من المعروف أن نظام الكفالة قد نشأ في دول الخليج العربي في منتصف السبعينيات عقب الطفرة النفطية، ولعل أبرز سماته هو حق الكفيل في حجز جواز المكفول وعدم السماح له بالانتقال إلى عمل آخر دون موافقة الكفيل إضافة إلى حق الكفيل في إنهاء عقد المكفول وترحيله من البلاد في أي وقت دون إبداء أي أسباب . مؤخراً أصبح نظام الكفيل من أكثر النظم إثارة للجدل القانوني والسياسي المحلي والدولي، فمن ناحية نجد أن معظم الكفلاء يرون أن نظام الكفيل يجب أن يبقى لأنه يحقق مصلحة المكفولين والكفلاء، ومن ناحية أخرى نجد أن معظم العمال الأجانب يرون أن نظام الكفالة ينحاز لمصلحة الكفلاء على حساب المكفولين، أما منظمات حقوق الانسان الدولية فتعتبره نوعاً من العبودية وتنادي بإلغائه فوراً لتعارضه مع حقوق الانسان، كذلك فإن بعض منظمات حقوق الانسان الخليجية قد طالبت بإلغاء الكفالة بحجة مخالفتها لأحكام الشريعة الاسلامية. ورد في الأخبار القديمة أن البحرين والكويت قد أصدرتا قراراً بإلغاء نظام الكفيل ومنح العامل الأجنبي حرية التنقل من عمل إلى آخر دون قيود من الكفيل وقد تمثلت المبررات الرسمية المعلنة في الرغبة في تحرير سوق الرواتب والقضاء على ظاهرة استغلال العمال، تنظيم سوق العمل والقضاء على تجارة التأشيرات، القضاء على مشكلة العمالة الهاربة، ومساعدة المواطنين الخليجيين على المنافسة في سوق العمل. وبتاريخ 12-11-2010، أعلنت دولة قطر أنها تدرس بجدية إلغاء نظام الكفيل. من المؤكد أن نظام الكفالة لم يُلغ نهائياً في أي دولة خليجية بما في ذلك البحرين والكويت وكل الذي جرى هو أنه تم تخفيف قيود الانتقال من كفيل إلى آخر حيث أصبح بمقدور المكفولين في الكويت والبحرين الانتقال من العمل لدى الكفيل المستقدم إلى الكفيل الجديد بعد تعويض الكفيل المستقدم عن نفقات الاستقدام ، أما السعودية فقد رفضت تعديل نظام الكفيل رفضاً باتاً وما زال المكفولين، ومن ضمنهم ملايين السودانيين، عاجزين عن تغيير عملهم في السعودية إذا رغبوا في ذلك ولا خيار أمامهم سوى القبول بتعسف بعض الكفلاء أو الترحيل إلى بلادهم علماً بأن نظام الكفالة يجعل كفالة المكفول تنتقل تلقائياً إلى وريث الكفيل عند وفاته وكم من رجل سوداني كلس وجد نفسه فجأة مكفولاً من قبل طفلة صغيرة أو رضيع ما زال مضموماً في حضن أمه ، ناهيك عن القصص الواقعية لكثير من المهندسين والأطباء والمحامين السودانيين المكفولين من قبل رعاة والتي تستوجب البكاء والضحك في ذات الوقت! وغني عن القول إن الصور الكثيرة المتداولة في موقع يوتيوب والمنشورة في بعض الصحف العربية والتي تصور رجال شرطة ومواطنين في بعض الدول الخليجية وهم يلقون القبض على مواطنين سودانيين بطريقة مهينة ويقيدونهم كالبهائم هي من أكثر الصور المثيرة للغضب السوداني! من المؤكد أن تصريح وزارة العمل السودانية بعدم ممانعتها في إصدار نظام الكفالة السوداني هو إعلان جيد وإن جاء متأخراً ويجب على المشرع السوداني إصدار نظام الكفالة السوداني ولو من باب المعاملة بالمثل فالأراضي السودانية والحدود السودانية ليست أقل احتراماً من حدود أي دولة صغرى أو كبرى في هذا العالم والمواطن السوداني ليس أقل قيمة من أي مواطن في أي دولة أخرى أياً كان إسمها أو موقعها، فمتى يُمكِن القانون السوداني المواطنين السودانيين من الانتفاع من أرباح العمال والموظفين الأجانب في السودان إسوة بانتفاع مواطني الدول الأخرى من أعمال العمالة السودانية الموجودة في بلادهم؟ متى نرى مكاتب الاستقدام تنتشر في جوبا ، واو وملكال والخرطوم ، عطبرة وكسلا؟! متى نشاهد الكفيل السوداني المعمعم، المتجلبب والمتمركب أو المتبنطل المتقمصن وهو يصدر إعلانات انهاء الكفالة وإعلانات المغادرة النهائية؟! ومتى نرى الشرطة السودانية تقوم باعتقال وترحيل أي جنبي إلى بلاده إذا ثبت أن وجوده في السودان غير شرعي لأنه غير مكفول من قبل أي كفيل سوداني؟! فيصل الدابي/المحامي