أول ما يتبادر إلى ذهني عند سماع كلمة ملاريا، هو متلازمة الأخطاء المصاحبة لها ، فقد سماها الانجليز ملاريا (Malaria) أي الهواء الفاسد لاعتقادهم بأن هواء المستنقعات هو الذي ينقلها ومن المؤكد أن هذا الاعتقاد قد اندثر بعد اكتشاف الطفيلي المسبب لمرض الملاريا في الجزائر على يد الفرنسي الفونس لافيران الذي حاز على جائرة نوبل في الطب لعام1907 بسبب هذا الاكتشاف ، أما العرب فقد سموها بالبرداء بسبب الرعشة التي تسببها وهي تسمية ناقصة لأنها تشير إلى عرض واحد فقط من أعراض الملاريا المتمثلة في الحمى الشديدة المتقطعة المصحوبة بنوبات برد ، الصداع الحاد والقيء الشديد ، وحتى تسمية اليوم العالمي للملاريا من قبل وزارة الصحة العالمية والذي حل في يوم 25 أبريل 2013 تبدو غير دقيقة والأدق هو تسميته باليوم العالمي لمكافحة الملاريا ، أما في السودان والذي يُعتبر من الدول التي تنشر فيها الملاريا فإن أكثر ما كان يثير امتعاضي هو تلك اللافتة الضخمة المنصوبة أمام الجهة المختصة والمكتوب عليها (إدارة الملاريا) وليس (إدارة مكافحة الملاريا)! ولعل من أكبر مفارقات الملاريا أن ذكر البعوض رومانسي ويعيش على رحيق الازهار فقط ولا يعض البشر ، أما أنثى البعوض الخبيثة (أنثى الانوفليس) فتعض البشر وتنقل الملاريا لأنها تعيش على دم الانسان ، كذلك فإن الملاريا تصيب الانسان فقط ولا تصيب المخلوقات الأخرى مطلقاً! أكدت آخر الاحصائيات العالمية أن الملاريا تتسبب في وفاة حوالي 660 ألف شخص حول العالم سنويًا معظمهم من الأطفال دون الخامسة وجلهم في إفريقيا "جنوب الصحراء الكبرى" في حين يُصاب بالمرض كل عام أكثر من 200 مليون شخص في مختلف دول العالم، ومن المؤكد أن مرض الملاريا يتسبب في تكبد الدول الموبوءة بالملاريا خسائر اقتصادية ضخمة ولعل التحذيرات الشديدة المنشورة في موقع الصليب الأحمر الدولي ، والتي تحذر مواطني دول العالم الأول من زيارة الدول الموبوءة ، تدل على مدى خطورة هذا المرض الذي مازال متواجداً رغم تضافر الجهود الدولية الكبيرة للقضاء عليه. أظهرت بيانات لجهاز الإحصاء أن عدد المصابين بالملاريا في دولة قطر بلغ 708 حالة في عام 2012، منها 706 حالة لوافدين وحالتان فقط لمواطنين قطريين وأن الحالات المسجلة للقطريين خلال السنوات الخمس الماضية منخفضة جداً ووصلت إلى (الصفر) في بعض السنوات (العام 2009 و2011)، في حين سُجلت 5 حالات في العام 2008 و4 حالات في العام 2010، وحالتان فقط في عام 2012، ومن المؤكد أن هذه الأرقام المنخفضة تؤكد الجهود الصحية الكبيرة التي تبذلها وزراة الصحة القطرية في مجال مكافحة الملاريا. لعل السؤال الذي يطرح نفسه هو: ما هي أهم الأساليب الأقل تكلفة والأكثر فاعلية للقضاء على البعوض الناقل للملاريا قبل بلوغه أجساد الأطفال والأمهات الحوامل والذين يستهدفهم المرض بصورة أكبر ؟ من المؤكد أن أهم أساليب مكافحة الملاريا تتمثل في النوم داخل الناموسيات ، الرش بالمبيدات الفعالة، التعجيل بتوفير التشخيص وعلاج المصابين بالأدوية الناجعة كالكينين، الكلوروكين والفانسيدار ، مكافحة البعوض الناقل للملاريا عبر ردم البرك والمستنقعات ، تجفيف خزانات المياه ، إغلاق النوافذ لمنع دخول البعوض إلى المنازل، وتغطية الآبار المكشوفة بأغطية محكمة حتى لا تصبح ملاذات آمنة لتوالد البعوض الناقل للملاريا ، وفي الختام لا يملك المرء إلا أن يدعو الله بقوله : اللهم أشف جميع مرضانا فأنت الشافي المعافي من جميع العلل والأمراض يا رب العالمين.