أيمن مبارك أبو الحسن اختتم الملتقى الاقتصادي السعودي السوداني فعالياته في العاصمة السعودية الرياض بحضور كبير من جانب الوفد السوداني يتقدمهم الوزراء والولاة ووزراء الولاة ومدراء عموم بعض الوزارات وهلمجرا. حضر بعض الولاة شخصياً "وبجلالة قدرهم" بقصد التسويق لمشروعاتهم بأنفسهم، في حين أن الأمر لم يكن يتطلب حضورهم الشخصي، كان يكفي ايفاد ممثلين فنيين لعرض المشاريع التي تمتلكها ولاياتهم، هيبة الدولة وهيبتهم شخصياً لم تكن تستوجب من هؤلاء تكبد مشاق السفر وحضور جلسات إجرائية فنية على النحو الذي دار في الملتقى. ما علينا فليس هذا موضوعنا الآن. وطالما أن ذلك الملتقى اقتصادي – زراعي بالدرجة الأولى فقد كان متوقعاً أن تكون "ولاية الجزيرة" أولى الحاضرين... فهي التي تؤّمن غذاء أهل السودان، وكانت مرشحة أن تكون مصدر الغذاء لكل العالم لولا التخبط والعشوائية التي قضت على أهم مزايا "الجزيرة" وهو مشروعها وقلبها النابض والذي أصبح حاله يغني عن السؤال. سألت أحد المسئولين الذين حضروا فعاليات الملتقى الاقتصادي السعودي السوداني بالرياض عن سبب غياب "ولاية الجزيرة" عن هذا المحفل المهم، فقال: إن الوالي كان مفترضاً حضوره شخصياً لهذا الملتقى، لكن تعدل برنامجه في آخر لحظة بسبب تزامن الملتقى مع زيارة مساعد رئيس الجمهورية الدكتور نافع على نافع لمنطقة الحلاوين لافتتاح طريق الشهيد ودحبوبة. وهل كان ضرورياً حضور الوالي شخصياً للملتقى، أين المسئولين الفنيين في وزارة الزراعة أو وزارة الاستثمار الولائية. سبب آخر تسرب لي أن "ولاية الجزيرة" لا تملك ما تدفع به للمستثمرين السعوديين من مشروعات زراعية. وإن كان هذا الافتراض صحيحاً، فإنها مصيبة كبيرة. ولاية تعتمد على الزراعة بالدرجة الأولى، وتعاني في نفس الوقت تعاني من ضعف في مواردها، لكنها عاجزة عن توفير أوعية للاستثمار الزراعي رغم امتلاكها لكل المزايا والفرص التي تحتاج إلى توجيه وبحث عن مصادر تمويل واستثمار جاد... كم عدد المشروعات الانتاجية ذات العلاقة بالإنتاج الزراعي مجمدة في "ولاية الجزيرة"، وكم عدد المشروعات الزراعية المقترح إنشاؤها ولم تجد من يمولها فذهبت مع الريح، وماذا عن مصانع السكر المقترحة والتي أعدت دراساتها الفنية وجدواها الاقتصادية، ألم يكن هذا الملتقى هو المكان المناسب للترويج لهذه المشروعات، ومشروعات أخرى عديدة متخصصة في المحاصيل الزراعية وتربية الحيوان تنتظر التمويل الجاد الذي يحتاج إلى تسويق فعال دون الحاجة إلى حضور "سيادة الوالي" أو حتى نوابه. المشروعات التي تم طرحها خلال ذلك الملتقى تبلغ 356 مشروعا استثماريا بتكلفة إجمالية تصل إلى 30 مليار دولار تشمل 117 مشروعاً زراعياً وليس من بينها مشروع زراعي واحد داخل "ولاية الجزيرة". أمر أكثر من محزن أن تغيب ولاية مثل "الجزيرة" ذاخرة بامكانياتها الطبيعية ومواردها المائية عن جذب الاستثمارات الزراعية المتوقعة من خلال ملتقى اقتصادي مهم كان يهدف بالدرجة الأولى للاستفادة من مزايا السودان في المجال الزراعي والحيواني – هذا المجال الذي تتفوق فيه "ولاية الجزيرة". ليس هنالك سبب واضح لهذا الغياب الذي أضاع على الولاية الكثير.