الحلفاء ..وبدأت خطوط التماس تتحدث عن حلول سلمية.. واستحالة الحلول العسكرية ولو كانت أحاديث للمراوغة..
الحلفاء يراوغون بمناورات لفظية لكسب الوقت على إطالة الحرب تسمح لهم بتغيير نتائجها بإنهاك الخصم .. ولكن التحركات العسكرية السورية على الأرض توحي أن الإصرار على تأمين طرق الإمداد نحو الشمال السوري ينذر بإطلاق المرحلة النهائية من الحرب العسكرية عبر عملية عاصفة في الشمال .. وحسب عسكريين سوريين فان الجيش السوري قد أمضى بعض الوقت منشغلا في الجنوب لحبس المسلحين في أقفاص معزولة في الريف الدمشقي وأغلق هذه الأقفاص بالأقفال الفولاذية ليتفرغ لمعركة حلب التي صارت هي معركة النورماندي .. والجيش لن يخوض معركة حلب إذا لم يكن النصر الحاسم فيها 100% لأن أي انكسار عسكري سيعطي دفعا لمشروع التمرد المسلح وآمال جبهة الغرب ..وقد أنجز الجيش استعداداته لتحقيق نصر 100% دون التفريط بالجبهة الجنوبية المتينة جدا .. ويقول عسكريون سوريون يشرفون على الإعداد للمعارك بأن معركة بابا عمرو لم يتم إطلاقها إلا بعد معرفة كل دقائق تموين وقوة ومكامن المسلحين .. بالرغم من أن العالم كان يتوقع صمود بابا عمرو لأشهر طويلة ..
ويبدو أن اقتراب الانقضاض على مسلحي حلب قد دنا فقام جون كيري باستباق ذلك بالإعلان عن العربات المدرعة لمنحها لما يسمى المقاتلين المعتدلين وقدم قائمة للمولين العرب لدفع الفواتير الأخرى وهو أدرى أن لا معتدلين يهيمنون على حلب أو ريفها بل مقاتلون شديدو التطرف يقودهم جنرالات بلاكووتر والناتو من غرف العمليات على الحدود .. وبالطبع ما يدل على اقتراب معركة حلب هو تحريك الجبهة والفوضى في الشمال الشرقي السوري من أنبار العراق وحتى الرقة السورية وفي استباق بإنزال سريع في مدينة الرقة لتعديل الاندفاع العسكري السوري نحو حلب حيث يتوقع العالم إنزال "النورماندي" في حلب وريفها وحيث ينتظر العالم ما يعرف في أدبيات الحرب العالمية الثانية (اليوم د) الذي عرف بيوم إنزال قوات الحلفاء على شواطئ النورماندي حيث تمترست قوات هتلر .. وحسب الرصد النشيط بالأقمار الصناعية الغربية فان تموضع القوات السورية وخطوط التموين والتواصل التي شكلتها مؤخرا تشي بما لا يدع مجالا للشك أنه تموضع هجومي حاسم في منطقة حلب وادلب .. حيث ستشهد حلب وريفها المتماهي مع ادلب إنزال النورماندي السوري وقد تكون لأول مرة مواجهة تركية سورية مباشرة داخل الأراضي السورية لأن المسلحين لا يمكن الاعتماد على إمكاناتهم للصمود في وجه قوة عاتية تم إعدادها خلال أشهر طويلة مما سيضطر الأتراك للإشراف على القتال بأنفسهم .. فالخروج من حلب صار يذكّر الأتراك بخروجهم منها مدحورين قبل قرن من الزمان..
