عجز المواطن السودانى عن فك الارتباط بين الحركة المسلحة العدل و المساواة و المؤتمر الشعبى المنسلخ عن النظام الحاكم بل اعتبر اكثر من ثلثى الشعب ان اجتياح حركة العدل و المساواة الشهير لامدرمان فى العام 2008 انه بقيادة حسن الترابى بالرغم من الاجتهاد الشديد الذى حاول ابراهيم خليل فى مذكراته ان يفنده بانه حركة مستقلة بقيادته شخصيا معتمدا على احدى الافتاءات الساذجة للترابى و العقلية الساذجة للمتلقى اعتبر خليل نفسه و بناء عليها منسلخ عن الترابى نهائيا و لايزال ذلك الارتباط فى الاذهان قائما الى تاريخ كتابة هذا النص و بالرغم الاهمية العالمية و ردود الفعل الدوليه التى حظى بها ذلك الاجتياح الشهير الا ان المردود الداخلى الشعبى اختلف كثيرا ولم ينصب فى صالح خليل كما كان يرجح له المؤتمر الشعبى عموما و الجهات التى مولت المشروع عسكرايا فقد بنا خليل ابراهيم هجومه على اسس و قواعد واهنة و تفتقر الى العمق فى التفكير و الدراسة الميدانية الحقيقية بل تفتقر الى اهم اسس النجاح و هى على اقل تقدير التأييد الشعبى العام فعلى الرغم من النجاح المنقطع النظير للاجتياح و دخوله و سيطرته على اهم المرافق بالعاصمة الامر الذى اثار ردود فعل قوية لدى جنرالات البنتاغون وفق مذكرات خليل الا ان طريقة الاجتياح تنبأ بانه تم الزج بابراهيم خليل الى الهاوية و تم استغلال غروره و غضبه و لربما اسهم الحزب الذى يقف دوما فى توجيه السياسات العامة للحركة الشعبية و دولة الجنوب حاليا بالاسهام فى ادارة دفة الحرب لحركة العدل و المساواة ليس من قبيل النجاح بل لزعزعة النظام فى الشمال و اثارة العالم ولفت نظر البيت الابيض و اجباره على سرعة التدخل و اتخاذ مواقف قوية تجاه الجنائية الدولية و السودان عموما و لعل فشل ذلك الاجتياح الفاشل تخطيطيا ناهيك عن الاسباب اللوجستية يعود لاسباب قوية اهمها العوامل النفسية و الحرب النفسية التى رافقت ذلك الاجتياح فمثلا تواردات انباء قبيل الاجتياح بعدة اشهر عن عزم خليل ابراهيم السيطرة على السودان بل وصل الامر الى الحد الذى اخلى فيه كثيرون من القرويين المستقريين بالعاصمة الخرطوم هروبا الى مناطق اكثر امنا ودب الزعر فى الاوساط السياسية و الشعبية فالاحداث الدامية التى اعقبت مقتل جون قرنق فى السودان و تاخر نزول الجيش الى الطرقات لحماية المدنيين كان ما يزال ماثلا فى ذهن الشعب و بدا ان الدفاع الشعبى امتيازا بديلا عن المؤسسات النظامية و اكثر امنا و اسرع فردود الفعل للنظام الحاكم لا يمكن التنبأ بها فقد بنى ابراهيم خليل اجتياحه للخرطوم على اسس ضعيفة التأييد فى الشمال ولا ترقى الى مستوى التأييد الشعبى سوا قبيل او بعد الاجتياح ففى الوقت الذى ازمع فيه الى تسليح و اعلان حركته المسلحة اعتبر الشمال ان الابادة فى دافور هى نتيجة صراع سلطوى بين شقى النظام و هم المؤتمر الشعبى و المؤتمر الوطنى ففى الوقت الذى تقمص فيه خليل ابراهيم دور المناضل الثورى بل اعتبر ان حركته المسلحة هى امتداد لثورة بولاد التى تم دحرها فى غرب السودان مستعيرا مبادئها لمحاربة ضعف التنمية و الفقر و التهميش السياسى