أراد أن يخرج فيلما سينمائيا فأخرج شيئا من قفاه بقلم الصحفي الناقد السينمائي : بدرالدين حسن علي قرأت مقالة عصام علي دبلوك المنشورة قبل يومين بموقع " حريات " حول العلاقات السودانية المصرية ، والتي إبتعد فيها تماما عن التاريخ وإنما ركز على الحاضر وشرح بالتفصيل الممل موقف المسؤولين المصريين من تلك العلاقات خاصة فيما يخص حلايب وشلاتين ، وأشار فيما أشار إلى موقف النجوم السينمائيين أمثال أحمد آدم ومحمد هنيدي وغيرهم ، وتكريم السفارة السودانية في مصر للنجم السينمائي يحي الفخراني على مسلسله " الخواجة عبدالقادر"
المقالة رصينة جدا وتكشف عن الخزي والعار الذي يلحق بالعديد من المفكرين والسياسيين المصريين وغيرهم لجهلهم واستخفافهم بالشخصية السودانية ، وبهذه المناسبة ما زلت أتذكر بعض الأفلام السينمائية التي تناولت العلاقات السودانية المصرية ، طبعا هناك سينما مصرية محترمة وهناك أيضا سينما مصرية قذرة ومنحطة ، وبما أن الأفلام السينمائية تصبح وثائق بمجرد عرضها أود أن أنقلكم لبعض ما يحدث في السينما المصرية . هناك فيلم مصري اسمه "عيال حبيبة " وفيلم آخر بعنوان "عليا الطرب بالتلاته " من الإنتاج الحديث في السينما المصرية ، وكلاهما لفنان سينمائي اسمه أحمد عبدالله ، أنا بطبعي لا أحب مشاهدة الأفلام الساقطة للكتاب والمخرجين الساقطين ، كما أكره كثيرا الممثلين السيئين الذين جاءوا إلى السينما من الأبواب الخلفية وفي غفلة من الزمان ، أولئك الذين يمكن أن يبيعوا كل شرفهم من أجل حفنة دولارات ، وسينما المقاولات والتهريج والإضحاك المقزز قد إنتهى عهدها وحلت محلها سينما محترمة ، سينما تقول شيئا مفيدا ، سينما تدعوك على إعمال عقلك ومعرفة ما يجري حولك ، بل تدعوك للإنتفاض والثورة من أجل تغيير كل ما هو سالب في حياتنا ، والسينما المصرية زاخرة جدا بمثل هذه الأفلام التي أنارت طريق المشاهد المصري والعربي بل ومشاهدي السينما في العالم أجمع ، وكما قلت هناك أيضا أفلام فضيحة ولا تستحق المشاهدة أو أن يذكرها التاريخ السينمائي لأن أبسط ما يمكن أن يقال عنها أنها تدعو إلى النزعة العنصرية المتجذرة والمترسخة في عقلية بعض الناس .
السخرية من أصحاب البشرة السوداء في الفيلم الأول إتخذ المخرج من لون أحد الممثلين - " سليمان عبدالعظيم " وهو يؤدي دور شاب أسود اللون – مثارا للسخرية وإهانته عمدا لأصحاب البشرة السوداء ،بعض المتابعين للسينما المصرية كتبوا بصدق شديد عن بعض مساوئها أو بمعنى أصح فضائحها ، مثل ما كتبه الناقد السينمائي طارق الشناوي وإستنكاره الشديد لبعض الأفلام السينمائية المصرية ، وما جاء فيها من مشاهد أشعرته بقدر لا ينكر من الإشمئزاز من تلك السخرية ، وقال تحديدا أنها سخرية سوقية وصبيانية لا تليق فكريا ولا إنسانيا لأنها تصل إلى حد إزدراء صاحب البشرة السوداء ، ووصفها بأنها سابقة خطيرة لا يدري كيف تجاوزت عنها الرقابة . في فيلمه الثاني المشار إليه سابقا ، وفيه يقبل ممثل أسود البشرة على مجموعة من الحالسين فيصيح الممثلون " أهوه الفحم وصل !!!!!!!!!!!!" ، فيضج الجميع بالضحك ، ولم يستح أو يخجل صناع الفيلم من أن يطلقوا على الممثل إسم " نصر السوداني " مقرونا بصفة الريحه الوسخة ، وهو يرتدي الزي القومي السوداني من جلابية وعمة وملفحة !!!! وأن الجملة المقززة " نصر السوداني أبو الريحة الوسخة تتدفق بلا حياء على لسان أكثر من نجم عندما يظهر هذا السوداني لتمثل إحدى مرتكزات الفيلم الفكاهيةالصبيانية . ولكن أحمد عبدالله ليس وحده ، فقد إنضمت له المخرجة إيناس الدغيدي في فيلمها " ما تيجي نرقص " و الذي يحتوي على عبارات مشابهة للفيلمين السابقين أستخدمت للدعاية للعمل ، حيث تستظرف الممثلة هالة صدقي وتقول أنها كانت مخطوبة لكوفي عنان – وتنطفها قوفي !!- وفسخت الخطوبة لأن لونه غامق !!!!!!!!! طبعا لا شيء يمكن أن يشعرك بالحنق والقرف والتبول على مثل هكذا أفلام تعرض في جميع دور العرض السينمائية المصرية وربما العربية أيضا ، ويشاهدها مصريون بعضهم بسطاء يتشكل في وعيهم صورة سخيفة للإنسان الأسود ، وبأتي هذا في زمن تصاعدت فيه شعارات حقوق الإنسان التي تمنع منعا باتا وتحاكم بالسجن أية إتجاهات لقذف الآخر في لغته أو دينه أو ثقافته أو لونه أو عرقه ، ولا يستطيع أيا من كان أن يجد العذر لمثل هذه الأعمال الهابطة المسيئة ، فهناك جهاز في جميع بلدان العالم يسمى جهاز الرقابة على المصنفات الفنية ، ومهمة هذا الجهاز بالدرجة الأولى حماية حقوق البشر من الفنانين المتصعلكين المتعنطسين الذين يهددون المباديء الأساسية للسلم وإحترام الآخر . ولا يستطيع أيا من كان أن يجد العذر لجهاز الرقابة المصرية في تمريرها لمثل هكذا أفلام وبالتالي هي مشتركة بالكامل في مثل هذه الجرائم البشعة المدمرة ، وهي بذلك إنما تشجع الآخرين على حذو نفس الطريق ، ونعيش بالتالي في غابة يحكمها الحمقى وألأغبياء والموتورين والمنفلتين ويصبح الآخرون هم الجحيم ّ!!! هناك آلاف القضايا التي تهم الإنسان المصري وتهم أيضا الإنسان السوداني والتي يمكن أن تتناولها السينما المصرية مثلما فعلت تلك الأفلام الخالدة والتي ما تزال تعيش في وجدان الناس ويخلدها التاريخ عبر العصور ، وهي ذات الأفلام التي عرف العالم من خلالها الإنسان المصري وثبتت مكانته بين شعوب العالم ، وعلى الأقل ينبغي أن يشعر أمثال هؤلاء الحمقى بالخزي والعار لأنهم يهدمون تلك القيم الإنسانية الجميلة التي تركها لنا الأسبقون ، وعلى جهاز الرقابة المصرية أن يشعر هوالآخر أيضا بالخزي والعار لأنه تحول إلى جهاز مفسدة وليس رقابة ،وأذكر جيدا عندما كنت أعمل براديو وتلفزيون العرب بالقاهرة كان أكثر ما يهم مالكها الشيخ صالح عبدالله كامل هو جهاز الرقابة على الأفلام ، وكان يسائلني شخصيا عن أي فيلم يخدش أو يلمس بأطراف الأصابع القيم الأخلاقية والدينية والإجتماعية وغيرها ، فما بالك بجهاز رقابة بحجم الجهاز المصري ؟ وما يؤلم حقا أن الفيلم يبقى بنسخته الأصلية الملطخة لسمعة البلد المنتج . السودانيون لهم حكمة متداولة تقول " العارف عزو مستريح " ونحن يا ولدي يا حمودي عارفين عزنا ومستريحين ولكن الطامة الكبرى في أن أحمد عبدالله أراد أن يخرج فيلما سينمائيا فأخرج شيئا من قفاه !!!!!!!!!!!!!! أفبعد هذا تأتي السفارة السودانية في القاهرة لتكريم الفخراني مع إحترامي الكثير له ولأمثاله في السينما المصرية ؟