وليس سرا أن معركة حلب المنتظرة التي تم الإعداد لها يتوقع لها أن تشهد أكثر عملية إبادة للمسلحين والدفع بهم نحو الرحم التركي الذي ولدوا منه بالبلدوزر العسكري .. وتتوقع الاستخبارات الغربية العسكرية من رصدها لنوعية الزج والسلاح أن الجيش السوري وبسبب اعتماد خيار (صفر فشل) الذي اعتمده لهجوم حلب (ردا على معادلة "صفر مشاكل" لداود أوغلو) سيظهر لأول مرة استخداما مفرطا للنيران وعدم استعداد لإطالة المعركة في حلب وسيلجأ للتقليل من الاحتكاك المباشر عبر مساحات نارية واسعة .. ويقدر عدد المسلحين الذين سيشكلون وقودا يحترق في هذه المعركة بما لا يقل عن 15 ألف قتيل ..وهي ستكون أشرس معركة في الشرق الأوسط منذ معركة العلمين بسبب عدد الدول المنخرطة في فعالياتها استخباراتيا وماليا وتقنيات الأقمار الصناعية وعسكريا وعدد المقاتلين الذين سيدفع بهم ..
ومن يقرأ في حديث الأسد إلى صحيفة الصندي تايمز البريطانية يستنتج أن الرجل صار يدرك أنه تجاوز مرحلة التردد وأن بين يديه الخرائط الجديدة والألوان الجديدة.. فقد كان الأسد يسخر بهدوء من وزراء الدول الكبرى .. ويذرو التراب على قبر الثورة السورية وهيبة الغرب .. الرجل الذي أمسك أنفاس العالم وحاول العالم إخافته قال لوزير دولتين عظميين إنهما وزيران منافقان .. فوق حدود النفاق ..ويضيعان وقتهما ..عبارة لا يقولها إلا من يقترب بثقة إلى هدفه وقد بدا لامباليا بأناقة التواري بالكلام..
وينهمك الغربيون والأكاديميون الذين يتابعون الحدث في محاولة توقع نتائج نهاية الحرب العالمية الثالثة فهي لاشك سترسم نهايات لحدود وخطوط تماس قديمة و ستبدأ نهاية سلالات ملكية معمرة كنتيجة طبيعية .. فهناك تغييرات سياسية ستتلوها في تركيا وغيرها .. لكن أكثر ما يلفت النظر فيها هو ما يتردد عن السلالات الملكية المرشحة للزوال فهناك حديث عن احتمال تغيير ملكي متعدد في المنطقة ولكن الأهم هو التغيير الذي سيطال الأسرة المالكة السعودية تماما كما كانت نهاية الحرب العالمية الأولى سببا في زوال سلالات ملكية أوروبية قديمة..وهو أمر وصلت إليه العائلة المالكة السعودية ولم يبق لها أمل إلا بسقوط موسكو في دمشق..
وحسب تلك القراءات فليست الحرب العالمية الثالثة مباشرة هي التي ستقوض السلالات الملكية بل أن الإخفاق في الاستيلاء على سورية سيغري كثيرا محور سورية وروسيا وإيران بالدخول لأول مرة علنا إلى حلبة الصراع الأسري السعودي - السعودي فهناك أجنحة مقموعة في الأسرة المالكة لصالح جناح آخر وهناك خطوط اتصال معه صارت متطورة .. وهو الشق الذي يبني عليه المحور الفائز في الحرب بقيادة روسيا وإيران والصين مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثالثة .. وفلسفة هذا التحرك قائمة على فهم عميق لموقع السعودية الدقيق في الاقتصاد الأمريكي والغربي (اقتصاد العدو) .. فكما هو معروف فان الدولار عملة ورقية بلا رصيد ذهبي بعد أن فك ارتباط الدولار بالذهب في السبعينات .. وسبب قوتها هو أن دول النفط وبالذات السعودية ترفض بيع نفطها إلا بالدولار الأمريكي مما جعله عملة قوية ومطلوبة في العالم وعزز الاقتصاد الأمريكي .. وقد حاول صدام حسين هز الدولار والاقتصاد الأمريكي بإعلانه بيع النفط العراقي باليورو .. فقرر الأمريكيون القدوم مباشرة لتحطيم أولى مثل هذه المحاولات ..