لغرب السودان و بدأ خليل فى مذكراته الشهيرة يسرد اسباب انشأ حركته المسلحة مستدلا بالفقر الذى يحيط بابناء غرب السودان الذى فى منظوره انبثق عن فساد النظام الحاكم فبالرغم من اشارته الجليلة الى الحصار الاقتصادى للسودان الذى يشمله ككل آثر ابراهيم خليل الانطلاق من مبدأ الفساد الحكومى كسبب لتردى الوضع فى غرب االسودان ثانيا بنى ابراهيم خليل حركته المسلحة من منطلق الجهوية و القبيلية التى ربما بدون قصد يدعى انه لا يؤيدها و بالرغم من ذلك فقد ارتباطت هويات قواته بالقبائل الموجودة فى غرب السودان فقط فمثلا لم تضم حركته المسلحة عموما افراد من الشايقية اوالجعلية او البنى عامر او الجنوبيون "باستثناء كوادر الحزب الشيوعى الشماليون و الذين هم مخططون فقط" اللذين عانوا التهميش و الناقمين على النظام مما يجعل من حركته المسلحة حركة جهوية قبلية خصوصا وان اجتياح امدرمان كان فى العام 2008 اى قبيل استقلال الجنوب ثالثا اعتبر ابراهيم خليل ان الشمال قاعدة ارتكاز للنظام الحاكم ففى مذكراته اعتبر خليل ابراهيم ان النظام الحاكم شمالى يتكون من قبائل الشايقية و الجعليين و الدناقله و بذلك اعتبر محاربته للنظام لرد الظلم الشمالى على غرب السودان فى الحين الذى يعتبر ان قرابة ثلث العاصمة و الاقاليم ترزج تحت سيادة حزبين دينيين عقيمين و هم الانصار و الختمية و هى نقطة مهمة تم تجاهلها من قبل العدل و المساواة و من ثم خطى خطوته نحو الشمال لكى يرحب به الشماليون كمنقذ فى الحين الذى اعتبرهم القاعدة الشعبية للنظام الحاكم مما خلق ارتباكا لدى الجميع فى السودان , خامسا اعتبر خليل ابراهيم نفسه مناضلا ضد النظام فى الوقت الذى اعتبره الشعب السودانى ككل انه جزء من النظام الحاكم فصورة البطل التى بناها خليل ابراهيم عن نفسه كمناضل للنظام لم تتطابق مع الصورة فى ذاكرة الشعب لخليل ابراهيم و هو يحتل منصبا تلو الاخر كجزء لا يتجزأ من النحبة الحاكمة حتى بعيد ظهور الجنائية الدولية فاذا كان ابرهيم خليل يرى ان النظام فاسد فان الشعب بالضرورة يراه بنفس المنظور , سادسا ان صورة البطل الثورى القومى لا ترتبط بقضايا بمحليه بل بقضايا شعبية فابتدر خليل ابراهيم حركته بنشر مفاهيم كتحرير السودان و ما شابه و هو خطأ وقعت فيه الحركات المسلحة السابقة فى جنوب السودان كالانانيا التى اسست على مفاهيم لا يستسيغها الشمال المسلم كالتحرير و ما شابه و هو خطأ استدركه جون قرنج لاحقا و بنى عليه فكرة السودان الموحد السودان الجديد فالشعب يميل الى البرغماتيه و الشعارات القومية و الوحدة و التنمية كما و انه لم يكن مستعدا كليا للدخول فى حرب اهلية اخرى فى غرب السودان محورها التحرير سواء من النظام او غيره لانه يدرك انه يحتاج الى التحرير من عقم الاحزاب الدينية السياسية و التى اعتبرت العدل و المساواة جزء منها متمثلا فى الترابى, ان فكرة التحرير عموما ذات اثر عكسى برهن عليها التاريخ و بالتالى فان الدعوة الى الحفاظ على الوحدة مثلا او خطر تقسيم السودان الى خمس دويلات كان يمكن ان يجد تأييدا افضل من قضية التهميش ذلك ان التهميش لا يقتصر على