د. صديق الامام محمد [email protected] باحث في العمران الحضري و الجغرافية السياسية 2/ الخصائص البشرية لمنطقة ابيي:- يسكن منطقة ابيي خليط من القبائل العربية متمثلة في المسيرية والقبائل الافريقية المتمثلة في قبائل الدينكا نقوك ، احدى بطون الدنيكا المنتشرة فى أعالي النيل الكبرى وبحر الغزال وحسب التصنيف لبطون الدينكا فان نقوك أبيي فرع من فروع نقوك فى أعالي النيل ، لا توجد إحصاءات دقيقة لقبيلة المسيرية و الدينكا نقوك غير ان بعض المنظمات الدولية العاملة بالمنطقة تقدر سكان مدينة أبيى فقط ب 90 ألف مواطن دون القرى الأخرى ، ولم تجر أي عملية إحصائية فى منطقة أبيى بسبب ظروف الحروب ، يعمل سكان منطقة أبي في حرفتي الزراعة والرعى ، حيث تعتبر منطقة أبيى ارض جيدة وصالحة للزراعة ، من اشهر المحاصيل الزراعية الذرة والذرة الشامية وتنتج المزرعة الواحدة فى السنة مرتين ، تربى قبيلتا الدينكا نقوك والمسيرية الماشية على رأسها البقر – والغنم – والضأن ، ويعتبر البقر ذات اهمية قصوى للدينكا إذ يستخدم فى الزواج لدفع مهور الزواج وبعض المعاملات التجارية ، ومنطقة أبي تجاور الولايات ذات الاختلاف العرقى المذكورة آنفاً لذلك نجد ان سكان مدينة أبيى خليط من شتى المناطق المجاورة تتداخل فى موسم الجفاف فى بدايات الشتاء لتأتى بعض مجموعات المسيرية إلى المنطقة عابرين غير مستقرين ليصلوا إلى مناطق التوج جنوبى أبيى وفى بعض الاحوال النادرة يتواجدون فى ضفتى بحر العرب بأبقارهم وعندما تهطل الامطار فى الخريف تبدأ رحتلهم السنوية عائدين إلى ديارهم فى ضواحى المجلد وبابنوسة وهما مدينتان رئيستان للمسيرية ، 3/ أثر العوامل الجغرافية المؤثرة على الصراع أ : أثر الخصائص الطبيعية في الصراع لاشك ان للموقع الحدودي دور هام في نشوء الصراعات السياسية بين الدول ، أما بخصوص ابيي فقد كان الصراع سابقا قبل الانفصال على المستوى القبلي بين قبيلتي الدينكا نوك وقبيلة المسيرية وكان جله على المرعى ، أما بعد انفصال جنوب السودان عن شماله، تحول الصراع الى صراع بين دولتين ولو حُسم هذا الموضوع قبل الانفصال لكفى الدولتين شر القتال ، أما بالنسبة للمناخ فان المناخ السائد في المنطقة ( سافنا فقيرة شمال المنطقة والسافنا الغنية جنوبا ) ولما له من تأثير في تشكيل الغطاء النباتي اأثرذلك كثيرا في هذا الصراع من أجل المرعى حيث يقل العشب شمالا ويكثر جنوبا" بسبب غزارة الامطار، حيث ينتقل المسيرية جنوبا الى ان يصلوا الى ما وراء بحر العرب طلبا للمرعى حيث تشترك القبيلتان في المرعى مما ادى الى الصدامات القبلية بينهما.. ب : أثر الخصائص البشرية في الصراع للخصائص البشرية اثر كبير في الصراعات الدائرة ومشاكل الحدود ، فالأثنية والقبيلة لاشك أنها تدعو للعنصرية التي بلا شك تعتبر معول هدم للسلم ونشوء الحرب كما حدث في البوسنة والهرسك وجنوب افريقيا و يحدث ذلك أيضا بالنسبة لقبيلتي المسيرية والدينكا حيث تنتمي الاولى لأصول عربية بينما الاخرى ذات اصول افريقية ، ومن عومل الجغرافية البشرية المؤثرة في الصراع ، الموارد الاقتصادية حيث تعتبر المنطقة غنية بالموارد الطبيعية من أهمها البترول الذي كان له الاثر الاقتصادي الكبير في اقتصاد المنطقة وكذلك المياه الصالحة للشرب والغابات والمرعى الخصب الذي حول المنطقة الى خظيرة كبيرة للمرعى الطبيعي 4/ مراحل تطور الصراع الحالي أولاً : النزاعات البسيطة تعيش القبيلتان في هذه المنطقة منذ القدم وكانتا تعيشان في وسلم آمنين الا من بعض المناوشات التي تحدث من هنا وهناك بسبب المرعى والانتقال فنادرا ما تحدث هذه الصراعات ولكنها كانت تحت السيطرة ، بفضل الادارة الاهلية في هذه المنطقة بين الناظرين الناظر دينق كوال أروب الشهير ب " دينق مجوك " ونظيره بابو نمر حيث اشتهر الزعيمان بالحكمة ولهما طريقتهما الخاصة في حل النزاعات التي تنشو بين أفراد القبيلتين والقبيلة الواحدة مع أفراد بعضها البعض ، وهذا الامر يعول عليه كثيرا كجزء من الحل مستقبلا، ومعظم هذه الصراعات الخفيفة كانت عبارة عن اتهامات متبادلة بالسرقة والتداخل في المرعى. ثانياً : تدخل الحكومة يرى البعض ان تدخل المركز في هذه القضية لم يأت الا بنتائج عكسية أججت من هذا الصراع (وهذا رأي لايتبناه الكاتب بسبب حيادية الدراسة) ، وذلك بسبب تسليح القبائل العربية في منطقة أبيى ، والجدير بالذكر ان النزاع بين الدينكا نقوك والمسيرية توسع ابان الحرب بين شطرى السودان ، بعض التقارير فى منطقة أبيى تقول ان التمرد بدأ فى المنطقة لصد هجمات المسيرية المدعومة من المركز حيث شارك ابناء ابيى بعدد مقدر فى الحرب الأولى 1955م - 1972م والحرب الثانية 1983- 2005م . فى عهد الانقاذ الحالى تم تجييش المسيرية فى شكل مليشيات الدفاع الشعبى حيث تم حرق منطقة أبيى بالكامل والجدير بالإشارة ان خراب ودمار المنطقة كان ابان فترة حكومة الاحزاب حيث تم حرق كل القرى التابعة للدينكا نقوك والحريق كان بشع والدمار كان شاملاً وكان ذلك ما بين عامى 1985م – 1986م ويوصف بانه اخطر من احداث مايو 2008م ، لان الاحداث كانت محصورة فى مدينة ابيى فقط .