ولكن بعد أن شارفت الحرب العالمية الثالثة على النهاية في سورية صارت الإدارة الأمريكية تتلقى اقتراحات بالاستغناء عن الأسرة المالكة السعودية كليا كحل عاجل لمعالجة النتائج غير المتوقعة في الحرب العالمية الثالثة .. لأنها كما قيل أسرة معمرة شاخت وهرمت وباتت الرجل المريض في السعودية (كما كانت الدولة العثمانية سابقا) .. وبقاؤها صار عامل لا استقرار وقلق للمصالح الغربية بما فيها من الانشقاقات الخفية بين الأمراء والشروخ التي لم تعد خافية على أحد وتعكسها التغييرات المتلاحقة في المناصب التي يصدرها الملك .. كما أن هناك بعض الأمراء المهمشين يبدون طامحين لمواقع متقدمة في الأسرة وهم يتلقون إشارات مشجعة وقوية من جهات خارجية (ربما روسية وإيرانية) للتقدم والقيام بانقلاب أسري ينهي هيمنة جناح مسيطر في الأسرة يكون بمثابة ثورة عام 1917 في روسيا القيصرية كنتيجة للحرب العالمية الأولى لكن يقوده أمراء مهمشون وليس فلاسفة بلاشفة وبروليتارية (يسميها الروس ثورة البروليتارية الملكية) .. ومن هذه التشققات ستتسرب المخططات المناوئة للغرب على الأقل بعدم استقرار السعودية والخليج العربي واهتزاز الدولار وسوق النفط ومنه ارتعاش الاقتصاد الغربي كله المرتبط بالاقتصاد الأمريكي والسقوط المدوي دون حرب نووية كما سقط الاتحاد السوفييتي ..
ويعتقد أصحاب هذا الطرح بأن إيجاد تغيير في السعودية بقيادة عائلة أخرى (أو ضباط عسكريين في الجيش السعودي) صار ضروريا لأن عملية تفادي التفكك العائلي وانطلاق المتناقضات الخطرة في الأسرة المالكة الحالية صارت مستحيلة وهي مصدر قلق من تسرب مشاريع الآخرين إلى الجسم السعودي .. فالأسرة المالكة ليست أسرة أوروبية عريقة وليس فيها تقاليد ملكية بل ملكية قائمة على الصدفة.. وليس تفكك المملكة هو ما يقلق الغرب بل انه لا يمانع به طالما أن مصالحه حصينة .. لكن الغرب لا يريد تفككا له شرارات انطلاق قادمة من الخارج .. ولابد من بديل قوي ..
ويعزز أصحاب الطرح وجهة نظرهم بأن كثيرا من مشاكل الشرق الأوسط سيمكن لملمتها في كيس (الخليفة) الواسع حيث لا يتسع لها كيس الملك .. ومصدر هذه الفكرة هو التنبه إلى أن أحد الأركان الرئيسية في العقل الإسلامي هو فكرة إعادة الخلافة .. لذلك لن يكون الحكم القادم في السعودية مختلفا جوهريا عن الحالي لكن سيسمع المسلمون لأول مرة في العالم منذ قرون بلقب (الخليفة وأمير المؤمنين) في قلب مكة .. لقب خرج منها منذ أن خرجت الخلافة إلى الكوفة والشام وبقيت حلما يدغدغ المسلمين وهاهو سيتحقق قريبا .. فهو لقب انتظروه بفارغ الصبر وهو جذاب جدا ومحرك للعواطف .. وسيقود الخليفة الجديد المتسلح برمزية مكة واسم الخليفة عملية تحصين مصالح الغرب ضد أية مفاجآت .. كما أنه سيمكنه بقوة من مواجهة إيران (التي لن تواجهها أميريكا) بما سيتمتع به من نفوذ ديني وهيبة إسلامية في طول العالم الإسلامي السني وعرضه لا يتمتع بها آل سعود الذين لا يمكن إلا أن يختلف الناس كثيرا بشأن الولاء لهم وتصديق نواياهم ..