غرب السودان فقط بل عموما الاقاليم الشاسعة و اهم اسباب التهميش البعد عن المركز كما و ان التهميش لا يستدعى ان يكون هنالك حركة مسلحة بقدر ما يحتاج الى التفاوض و الضغوط السياسية من الاطراف للمركز والا تحولت القضية من تهميش الى اقتلاع الدكتاتورية المركزية و هذه تستدى انتافضة شعبية كالثورة الفرنسية او الروسية ضد الاقطاع او كالربيع العربى و فى هذه الحالة لا يستدعى اقتلاع النظام اقليم واحد او قبيلية تتوزع بين دولتين لاقتلاعه , سابعا ارتبط الدعم اللوجستى لابراهيم خليل باستغلال اصوله السودانية التشادية بالاعتماد على القبلية التى ادعى انه ليس من مؤيديها كمااعتمد على دعم دول الجوار الاخرى مما خلق جوا متوترا اضافيا و عبء على السودان فى غنى عنه حاليا بعيد اشتداد الحظورات الاقتصادية و التجارية التى تقودها الولاياتالمتحدة على السودان ووضعه على لائحة الارهاب اى ان فتح جبهات اخرى تثقل على كاهل الشعب كان هو فى غنى عنها حتى و لو كانت اسرته امتدادا للبوربون نفسها , ثامنا اختزل الكتاب الاسود فى الاذهان بمرجعيات شبيهه كالكتاب الاخضر للدكتاتور القذافى و كفاحى لهتلر و جميعها مرجعيات ارتبطت بالابادات كابادة اليهود فى المانيا او اسست لدكتاتوريات قمعية كما فى ليبيا و بالتالى ان محاولة استنساخ تجارب قمعية مرتبطة بمؤلفات تدعم الاستبدابة المركزية للنظم و بطريقة ما كان يتعارض مع النهضة العالمية فى حقوق الانسان لما بعد الحرب العالمية الثانية و ما نتج عنها من صراع بين قوتين عظمتين و تجازب العالم بين قطبيها يجعل من التبعية للنظم المركزية الداخلية منوط بولائها لهذين القطبين و دورهما فى تدعيم الحكم المحلى او اقالته و هى قضية مهمة ظهرت بقوة فى دور المخابرات المركزية الامريكية فى تدعيم حكم الدكتاتور القذافى " اطلق عليها سابقا عمليه الكلاب الضالة "و بالتالى حسم الكتاب الاسود بالتاريخ الاسود للاستبداد , و لعل الحسم الاخير اتى من طريقة ارتداء افراد المرتزقة الين قاتلوا الى جانب خليل و عمامة الرأس التى تخفى معالم الوجه ممزوجة بزى عسكرى و كانما قد خرجت قوات خليل المرتزقة توا من واحدة من اشد الاساطير غرابة و دخلوا الى العاصمة شبه المعولمة بقالب اسطورى و غريب و نافر ثقافيا فبدت قوات خليل داخل العاصمة كاجتياح غريب و ليس من صميم الداخل فى غرب السودان المعروف تقلديا بارتداء الزى العسكرى العالمى التقليدى او الزى المدنى بالجلباب الابيض و العمامة التى تكشف معالم الوجه كاملا البيضاء مما خلق جوا من الغرابة للقوات الدخيلة . يبدوا الامر شبيها بتحالف الفجر الجديد ذلك انه تمثيل سياسى عسكرى يحمل فى داخله نزعة قبلية و لا يمثل مشاكل السودان بكامله على الاطلاق بقدر ما يحمل فى طياته انذارات الانفصال و التقسيم الثانى على لائحة السودان و هو انفصال درافور بتمهيد عسكرى يحمل فى طياته انزالا للامم المتحدة تخت البند السادس اوالسابع تمهيدا لاتفاقية تحمل فى ثناياها استفتاء لتقرير مصير اخر او انفصال جديد وضعته الحركات المسلحة الدارفوية كاولوية فى اجندتهاغيرالقومية. هيام المرضى الخرطوم- السودان