حدث هذا فى ضواحي ليماسول .. المدينة القبرصية النائمة على خاصرة البحر الابيض المتوسط .. كان العود فتيّاً .. والزمان نديّاً .. ولم تكن الكآبة من لوازم الكتابة ، جوزفين وعثمان مسيرة تحاول المزاوجة بين العالم الاول ومؤخرة الركب البشرى .. احبته فى وقت كان يحب وطنه فاصبح منقسما بين تفانيها وموروثاته المكنونة .. خضرة عينيها وشعرها الاشقر المرسل كان يعجبه الشكل ويندهش من اهتمامها اللامحدود بكلبها وقطتها ..سخريته منهما كانت اكبر الازمات فى علاقتهما معاً .. ربما انه كان شديد الغيرة من طرف دفين او ان ثورته على الاوضاع المقلوبة فى عالمنا الراهن انسلت من موضع انطلاق الثورة ..فيسخر من هذا الاهتمام .. وبلغت ذروتها حين سافرت واوصت خادمها ان يعتنى بالكلب والقطة واومأت له براسها بما معناه الى لقاء .. فقال لها : من بين اضراسه لم تكملى الوصية ..رجعت اليه متسائلة : ماذا ؟ اجابها: الكلب والقطة وهذا الاسود.. وضحك .. حزنت وبكت ..ومضت..كانت تلك العلامة الفاصلة بينهما ..فايقن فى قرارة نفسه ان كلابنا وقططنا مثلنا متروكة لخشاش الارض ، حتى طفلنا لاينظر اليها الا كحيوانات فى احسن فروضها تفضي الى ابواب الجنة .. وفى ارثنا ان الملائكة لاتدخل بيتا فيه كلباً ولاصورة ..عثمان حزم امره وهو مستلقٍ على الشاطئ ينثر حبيبات الرمل ويسافر بخياله نحو مرابعه البعيدة بحسابات المكان القريبة بلغة الوجدان .. انتفض من مكانه باحثا عن الصباح المشرق من وهج الذاكرة .. فتمثلها تلكم العينان الملأى بالبراءة والجمال .. والاسنان المشعة والكلام الاغنية ..حباب يازين ..وجيدا جيت .. وكلام ساكت .. ونادرا ماتحوي لغة شعب غرابة فى مدلول اللغة كهذا الشعب ..حدّث نفسه ياانت يامخزون العشق ونبض الروح وبنيان الانسانية .. من حيث اتيتُ اتيتِ .. محمولة بين ايادى الشوق على اجنحة الود .. وايدى الجنوح واياديّ الممتدة ولهًا.. ادق الباب فتاتينى رافلة فى اثواب الترقب والانتظار .. صاحت : اخيراً اتيت تدق الباب علينا ؟! ذهبت وعدت فى الزمن الخطأ .. جئت لوطن اضاع بنوه ثلث الارض وثلث الشعب .. وكل غبي صار نبي .. لا يفصل بين العلة والسبب.. صرنا ياصاح منبتين بلا اصل ولانسبِ.. فلماذا اتيت ؟ اجابها : لأننى اكتشفت فى نهاية السفر ، اننى من اكثر البشر قذارة تجاه ذاتى ، نبوة تجاه غيرى واننى اتيت قبل عصرى .. لأننى غبي ولربما نبي .. اتذكرى يوم جلدني شيخ الخلوة جلدتين .. مرة لأننى احببتك قبل ان اصلى .. واخرى لأننى صليت فى عينين.. اومات بطرفها وسالت : سافرت ياعزيزى باحثا عن نفسك ؟! اجابها لكننى اكتشفت اننى تركتها فى مطار الخرطوم .. واليوم ياخرطوم ترزحين ..تحت عقابيل الزيف وتساقط القيم كاوراق خريف وزمانا نعجز عن نلقى لمثله توصيف .. تشويه الدين .. وغربتنا فى التيه .. وازمات فى القيم والرغيف .. كل هذا لايعنى سيدتى اكثر من الام الطلق الذى سيتنفس عن صبح الميلاد .. والصبح قريب .. فكلما سقناه من خارج النص .. اما النص فالصبح قريب.. وسلام ياااااااوطن سلام يا.. قالت : انها صفر ولذلك سترحل .. وقالت سناء حمد قلنا للرئيس تعبنا من المجاملات ..فمابين صفر د. صباح ومجاملات الوزيرة السابقة .. يتمدد وطن آيل للسقوط .. ودولة النساء القادمة تتشكّل.. وداهية تاخد اللى كان السبب...