الزخم الجديد للإسلام عبر شخصية سعودية مرموقة سيستفاد منه (كما اقترح أحد تقارير المحافظين الجدد) في خلق تبرير للسلام مع الإسرائيليين من قلب مكة لأن خليفة مكة أقدر من الإخوان المسلمين ومن القرضاوي والأزهر على القيام برحلة عمر بن الخطاب إلى القدس لاستعادة العهدة العمرية كخليفة .. أو لكتابتها من جديد عام 2020 بشكل يقبل فيه خليفة المسلمين أن يبقى سكان (ايليا) الجدد فيها مقابل أن يبقى المسلمون في خيبر (تبادل أراضي تاريخية)!! .. وهذا الطرح يستند إلى نجاح تجربة تمتين كامب ديفيد بدعمها بالموافقة الإسلامية الصريحة من حكام القاهرة الجدد من الإخوان المسلمين حيث قال توماس فريدمان أن معاهدة كامب ديفيد لم يتم تطبيقها وتنفيذها عمليا إلا عندما وصل الإسلاميون إلى الحكم واعترفوا بها ومنحوها أول مرة الغطاء الإسلامي الذي حرمت منه منذ ولادتها حتى اليوم .. وتحتاج القدس إلى شرعية إسلامية كبرى أخلاقية لا يمكن الحصول عليها من حكم ملكي بل من خلافة وخليفة مكية ..
هذه بعض من ملامح مخلفات الحرب العالمية الثالثة وهناك تفاصيل لم تكتمل بشأن الأردن وقطر ودول الخليج التي ستدخل إلى خلاطات السياسة وسيتم خفقها بخفاقات البيض .. ولكن الحرب العالمية الثالثة قد وقعت وشارفت على النهاية ونهضت من الحرب قوى جديدة وترنحت قوى قديمة وسلالات ملكية .. وكما الحروب العالمية تظهر تحولاتها بعد عامبن فإن هذه الحرب أظهرت تحولاتها .. والأشهر الباقية ستقول الكلام الفاصل الذي انتظره الكثيرون ..ويخشاه الكثيرون من الثورجيين العرب ..
وان كنت سأضيف نصيحة أخيرة إلى نصائح المقدمة فإنها ستقول:
لا تنظروا إلى الخرائط العسكرية التي يرسمها لكم صفوت الزيات وفحول الفضائيات ومواقع الشر لأن هؤلاء لا يميزون الفرق بين خرائط الجغرافيا وخرائط التاريخ وخرائط القهوة في فناجين قهوة أميرات النفط .. فبلوانا أن كل من يعتلي المنصات والمنابر هذه الأيام ويمسك الأقلام ويرسم الخرائط لايكتب بالحبر بل بثفالة القهوة وسفالة الأخلاق .. ولا يستحق شرف الكتابة بالحبر بل سيكفيه شرفا أن يتأمل رواسب فنجان القهوة وبعض الودع والصدف وأوراق القمار..والدولار ..
إنزال النورماندي قادم .. وإنزال جبهة النصرة والقوات النازية التركية في غرب العراق والرقة لن يغير من إنزال النورماندي في شمال سورية حيث الكتلة الرئيسية لقوات النازيين الأردوغانيين الكبرى .. ومن هناك ..ستبدأ نهاية الحرب العالمية الثالثة .. ونصيحتي هي ألا تشربوا الفناجين التي سكبها لكم صفوت الزيات وكتاب الشؤم .. فهؤلاء لا يعرفون في الحروب العالمية .. بل في حروب الجمل وحروب القبائل وداحس والغبراء وحروب الكهوف وحروب الانفعال.. وخرائط القهوة وخلائط المبالغات ..
من ينزل في الرقة ليس كمن ينزل في النورماندي الحلبي .. حتى الفيلد مارشال صفوت الزيات يعرف ذلك.. ..
( الأربعاء 2013/03/06 SyriaNow)
تعليق على هذه المقالة:
نارام سرجون، الكاتب السوري المغترب، يثبت دوما عبقريته!! ولكنه في هذه المقالة بالذات رسم نارام لوحة معبرة شملت كل شيء، وتفصح عن كل شيء، لقد اندمجت في روحه أبعاد المؤرخ، والسياسي والأديب، والاقتصادي والمحلل..!! أخذ يرسم لوحته دون أن يعبأ بمشاهديه (قرائه) إذا ما كانوا يفهمون لغة الألوان!! لم يعبأ!! بينما حين أقارن مقالاتي بمقالاته أكتشف أنني أميل أكثر للتاريخ، لاستفزاز القارئ للرجوع للتاريخ!! وقد يحتل التاريخ جل مقالتي، وهذا يشكل عبئا استثنائيا على أي كاتب!! ف "المكائن" العربية منذ وفاة الدليل والماسك بحبل الشرف الأطول، صاحب الرسالة محمد، ما زالت نشطة في تزوير التاريخ!! ولقد أبدع نارام مسرجون في هذه المقالة فإضافة للمتعة الذهنية والروحية، يثبت لنا أن العرب ما زالوا في غيهم القديم!! مما حدا بالشاعر مظفر النواب أن يستغيث بالإمام علي وسيفه ولم يفته أن يقول لو قام علي من قبره اليوم لتصحيح الانحراف عن أساس الرسالة المحمدية لنعته عرب الخليج بالشيوعية!! بينما يصمت العربان وخدمهم وحشمهم وخصيانهم حين يقول القردضاوي لو قام محمد من قبره لتحالف مع الناتو!!
صراحة لقد ضجت من النفاق والأكاذيب، تبدأ من السودان ... الحكومة تكذب، والمعارضة تكذب، والناس كل الناس، في بيتكم أو بيتي يكذبون، في السوق والشوارع يكذبون، والتلفزيونات تكذب، والإذاعات تكذب، والصحف تكذب الخ كذب، كذب!! السودان انتهى!! آخر اكتشافاتي المتأخرة التعيسة أن السودانيين أصبحوا يناضلون "يمارسون" الجنس في المكاتب!! حكومية أو خاصة!! هل تصدق؟؟ لذا المعذرة إذا توقفت عن الكتابة، لقد وصلنا درجة الصفر من الكتابة كما يقول رولاند بارت!! ماذا يمكنك تكتب وأنت محاط بحلقة محكمة من الأكاذيب؟!
آخر تلك الأكاذيب التي قرأتها وكدت أصاب بالقيء ما كتبته صحيفة آخر لحظة، ولسوء الحظ هي الصحيفة نفسها، فمن ناحية أفردت مؤخرا لغازي صلاح الدين العتباني هرطقات اختراق السي آي أيه للسودان عبر الحركات المسلحة الخ، وبغض النظر عن مثلا أمين حسن عمر بشرنا عام 1993م بمدينة ميونيخ بتقسيم السودان بفعل تآمري أمريكي وصهيوني كجزء من خريطة الشرق الأوسط الجديد!! إذن ما الجديد في كلام غازي؟ وكيف تم تقسيم الجنوب حين من يعتلي السلطة يعلم بهذه المخططات التآمرية التقسيمية منذ 1993م؟ أليس هذا الخبر مملا؟ بل كذوب يتمظهر بالحرص، ويتلبس بوطنية كاذبة!! أما الناحية الثانية، صحيفة أخبار اليوم تكتب عن سوريا وتجزم أنت أو أنا أن أصحاب الصحيفة قبضوا "المعلوم" من قطر!! وبالتأكيد رقم كبير قد تقيم حفلا عليه!! ولا تحتاج إلى دليل. وإذا قبضت صحيفة آخر لحظة مصاري من قطر بالتأكيد تكون قبضت من السي آي أيه عبر فرع الدوحة!! فالدوحة والسي آي أيه شيء واحد!! طيب لزوموا شنو هذه البكائية كما يقول البوني؟
بل أتعس من صحيفة آخر لحظة حكومة السودان التي تولول من عمالة الحركات المسلحة ونؤكد نحن لا ندافع عنها، والحكومة نفسها تتمرمغ في مصاري وأحضان قطر!! أحد الأكاذيب المركبة الثقيلة على النفس ما زالت حكومة السودان تطنش حقيقة ساطعة أن حكام قطر هم رأس الرمح الأمريكي الصهيوني..والدليل لماذا تقف حكومة السودان ضد سوريا والشعب السوري!!
أما الرمية الأخيرة – أخيرا صعد عادل الباز على متن سفينة جديدة، وقد قارب في مساعيه السابقة بالكاد أن يعمل صحيفة إليكترونية على وزن إيلاف وعثمان العمير!! الخرطوم؟ لا جديد فيها!! هل خافت "الحكومي" من خطوة الباز والصفحة الإسفيرية؟ كأن ينجح الباز وتكون سابقة في تاريخ الصحفيين المشهورين فسحبوه أرضا؟ أجزم بعض رؤساء التحرير أن تمويل صحيفة الخرطوم ينتقل من يد جهاز الأمن إلى يد محمد عثمان الميرغني - والعهدة على الرواة!! هل جند محمد عطا محمد عثمان الميرغني للجهاز؟ بالرغم إنها نكتة أو طرفة على وزن عادل إمام.. متعووودة، لكن هنالك سابقة حقيقية مثل أن يكون نجل مقرن بن عبد العزيز رئيس جهاز المخابرات السعودي شريك وممول للبنك الإسلامي السوداني، وشريك في مصنع السلام للأسمنت، وبالطبع شريك في صحيفة الصحافة!! يا صفية غطيني ما فيش فايدة – رحم الله سعد زعلول!!
نقول لعادل الباز جرب الطبخة الجديدة التالية: لا تكتب عن السودان!! لا تهاجم الحكومة ولا لصوصها، ودعهم في حالهم ينهبون ويمرحون، ولا تهاجم الوزير الفلاني أو والي الخرطوم ولا حتى عبد العزيز عثمان، ولا، ولا ولا، ولا.. فقط قلل من المقالات البايتة والمكرورة السخيفة التي لا معنى لها، وأشطب من صحيفة الخرطوم كل الأقلام الخشبية والباهتة، خاصة إياهم، .. وأنشر فقط مقالات خارجية مثلا مقالات نارام سرجون، د. مضاوي الرشيد، أسامة فوزي (خذ طلة على كتَّاب عرب تايمز وأختار من الكتاب من تشاء!!)، ولا تنسى أن تمر بالصحف الاسفيرية أو المطبوعة التالية: الأخبار، الديار، المنار المقدسية (ليست لحزب الله)، والاعتقاد (لحزب الله)، وسورياناو، وفارسنيوز..(وأبتعد عن عبد الباري عطوان – فهو يقبض من قطر وحتى من إسرائيل، وابتعد عن فهمي هويدي الذي يغمز لقمة الوهم بصلصة العقلانية..)، ثم ماذا؟
هل سيكون لجهاز الأمن حجة عليك؟ هل يستطيع توقيف الصحيفة؟ كيف، وأنت لا تكتب عن السودان ولا حكومته؟ نقول للقارئ السر يكمن في التالي لكي تفهم "دغمسة" الخرطوم و"صمتها" العتيد الذي يقارب ثلاث عقود، وما تخططه في "دهاليزها" من ويلات للشعب السوداني عليك أن تفهم بكفاءة ماذا يدور خارج السودان!! ولو فهم الشعب السوداني اللعبة الخليجية الإقليمية بكفاءة سيفهم أن حكومة الخرطوم ليست سوى ترس صغير في الماكينة الخليجية الصهيونية، وإنها تنفذ قرارات البيت الأبيض عبر فرعيه في الدوحة والرياض. وبعد الفهم، ربما، ونقول ربما اشتعلت الحمية والرجولة في صلب الشعب السوداني..وإلى حين نعزيكم، لقد مات الشعب السوداني إكلينيكيا، صار يجاهد في المكاتب لتفريغ طاقته الجنسية!!
لقد صدق نارام سرجون ... نحن نعيش حرب عالمية ثالثة بأسلوب العصر الحديث تتقاطع أحداثياتها في سوريا، ولم يفت على الثعالب الغربية تنظيف بلدانهم من "الوهابية السلفية" المجرمة بزجها في نقطة واحدة تسمى سوريا وهم على يقين أن بشار الأسد سينتصر، ولكن ليس قبل أن يدمر عربان الخليج وكلابهم المسعورة المجرمة سوريا تماما .. وهذا ما عجزت عنه دولة إسرائيل وأمريكا والدول الغربية!!
هل يفعلها عادل الباز!! هل يتذكر أن تمويل صحيفة الخرطوم لا يأتي من "جيب" الميرغني؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.